|
صحراء الربع الخالي
عماد عبد اللطيف سالم
كاتب وباحث
(Imad A.salim)
الحوار المتمدن-العدد: 3164 - 2010 / 10 / 24 - 11:47
المحور:
الادب والفن
صحراء الربع الخالي
هذا هو الربع الرابع من العمر تمتد فيه صحراء القلب الخالي من الحب لتغطي روحي بالرمل وحزن الحداة والعشب اليابس .
***
في الباحة كلب واحد وفي الشرفة حبيبات كثيرات يلوحن لي كالفراشات . ألتفت برهة .. وأعود أبصر في الباحة كلاب كثيرة والشرفة خالية من النسوة – الحلم . كيف يمكن أن يحدث كل هذا بسرعة الضوء في وطن الظلمة ؟
***
المرأة تتهادى كالملكات تمشي في درب الظلمات كنور غامر . تدمع عيناها اللوزيتان السوداوتان الخضراوتان الزرقاوتان كآلهة تبكي . لماذا تتزوج بدوّيا في الربع الخالي من العمر ؟
***
رجل كالثور سعيد كبقرة حزين كحمار محبط كبغل عمره ستة أشهر . لماذا يتزوج ملكة كالنور في الربع الرابع من عمر الخيبة ؟
***
أمي تسألني : اين أحفادي يا "هيجل " ؟ فأجيبها ان " كارل ماركس " أستغفلهم وبدلا من ان يذهب بهم الى بيت عمهم " أنجلز " أودعهم في ميتم " لينين " . هناك في الربع الرابع من الآيديولوجيا . أمي تسألني : أين أحفادي أيها الأبن الضال ؟ بماذا أجيبها أيها الرفيق العزيز فلاديمير أليتش لينين ؟
***
أمي توجعني . أمي وجعي . أمي منفاي . أمي سكني . أمي تسألني : كيف يعيش الأحفاد وجدتهم ليست في البيت والليل يجيء وأنت وحيد وأنا أوقد شمع حنيني في قبر المكلومات على أحفاد ولدوا وجدّتهم ليست في البيت ؟ فأرّد : أين هو البيت سيدتي وأنت فارغة القلب كفؤاد لم يعد فيه " موسى " وبيت لم تعد فيه أمي .
***
" بصرت بما لم يبصروا به " لماذا أيها السامرّي " بصرت بما لم يبصروا به " ؟
***
ثمة من يلتقي . ثمة من يفترق . أنا لاألتقي ولا أفترق . أنا مسمّر ببغداد كنعل مغروس بحافر . والحصان هزيل ... والدروب طويلة .
***
أحلم بمدن في أطراف الأوطان . ألعواصم تكرهني . وقادة الثورة ... جاءوا من الريف . فأصبحت بغداد قرية ميادينها أسطبلات وشوارعها زرائب .
***
أبن خلدون يتحدث عن العصبية والدولة والغلبة والغنيمة وعن سلوك البدو في حاضرات المدن . وعلي الوردي يتحدث عن التناشز . ورولان بارت عن درجة الصفر في الكتابة . ونيتشة عن القوة . وهيجل عن الحق . والحلاج عن الله . وكامو عن الغربة. وماركس عن الأغتراب . وأنجلز عن أصل العائلة . وسارتر عن الوجود والعدم . وأريك فروم عن الخوف من الحرية . ترى أي حكايات / كان ولازال / قادتنا العظام يروونها لأحفادهم في الربع الخالي من العقل ؟
***
في القراءة الخلدونية صعد البعير على التل وعاد مساءا . في القراءات بعد الخلدونية صعدت بعران كثيرة على التل ونزلت بعران كثيرة عن التل ولازال بعير الجياع في قمة التلّ . حتى متى يبقى بعير الجياع في قمة التلّ ؟
***
شارع الأميرات .. بلا أميرات . وشارع النهر بلا نهر . وشارع ابو نؤاس بلا ناس . وشارع الرشيد بلا شارع . والباب المعظم لم يعد معظمّا . والباب الشرقي أضحى بابا للذهول . وساحة النصر أمست مكتظة بالهزائم . ونصب الحرية تحول الى مبولة . والحمامات فرّت من جدارية فائق حسن . وبيت جبرا أبراهيم جبرا يحدّق مذهولا بالسيارات المفخخة وهي تجتاز السياج وتتربع في المكتبة . وتجار الجمهورية الثالثة يتمددون بيننا بأمعائهم الغليظة كالبلهارزيا. ومع ذلك فأن بغداد ستبقى عامرة بأهلها الجدد .
***
أنا لقيط كنهر الفرات عراقيّ المصب ومن أبوين ليسا عراقيين بالولادة . وعندما ينهمر المطر مدرارا على أرض المنبع لن تصل قطرة منه الى جسر القرنة .
***
كيف تصاب الطيور المهاجرة بالحبور أذا كان هور الحمّار جافا ؟
***
في ارض السواد كل شيء أسود حتى الخضرة . وحدها السماء متربة . ومع ذلك يمتد بنا العيش الى ان نصل الى العقد الأسود من العمر .
***
لاسجائر لانبيذ لانساء لاموسيقى لاأحلام نحن حتى بلا آلهة . والأم مطفأة مثل تنور راكد في رماده شيء من الرائحة لخبز قديم . ومع ذلك يموت العراقي مرة واحدة في العمر .
***
حتى هذي اللحظة لم أدع أصابعها تفلت من حنيني ولاغضضت بصري عن حدائقها المكسوة بالنور ولازلت أحلم أن يغفو رأسها على ركبتي فأمشط لها شعرها بوعود لن أسقط منها وعدا الى أن أموت أو يتحقق الوعد فتبكي سيدتي على صدري .
***
القبطان أعمى والملاحون بكم . والسفينة ماضية بنا الى رماد المجرات لعل هناك نجد الأمن والعافية .
***
لماذا يجف الحب والحبر ولايبقى سوى الهجر في أحضان حبيباتي ؟
***
هاقد أنتصف العمر ولم يبق من العيش الا أقل من الربع وكأن الحياة ... مودعة في قارورة الروح صدفة .
***
هاقد أنتصف العمر غير أن أناملها مكسوّة بالحرير وصوتها يغطي فمي بزغب القبلات العصيّة وغيابها يملأ الوسائد بالدمع والرائحة . هي صالحة للحب مثل أمرأة لاتصلح الا للحّب وحين ترمق بعينيها صفائح أجسادنا المتغضنة تنبض الروح شوقا اليها .
***
في هذا العمر من تتجرأعلى عشق نبيّ مخبول مثلي ؟ من تراهن على انني سأغمرها بالكلمات وبالقبلات وأعوّض عنها صبر العمر بربع العمر الباقي من عمري ؟ من تقبل في هذا العمر دعوة صوفيّ لزيارة قبر الحلاج والقنوات مليئة بالمنتجعات وأمراء الغفلة والقرود المرحة والصعاليك المنتشية بمقتبل العمر وضربات الحظ والمصادفات السعيدة .
***
هذي صحراء الربع الخالي كيف أنتبذ فيها مكانا للروح أحبّك فيه وحدي ؟
#عماد_عبد_اللطيف_سالم (هاشتاغ)
Imad_A.salim#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الحوار الممكن .. بين الظلمة والنور
-
مباديء الأقتصاد السياسي
-
وطن الوجع .. ووجع الأمكنة
-
ميكانزم الحب الأول
-
ميكانزم الحب الأخير
-
العراق وأشكاليات الفصل السابع :الابعاد الاقتصادية والسياسية
...
-
الفساد في العراق : البنية والظاهرة ( محاولة للخروج من الحلقة
...
-
جمهورية النفط في أرض ألصومال
-
عراق مابعد الصناعة
-
الريع النفطي في العراق : تحولات الدولة والسلطة وانماط الانتا
...
-
اول اوكسيد الكراهية
-
الابعاد الاقتصادية لاتفاقية سحب القوات الاجنبية من العراق
-
وطن لايتسع لصباحات أمي
-
قطار بغداد...
-
يومياتِ يُتم ٍ غيرُ مُعْلَنْ
-
اعداد ومناقشة واقرار الموازنة العامة الاتحادية في العراق
-
ملاحظات عن الشأن الاقتصادي في مذكرات بول بريمرعن مهمته في ال
...
المزيد.....
المزيد.....
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ د. أحمد محمود أحمد سعيد
-
اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ
/ صبرينة نصري نجود نصري
المزيد.....
|