أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جعفر المظفر - متى يخلع العراق جلباب الضحية














المزيد.....

متى يخلع العراق جلباب الضحية


جعفر المظفر

الحوار المتمدن-العدد: 3153 - 2010 / 10 / 13 - 19:38
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


الثورة والمؤامرة كانتا توأم سيامي يصعب فصله. ومنذ أن دخلت علينا الثورة, دخلت علينا المؤامرة, بحيث كادت الكلمتان, لفيض ما ترددتا معا, أن تكونا مفردة واحدة للتعبيرعن ضدين متعانِقيْن متحابَيْن.. فما دامت هناك ثورة.. هناك مؤامرة. ويصبح لزوم الشيء: أن تستمر الأحكام والقوانين العرفية وكل ما يمت لحالة الطوارئ من صلة, ويصير الاستثناء هو القاعدة, ويؤجل كل ما له علاقة بالحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان.
بذلك أسس العناق التاريخي وعلاقة العشق الأبدية, بين الثورة والمؤامرة, لشرعية المشانق وساحات الإعدام وتكاثر السجون, ولكل ما له صلة بسياسة القضاء على الخصوم, الذين كان يجب استحضارهم لو غابوا, وتكثيرهم لو قلوا, وتخصيبهم لو عقروا, ذلك أن وجودهم ضروري لإتمام الزواج الكاثوليكي بين الثورة والمؤامرة.
وقبل كل ذلك فإن التوأمة ما بين الثورة والمؤامرة هي مطلوبة لأغراض تأجيل وتحريم البحث عن أخطاء الثورة وقائدها, أو عن صلاحياته وحجمها, أو عن تزايد أطيانه وأمواله, أو عن جنوح أولاده وبناته, أو عن هيمنة أعمامه وأخواله, أو عن توريث سلطته وعبيده وحريمه لأبنائه وعشيرته من بعده.
وقبلها فإن عملية إلقاء الأخطاء على الآخرين, دولة أو تجمعات أو أشخاص, يصبح العمود الفقري لتوأم الثورة – المؤامرة, حتى يكاد رعايا القائد وأقنانه أن يصدقوا إنهم ضحايا حقيقيون لمؤامرة دولية وإقليمية متداخلة وشغالة على مدار اليوم والشهر والسنة, فالقائد مستهدف والثورة ملاحقة والحزب مطارد, وبذا سنراهم قد تخلوا عن كل ثيابهم إلا ثوبا واحدا هو ثوب الضحية.
في زمن صدام, تم تشغيل التوأم السيامي بأقصى طاقته, فبالإضافة إلى المؤامرات التي كان يعلن عن اكتشافها أو تصنيعها في الداخل المقهور, كان التثقيف اليومي بنظرية المؤامرة الدولية والإقليمية يجري على مدار الساعة, بحيث كدنا نقتنع أن العالم برمته, وفي المقدمة منه دول التحالف الإمبريالي الصهيوني الرجعي ( القذر ), ما تأسست أو تكونت إلا لغرض التآمر علينا.
وحينما انتهى صدام توقعنا أن ينزع العراق بعد موته جلباب الضحية, فيفتش عن أخطائه في داخله, ويبحث عن عِثِه في ثيابه, وعن قمله في رأسه, وعن أسباب علته في جراثيمه.
لكن الذي حدث كان عكس ما توقعناه, لقد ظل التوأم السياسي على حاله, فلم يقتله الحزن على موت أبيه, ولا كان تيتم بغيابه, بل أنه ورث عنه جلبابه, وعاد العراق يتحدث من جديد عن تآمر الجيران عليه, عن البعثيين وأيتام النظام البائد, وعن التكفيريين والسلفيين والشوفينيين والعنصريين القوميين وكل ما يمكن إدراجه في قائمة أعداء مفتوحة النهايات, ومرشحة لأن يستمر العمل فيها إلى زمن مفتوح.
نعم, لقد عاد العراق يتحدث عن كل شيء إلا عن نفسه, وإنني إذ لا أنفي إجرام التكفيريين وحلفائهم بحقه, ولا أستخف بنقطة واحدة من دم أبنائه, وبحقها لأن تلعن وتطارد مهرقيها, لكني ألعن كل من يرتدي مرة أخرى جلباب الضحية ويخرج على العالم شاتما ألف شيء إلا نفسه.
وقبل أن يخلع العراق ذلك الجلباب, ويفتش عن أعدائه في طياته وجيوبه وبطانته الداخلية, سيكون الحديث عن الأعداء المارقين وعن تآمر الدول الإقليمية مثيرا للضحك والسخرية.



#جعفر_المظفر (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الدولة.. بين الدين والسياسة
- هومْ سِكْ ... سِكْ هومْ
- الجاليات العراقية في المهجر وضياع الهوية
- هذا ما قاله ساراتسين.. فما الذي يجب ان نقوله نحن
- حضروا أقداحكم.. حزب الشاي قادم إليكم بقوارير لا سكر فيها*
- هروب إلى الخلف.. وهروب إلى الأمام
- إنهم يطبخون التاريخ.. أليس كذلك..؟!
- أمريكا.. لماذا نجحت في ألمانيا وفشلت في العراق.. ؟!
- مع القرآن.. ماذا سيحرق القس جونز
- الحادي عشر من أيلول.. ليس الأمريكان وحدهم الضحايا
- العراق بين حل الأزمة وأزمة الحل
- الحرب العراقية الإيرانية.. هل كانت أمريكية
- كلنا عملاء لأمريكا.. فمن الوطني إذن ؟!
- من نسأل
- إسلام بدون مسلمين
- الأمريكي المسلم والمسلم الأمريكي
- الأستاذ جاك وجامع قرطبة
- الديمقراطية.. وصواريخ صدام على تل أبيب
- عن الحب والكراهية في السياسة ومقالات الدكتور عبدالخالق حسين
- طائرة إسمها الكويت


المزيد.....




- بعد الغارة الأمريكية المميتة على اليمن.. الحوثيون: لن نتوقف ...
- سياسي مالي يدعو لتفضيل الدبلوماسية والتفاوض مع الجزائر
- الفريق المقدشي في بلا قيود: الضربات الأمريكية للحوثيين تأديب ...
- بوظة..كنافة..سحلب..آيس كريم…من صاحب الترند؟
- لكشف عن دور الإمارات في تهريب ثروات الأسد
- 70 عامًا على وفاة العبقريّ ألبرت آينشتاين... لماذا رفض منصب ...
- تحديد طلبات اللجوء لألمانيا بـ 100 ألف سنويا.. ما واقعية خطط ...
- مشاركة عزاء للرفيق راشد النعيمات بوفاة جدته
- مسؤول إيراني: تفكيك أجهزة الطرد المركزي وتخفيض التخصيب إلى ا ...
- ترامب: ميلوني كانت رائعة خلال زيارتها للبيت الأبيض وتركت انط ...


المزيد.....

- فهم حضارة العالم المعاصر / د. لبيب سلطان
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3 / عبد الرحمان النوضة
- سلطة غير شرعية مواجهة تحديات عصرنا- / نعوم تشومسكي
- العولمة المتوحشة / فلاح أمين الرهيمي
- أمريكا وأوروبا: ملامح علاقات جديدة في عالم متحوّل (النص الكا ... / جيلاني الهمامي
- قراءة جديدة للتاريخ المبكر للاسلام / شريف عبد الرزاق
- الفاشية الجديدة وصعود اليمين المتطرف / هاشم نعمة
- كتاب: هل الربيع العربي ثورة؟ / محمد علي مقلد
- أحزاب اللّه - بحث في إيديولوجيات الأحزاب الشمولية / محمد علي مقلد
- النص الكامل لمقابلة سيرغي لافروف مع ثلاثة مدونين أمريكان / زياد الزبيدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جعفر المظفر - متى يخلع العراق جلباب الضحية