|
تساؤلات مشروعه .. ما اسس له حنا بطاطو وروج لها آخرون؟
هادي العلي
الحوار المتمدن-العدد: 3149 - 2010 / 10 / 9 - 10:58
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
لا شك ان الدراسات التي قدمها ما دعي بمؤرخ العراق المعاصر حنا بطاطو هي من العمق والدقه ما لا يختلف عليه باحث فقد بدئها بمؤلفه الطبقات الاجتماعية في العراق ذلك " عام 1978, ولكن بمراجعه اوليه يبدو ان هذا العالم الغريب الاطوارعلى حد وصف احد المؤرخين له ليس بريئا في مذهبه عندما حاول ان يثبت العلاقه بين صراع الطبقات والصراعات الاثنيه واسقاطها على العراق اولا ومن ثم حاول اسقاطها على سوريه دون ان تتاح له الفرصه كما اتيحت له بالعراق. ان ما يثير التساؤل ان بلدان العالم لا تختلف عن ما هو حاصل من تبعيات قوميه وطائفيه في العراق فلماذا التركيز على العراق بشكل خاص لتفكيك تبعيات القاده السياسيين الاثنيه ومحاولة التعويل عليها لفهم الظواهر السياسيه ومن ثم تثبيتها على ايدي باحثين اخرين لتكون منطلقا في اعادة بناء العراق على اسس محاصصيه قوميه وطائفيه وما نشاهده الان من صراعات على السلطه بذرائع طائفيه واثنيه واضحه. من المعروف ان السنة او الشيعه في العراق ليسوا تيار سياسي او حتى مكون برلماني بل هم مكونات اجتماعيه فالناس بشكل رئيسي لايعتنقون المذهب لاغراض سياسية أو فئوية بل يبتغون بمذهبهم الشفاعة و رضوان من لله كل بطريقته اما التيارات السياسيه التي تدعي تمثيل الطائفه الدينيه فيريدون ان يصادروا اصوات المكونات الاجتماعيه لصالحم ويجيروا المذهب لخدمة طموح سياسي بائس. وفي الحقيقة انهم لايمثلون السنة او الشيعه كمذاهب توارثها الناس عبر الاجيال بل يمثلون انفسهم وارضاء لطموحاتهم ولامجادهم الشخصيه... فالحاكم الصالح المخلص لا يميز بين ابناء شعبه سنة وشيعة اذا اراد ان يكون حقا اهلا في خدمة الشعب لان مهمة الحاكم ان يخدم الناس في امورمعاشهم المشترك و امور معيشتهم وهذا هو اختصاصه وليس ان يكون قيما في امور دينهم التي يضطلع بها الرسل والاولياء لا الحكام ... فتقديم الخدمه الدنيويه هذا ما يريده الناس من الحاكم اما اذا انحرف الحاكم عن ذلك فانه حتما ليس سوى سلطة مستبده او طاغيه, اما هؤلاء المتصارعون برافع الدين او المذهب فليسوا سوى تجار مناصب ودعاة كراسي يخدمون مصالحهم وبئس الكراسي التي يلهثون ورائها باسم السنة او الشيعة فالدين او المذهب عندما يكون رافع او سلّم للوصول الى السلطه يفقد المجتمع وحدته وغايته الانسانيه ويلغي التنافس الحقيقي بين الفئات السياسيه في خدمة الحياة وتطورها وبالتالي يؤدي الى التخلف الدائم.... ان تمثيل السنه او الشيعه في الحكم والبرلمان اليوم هي بدعه اسس لها بعض الدارسين والباحثين بغرض او بدونه فهي تخدم الاحتلال والصهيونيه و بعض الحكومات والدول المجاوره الطامعه في العراق المتوافقه مع اطماع البعض من تجار السياسه والدين ومرتزقتهما ان ما اسس له البعض كحنا بطاطو وكنعان مكيه وآخرين هي خديعة انطلت على الكثير من المثقفين ..فالشعب يحتاج الى جماعات منظمه تتنافس على من يمثله وفق برنامج معد لخدمته وقائمون اكفاء على تنفيذ و عمل هذا البرنامج وليس الى شرذمة الشعب أداتها شراذم حثالات متصارعه اما القوميه فهي الاخرى انتماء لمكون تاريخي ما بعد التشكيلات القبليه وهي لاتعكس ابتغاء الناس هدف ديني وانما تاكيد واعلاء وجود ثقافه وتقاليد واعراف لذلك هي ليست مكون سياسي او برلماني , ان الوطنيه تقترب من القوميه الام وتتلاحم التشكيلات القوميه الاخرى مع القوميه الام في بودقة المعيشه المشتركه أي في الوطنية و بناء الوطن وهذا ما هو جاري في العراق وغيره من دول العالم ,اما التيارات السياسيه التي تدعي تمثيل قومية معينة دون غيرها فهي تعكس تعصب وعنصرية بعض الساسه وهم بهذا يريدون ان يصادروا اصوات الوجود القومي كوجود اجتماعي تاريخي لصالحم ويجيروا الامة لخدمة طموح سياسي بائس,وفي الحقيقة انهم لايمثلون القوميه التي توارث الناس الانتماء اليها عبر الاجيال بل يمثلون انفسهم وارضاء لطموحاتهم وربما لامجادهم الشخصيه... فالحاكم الصالح المخلص لا يميز بين ابناء شعبه عربي وكردي وتركماني او فارسي او بلوشي اذا اراد ان يكون حقا اهلا في خدمة الشعب لان مهمة الحاكم ان يخدم الناس في امور حياتهم ومعيشتهم وهذا هو اختصاصه وليس ان يكون قيما في امور وجودهم الطبيعي المفروغ منه تاريخيا والا فسيكون سلطة او طاغيه..كما يمكننا ان نتحدث عن شعار الوحدة العربيه فهي ليست غاية في حد ذاتها اذ ان الوحدة الحقيقيه هي وحدة معيشة وحياة مشتركه اولا.. فوحدة الدوله تفرضها عوامل تاريخيه داخليه وخارجيه اقليميه وعالميه ..انها وحدة مصير موضوعية قابلة لعدة اشكال من متغيرات الجغرافيه الحدوديه بالنقوص والازدياد وفق طببعة وموازين القوى الاقليميه والعالميه وهذا هو حال جميع الامم والمجتمعات البشريه فمشروع الوحدة الاوربيه مثلا جاءت تطورا تاليا تلى الوحدات القوميه للامم الاوربيه التي تحققت اصلا استجابة لمتطلبات حياتيه ومعيشيه فالوحدة الاوربيه فرضتها موازين القوى الاقليميه والعالميه ايضا اما الوحدة العربيه فلا زالت مشروع قوميه غير مهيئ الشروط المعيشيه والحياتيه وعندما تتهيئ تلك الشروط فانه سيتخذ صيغته وحجمه عبر مراحل التاريخ وربما يقفز بمداه ويتجاوز او ينتقص ليجزء وحدته القوميه الى وحدة اقليميه ..عليه فان شعارات التجزئه القوميه و الوحده القوميه سواء كانت عربيه ام كرديه لا يكون قاعدة منافسه سياسيه بحته او منافسه برلمانية فهي لا تعكس طبيعة المهام السياسيه للاحزاب اذ ان ذلك يتحقق عندما تحين بعد الشروط الموضوعيه ولذلك يصبح شعارات التجزءه القومي و الوحدة القوميه مجرد محاولة التفاف على مفهوم القوميه كواقع و كوجود تاريخي طبيعي وفي حقيقته هو ضرب للتلاحم القومي والوطنيه ومصادرة للاصوات. فتجزئة وتفتيت اوتحقيق وحدة قوميه تتجاوز الشروط الموضوعيه سوف تصطدم مع وحدة القوميات الاخرى داخليا وستؤدي الى التفتيت , او تصطدم خارجيا وتؤدي الى حروب بين الدول كما حصل في اوربا من حروب ادت بالتالي في مستوى من التطور الى حروب ذات دوافع استعماريه رغم ان وحدة قومياتها كانت بجزءها الاكبر تعبيرا عن وحدة معيشة وحياة مشتركه فرضت نفسها تاريخيا... ان معظم دول العالم مكونة من قومية أم وقوميات اخرى مشاركه او ربما اكثر من قومية واحدة أم وقوميات اخرى لكنها تتلاحم في العيش المشترك في اطار الوطن الواحد فالوطنيه لا تلغي القومية الأم ووجود اكثر من قومية أم لا تلغي الوطنيه لان الوطن الواحد حتمته ظروف معيشيه موضوعيه... وبالعوده الى موضوعنا وهو ما يعاني منه العراق فان الصراعات القائمه و ما يطرح الان في الساحه هو ليس فقط نتاج او انعكاس لمآثر نظام حكم دكتاتوري مستبد سابق وانما عن مخطط رهيب متعدد الوجوه هدفه التفتيت في خدمة هيمنة المصالح العالميه الكبرى جندت له العلماء والباحثين فضلا عن لوازم ومستلزمات اخرى. لذلك فان كثيرا من الشكوك والتساؤلات المشروعه تثيرها مؤلفات حنا بطاطو فهل كان الرجل في خدمة اهداف دوليه ام انها جاءت بالصدفة في خدمة تلك الاهداف
#هادي_العلي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
نحو فهم افضل لعلاقة الدين بالدوله الشرقيه
-
المآل العراقي ومسألة الاجتثاث- دعوه خالصه
-
الطائفية و الارهاب خندق واحد حتما
-
الفرصه التاريخيه للعلمنه في اجواء ضحالة الخديعه
-
حول البيان الشيعي الجديد تأملات وطنية يساريه في الصراع الطائ
...
-
علاقة المادية بالايمان والدين
-
علاقة الصراع الاجتماعي والفضيلة والتجديد
-
الايمان والدين في خندقين متقابلين
-
نحو يسارا مقارعا أولى الناس بالدين جوهرا
-
الدين والقوميه وفشل اليسار
المزيد.....
-
من قوته إلى قدرة التصدي له.. تفاصيل -صاروخ MIRV- الروسي بعد
...
-
نجل شاه إيران الراحل لـCNN: ترامب و-الضغط الأقصى- فرصة لإنشا
...
-
-لقد قتلت اثنين من أطفالي، فهل ستقتل الثالث أيضا؟-: فضيحة وف
...
-
كيم: المفاوضات السابقة مع واشنطن لم تؤكد سوى سياستها العدائي
...
-
الوكالة الدولية للطاقة الذرية تعتمد قرارا ينتقد إيران لتقليص
...
-
ZTE تعلن عن أفضل هواتفها الذكية
-
مشاهد لاستسلام جماعي للقوات الأوكرانية في مقاطعة كورسك
-
إيران متهمة بنشاط نووي سري
-
ماذا عن الإعلان الصاخب -ترامب سيزوّد أوكرانيا بأسلحة نووية-؟
...
-
هل ترامب مستعد لهز سوق النفط العالمية؟
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|