|
تذكر أن والدك كان لاجىء و أن جدك كان مطارد
أحمد حسنين الحسنية
الحوار المتمدن-العدد: 3150 - 2010 / 10 / 10 - 12:34
المحور:
حقوق الانسان
عندما قامت السلطات الفرنسية بإزالة المستعمرات غير القانونية ، و التي أقيمت بدون ترخيص ، و على أراضي مملوكة للدولة ، و عندما قامت بالترحيل القسري لمن لا عمل له من قاطني تلك المستعمرات ، لزمت الصمت ، لأنني رأيت إنه ليس لي حق التعليق على قضية محلية في بلد أجنبي - و إن كان بعض أطرافها مواطنين من بلدين أخرين غير فرنسا - و تدور كلها في إطار قوانين تلك الدولة ، و إصرار الإدارة الفرنسية على عدم وجود أي شبهة لتحامل عنصري ، و تحول القضية إلى جدل قانوني بين الإدارة الفرنسية ، و الاتحاد الأوروبي . و لكن الأن تغير موقفي بعد أن شاهدت التقرير الذي بثته إحدى وسائل الإعلام العالمية التي تحظى بالإحترام على مستوى العالم ، و الذي تحدث عن وجود تعسف رسمي فرنسي لإصدار تصاريح عمل لبعض أبناء عرقية الروما ، المعروفين لدينا بالغجر ، للعمل بأخر سيرك غجري في أوروبا ، بما يهدد بقاء ذلك السيرك ، في ظل نقص عدد العاملين به . تغير موقفي ، و رأيت إنه أصبح لي حق التعليق كأي إنسان في العالم ، لأن المسألة تحولت إلى قضية حقوق إنسان ، و الإنسان هو الأصل في الأرض ، و حق حفظ حقوقه الإنسانية الأساسية يعلو فوق أي إدعاء بالسيادة الوطنية . الموقف الفرنسي الرسمي في قضية السيرك أسقط القناع القانوني الذي تقنعت به إدارة ساركوزي ، و الذي حماها لفترة من الإتهام بالتحامل العنصري ، لأن أمامنا هنا أشخاص يمكن لهم العمل بشكل رسمي ، و لكن هناك تعسف رسمي في منحهم تصاريح للعمل لأنهم ينتمون لعرقية معينة . لقد تحولت القضية إذا إلى عنصرية ، و تملق من ساركوزي ، و إدارته ، و حزبه ، لليمين المتطرف ، هذا إن لم تكن كذلك من البداية . يقال أن ساركوزي شخص متدين ، لهذا أدعوه أن يتذكر ما ورد في كتابه المقدس عن عدم إضطهاد الغرباء ، و ذلك في الآية التاسعة ، من الفصل الثالث و العشرين ، في سفر الخروج ، و التي نصها : لا تضطهد غريبا ، لأنكم تعلمون مشاعر الغريب ، فقد كنتم غرباء في ديار مصر . أعتقد أن ساركوزي أولى من أي عضو في إدارته لتذكر تلك الآية التي وردت في كتابه المقدس بحكم تاريخ أسرته في فرنسا . أدعو ساركوزي أن يتذكر أن والده كان لاجىء مجري فار من بلده ، و أن جده في أثناء الإحتلال النازي لفرنسا عاش كمطارد يخفي أصله اليهودي خوف الترحيل لمعسكرات الإعتقال النازية . و مثلما يقال إن ساركوزي شخص متدين ، فإنه يقال أيضا إنه معجب بنابليون ، فلماذا لا يتخلق بإحدى الفضائل النابليونية ، و أعني مكافحة التمييز ، و نشر حقوق الإنسان في أوروبا ؟ لقد تحسن وضع أبناء عرقية الروما في رومانيا بعض الشيء ، بالتغير الذي حدث في موقف الحكومة الرومانية منهم ، بعد الضجة التي أثارتها قضية الترحيل الفرنسية ، و هذا يعني أن فرنسا يمكن أن تلعب دور كبير في رفع التمييز العرقي الممارس حاليا في رومانيا بحق أبناء عرقية الروما . فبرغم العدد الكبير ، و الملحوظ ، للغجر في العاصمة الرومانية بوخارست ، إلا إنني لم أشاهد أي مذيع-ة ، أو مقدم-ة برامج بملامح غجرية في أي قناة تلفزيونية رسمية رومانية ، و الحال كذلك في الشرطة الرومانية ، و في دوائر الجوازات و الهجرة ، و في المفوضية العليا لشئون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة ، و بين المدرسين في المدرسة التي يدرس بها طفلي ، و في دوائر العمل الحكومية التي تعاملت معها خلال سبع سنوات من الحياة في رومانيا كمنفي . هناك تهميش ، و إقصاء ، و تحامل ، رسميين ، يشهد عليهم هذا الإستبعاد من الوظائف الرسمية ، و الذي أعطيت أمثلة له أعلاه ، ناهيك عن تحامل بعض شبكات التلفزيون الخاصة ، و محاولة التملص من الحقيقة التاريخية المخزية بشأن إستعباد الغجر في رومانيا في الماضي ، كما حدث عندما قام أحد أعضاء البرلمان الروماني لينفي تلك الحقيقة ، و يلصق ذلك بالتتار ، و هم ، أي التتار ، أقلية عرقية ، و دينية ، أخرى في رومانيا ، و هذه التحامل ، و التمييز ، الرسميين ، فرصة لساركوزي ليثبت إنه نابليون أخر ، لكن بدون مدفع ، خاصة أن رومانيا عضوة في تجمع الدول الناطقة بالفرنسية . و لكن قبل أن يحاول ساركوزي حمل مشعل حرية - إخاء - مساواة لخارج فرنسا ، عليه أن يتخلص هو ذاته من تحامله الشخصي على الأقليات القاطنة في فرنسا .
10-10-2010
يمكن في هذا الشأن الإطلاع على مقال : ساركوزي يواري فشله بالبوركا ، أو البرقع ، و مقال : البوركا الساركوزية لم تكن سابغة بما يكفي .
في مقال : علينا أن نطالب بالعدالة و أن نمارسها ، و ردت العبارة التالية : فنبسط ردائها على الجميع ، و صوابها : و نبسط رداء حمايتها على الجميع .
المنفى القسري : بوخارست - رومانيا
#أحمد_حسنين_الحسنية (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
علينا أن نطالب بالعدالة و أن نمارسها
-
حتى لا يرث جيمي مبارك نفس العقدة
-
د. بيار زلوعة و فكرة النقاء الجيني الذكري الفينيقي
-
هل ستغلق القلوب أيضا ؟
-
إنه قصور في الرؤية لدى حماس
-
هل حلال للأتراك و حرام على المصريين ؟
-
كان أفلح مع عرابي و عبد الناصر
-
برغم ذلك سنظل ندعم الاتحاد من أجل المتوسط
-
الغاز المصري أولى به المصنع المصري
-
بشار الأسد و جمجمة الناصرية
-
الميه يا ريس ، النيل يا ريس
-
أوضاع أقلياتنا تنسف مشروع دولة واحدة من النهر للبحر
-
السفر بدون جواز سفر
-
حماس ليست أعز عليه من أوجلان
-
أخرجوا للطبيعة ، أخرجوا للحرية
-
هل هي عادة أمريكية ؟
-
الأسد يمكن قلبه إلى فأر
-
الحبكة يلزمها فارسي و يهودي ، الأفريقي لا ينفع
-
السنن السورية السياسية السيئة
-
التكنوقراط من الأقليات هم الحل في هذا الموقف
المزيد.....
-
لبنان يتقدم بشكوى ضد إسرائيل إلى الأمم المتحدة بسبب تشويشها
...
-
بعثة إيران لدى الأمم المتحدة لـ -CNN-: اتهام طهران بمؤامرة ض
...
-
إسرائيل استهدفت 70% من مدارس الأونروا في غزة
-
منتدى الحوار الإقليمي حول حقوق الإنسان يوصي بضرورة تعزيز الو
...
-
غارة إسرائيلية استهدفت منطقة مكتظة بالنازحين في مواصي خان يو
...
-
تقرير عبري: خلافات بين نتنياهو وقادة الأجهزة الأمنية بسبب صف
...
-
شاهد.. متطوعون بولاية القضارف في خدمة النازحين من سنجة وسنار
...
-
الهند تقدم 2.5 مليون دولار للأونروا من أجل رعاية اللاجئين ال
...
-
الأمم المتحدة: نزوح 10 ملايين سوداني والجوع يهدد نصف السكان
...
-
فرنسا تستنكر لاستهداف الاحتلال مدارس النازحين في قطاع غزة
المزيد.....
-
مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي
/ عبد الحسين شعبان
-
حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
-
فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة
/ زهير الخويلدي
-
المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
-
نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا
...
/ يسار محمد سلمان حسن
-
الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
-
نطاق الشامل لحقوق الانسان
/ أشرف المجدول
-
تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية
/ نزيهة التركى
-
الكمائن الرمادية
/ مركز اريج لحقوق الانسان
-
على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
المزيد.....
|