خيري حمدان
الحوار المتمدن-العدد: 3149 - 2010 / 10 / 9 - 09:51
المحور:
الادب والفن
قال لي صاحبي: ابتعد عنها يا فتى، ما زال أمامك ما يكفي من الوقت لتقوم بذلك! هي قادرة على نسفِ كيانك وامتصاص نهارك وعصائر غدك، هي قادرة على خلق حالة من عدم الاستقرار في كيانك البريء! ابتعد يا رجل، إنها امرأة عاصفة.
أمسكَتْ يدي ومرت بشفتيها على أطراف أصابعي، بقيت على تلك الحالة دهرًا من الزمن ويزيد، شعرت ببعض الدمع يتدفق من مقلتيها. همست قائلة:
- أخشى أن تنتهي هذه اللحظة، كم أتمنى أن أتوه في أتون جحيم رجولتك. رفعت رأسها وأطالت النظر في عينيّ. همست ثانية: أحبك دون تردد، أحبك دون شروط! كانت أصابعها تسبح في ثنايا شعري، كانت روحها تغني وتتسامى فوق هدير الوقت المتدفق دون رحمة في هنأة تلك اللحظة.
حاولت التخلّص من قبضة أنوثتها العارمة. كنت أخشى لحظة التوحد هذه أن تطول، كنت أرغب في الانعتاق من المشاعر الإنسانية الجارفة وكانت هي بمثابة امرأة – عاصفة. حزنت كثيرًا حين أبعدت يدها وقلت لها موعدنا لن يطول، سألتها إذا ما كانت ستنتظرني لنشرب قهوة العصر يومًا ما حين أدق باب بيتها. أقسمت بأنها ستنتظر العمر كله، لحظة رنين جرس الهاتف ستكون لحظة ولادتها الأخرى. قالت بأنها لن تشم رائحة القهوة دون حضوري أبدًا. قالت الشيء الكثير .. صدقتها ومضيت.
غبت لفترة زمنية قصيرة، باختصار .. كنت بالجوار!
لم تلتق عينانا، أدركت بحاستي الرجولية بأنها تناولت الكثير من قهوة العصر، أدركت أيضًا بأنها لثمت أطراف أصابع الكثير من الرجال. كنت أنا جزءً من موعد آخر، كان لا بدّ منه لتروي ظمأ شرايينها للعشق والحياة، كنت باختصار مشروع قصة حبّ واعدة، محاولة لطرد السأم من خيالها الرحب، لهذا لم أستمع لكلمات صاحبي. كان يعني ما يقول حين وصفها بأنها امرأة عاصفة.
علمت لاحقًا بأنّها عصفت بكيانه من قبلي، كان هو في تلك اللحظة كتلة بشرية مزرية ومثيرة للشفقة، كان يبدو وحيدًا ومفجع القلب مثلي تمامًا بعد أن فقدت رفيقة قهوتي عند العصر أو بعد ذلك بقليل. ما أجمل الكذب مصحوبًا بلحظة صدقٍ عابرة .. تُرى، متى ستكذبين مجددًا؟ متى ستلثمين أطراف أصابعي في لحظة هاربة من قاطرات التيه؟
#خيري_حمدان (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟