أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - مازن كم الماز - رؤية في وعي الواقع














المزيد.....

رؤية في وعي الواقع


مازن كم الماز

الحوار المتمدن-العدد: 3155 - 2010 / 10 / 15 - 23:01
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


لا ريب أن الأنظمة الحاكمة و النخب السائدة و الفئات المثقفة التي تمثلها مصابة بفصام حقيقي فيما يتعلق بالواقع , رغم أنها هي عادة من يستخدم هذه التهمة ضد خصومها , و خاصة ضد الجماهير . "الواقع" الذي تتحدث عنه و الذي ترى أن الجماهير "متخلفة عن وعيه" هو "واقع" هيمنة القوى السائدة عالميا و إقليميا . إنها لا تكترث أساسا للواقع الفعلي الذي تعيشه هذه الجماهير , لا تعرفه , أو تعرفه بدرجة سطحية جدا تناسب اهتمامها به , دون أن تحدد درجة مأساويته أو كابوسيته وعي الأنظمة و النخب بمأساوية الواقع , إن حالة الجماهير لم تكن أبدا في يوم من الأيام جزءا من الواقع الذي يهم الأنظمة و النخب إلا بالدرجة التي تسمح لها بإعادة إنتاج سلطتها على هذه الجماهير . يتألف واقع الأنظمة و النخب و وعيها به من حقيقتين رئيستين : حقيقة أنها قادرة على فرض إرادتها على الجماهير , و واقع أن هناك قوى أخرى فوقها قادرة على فرض إرادتها عليها هي بالذات , أي "واقع" صراعاتها الخاصة فيم بينها و تلك الخفية مع الجماهير . إن القضايا التي تتحكم بالحراك الذي ترسم الأنظمة و النخب هي خطواته بحرص و الصخب الذي يرافق "معاركها" هو شيء لا يعني الناس الذين في الأسفل , الذين يعيشون واقعا مختلف تماما رغم أنهم يفعلون ذلك بصمت مقابل صخب إعلام الأنظمة و النخب . لذلك فإن وسائل الإعلام الجماهيرية التابعة لهذه الأنظمة و النخب تعمل على رفع حرارة هذا الصخب , بما في ذلك اللجوء إلى أسلحة المقدس و الاتهامات من كل صنف و لون . لكن حتى أكثر المتفائلين بقضايا تلك الأنظمة و النخب يعترف بوجود لا مبالاة في الشارع تجاه كل هذا التسخين , إن هذا يعكس حالة الركود الحقيقية في مجمل الوضع السياسي و الاقتصادي و الاجتماعي و حقيقة أن كل ذلك الحراك السلطوي و النخبوي إنما يدور في فنجان . إن هذا الفصام السياسي و الفكري و الإعلامي هو تعبير عن فصام اجتماعي كامل بين الطبقات السائدة و تلك المهمشة في واقعنا . لا يوجد مسؤول عربي , إلى جانب القسم الأكبر من المثقفين أيضا , يفقه ما يقول و هو يتحدث عن خط الفقر و البشر الذين يعيشون تحته أو عن معنى كلمة البطالة و حياة ملايين الشباب العاطل عن العمل , ناهيك عن أن يكترث أصلا لهؤلاء . و لذلك فإن الصخب المرتفع "للمعارك السياسية" لا يثير إلا النخب و جزء محدود جدا من المجتمع المرتبط بها مباشرة . بالنسبة لمن هم تحت خط الفقر هذا تبدو القضايا التي تتصدر هذا الصخب السلطوي و النخبوي , مثل المحكمة الدولية لمحاكمة قتلة الحريري مثلا , أو تشكيل الحكومة العراقية العتيدة , و حتى الخلاف حول صحابة الرسول ( ص ) أنفسهم , كقصص عن عالم آخر , قد يكون عالما "مثيرا" بالفعل أن تقرأ عنه أو تسمع المناقشات الحامية عنه , لكنه يبقى عالم لا يضطر فيه البشر للكفاح كل ساعة و كل يوم من أجل لقمة خبزهم . الشيء الوحيد الذي يسمح باستمرار الوضع هكذا , هو منظومة التدجين و الاستلاب السائدة بمؤسساتها المتعددة التي تنتج هذا الصمت حيال واقع البشر الفعلي و مشاكلهم الحقيقية و أسبابها الفعلية . لا توجد فئة مكروهة اليوم على مستوى الشارع كما هو حال السياسيين المحترفين اليوم , خاصة من هم في السلطة , ليس فقط في مجتمعاتنا بل على مستوى العالم , و ربما في المجتمعات الرأسمالية المتطورة أكثر من أي مكان آخر . يشبه موقف انعدام الثقة هذا و حتى الكراهية و ربما الخوف من قبل الشارع تجاه من في السلطة و السياسيين المحترفين موقف الشارع الأوروبي من طبقة الإكليروس في أواخر القرون الوسطى . كانت طبقة الإكليروس تتمتع بسيطرة استثنائية على الحياة الروحية و الاقتصادية و الاجتماعية للناس و كانت توجههم في معارك "مقدسة" واحدة تلو أخرى , مرة ضد الخارج الإسلامي و أخرى ضد الداخل الهرطقي , لكن نتائج سيطرتها المأساوية على حياة الناس ولدت , ببطء و تردد , موقف الكراهية هذا الذي سينفجر لاحقا ضدها و ضد الملكيات المطلقة , الشيء الذي كان يبدو مستحيلا ذات يوم . لا يمكن تحطيم منظومة التدجين و الاستلاب الفعالة بضربة واحدة , إنها تعيد إنتاج نفسها باستمرار لتكون أكثر إقناعا و لذلك فإن عملية تحطيمها هي عملية بعيدة المدى , عملية لا تجري وسط النخب المتنافسة العاجزة تماما عن رؤية الواقع الفعلي في الأسفل , بل هناك في الشارع , هناك حيث يتطور تدريجيا وعي آخر , بواقع آخر , لا نقرأ عنه في أمهات الصحف............



#مازن_كم_الماز (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- جدال حول التغيير
- أناركي روسي يكتب عن جهود الحركة الأناركية الروسية لمقاومة ال ...
- أناركي أمريكي يكتب عن الدين و الثورة
- لأسباب خاصة بالدولة , لميخائيل باكونين
- هل يمكن لملايين السوريين الفقراء أن يرسموا سياسة اقتصادية أف ...
- هناك طريقتان لفهم أو قراءة التاريخ
- لكن هذا سخف أيها الشيخ !
- نحو سلطة العمال لموريس برينتون
- الشبه بين النظام الستاليني و السوري : دروس الماضي و المستقبل
- كلمات في غياب مراقب الإخوان المسلمين السوريين السابق
- النقاب في سوريا
- عقد على خطاب القسم الأول للرئيس بشار الأسد
- مناقشة لموضوعات المؤتمر السابع لحزب الشعب الديمقراطي السوري
- أوجه الشبه و الاختلاف بين الله و الرأسمالية
- أحداث كومونة باريس
- عن الخرافة
- دفاعا عن الأناركية رد على مقالي الكاتب سليم نصر الرقعي عن ال ...
- ما الذي يعنيه أن تخرج في مظاهرة
- أزمة جديدة في حزب مأُزوم ( عن الأزمة الجديدة في الحزب الشيوع ...
- انتفاضات الخبز في مقابل الثورات المخملية


المزيد.....




- رقصت بالعكاز.. تفاعل مع إصرار هبة الدري على مواصلة عرض مسرحي ...
- هل باتت فرنسا والجزائر على الطريق الصحيح لاستعادة دفء العلاق ...
- الجزائر تعلن إسقاط طائرة درون عسكرية اخترقت مجالها الجوي من ...
- من الواتساب إلى أرض الواقع.. مشاجرة بين المسؤولين العراقيين ...
- قفزة بين ناطحتي سحاب تحول ناج من زلزال تايلاند إلى بطل
- قراءة في تشكيلة الحكومة السورية الانتقالية : تحديات سياسية ...
- قناة i24 الإسرائيلية: ترامب يعتزم لقاء الشرع خلال زيارته للس ...
- إعلام أمريكي: دميترييف وويتكوف يلتقيان في البيت الأبيض
- الخارجية الألمانية تعلن إجلاء 19 مواطنا ألمانيا مع عائلاتهم ...
- الولايات المتحدة توسع قوائم عقوباتها ضد روسيا


المزيد.....

- سور القرآن الكريم تحليل سوسيولوجي / محمود محمد رياض عبدالعال
- -تحولات ظاهرة التضامن الاجتماعي بالمجتمع القروي: التويزة نمو ... / ياسين احمادون وفاطمة البكاري
- المتعقرط - أربعون يوماً من الخلوة / حسنين آل دايخ
- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - مازن كم الماز - رؤية في وعي الواقع