|
أحمدي نجاد في لبنان: يا مرحباً
نضال نعيسة
كاتب وإعلامي سوري ومقدم برامج سابق خارج سوريا(سوريا ممنوع من العمل)..
(Nedal Naisseh)
الحوار المتمدن-العدد: 3153 - 2010 / 10 / 13 - 11:47
المحور:
كتابات ساخرة
حدث بارز تشهده لبنان اليوم يخطف الأبصار واهتمامت وسائل الإعلام إذ تحولت أجزاء من بيروت، والضاحية الغربية تحديداً، حيث معقل حزب الله، إلى ما يشبه كرنفالاً احتفالياً إيرانياً يعج بصور رموز الثورة الإسلامية الإيرانية، تتصدرهم صور الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد، الذي سيصل اليوم في زيارة تاريخية وغير مسبوقة إلى هناك، في وقت تستعد فيه الساحة اللبنانية لتطورات دراماتيكية مثيرة، تأتي الزيارة لتؤكد على الحضور الإيراني في قلب هذه المواجهة الساخنة المحتملة، وعلى التزام إيراني لم يفتر ولم يتراجع على صعيد هذا الملف الإقليمي الحساس، فيما تنظر قوى "عربية" بعينها، بتوجس كبير وحساسية مفرطة إلى هذه الزيارة باعتبارها تحدياً لنفوذها في لبنان "العربي"، وهي لا تحظى برضا وقبول قوى أخرى على الساحة اللبنانية، وتبدو الزيارة في إحدى منظوراتها، أو لنقل كما يراها البعض، تفقدية وتطمينية وتضامنية واطلاعية على أرض الواقع لحال ووضع "حليف استراتيجي" لبناني لا يخفي نفسه، رغم أن الزيارة تأخذ طابعاً رسمياً بين دولتين مستقلتين في إقليم واحد. ولا يخفى كما أسلفنا ما للزيارة من معان رمزية في هذا التوقيت الحساس مع عملية التسخين في ملف المحكمة الدولة مما يوحي بطبيعة ونوعية المرحلة القادمة التي ستذهب فيها المواجهة إلى حدودها القصوى وإيران ترمي بثقلها فيها من خلال هذه الزيارة، وفيما إذا أصرت الجهات التي تقف وراء المحكمة وتسييسها على مواقفها المعلنة والتي الغاية الرئيسية والأولى منها هو تقليم أظافر حزب الله ما يبدو خطاً إيرانياً أحمر لا يمكن لطهران القبول به وهي الحاضرة بقوة في خلفية المشهد الإقليمي. ولاشك، ومن جانب آخر، تمثل زيارة الرئيس نجاد، ذروة المد الإيراني "الفارسي الصفوي"، حسب الخطاب إياه، أو وسمّه ما -شئت، فذلك لن يغير من طبيعة المعادلات على الأرض، وتعزيزاً لصعود نجم إيران السياسي والاستراتيجي في سماء المنطقة كقوة وحيدة باتت تقبض بمهارة دبلوماسية وتكتيكية عالية المهارة، على ملفات حساسة وهامة في الإقليم قاطبة، في لبنان، والعراق، وفلسطين، واليمن بؤرة الانفجار القادم بعد سنوات طويلة من استبداد وفجور النظام الدموي للماريشال على عبد الصالح الذي كان له الفضل الكبير في إدخال البلاد في نفق الفساد المزمن والدكتاتورية والانقسام والمرشح بامتياز لحروب أهلية تتفجر اليوم في جبال صعدة، والجنوب المنكوب الذي يعتبره الشماليون كمنطقة احتلال واستغلال أكثر من اعتباره جزء عزيزاً وغالياً من اليمن الموحد، كما تحول مؤخراً إلى معقل وتجمع لفلول القاعديين بعد انهيار وضعف الدولة المركزية، وجراء الضربات الموجعة لهم في باكستان وأفغانستان. وتخيم إيران اليوم بظلالها الثقيلة "إن شثتم" على منظومة الخليج الفارسي التي تضم "رعايا" شيعة، بات ولاؤهم لإيران بسبب سياسات الإقصاء الممنهج والتمييز الديني والاضطهاد التي تمارسها ضدهم المنظومة الخليجية واعتبارهم فئات دنيا اجتماعياً ورعايا من الدرجة العاشرة. ولا يخفي كثيرون منهم رغبتهم في الانضمام لإيران الدولة القوية والإستراتيجية في المنطقة، كما هو الحال بالنسبة لشيعة البحرين والكويت، تحديداً، بدل الانتماء لمشيخات قبلية وعائلية قروسطية ضعيفة مهلهلة، لا يوجد فيها حتى أنظمة للصرف الصحي، وغير قادرة على الدفاع عن نفسها، وجل اهتمام شيوخها، اليوم، هو في شراء الأندية والشركات المفلسة في أوروبا. ليس ثمة داع أو سبب للوم إيران على تدخلها في قضايا الإقليم، فطبقاً لنظرية ملء الفراغ الاستراتيجي،فإن انسحاب العرب الجماعي من ساحة المواجهة مع الإسرائيليين، ونفض يدهم مما يسمى بقضية العرب المركزية، المغفور لها، "قضية فلسطين"، وكفى الله المؤمنين شر القتال، وتحولهم بدلاً من ذلك لحلفاء استراتيجيين لإسرائيل يعقدون معها الصفقات ومعاهدات السلام المشبوهة، والتسابق في تقديم مبادرات السلام التي لم تشترها إسرائيل بقشرة بصلة، وإقامة المناورات العسكرية المشتركة "على عين" ما يسمى بالمواطن العربي التي ما زالت أراضيه تحت الاحتلال والحراب الإسرائيلية، كل هذا ترك الساحة خالية من أية قوة تقف في وجه الغطرسة والبطر واستعراض القوة الغاشمة والباطشة الإسرائيلية، فتقدمت إيران، بكل بساطة، لتحتل ، وعلى سبيل المثال لا الحصر، دور ومكان مصر الستينات، التي كانت نداً لإسرائيل، في عهد الرئيس عبد الناصر بالرغم الأخطاء القومية الكارثية والقاتلة التي ارتكبها "الزعيم الخالد" كما يسميه الناصريون، فيما انهار العراق، العمق الاستراتيجي العربي، إلى دويلات كاريكاتورية تمزقها الصراعات الطائفية وتتنازعه المصالح الشخصية. فالزيارة، وفق هذا المنظور، ما هي إلا تعبير عن انهيار شبه مؤكد لفاعلية النظام الرسمي العربي، وتقاعسه وتراجعه إلى حدوده الدنيا، أكثر مما يبدو من أية سلبية في الزيارة التي قد لا يكون لها في المحصلة وفي ظروف عربية "صحية وطبيعية"، هذه الأهمية وهذا البعد الرمزي وفي حال وجود نظام رسمي عربي فاعل ومتماسك وحصين، ولكن بروز الدور الإيراني بهذا الشكل الفاقع، ما هو في الواقع إلا على حساب تفكك وانهيار ضعف وتهلهل وانزواء العرب وتخاذلهم الجماعي، في الوقت الذي يحجم فيه أي زعيم عربي عن زيارة لبنان وإظهار أي قدر من التضامن مع هذا البلد المنكوب في محنته الطويلة التي يعيشها، فيما تعبر زيارة الرئيس نجاد، بالرغم من مخاطرها الأمنية الكبرى، عن تضامن ووقوف رمزي، وبشكل ما مع لبنان الجريح. فهل تقدم أحد من العرب، إياهم، لدعم المقاومة اللبنانية والوقوف مع لبنان، كما تقف إيران وقال أحد لهم لا؟ أفيدونا أفادكم الله.
#نضال_نعيسة (هاشتاغ)
Nedal_Naisseh#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
لماذا لا يقدم شهود الزور للمحكمة الدولية؟
-
وطار وزير الثقافة السوري
-
أنا طائفي إذاً أنا موجود
-
لا لمرجعية أو مجلس للطائفة العلوية
-
ابشر بطول سلامة يا خلفان
-
تدجين الخطاب الديني: ماذا بعد دروس الداعية الكويتي ياسر الحب
...
-
سورية والعنف المدرسي: الواقع والآفاق
-
إيران والعرب: المقارنات المستحيلة
-
بيل غيتس وأثرياء العربان
-
فضيحة الإهرام: السقوط التاريخي للإعلام الرسمي العربي
-
تراجع القس فلماذا لم يتراجع الإمام؟
-
خرافة الديمقراطية الإسلامية
-
إزعاج الكنائس وأصوات الآذان وتفاعلات القراء
-
لماذا لا توضع موسيقى بدل أصوات الآذان؟
-
خطأ التقديرات: هل يدفن مسجد قرطبة أحزان 11 سبتمبر؟
-
خرافة نظرية المؤامرة على العرب
-
عبودية الرومان وعبودية العربان2
-
عبودية الرومان وعبودية العربان
-
هل يشهر ميشيل كيلو إسلامه؟
-
في سجال الدراما التلفزيوينة
المزيد.....
-
جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس
...
-
أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
-
طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
-
ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف
...
-
24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات
...
-
معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)
-
بيع لوحة -إمبراطورية الضوء- السريالية بمبلغ قياسي!
-
بشعار -العالم في كتاب-.. انطلاق معرض الكويت الدولي للكتاب في
...
-
-الشتاء الأبدي- الروسي يعرض في القاهرة (فيديو)
-
حفل إطلاق كتاب -رَحِم العالم.. أمومة عابرة للحدود- للناقدة ش
...
المزيد.....
-
فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط
/ سامى لبيب
-
وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4)
...
/ غياث المرزوق
-
التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت
/ محمد فشفاشي
-
سَلَامُ ليَـــــالِيك
/ مزوار محمد سعيد
-
سور الأزبكية : مقامة أدبية
/ ماجد هاشم كيلاني
-
مقامات الكيلاني
/ ماجد هاشم كيلاني
-
االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب
/ سامي عبدالعال
-
تخاريف
/ أيمن زهري
-
البنطلون لأ
/ خالد ابوعليو
-
مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل
/ نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم
المزيد.....
|