رعد الحافظ
الحوار المتمدن-العدد: 3164 - 2010 / 10 / 24 - 18:54
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
http://www.bbc.co.uk/arabic/worldnews/2010/10/101023_assange_tc2.shtml
دافع جوليان أسانج / مؤسس موقع ويكيليكس المتخصص في نشر الوثائق الحكومية السريّة على الانترنت , عن قيام الموقع بنشر مايقرب من 400 ألف , من الوثائق السرية الامريكية المتعلقة بحرب العراق.
وقال أسانج : إنّ الهدف من نشر هذه "التفاصيل الدقيقة" عن الحرب هو كشف حقيقتها أمام العالم.
وهناك توّجه لإستخدام معطيات تلك الوثائق في دعاوى ترفع بدايةً في المحاكم البريطانية
المهتمين هناك يقولون , إنّ ذلك من أجل إحقاق الحقّ !
****
خلال اليومين الماضيين , إلتقت إذاعة ال BBC بالعديد من المواطنين العراقيين في الشارع العراقي , وفي الإذاعة عبر برامجها وإتصالات الناس وطرح وجهات نظرهم لغرض إستطلاع آرائهم حول ما تثيرهُ مئات الآلاف من الوثائق , التي ينشرها موقع ويكيليكس , ومَن المسؤول عن كل تلك التجاوزات التي يرقى بعضها الى جرائم حرب حسب وصف مروجي الوثائق أنفسهم .
كل الأجوبة تقريباً التي سمعتها , كانت تؤكد معرفة الناس المسبقة وعدم تفاجئهم بما نشر حديثاً .
الغالبية قالت .. طبعاً كلنا نعرف ونسمع ونشاهد بأعيننا التجاوزات يومياً.. مِنْ قالوا وبلى .
شاب قال : قلّما يوجد بيت في العراق , لايعرف شخص قريب أو صديق تعرّض للظلم والتعذيب سواءً في العهد البائد ( يقصد نظام صدّام الفاشي ) أو ما بعد 2003 أيّ مانسميّه العراق الجديد !
السؤال المهم الآن / إذا كان الشعب العراقي نفسهُ لم يتفاجأ من تلك التقارير , فما يعني لكم هذا ؟
ببساطة / يعني أنّ تلك الحالات أصبحت عادية ومعاشة ويوميّة ولا تثير أيّ غرابة .
بل لو إتسعت نظرتنا للأمور لوجدناها منتشرة في جميع الدول المحيطة بالعراق بما فيها إيران نفسها التي قامت بدور رئيس في حالة الوضع في العراق .
غالبية الدول العربية تمارس التعذيب في سجونها ضدّ المعارضين السياسيين أو سجناء الرأي كما أصطلح على تسميتهم .
لكن في العراق , الأمور ليست كالسابق في عهد الفاشي / صدّام .
أيّ شاب في الشارع يقول رأيهِ ويتّهم رئيس الوزراء نفسهِ ناهيك عن وزير الداخلية أو أجهزة الأمن .
الأمر لم يعُد كالسابق , كان الشعب يخشى من زعل شرطي في الأمن لأنّ ذلك قد يعني الموت , إذا أوصل ذلك الشرطي تقريراً ملفقاً لقادتهِ .
لاحظوا معي ثانية عدم تفاجأ العراقيين حتى الساسة والمعارضين أنفسهم
ميسون الدملوجي / من القائمة العراقية تقول / قبل عامين ذكرنا ذلك وطالبنا بكشف الأجهزة الأمنية غير الرسمية والتي ترتبط بمكتب القائد العام للقوات المسلحة نفسه .وطالبنا بدمجها بالدولة كي تعمل في العلن , لم نتفاجأ من سماعنا للتجاوزات .
كمال الساعدي / عن دولة القانون يقول :
هذا التوقيت مقصود اليوم وضدّ تشكيل الحكومة الجديدة وإستقرار الوضع العراقي !
لا أعرف ما دور السلطة التنفيذية في جميع العالم مالم تحمي أمن شعبها وتعتقل المجرمين ؟
****
إذا كان الشعب العراقي وساستهِ وإعلاميّه وحتى النخبة المثقفة لم يتفاجئوا بالأمر , فما جدوى وثائق ويكيليكس إذاً ؟
في ظنّي أنّ الفائدة الأولى والتأريخية لهذهِ الوثائق / هو تسليط الضوء عالمياً على ما هو مسكوت عنهُ منذ 14 قرن وأكثر في منطقتنا البائسة وفي جميع دولها .
عمل ويكيليكس , كمن يجلب مرآة ليضعها في وجه مصاب بالجدري لم ينظر في المرآة منذ بدء المرض يسري في جسدهِ .
فائدة عمل ويكيليكس سيأتي مستقبلاً ربّما ؟ وبشرط أن يقتنع إنسان هذه المنطقة بحقوقهِ الآدميّة .
فإذا لم يقتنع الإنسان العادي نفسهِ بحقوقهِ , ويسعى لها , لن تنفع كل قوى العالم للحفاظ على حقوقة وآدميتهِ !
لنراجع تأريخنا وكتبنا وتراثنا ونجد ما ذُكِرَ فيها عن التعذيب , وهل هي حالة غريبة أوعابرة ؟
ألم يمارس معظم خلفاء المسلمين القتل والتمثيل والتعذيب وسمل العيون والقازوق وغير ذلك , حتى مع أولادهم أحياناً ؟
هل تتذكرون أحدهم وقد وصل للحكم وأسموه / المسمول إبن المسمول, وكان ذلك أيام طغرل بك والملك مسعود وأخيه محمد .
ولي مقالة قبل عام ونصف عن طرق التعذيب في تأريخنا الإنساني لمن يشاء الإطلاع
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=170155
****
مسؤولي ويكيليكس يقولون اليوم :
لن نكتفي بنشر الوثائق فقط , سنطالب بتقديم المسؤولين عنها للمحاكمات حسب القانون الدولي ولائحة حقوق الإنسان .
لكن سؤالي / كم ألف شخص يجب أن يُقدّم للمحاكمة ؟
وماذا عن الجرائم السابقة والمقابر الجماعية وحلبجة والأنفال ؟ هل حصل كل ضحاياها وهم تحت التراب على حقوقهم ؟
وهل حوكمَ كل مقترفي تلكَ الجرائم ؟ وماذا عن المصالحة التي ينادي بها البعض ؟
بالأمس في قناة العراقية يروي شاهد ما حصلَ له من تعذيب في ثمانينات القرن الماضي بواسطة أزلام أمن صدام .
يقول أحدهم لايعرفني قد ربط عيوني ويقوم بحرق وجهي بسيكارته أحياناً ويضع إصبعهِ بدل سيكارته فقط لأخاف وأقفز , فيضحك بشدّة
هذهِ ثقافة الشعب العادي , كل مَن يشتغل في أجهزة الشرطة والأمن والمخابرات يتصوّر أنّ التعذيب هو الوسيلة والتسلية معاً .
حسناً / بالطبع أنا مع البدء في الخطوة الأولى ,في كشف تلك الإنتهاكات , لأجل مستقبل أجيالنا أقلّهُ
لكن نحتاج الى إيمان الشعب بحقوقهِ كي يطالب هو بها على الدوام .
ولو إفترضنا عدم قيام بوش بحملتهِ للإطاحة بصدام , أكيد لم نكن لنسمع بجرائم اليوم حسب تقارير ويكيليكس .
العراق قدرهُ دوماً أن يكون رائد ومؤثر في محيطهِ , لذلك أتوّقع مستقبلاً حملات مماثلة في جميع الدول العربية لكشف مثل تلك التجاوزات .
****
آراء من المقال السابق عن نفس الموضوع
يوسف علي / لا أجد أيّ جديد في هذهِ التقارير , هناك لعبة وراء هذا التوقيت , ربّما الإنتخابات النصفيّة الأميركية ؟
عبد القادر أنيس / يحمّل المسؤولية على الجميع بما فيهم الشعب ونخبتهِ .
آمال صقر مدني / إعلامنا العربي يزرع بطريقة نشره للأخبار لنا نحنُ الغلابى , فكرة أنّ الجريمة تكمن في تستّر الأميركان على جرائم شرطتنا ,
ولا يشير هذا الإعلام الشريف الى مسؤوليتنا الأخلاقية نحن وتأريخنا وسلوكنا العام .
***
سؤالي الأخير لجميع القرّاء
كم مواطن عربي كان يحتج على أيّ إنتهاك من السلطة ضدّهُ ( حتى لو كان بريئاً ) في السابق ؟
من أوصلَ لنا اليوم ثقافة الرفض والإحتجاج , وعرفنّا حقوقنا ؟
هل يمكن أن نفهم ونقدّر تصرّف ويكيليكس .. الآن ؟؟؟
تحياتي لكم
24 إكتوبر 2010
#رعد_الحافظ (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟