السموأل راجي
الحوار المتمدن-العدد: 3164 - 2010 / 10 / 24 - 19:53
المحور:
العولمة وتطورات العالم المعاصر
في اللّحظة التي نرى شرقا وغربا شعوبا وطلائع لها تناضل دافعة ضريبة القمع من اجل تكريس الدّيمقراطيّة بما هي تمكين الأغلبيّة الفعليّة وليست الإنتخابيّة من السّلطة,نرى ونسمع العجب والعجاب من أوهام الديمقراطيّة في مراكز الإمبرياليّة ساداتها مافيا,لا أدري لماذا أتذكّر وانا بصدد المشاركة في النّقاش مع الأستاذة مكارم إبراهيم حول نصّها:ارادة الشعب بين فساد بيرليسكوني والديمقراطية المنشور بالحوار المتمدّن بتاريخ 19/10/2010,قلت لا أدري لماذا أتذكّر بعض لحظات رأيت فيها من يدافع عن الدّيمقراطية"الغربيّة"على حدّ قوله مقيما مقارنة لا إراديّة مع ما نراه ونسمع.
ممّا لا شكّ فيه الآن وبعد تعاقب قضايا كان من السّهل الإفلات منها عبر تلاعب بالوثائق أو رشاوى من تحت الطاولة أو تحصّن برلماني أنّ سيلفيو برلسكوني أحد أرباب المافيا بصيغتها الأكثر شراسة وعنجهيّة وأن فوزه بإنتخابات تتعاقب هو راجع لطبيعة الدّيمقراطيّة البورجوازيّة في حدّ ذاتها,تلك العمليّة التي هي حكر على رؤوس الأموال الّضّخمة أو مستشاريهم والمستغلين بصفة عامة وهي مقرونة جوهريا بالديكتاتورية المفروضة على المستغلين أي على الأغلبية الساحقة من الشعب وتقوم على الإنغلاق بمعنى أنّ التّداول فيها يكون بين قلّة قليلة تمثّل زعامات رأس المال وإختراقها صعب إن لم يكن مستحيلا ولا يتأتّى إلا من توافر شروط وظروف لن تجتمع إلاّ نادرا وتقوم على أهمّيّة الدّعاية وإغداق الهدايا ومهاجمة الآخر وخلق أعداء عادة ما يكونون من اللاّشيء حتى يبرزون للنّاخبين كمخلّصين مثلهم مثل المسيح
أما جمهور النّاخبين نفسه,وهذا ما لم أرى العديد يبحث فيه,فهو أحد أمرين,إمّا محكوم بذهنيّة مراكمة المال والرّكض وراء العيش والتمسّك بموطن الشّغل النّادر في أيّام المافيا المحافظة,أو هو محكوم بالعجز الذّاتي والإغتراب عن واقعه فلا تسمع منه حديثا او نقاشا حول سياسات البلد وحتى الحركات الإحتجاجيّة يأثّثها أجانب ونخب قليلة العدد إلاّ إذا إعتبرنا مظاهرات التنديد بقوانين التقاعد في فرنسا أو التنديد بالحرب ضدّ العراق فقد كانت نتيجة التضرّر في البطون أو مشاهد لم يألفها المواطن الاوروبي تسيل فيها الدّماء مثل الدّانوب,وبلغة أبسط:المواطن الأوروبي مغيّب تماما عن واقعه منحصر فكره في الوظيفة ومراكمة أموال تسمح له بقضاء عطلة لا أكثر وهو رهينة الدّعاية والإشهار لذلك الدّعاية الإنتخابيّة في إيطاليا وأمريكا مكلّفة جدّا تتجاوز الأرقام فيها الستّة أصفار على اليمين بكثير ورجالا ت المافيا يملكون الأوراق الخضراء بما يجعلهم أقدر على نشرها كأمطار الشّتاء أي الوصول لأكبر عدد ممكن من النّاخبين لا أقول مواطنين لأنّ هذا المفهوم غائب تماما من أذهان المافيا:هو إمّا ناخب أو دافع ضرائب أو مستهلك كرهه أكثر محبّته لكنّه شرّ لا بدّ منه والمحافظة عليه كالمحافظة على اللحوم في البرّاد:تغييب للوعي وإغراق في الخمر والدّعارة وتكثيف لترسانة القمع الشّغلي عبر تخفيض تدريجي في اليد العاملة ممّا يجعل من هذا النّاخب الحالي أو الإفتراضي المستقبلي رهينة لهم في كلّ لحظة وحين.
إنّ من أهمّ المغالطات والأوهام حتى لا أقول التواطؤ هو الجمع بين اللّبراليّة التي إنتهت بإنتكاسة لما قبل 1929 والدّيمقراطيّة كأنّهما أمر واحد وهذا خطر سمح فكريّا بتقبّل نتائج إنتخابات يصعد فيها يمين فاشي في إيطاليا ومتطرّف في فرنسا يتشدّق بالعقلانيّة ومحافظ مغرق في رجعيّته في أمريكا والقائمة طويلة.وعندما ظهرت أولى أشكال الدّيمقراطيّة البورجوازيّة على نضالات للطبقات الكادحة بالأساس وبدم العمّال والفلاّحين بدرجة اولى حاولت موالاتهم نسبيّا بالحدّ من نفوذ التروستات(شركات كبرى عابرة للقارّات وإحتكاريّة تتحوّل إلى سلطة حقيقيّة)وإقامة شكل من التّوازن البرلماني وقوانين متضمّنة لمطالب نقابيّة بتحديد ساعات العمل ومحاولة تحقيق كرامة عامل لم تبقى له كرامة الآن,ولكن والكلام موجّه للقارئ ولجوهر نصّ الأستاذة مكارم,نحن حاليّا بصدد نظام شمولي نابع من الدّيمقراطيّة البورجوازيّة نفسها ووجه آخر لها أراه الوجه الحقيقي بدون أقنعة ولا نفاق إجتماعي,لننظر مثلا إلى مقترح المفهوم هذا للشموليّة: "النظام الشمولي هو ذلك النظام الذي تسود أفكاره وتفرض سلطاته على المجتمع بشكل عام، ويُحرّم تبنّي أي فكر أو نظام مختلف، أو مخالف لتلك الأفكار والسلطات، سواء في الحكم أو في المعارضة"أوليس هو ما يفعله حكم برلسكوني وساركوزي وجماعات أخرى باحثة عن أعداء بكلّ الطّرق حتّى لو لم يوجدوا فعليّا؟أوليس تغييب النقابات وتقزيم المعارضة الإشتراكيّة الدّيمقراطيّة على سلبيّة البعض منها غريب؟؟؟أوليس التّعتيم الإعلامي مقصودا من هذه الديكتاتوريّات البورجوازيّة الواصلة عبر إنتخابات محدّدة النّتائج سلفا بارتباط مع طبيعة العلاقات الإجتماعيّة ومراكمات الغباء داخل الذّهنيّات؟؟أوليس ديمقراطيّة رؤوس المال الملوّث بتبييض عائدات دور الدّعارة وتجارة الرّقيق الأبيض والمضاربة المجنونة وصفقات السّلاح المشبوهة والسّيطرة الدّمويّة على منابع النّفط نمط ديكتاتويّ لا علاقة للسّواد الأعظم به يغيب فيه المواطن وتنزاح مفاهيم العدالة والمواطنة وحقوق الإنسان وتحضر في أذهاننا سجون طائرة ومعارك وهميّة ورقيّة الغرض منها لفت الأنظار ضدّ النّقاب أساسا وكأ،ّ لباس البابا غير طائفي ومدارس اللاّهوت فوق الدّولة وعمائم السّيخ فلكلور وثقب الأنوف وأماكن أخرى و الصّلبان المعقوفة فوق الشّبهة والحال أنّ المبرّر واضح مكشوف أبرزه لنا ساركوزي بغبائه إبّان أوج التحرّكات الإحتجاجيّة عبر التّحذير من هجمات لفتا للأنظار فردّت عليه جماهير منتفضة
السّؤال المطروح في نهاية نصّ الأستاذة مكارم إبراهيم مهمّ جدّا وفاتح لعدّة آفاق لكن سأقول إزاءه :إن التطرّف اللّيبرالي(ولا علاقة للديمقراطيّة به)والذي تقع فيه وتمارسه وتعلن عنه مافيات كوستا سيمرلاندا والإليزيه وواشنطن دي.سي ومشتقّاتهم تعبق رائحته من أدبيّات غبيّة لبعض العرب لا يقدّمون نموذجا حقيقيّا فقط يناصرون كبّبغاوات إدارات ستنزاح بحكم التّاريخ وبفعل سوء سياساتها ومعارك وهميّة تفتعلها خالقة أعداء لا وجود لهم إلا في بؤر تنطفئ يوما بعد يوم وأظنّ أنّ أصوات مآذن سويسرا التي أطلق عقيرتها اليمين المتطرّف ستنتقل للوجود العربي عموما في اوروبا أو لإطلاق يد قوّات الأمن قمعا لمسيرات الإحتجاج ضدّ قوانين مصّ الدّماء التي سمحت لهم بسنّها ديمقراطيّة موهومة وإن كانت أفضل من إستبداد المنطقة العربيّة إلا أنّها أصوليّة جدّا ولا تقلّ سلفيّة
#السموأل_راجي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟