|
الأخلاق بين الإيمان والإلحاد !!
شامل عبد العزيز
الحوار المتمدن-العدد: 3154 - 2010 / 10 / 14 - 00:17
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
في عام 2007... بغرض تجميل وجه النظام الليبي أمام العالم ... تم تنظيم جائزة أدبية عالمية سنوية ، بقيمة حوالي مليون جنيه مصري ، باسم جائزة القذافي لحقوق الإنسان ، وتم تشكيل لجنة من مثقفين عرب كبار لاختيار كل عام كاتباً عالمياً لمنحه الجائزة ، هذا العام قررت اللجنة منح الجائزة للكاتب الإسباني الكبير خوان جويتيسولو البالغ من العمر 78عاماً ، ثم كانت المفاجأة : فقد أرسل جويتيسولو خطاباً إلى أعضاء اللجنة يشكرهم فيه على اختياره للفوز بالجائزة ، لكنه أكد في نفس الوقت أنه لا يستطيع ، أخلاقيا ً، أن يتسلم جائزة لحقوق الإنسان من نظام القذافي الذى استولى على الحكم في بلاده بانقلاب عسكري ونكل ، اعتقالاً وتعذيباً ، بالآلاف من معارضيه . رفض الكاتب جويتيسولو جائزة بحوالي مليون جنيه مصري لأنها لا تتفق مع ضميره الأخلاقي . كم مثقفاً من مثقفينا كان سيرفض الجائزة ؟ كم شيخاً من شيوخ الإسلام كان سيرفض هذه الجائزة ؟ هل يقود التدين إلى الأخلاق حتماً ؟ أيهما أفضل الأخلاق بلا تدين أم التدين بلا أخلاق ؟ علاء الأسواني . أيهما أفضل الإلحاد الأخلاقي أم الأديان اللاأخلاقية ؟ نبيل فياض . لا يجب التعميم بالطبع , فالتعميم ظلم . هناك متدينون فعلاً عن إيمان صادق يراقبون ضمائرهم في كل ما يفعلونه . على سبيل المثال لا الحصر سوف نختار من مصر : القضاة العظام الذين يخوضون معركة استقلال القضاء دفاعاً عن كرامة المصريين وحريتهم ، والمستشارة نهى الزيني التى فضحت تزوير الحكومة للانتخابات ، والمهندس يحيى حسين الذي خاض معركة ضارية ليحمي المال العام من النهب في صفقة عمر أفندي . وغيرهم كثيرون . كل هؤلاء متدينون بالمعنى الصحيح . هل نستطيع مقارنة هؤلاء مع البدري والقرضاوي والهاشمي واليعقوبي .. الخ ؟ رسالتين منفصلتين / مقالتين / ولكنهما بنفس المضمون ألا وهو الأخلاق . الأولى للسيد الأسواني والثانية للسيد فياض . لا بد هنا أن نسأل : كيف يمكن أن نكون الأكثر تديناً ( حسب إحصائية معهد جالوب ) والأكثر انحرافاً في نفس الوقت ؟ عام 1664 كتب الكاتب الفرنسي الكبير موليير مسرحية اسمها تارتوف ، رسم فيها شخصية رجل دين فاسد يسمى تارتوف ، يسعى إلى إشباع شهواته الخسيسة وهو يتظاهر بالتقوى .. وقد ثارت الكنيسة الكاثوليكية آنذاك بشدة ضد موليير ومنعت المسرحية من العرض خمسة أعوام كاملة... وبرغم المنع ، فقد تحولت تارتوف إلى واحدة من كلاسيكيات المسرح ، حتى صارت كلمة تارتوف في اللغتين الإنجليزية والفرنسية ، تستعمل للإشارة إلى رجل الدين المنافق . والسؤال هنا: هل تحول ملايين المتدينين إلى نماذج من تارتوف ؟ يقول السيد فياض : الإلحاد مبدأ وحداني بينما الأديان تعددية . في الإلحاد لا وجود للإله بينما في الأديان يزعم كل دين أن لديه تصوراً لإله يخصه وهو في نظرهم الأصح . ومطابق للعقل . بينما الملحدون لا تصور و لا شكل للإله لأنه ببساطة غير موجود . الملحدون لا يتقاتلون فيما بينهم في حين يقتل المتدينون أحدهم الآخر لأنه خالفه في تصوره . هل القتل من الأخلاق ؟ هل تحتاج البشرية في الوقت الحاضر للأديان ؟ جاءت على وقتها واستهلكت ذواتها . جاءت الأديان من أجل مكارم الأخلاق ولكن بعد أن قتلوا الرجال واستحلوا الأموال والنساء واستعبدوا الأطفال , طبعاً كل ذلك تحت عناوين مقدسة . يتقاتلون الآن حول مسائل لا يقبل بها منطق أو عقل . هل الإلحاد مسألة سهلة ؟ للإجابة عن هذا السؤال هناك تفصيل أورده السيد فياض / بتصرف / . الإلحاد يحتاج إلى جهد هائل على صعيد التنمية المعرفية والتغلب على القيود الداخلية الموروثة والمكتسبة . نيتشه نبي الإلحاد الأبرز لم يستطع أن ينكر بالمطلق وجود الله . فويرباخ الرقم الأصعب في تاريخ الإلحاد العقلاني كان أول من أدلج رفض وجود الله , جاء بعده ماركس وفرويد . الدين ليس حقيقة مطلقة , بل نسبية . منْ يولد في طوكيو لا يمكن أن يكون مارونياً , ومنْ يولد في مكة لا يمكن ان يؤمن بأحد آلهة الهنود الحمر , أما من يولد في عائلة يهودية في القدس فلا يمكن على الإطلاق أن يكون من اتباع ديانة جبال تورا بورا . تطرقنا في مقالة سابقة ( ما هي أسباب قوة الفكر الديني ) وأوردنا خمسة أسباب ومن ضمنها الخوف وقلنا أن الإنسان حيوان اجتماعي إلا أن الفرق بينه وبين الحيوانات التي نتشارك معها في شكل وظائفنا الحيوية هو الدماغ . الحيوانات لا تمتلك أي شعور بالماوراء بينما دماغ الإنسان هو الذي أوصله إلى ذلك . في مقالته / الإلحاد الأخلاقي والأديان اللاأخلاقية / يقول السيد فياض : الألحاد وحدة والتدين شرذمة , لا إله الملحدين واحد , في حين يختلف أتباع الأديان والمذاهب بين بعضهم حتى القتال على شكل لإله لا وجود له . العلاقة البيانية بين التديَن والسلام نلاحظ ما يلي : كلما تناقص التدين في منطقة ما من العالم كلما أرتفعت سوية السلم والأخلاق والعكس صحيح . الأخلاق الإلحادية لا علاقة لها على الإطلاق بأخلاق الأديان خاصة منها الشرق – اوسطية التي تبدو أن الكبت بكافة أنواعه بؤرتها . الأخلاق الإلحادية بأعتبارها نتيجة تثاقف على السويَة – تتمحور حول حقوق الإنسان – حدود الإنسان مقابل الإنسان الآخر . معظم الفلسفات التي عرفها العالم في القرن الآخير كانت إلحادية . قال فويرباخ ذات تأمل : " الإله هو الإنسان المتأله " – تلك هي قمة الأخلاق . المتدين في أي فعل إنساني يقترفه إنما يفعل ذلك ( غالباً ما يكون فعله الإنساني مقصوراً على بني جلدته الدينيين ) من أجل تسجيل نقاط له في دفتر يومياته الماورائي . بمعنى آخر ، إذا أخذنا الفرد المسلم على سبيل المثال لا الحصر ، فإن أي فعل خيري يقوم به الفرد المسلم ، إنما يأتي نتيجة رغبة هذا الفرد في تسجيل نقاط له في دفاتره الأخروية تضمن له مكاناً أفضل في جنة إلهه المتخيلة ؛ أي أن الفرد المسلم يستعمل الآخر كموضوع من أجل شيء ذاتي بالمطلق . في الفعل الإنساني عند المتدين ، الآخر المفعول به إنسانيّاً ليس غير وسيلة لهدف ذاتوي . في الفعل الإنساني الإلحادي، الآخر الذي يقع عليه الفعل الإنساني هو الوسيلة والهدف . فالملحد لا يمتلك دفاتر أخروية يمكن أن يسجل نقاطاً لصالحه عليها من أجل آخرة مرغوب بها. إذن: الفعل الخيري عند المتدينين ليس أكثر من أنانية تحت أسماء براقة . لنقارن بين البلدان التالية : السويد – الدانمارك – سويسرا – فنلندا – آيسلندا – هولندا . . مقابل : الباكستان ، اليمن ، سوريا ، مصر ، إيران ، العراق ، دول الخليج العربي . السياسة قتلت الآلاف / ولكن الدين قتل مئات الآلاف / شون أوكايسي / . كم يبدو إنسانيّاً أن ننتهي من / الآلهة وذيولها / . جاءت المقالة في هذا الوقت استكمالاً لمقالة السيدة مكارم إبراهيم / حوار عن أصل الوجود الإنساني والحياة الآبدية / والمنشورة الآن على صفحات الحوار المتمدن والتي كانت أصلاً عبارة عن محاورة بين بعض الأصدقاء . / ألقاكم على خير / .
#شامل_عبد_العزيز (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
هل مصر وهابية أم فرعونية ؟
-
فرسان القديس يوحنا ؟
-
بيروقراطية ستالين !!
-
سولجنستين وثورة أكتوبر ؟
-
الثوار والثورات !!
-
إلى السيد فؤاد النمري ورفاقه !!
-
ما هي أسباب قوة الفكر الديني ؟
-
الجمود العقائدي عند الماركسيين . الأخيرة !!
-
الجمود العقائدي عند الماركسيين 1
-
الجمود العقائدي عند الماركسيين !!
-
الأوهام الثلاثة ؟
-
سلسلة المقالات 7
-
من وحي أفكار الدكتورة ابتهال الخطيب .
-
سلسلة المقالات 6
-
سلسلة المقالات 5
-
سلسلة المقالات 4
-
سلسلة المقالات 3
-
هل يسير العراق نحو الديمقراطية أم نحو الهاوية ؟
-
سلسلة المقالات 2
-
سلسلة المقالات 1
المزيد.....
-
وجهتكم الأولى للترفيه والتعليم للأطفال.. استقبلوا قناة طيور
...
-
بابا الفاتيكان: تعرضت لمحاولة اغتيال في العراق
-
” فرح واغاني طول اليوم ” تردد قناة طيور الجنة الجديد 2025 اس
...
-
قائد الثورة الإسلامية: توهم العدو بانتهاء المقاومة خطأ كامل
...
-
نائب امين عام حركة الجهاد الاسلامي محمد الهندي: هناك تفاؤل ب
...
-
اتصالات أوروبية مع -حكام سوريا الإسلاميين- وقسد تحذر من -هجو
...
-
الرئيس التركي ينعى صاحب -روح الروح- (فيديوهات)
-
صدمة بمواقع التواصل بعد استشهاد صاحب مقولة -روح الروح-
-
بابا الفاتيكان يكشف: تعرضت لمحاولة اغتيال في العراق عام 2021
...
-
كاتدرائية نوتردام في باريس: هل تستعيد زخم السياح بعد انتهاء
...
المزيد.....
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
المزيد.....
|