فاديا سعد
الحوار المتمدن-العدد: 3167 - 2010 / 10 / 27 - 14:01
المحور:
الادب والفن
كان هذا موقف الكاتب الحالم من المنطقة وأهلها يناقض تماما موقفه السابق، فلقد احتفظ هذا الحالم لفترة غير قليلة برغبته في الإبقاء على بعض من الريبة، ليراقب: ب
"عيني قط" وجوه المارة وأهل المنطقة من الذين كان يلتقي بهم، أو يضطر للتعامل معهم، كي يطلق حكمه ويشرح فلسفته عن مبدأ الغلبة، لكن زميليه الصحفي الذي لم يكن
يملك من الحكمة سوى الاسم "حكيم" والملقب ب "المدحلة" انتصارا لقلمه اللاذع، والشاعر الصوفي "مالك" قد حولا فلسفة مروان برمتها إلى حوار فكاهي ساخر، وإذ كانوا
يأخذون قسطا من الراحة بعد نقل الأثاث، ويتفحصون البيت والمنطقة، أطلق الشاعر من غرفة النوم عنانه للمخيلة الاستفزازية، وكان يوصل رسالة لمروان:
عصفور الدوري تفوق على نفسه
نما ريشه
صار حرا
طار بعيدا
فتحت له النافذة
أنت حر من مبدأ الغلبة
وقف الصحفي (حكيم) بالباب كاشفا عن أسنان صفراء، وكأنه استلم بداية خيط، وكرر الأسطوانة نفسها التي يرميها على مسامع مروان منذ أن ترك منزله في الشارع
الذي لا ينام وسط المدينة:
- آه يا أناني يا مبدأ الغلبة!
وتابع الرجلان الصحفي والشاعر وهما يتزاحمان الجلوس على كنبة وحيدة استقرت في الموزع مسرحية ارتجالية كريهة بالنسبة لمروان، الذي وقف مقابلا لهما وكان قد
اتخذ هيئة جدية، ويحاول جادا أن يوقف مهازلهما:
- .. لا تلقيان حقارتكما على شخص لا يتحمل سلوك الخنازير.
قاطعه حكيم متمثلا شخصية سينمائية:
- يا ست خديجة.. يا ست خديجة لا تتدخلي بمهماتي. تداخلت جمل مروان بجمل حكيم و صار الاثنان يتهمان بعضهما بالسخافة
- هذا السخيف لا يتدخل فقط بمهماتي وإنما يمنح نفسه الحق بإلقاء خرائياته كيفما يريد.. هذه حقارة بالفعل..
وكان حكيم ينظر إلى مروان رافعا حاجبه الأيمن مندهشا من السرعة التي استفز بها صديقه، مدركا أن الحالم لن يحتمل المزيد:
- طيب بلا فزلكة!
أجابه حكيم مبتسما ابتسامة عريضة، وسأل سؤالا بدا وكأنه خارج السياق تماما:
متى أخذت هذه؟ مشيرا إلى صورة فوتوغرافية
- تعود لخمس سنوات خلت.
- رجل مندفع.
- لم أكن مكرشاً بعد
أمامك الطريق الزراعي بأكمله كي تسعد جسدك المترهل...
#فاديا_سعد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟