|
قراءة في رواية ظلام النهار
نزهة أبو غوش
روائيّ وكاتبة، وناقدة
الحوار المتمدن-العدد: 3161 - 2010 / 10 / 21 - 14:47
المحور:
الادب والفن
ظلام النهار نزهة أَبو غوش مقدمة لندوة اليوم السابع-الحكواتي، القدس ظلام النهار، رواية للكاتب جميل السلحوت، الجندي لدار النشر-القدس. حملت الرواية بين صفحاتها هموم وآلام مجتمع فلسطيني قروي يعيش في جبل المكبر قضاء مدينة القدس، مابين نكبة العام 1948، و1967. بطل الرواية طفل يدعى خليل ولد بعد عام واحد من النكبة، عاش بكنف عائلة تعاني الجهل،والحرمان والفقر بكل أَنواعه:الفقر الاجتماعي، والثقافي، والديني، والسياسي...بُترت يد الطفل خليل نتيجة لبدائية العائلة المطلقة، ومعتقداتها البائدة، التي ترتكز على العرَّافين، والسحرة، والخرافات، وعدم الإِيمان بالأَطباء وطرق العلاج الحديثة. سافر الفتى خليل ذو الأَربعة عشر عامًا إِلى مدينة لندن عند عائلة انجليزية تعرَّف عليها من خلال عمله في التنقيب عن الآثار، في مدينة القدس، شاهد في بلاد الإِنجليز حياة أُخرى تتوفر فيها كل معاني الحرية، والرفاهية والمتعة يكل أَنواعها، والتي لا تمتُّ لحياته في قريته بأَي شيء،عاد بيد اصطناعية أَبهرت كل من رآها، خاف خليل بأَن تتكرر مأساتُه مع أُخته زينب، لذلك وقف مع أَخيه كامل، وتحدى كل العادات والتقاليد واستنكرا معًا كل الخرافات، وصمَّما تحدي سلطة الأَب ومصاحبة أُختهما عند الطبيب في مدينة القدس، وذلك بعدما أُصيبت بصدمة نفسية في ليلة زفافها بعد تزويجها في سن الثالثة عشرة. الأُسلوب:تحدث الراوي بضمير الغائب، وهو هنا يعرف كل شيء. التقط صورًا حقيقية من واقع بيئة عاش وتعايش فيها، فكانت صورًا واضحة معبرة لحياة البؤس الذي عانت منه العائلة. هناك صورة المرأَة المقموعة من قبل الذكر، سواء كان أَبًا أَو أَخًا أَو زوجًا. صورتها وهي تحلب الأَغنام، وترعاها، وتنام معها جنبًا إِلى جنب. صورتها امرأَة مطيعة بل خنوعة، مضحية من أَجل زوجها، وأَبنائِها، وكل أُسرتها. لقد صوَّر الراوي بصدق، وعفوية الحياة الاجتماعية، والثقافية بكل تفاصيلها: صورة االأَفراح بما تشمله من أَهازيج وأَغان شعبية وزغاريد وإِطلاق نار، ونحر النعاج، وأَكل( المناسف)، وغيرها. هناك صور للنـزاعات والخلافات والصلح العشائري، والقسم بالطلاق عند كل شاردة وواردة، فهناك صورة لاحترام الصغار للكبار حتى وإِن كانوا على خطأ، هناك صورة للكرم ونصرة الفرد للعشيرة وبالعكس، وهناك صور للدواب مثل الحمير، والبغال والأَغنام التي تندمج حياتها مع حياة الأَفراد بشكل كبير، حيث أَنها المصدر الأول لغذائهم، وطرق معيشتهم، تميز أُسلوب الكاتب بدقة الوصف، والقدرة على السرد، والحبكة الفنية للقصة. لقد كانت كل هذه الصور التعيسة بكل أَحداثها ظلامًا في وضح النهار، ربما يحق للفتى خليل في ذلك الزمان بأَن يسمي الرواية ظلام النهار، لأَنه وحده أَول من عرف الفرق ما بين الظلام، والنور، بعد أَن زار مدينة أُوروبية، أَمَّا اليوم وسط كل هذه الحضارة، ووسط كل هذه التقلبات التكنولوجية الرهيبة أَعتقد أَن كل من يقرأ أَحداث الرواية يتفق وبشدة على التسمية، لذا أَرى أن هناك تطابقًا مباشرًا ما بين عنوان الرواية ومضمونها. اللغة:استخدم الكاتب لغتين: الأُولى اللغة العربية الفصحى التي اتسمت بسلاستها، وقربها من القارئ، أَمَّا اللغة الثانية فهي اللهجة القروية لأَهل المكان-جبل المكبر-. لقد استخدم الكاتب السلحوت هذه اللغة بكثرة في معظم الحوارات التي جرت في الرواية. يبدو أَن الكاتب لا يعنيه بأَن تكون فئة القرَّاء محدودة تقتصر فقط على من يعرفها، لأَن معظم اللهجات في بلادنا وفي البلاد العربية تختلف عن بعضها البعض، لذلك سوف يجد القارئ صعوبة بالغة في فهمها، ويبدو أَن الكاتب لم يعمل حسابه أَيضًا لترجمة الكتاب للغة أُخرى –أَجنبية- مستقبلا. لا أَعتقد حينها بأَن اللهجة التي في الكتاب ستؤدي هدفها الذي أَراده الكاتب. أَود أَن أُلفت نظر الكاتب بأَن هناك بعض الأَخطاء الفنيَّة مثل تغيير موقع الصفحات في بداية الرواية، وكذلك ترتيب الفقرات، وغيرها من الأخطاء المطبعية التي يسهل تصحيحها في الطبعة الثانية بإِذن الله. أَشكر الكاتب جميل السلحوت وأَتمنى له المزيد من الإنتاجات الأَدبية.
#نزهة_أبو_غوش (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
تونس: أيام قرطاج المسرحية تفتتح دورتها الـ25 تحت شعار -المسر
...
-
سوريا.. رحيل المطرب عصمت رشيد عن عمر ناهز 76 عاما
-
-المتبقي- من أهم وأبرز الأفلام السينمائية التي تناولت القضية
...
-
أموريم -الشاعر- وقدرته على التواصل مع لاعبي مانشستر يونايتد
...
-
الكتب عنوان معركة جديدة بين شركات الذكاء الاصطناعي والناشرين
...
-
-لي يدان لأكتب-.. باكورة مشروع -غزة تكتب- بأقلام غزية
-
انطلاق النسخة السابعة من معرض الكتاب الفني
-
مهرجان الأفلام الوثائقية لـRT -زمن أبطالنا- ينطلق في صربيا ب
...
-
فوز الشاعر اللبناني شربل داغر بجائزة أبو القاسم الشابي في تو
...
-
الموصل تحتضن مهرجان بابلون للأفلام الوثائقية للمرة الثانية
المزيد.....
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ د. أحمد محمود أحمد سعيد
-
اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ
/ صبرينة نصري نجود نصري
المزيد.....
|