أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - فرات المحسن - السيد جوليان آسانج يشرب نقيع وثائقه















المزيد.....

السيد جوليان آسانج يشرب نقيع وثائقه


فرات المحسن

الحوار المتمدن-العدد: 3165 - 2010 / 10 / 25 - 18:40
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    




منذ دخول الولايات المتحدة الأمريكية الحرب العالمية الثانية درجت الإدارة فيها على اتخاذ طابع القسوة المفرطة اتجاه الخصوم، وقد أباحت الإدارة لقادتها من العسكريين استعمال أقسى درجات العنف غير التقليدي ضد مناوئيها وأعدائها. فتجليات المعارك ما بعد معركة بيرل هاربر التي على وفقها أسقطت القنابل الذرية على مدينتي ناغاساكي وهيروشيما اليابانيتين انتقاما ومن ثم حرب فيتنام ولحين جريمة 11 سبتمبر وما أعقبها من غزو لأراضي أفغانستان ومن ثم العراق وغير تلك الحروب والغزوات الكثير، أفصحت طبيعة المعارك والمواجهات عن توجه حقيقي في استخدام أشرس الأسلحة وأقذرها للفتك بكل من يقف في وجه مشاريع الإدارة الأمريكية وقواتها المسلحة. وكان الذراع السياسي والإعلامي يجهد بشكل دائم لتعقب التداعيات وامتصاص صدمة المواجهات وتمرير ما يجعل التساؤلات والشكوك والاتهامات تنحصر في نهاية المطاف عند تراتيبية مقننة تدفع نحو التراضي والاقناع بأن ما حدث شيء نسبي قابل للنقاش والمساومة أو حتى التجاوز وهو في كل الأحوال مشكوك في حقيقته وليس هو الواقع الفعلي للحدث وهناك الكثير مما يختفي خلف الواجهة. عند هذه اللعبة القذرة قدر للكثير من الوقائع الظالمة والعدوان والقسوة التي اقترفها الجنود الأمريكان في جميع مواقع ( انتقام ) الولايات المتحدة ، أن يموه عليها أوتختفي من سجلات المحافل الدولية الرسمية وغير الرسمية. ووفق تلك اللعبة القذرة سُحبت أغلب حكومات العالم لمواقع اختارتها الإدارة الأمريكية لها وعملت على زجها ومشاركتها بذات العملية البشعة ترضية لمصالح سياسية وضغوط اقتصادية.
في أحدث معركة إعلامية تواجهها الولايات المتحدة للطعن في مسارات حربها في أفغانستان ومن ثم العراق كشف موقع ويكيليكس عن وثائق تتعلق بمجريات خطط ووقائع وممارسات عساكر الاحتلال الأمريكي في تلك المناطق. التسريبات الأخيرة التي قام بها الموقع تشير إلى معلومات دونها القادة العسكريون وجنود للولايات المتحدة وتم تداولها عبر البريد الالكتروني للبنتاغون أثناء العمل وخلال الفترة الممتدة منذ عام 2004 ولغاية 2009 وهي الفترة الأكثر دموية على مساحة الخارطة العراقية بطولها وعرضها.
قام الموقع المذكور بنشر 391831 وثيقة سرية. وتعتبر العملية هذه أوسع عملية نشر لوثائق سرية عسكرية. تقطعت أنفاس العالم في انتظار ظهورها لتكون طعنة نجلاء في ظهر الإدارة الأمريكية وحلفائهم العراقيين بحسب ما يرغب به خصومهم. ولكنها وبقدر سريتها فهي لم تقدم ما هو مخالف لوقائع جرمية معروفة ارتكبت من قبل الأمريكان أو العراقيين ضد بعضهم ونشرت قبل تأريخ نشر تلك الوثائق و دونتها ذاكرة أبناء العراق على مختلف مشاربهم وتوجهاتهم.
الجديد في مسألة تلك الوثائق هو برودة أعصاب الإدارة الأمريكية وتصريحاتهم المقننة والديبلوماسية بعد نشرها، وإنكار واستنكار السلطات العراقية لها حد المطالبة برفع دعوى قضائية ضد الموقع، أيضا أنعكس الأمر على الهاكرز جوليان اسانج بالذات وهو مؤسس موقع ويكيليكس التي تصوره الصحافة الغربية بأنه بات طريد أشباح مخابراتية غربية وأمريكية تبحث عنه وتتعقبه في كل مكان مما يجعله يغير هاتفه النقال عدة مرات في اليوم ويطلب وجبة طعامه في المطاعم الراقية بصوت هامس، ويبدل لون شعره لعدة مرات في الأسبوع في ذات الوقت الذي يعيش وسط العاصمة لندن ويقيم مؤتمراته الصحفية. وأصبح بعدها الهاكرز جوليان اسانج طريدة رغم قوة الشكيمة التي أبداها أمام زملائه في ذات الموقع وإصراره الغريب على نشر الوثائق، إذن بدأت اللعبة الدولية تمهيدا لحملة التوريات واحتواء التسريبات ومن ثم طمس المعلومة والحقيقة كاملة وضياع حق الضحايا.
لاشك إن تسريب هذه الوثائق له دلالات كثيرة في السياسة الدولية وإن الغاية منها لا تقصر على البعد الظاهر وإنما تذهب إلى ما هو ابعد من ذلك بكثير. ويتملكني الاعتقاد بأن السيد جوليان اسانج لم يعد هاكرز لسرقة المعلومات من المواقع بقدر ما بات مكلفا بمهمات هاكرزية محددة وذات طبيعة وخصوصية تريد أن تكون تسريباتها تخرج نحو الفضاء الطليق وفق شروط بعينها. فمن أطلع على نوع المعلومة التي بثت عبر الوثائق يجد إن السيد أسانج كان حذرا جدا ولم تتوسع وثائقه لتطال الكثير من الجرائم التي اقترفها الجنود الأمريكان وأختصر أمر الجرائم أيضا على شركة بلاك ووتر دون العشرات من شركات الأمن الخاصة، وهناك كذلك إشارات خجولة للدور السوري وإفاضة فيما يدين إيران ومرتزقتها وإهمال مفرط ومتعمد لباقي الأدوار التي تلعبها دول الإقليم وكأن من كتب التقارير في تلك الوثائق وهو جالس في مواقع القيادة والسيطرة للجيش الأمريكي، كان مصابا بعمى الألوان أو أعورا، لذا نجد الوثائق وقد خرجت علينا كسيحة وذات توجه نحو هدف محدد مبعدة لوحة كبيرة وواسعة ومهمة من المشهد البشع الذي أباح دم العراقيين، مهملة كذلك أي دور للإرهاب السياسي والجنائي الذي تديره فرق خاصة مرتبطة بمشاريع سياسية وإجرامية، لا بل أن الوثائق تبدو وكأنها ساعية لغرض تثبيت مهمة قدر لها أن تظهر في مثل هذا الوقت وبرغبة من الطرف الأمريكي راعي العملية السياسية في العراق. والادهى ما فيها تلك الروح الطائفية التي حرص الهاكرز جوليان اسانج على أن تكون فاضحة في صراخها وتوجعها.
وبالرغم من كوني أدين الإدارة الأمريكية وجيشها ومرتزقتها وأيضا لا أعفي أي من الأشخاص المشاركين في السلطات العراقية على تعددها وكذلك بعض معارضيهم، من ما ناله الشعب العراقي على أياديهم من ظلم وقسوة وجرائم منفلتة أن كانت عادية أو إرهاب سياسي أوطائفي، فإن مهمة الوثائق التي أنحصر عرضها بين أعوام 2004 و 2009 وضعت جميع الجرائم والخروقات وفي الجانب العراقي منها في شخص السيد المالكي والتيار الصدري دون سواهم، هاملة عن عمد فترة حكم السيد علاوي التي أسس فيها لسرقة المال العام وأبيحت فيه مؤسسات الدولة، عدا الجرائم التي اقترفت في عهده في النجف والفلوجة، ومثل ذلك فترة حكم السيد الجعفري والتي بلغت فيها الجرائم أوجها واشتعل العراق بجميع ربوعه جراء الصراع الطائفي الذي ذهب ضحيته الآلاف، وتتسع اللوحة لنتذكر مجزرة الزركة والحسينية واطلاق سراح 900 مجرم إيراني سال على أياديهم الدم العراقي بغزارة، وتختفي اللوحة القذرة من المشهد عن أساليب وزارة الداخلية في عهد السيد باقر جبر. وكل تلك الجرائم كانت ضمن فترة الوثائق المعلن عنها. ومع كل تلك القسوة والجرائم وبشاعة الصورة نجد الوثائق تخجل عن ذكرها، لا بل كأن المدون الأمريكي كان يتعمد إخفائها على جوليان اسانج ويمنع يديه المباركتين من النيل منها لترمى الجرائم برمتها على شخص السيد المالكي وعهده الذي طال أمده ليمتد إلى خمس سنوات حسب عرف الديمقراطية العراقية. وبرغم ذلك أعلن السيد جوليان أسانج في مؤتمر صحفي في لندن إن الوثائق تمثل اشمل تقرير وأغنى تفاصيل عن أي حرب دخلت السجل العام والتاريخ الدولي.
منذ أن خرج علينا موقع ويكيليكس وصاحبه الهاكرز جوليان اسانج بوثائق عن حرب أفغانستان ومجريات المعارك هناك وحراك حكومة السيد كرزاي، أتضح لنا بعدها أن الأمر لا يعدو غير لعبة ختيبله بين أطراف تعرف أين تقودها أقدامها وعند أي المنعطفات يختبئ رجالها وليس هناك حاجة لارتداء الدرع الواقي والتحصن ضد القادم حتى وإن أستطاع الهاكرز خرق منظومات عسكرية ليسرب أسرارها في العراق أو غيره، لذا كان رد الفعل اكبر من حجم السيد جوليان ليصبح بعدها ومعها حسب ما يملى عليه وأعطيت له أرقام الوثائق والصحائف التي عليه تسريبها.
أعتقد أن شروط اللعبة السياسية العسكرية الأمريكية تبحث دائما عن شياطين متمردين مشاكسين يبدون على قدر كبير من القدرات والتفوق الذهني في ذات الوقت الذي يمتازون بملكات أخرى تلبي الطموح والحاجات الشخصية، وهذا ما يتمتع به أسانج المدان على مدا أعوام من حياته بالقرصنة ( هاكرز) في بلده استراليا ومطلوب في 24 قضية. وهو اليوم متهم بجرائم جنسية، أي بمعنى من المعاني، هو مطارد تحت الحماية ؟؟ّّّ.

بعد وثائق أفغانستان بالذات أعطته الولايات المتحدة حقه ونصيحة عليه أن لا يغفلها أو يتناساها والنصيحة تقول بأن عليه أن ينقع الوثائق ويشرب مياهها، ولذا فهو يجلس اليوم ويهمس في أذن نادل المطعم : هل إن ماء النقيع قد أصبح جاهزا ؟ فقد استطاب الطعم الذي وضع له وعليه نشر المزيد من الوثائق ولكن حسب الطلب وليس الرغبة الشخصية. وتبقى ردود فعل الإدارة الأمريكية واضحة وجلية وحسب أعرافها، فهي ساعية لجعل تلك الوقائع التي جاءت بها الوثائق وفي جميع الاحتمالات قابلة للمعالجة وهي نسبية تخضع لشروط العلة والمعلول ومناقشتها أو تجاوزها ممكن جدا كونها وقائع غير واضحة ولا تحمل الحقيقة كاملة.



#فرات_المحسن (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الارتزاق وأجندة دول الإقليم
- من يربح البرلمان
- جيش محمد العاكَول في البغدادية
- النوارس تشدوا للفرح والسلام
- انتخابات الخارج دعوة مفتوحة للسرقات
- طريقان لا ثالث لهما
- انتخابات عجفاء وخيار كسيح
- صباح بهي نسائمه شيوعية
- الفن والثقافة ميوعة وبدعة
- الإقصاء والتهميش ليس خيارا ديمقراطيا
- نبوءة أصحاب الجباه المكوية بالبيذنجان
- الجميع يمتطي ماطور سكلات السيد محمد العسكري
- طوق النجاة للمجلس الإسلامي الشيعي
- تساؤلات حول إجابة السيد رئيس الوزراء
- السلب والقتل والكذب وفق الشريعة
- استغفال جارح للسيد المالكي
- أخوة أبو عمر البصري و أبو عمر الموصلي
- الانتخابات وقانون تنظيم عمل الأحزاب
- أبدا تشدوا النوارس
- رائحة الانقلاب القادم


المزيد.....




- لحظة لقاء أطول وأقصر سيدتين في العالم لأول مرة.. شاهد الفرق ...
- بوتين يحذر من استهداف الدول التي تُستخدم أسلحتها ضد روسيا وي ...
- الجيش الإسرائيلي يعلن مقتل جندي في معارك شمال قطاع غزة
- هيّا نحتفل مع العالم بيوم التلفزيون، كيف تطوّرت -أم الشاشات- ...
- نجاح غير مسبوق في التحول الرقمي.. بومي تُكرّم 5 شركاء مبدعين ...
- أبرز ردود الفعل الدولية على مذكرتي التوقيف بحق نتنياهو وغالا ...
- الفصل الخامس والسبعون - أمين
- السفير الروسي في لندن: روسيا ستقيم رئاسة ترامب من خلال أفعال ...
- رصد صواريخ -حزب الله- تحلق في أجواء نهاريا
- مصر تعلن تمويل سد في الكونغو الديمقراطية وتتفق معها على مبدأ ...


المزيد.....

- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس
- دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني / فلاح أمين الرهيمي
- .سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية . / فريد العليبي .


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - فرات المحسن - السيد جوليان آسانج يشرب نقيع وثائقه