أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مريم غريب - التحويلات النقدية ليست بديلا للضمان الاجتماعي














المزيد.....

التحويلات النقدية ليست بديلا للضمان الاجتماعي


مريم غريب

الحوار المتمدن-العدد: 3163 - 2010 / 10 / 23 - 10:41
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


إن الضمان الاجتماعي في لبنان لا يغطي سوى الجزء القليل من المجتمع، وفي وقت ما زال مشروع تعويضات نهاية الخدمة والتقاعد يدور بين السياسيين ويُهمل وسط الاستحقاقات السياسية التي لطالما شغلت بال النواب والوزراء اللبنانيين، وحيث تتنامى نسبة الفقر حتى وصلت، حسب برنامج الأمم المتحدة للتنمية، إلى معدل ال٣٠٪؛ تأتي الوزيرة السيدة ريّا الحسن وتضع برنامجاً للتحويلات النقدية استجابةً لاقتراحات البنك الدولي.

لقد وصلنا إلى مرحلة يسعى الساسة في لبنان إلى تطبيق مشاريع تسعى إلى ترقيع أو إلى إخفاء المشكلة لبعض الوقت من دون العمل على حلها. وخاصة أن برامج التحويلات النقدية هذه موسومة بعدم فعاليتها عالمياً.

فماذا نعني بالتحويلات النقدية؟

تعرَّف التحويلات النقدية على أنّها إحدى أشكال المساعدات النقدية التي تقدَّم للفقراء أو للفئات الأخرى المهمّشة والمعرَّضة للفقر. تشكّل المساعدات والتحويلات إحدى أدوات نظم الحماية الاجتماعية وشبكات الأمان الاجتماعي على وجه خاص. وبشكل عام، نجد نوعَين أساسيَين من المساعدات، الأوّل هو المساعدات العينية على اختلافها، وهو يُعتبر “شكلاً تقليدياً‪؛” والثاني، هو حديث نسبياً، ويتمثل في نظام التحويلات النقدية المشروطة وغير المشروطة.

عندما نتحدّث عن نظام للتحويلات، لا نقصد أشكالَ الدعم المادي غير المنظّمة التي تتمّ من داخل الأسر أو مجموعات من الأفراد التي تربطهم علاقات صداقة أو قربى، بل يتعلّق الأمر بنظام مُهَيكل لتقديم مساعدات نقدية لفئات معيّنة من الناس تبعاً لمعايير محدَّدة.

ما هي جدوى التحويلات النقدية في ظلّ غياب نظم الحماية الاجتماعية؟

في الواقع، تنطلق فلسفة التحويلات النقدية من خلفية تعتبر أنّ الناس المعنيين بالمساعدة هم أدرى بأولوياتهم الإنفاقية من الجهة التي تقدّم هذه المساعدة. بينما تستند عملية تقديم المساعدات العينية (أي الطعام، الألبسة، الأدوات المنزلية، الكتب المدرسية...)، على فرضية مفادها أنّ الذي يقدّم المساعدة هو أدرى بمصلحة المستفيد، وبناء عليه فهو يختار نيابة عنه نوع المساعدة.

ولكن ما زالت فائدة هذا النوع من البرامج وجدواه تشكّلان جدلاً كبيراً، يتلخص بالنقاط التالية:
- المساعدات المشروطة كما المساعدات العينية تعني أنّ مقدِّم المساعدة هو من قرّر فعلياً ما هي أولويات الفئة المستفيدة؛
- النظام المعتمد لاختيار المستفيدين قد لا يكون دقيقاً وموضوعياً؛
- في حالة التحويلات النقدية المشروطة فإن التحقّق من التزام المستفيدين بالشروط يتطلّب أيضاً نظاماً معقّداً للمتابعة والمراقبة؛
- عدم تحديد مدّة زمنية معيّنة لتنفيذ هذا النوع من البرامج؛ ففي الواقع، أظهرت التجارب عن تحوّل هذا النظام إلى نوع من الدعم المستمرّ خلافاً للهدف المرجو منه، الذي يَفترض أن المساعدة هي بهدف تمكين المستفيد من الاعتماد على نفسه.

- إنّ نظام التحويلات النقدية هو أحد عناصر شبكات الأمان التي تُعتبر بدورها جزءا من نظم الحماية الاجتماعية، وبالتالي لا بدّ أوّلاً من إرساء دعائم نظام متكامل للحماية الاجتماعية، وضمن هذا النظام لا بدّ من بلورة طريقة لإنشاء أفضل أشكال المساعدة (التحويلات العينية أو النقدية بحسب السياق). فإقرار التحويلات النقدية في غياب لنظم الحماية الاجتماعية الكاملة في لبنان هو فعلياً ليس إلا محاولة للهروب إلى الأمام وتغييراً في الأرقام دون التأثير الإيجابي في واقع الفقراء والفئات المهمشة في المجتمع.

التحويلات النقدية لا يجب ولا يمكنها أن تستبدل مؤسسات الضمان الاجتماعي

يشير بعض المراقبين أنّ برامج التحويلات تعمل من منظار خيري، عبر تقديم المساعدة إلى “الفئات الفقيرة المهمَشة”، وليس من منظار حقوقي أو حتى تنموي هادف إلى تمكين المواطنين وإشراكهم في الحياة الاقتصادية.

في بلد مثل لبنان يعاني من بيروقراطية مستعصية ومتجذرة في القطاع العام، ويحكمه منطق زبائني طائفي متفشي من أعلى الهرم إلى اسفله، بالإضافة إلى نقص وثغرات كبيرة على مستوى القدرات البشرية والتنظيمية، كما يتسم بنسب عالية من التفاوت في مستويات التنمية والدخل ما بين المناطق؛ اخذين كل هذه الأمور بعين الاعتبار، فإننا نجد أن تطبيق نظام ممكنن للتحويلات النقدية ليس حلاً لمشكلة الفقر في لبنان، بل سيبدو أداة أخرى لتصريف المال السياسي.

بعض الأسئلة

ربما علينا طرح بعض الأسئلة والاستفسارات على وزيرة المال السيدة ريّا الحسن:
- من ستستهدف هذه التحويلات؟
- كيف ستحدد المعايير للاستفادة منها؟ وعلى أي أسس؟
- كيف سيتم تمويل هذه المبادرة؟
- وفي حال تمّ تمويل المبادرة لماذا لا تستعمل تلك الأموال لدعم صندوق الضمان الاجتماعي والعمل على قانون لتوسيع دائرة المستفيدين منه؟

الحقيقة هي أن أنظمة التحويلات النقديّة مبنيّة على فلسفة تنمويّة (لا بدّ أن تعرفها الوزيرة جيدا خاصة أنها كانت تعمل في برنامج الأمم المتحدة للتنمية) وعلى أسس نيوليبراليَة تحوّل حقوق المواطنين إلى سلعة تُباع وتُشترى. وفي هذه الحالة إن اعتماد نظام التحويلات النقدية لا يعني سوى الإطاحة بحقوقنا المكتسبة (أهمها حقنا بالضمان الاجتماعي) واستبدالها بمجرد صَدَقة لا تغيّر شيئاً في الواقع المُعاش.

بالفعل، إن هذه البرامج لا يمكننا أن نفصلها عن المساعي الدائمة لدى السلطة اللبنانية من أجل الدفع باتجاه خصخصة الضمان الاجتماعي. لذا علينا أن نتّحد جميعاً لمواجهة هذه السياسات التي تسعى إلى بيع حقوقنا ودفع مئات الآلاف من الناس إلى الفقر.

لا للتحويلات النقدية، الضمان الاجتماعي ليس للبيع!



#مريم_غريب (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الحماية الاجتماعية: خدمة أم حق؟
- مقاومة العولمة: من أجل استعادة المستقبل
- أهداف الألفية: أدوات للتنمية أم حصان طروادة للسياسات النيولي ...


المزيد.....




- نتنياهو يعاود الحديث عن حرب القيامة والجبهات السبع ويحدد شرو ...
- وزير خارجية إسرائيل: الاعتراف الفرنسي بدولة فلسطين -خطأ جسيم ...
- معلقون يتفاعلون مع قرار حظر الإمارات التحدث باللهجة المحلية ...
- بوتين يعلن عن هدنة في شرق أوكرانيا بمناسبة عيد الفصح وزيلينس ...
- المحكمة العليا الأمريكية تقرر تعليق عمليات ترحيل مهاجرين فنز ...
- وزارة الدفاع الروسية تعلن عن عودة 246 جنديا من الأسر في عملي ...
- البحرية الجزائرية تجلي 3 بحارة بريطانيين من سفينتهم بعد تعرض ...
- الأمن التونسي يعلن عن أكبر عملية ضبط لمواد مخدرة في تاريخ ال ...
- -عملناها عالضيق وما عزمنا حدا-... سلاف فواخرجي ترد بعد تداول ...
- بغداد ودمشق.. علاقات بين التعاون والتحفظ


المزيد.....

- فهم حضارة العالم المعاصر / د. لبيب سلطان
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3 / عبد الرحمان النوضة
- سلطة غير شرعية مواجهة تحديات عصرنا- / نعوم تشومسكي
- العولمة المتوحشة / فلاح أمين الرهيمي
- أمريكا وأوروبا: ملامح علاقات جديدة في عالم متحوّل (النص الكا ... / جيلاني الهمامي
- قراءة جديدة للتاريخ المبكر للاسلام / شريف عبد الرزاق
- الفاشية الجديدة وصعود اليمين المتطرف / هاشم نعمة
- كتاب: هل الربيع العربي ثورة؟ / محمد علي مقلد
- أحزاب اللّه - بحث في إيديولوجيات الأحزاب الشمولية / محمد علي مقلد
- النص الكامل لمقابلة سيرغي لافروف مع ثلاثة مدونين أمريكان / زياد الزبيدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مريم غريب - التحويلات النقدية ليست بديلا للضمان الاجتماعي