|
متى نستحق الديمقراطية
وليد حسين علي الجنابي
الحوار المتمدن-العدد: 3146 - 2010 / 10 / 6 - 23:44
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
مصطلح شاع صيته في أرجاء المعمورة وخاصة في ظل العولمة ففي جميع البلدان تدعي انظمتها السياسية انها ديمقراطية قلبا وقالبا فاين الحقيقة و من يستحق هذا العنوان العالمي الكبيرواي شعب تستحقه الديمقراطية ويستحقهاواي مواطن يستحق ان يمارسها ويعيش في كنفها.. سؤال كبيرجدا ويستحق التوقف والتمحيص للاجابة عليه.. من الطبيعي ان الديمقراطية الحقيقية ترفض تلك الادعاءات وخاصة المجتمعات التي تدعي انها ابتكرتها لاشيء سوى لان لااحد يستطيع اثبات ادعاءه بأنه ابتكرالديمقراطيه ولااحديستطيع ان يدعي بانه مثالي في تطبيقهالانها نتاج وجهادوكفاح شعوب المعمورة باسرها ضدمختلف الظلم والطغيان والديكتاتورية على مر التاريخ ولوتفحصناالتاريخ بدقة لاتضح لنا بان الديمقراطية اوجدتها الحضارة اليونانية لانها حصرت جهدها في درس الانسان ومكامنه واعتبرته محوراهتمامها بينما لم تولي بعض الحضارات لاهمية الديمقراطية السبب بسيط هوعدم اهتمامهابالانسان ومعطياته بشكل جدي وركزت جل اهتمامهابالقوى الاخرى..ومع كل ذلك فالديمقراطية هي وليدة الحضارات الانسانية كافة بشكل او باخرمن خلال التراكم والعطاء المتبادل بين مجمل الحضارات.. ومن شروطها سيادةالنظام على الفوضى والاستقرارعلى الاضطراب والعمل الواعي المنظم على التسيب واللامبالاة والوعي على الهمجية وهذالايتم الابوجودالنظام السياسي المستقر المتطورو الواعي لدوره ومصالح شعبه والذي يسهم في خلق المواطن الصالح للوطن وللشعب ويضمن العدالة الاجتماعية والمساواة ويكفال الحريات العامة ويحترم حقوق الانسان كل ذلك في حدودالقانون ..
ان البناء الديمقراطي له اسسه وضوابطه ولكل بلد له ظروفه وخصوصيته بذلك وفي العراق ومنذتاسيس الدولة العراقيه الحديثة عام1921تعاقب على حكم العراق الكثيرمن الانظمة السياسية المتبابنة والمختلفة في رؤيتها السياسية وفهمها للواقع السياسي العراقي وابعاده فكان العهدالملكي الممتدمنذعام1921لغاية عام1958 فكان هناك نزريسيرمن الديمقراطية التي في حقيقتها كانت سطحية لم تبنى على أي اساس ولم تعالج المشاكل الاساسية للبنية الاجتماعية العراقية كانت ديمقراطية الاقطاع المتسلط والمتنفذفي الحكومة والبرلمان المتعسف بحقوق الطبقات الكادحة والمعدمة و يسيره الكونترول البريطاني المحتل.. كان الشيخ والسركال والثري وبطانة الاحزاب السياسية المتنفذة والمحتمية بعباءة الاحتلال هم المتحكمون والمتنعمون اما الشرائح المعدمة فكانت تعاني من الاضطهادوالاستعبادوالاحتقاروالاستغلال والكدح من اجل لقمة العيش دون مقابل
وبعد قيام ثورة 14تموز1958اتجهت الثورة الى الشروع باجراءات بسيطة في طريق الديمقراطية وكان استمرار التعددية السياسية وتطويرها احدسماتها وكان ذلك بمثابة نهجا وطنياديمقراطيانوعيا الا ان الصبغة السائدة انذاك كانت صبغة الديكتاتورية والتسلط العسكري والصراع بين الاحزاب القوميه والاحزاب اليسارية والاحزاب الدينية ولو بشكل اقل وكذلك بين العسكريين ممن ساهمو بالثورة كما تحولت الديمقراطية الى ديمقراطية الحبال والسحل والاعدام في الشوارع مما ادى ذلك الصراع الى وادالديمقراطية في مهدها
وبعدانقلابات 8شباط و18تشرين ثاني عام 1963و17تموز1968 اثبت الانظمة السياسية المتوالية للعالم بانها لاتعرف معنى الديمقراطية لابالاسم ولابالممارسه او التطبيق وحتى الشعارات السائدة كانت تحقن الشارع العراقي بالاساليب الدموية وتصفية الحسابات السياسية والانتقام الشخصي والحزبي والثاري هو السائد بعد احتلال العراق جلب الامريكان مفهوما قديما بغلاف جديد هي الديمقراطية المسلفنة من المطابخ الاجنبية المدهلزة الى شعب قد يفهم الديمقراطية على انها موضة لايام تتمثل بحرية النهب والسلب والقتل وتزوير الانتخابات وفق الامزجة وهنا يستحضرني حديث لامراة مسنة في بغداد كانت تجمعني معها مع مجموعة متنوعة من الركاب في منتصف نيسان 2003اي بعد دخول الامريكان بايام سألت هذه الامراة المسنة والبسيطة مامعنى الديمقراطية اجابها احد الركاب تعني انتخاب حكومة ورئيس كل 4 سنوات فضحكت ببراءة وقالت يعني سلب ونهب كل 4 سنوات ..لم يكن جواب هذه الامراة مغالطا للصواب بل على العكس كانت تعبر عن حقيقة تاريخية في نفس بعض العراقيين
ان مفهوم الديمقراطية في بلادنا مازال غامضابسبب سوءفهم الديمقراطية وتعثرتطبيقاتهاواثرة الاحزاب السياسية الحاكمة والمتحالفة معها على القرار السياسي الهش .. فلايمكن ارساء الديمقراطية مع وجودالفقروالجهل والمرض والتخلف والقتل والارهاب ولايمكن تحقيق اية دمقراطية حقيقية قبل بلوغ القدرة على العيش والتهذيب الخلقي والسباسي عندذلك ترتقي مسلماتنا الى الايمان بها والعمل على تحقيقها وصيانتها ان بلدنا العراق في طورتحويلي وستبقى كذلك حتى نتقدم ونتعمق في فهم الديمقراطية ونصبح من عقلية القرن21لذا يجب ان نكون صبورين وواقعيين عندحل مشاكلنا باتجاه الوصول صوب النظام الديمقراطي وان نسعى حثيثا دون أي تسرع ولكن بهمة وحزم لان ذلك النظام ليس سلعة تشترى اوتستوردبين ليلة وضحاها بل هو ثمرة جهادشعب جد ونال العلم والمعرفة والرقي وعانى الحروب والويلات وقارع الاستبداد والديكتاتورية والاحتلال..اما كيفية اندماج اوسع الجماهيرالشعبية في الممارسة الديمقراطية و تحقيق اوسع مشاركة شعبية على مستوى التصويت او الترشيح والسهام الواسع في القرار السياسي من خلال التعددية السياسية والحزبيةوالانتخابات الحرة التي تمكن من التداول السلمي للسلطة واحترام حقوق الانسان وهذا يعتمد على تهيئة البيئة الصالحة للعمل الديمقراطي وانضاج الوعي السياسي من خلال بلوغ المواطن واكثرية الشعب حدا معينا من الرقي الفكري والرفاه الاقتصادي والضمان الاجتماعي ولو نسبيا
ان النظام الديمقراطي الحقيقي هو الذي يبني دولة المؤسسات و يعطي للشعب حق اختيارممثليه وتشكيل المجالس الحكومية المركزية والمحلية منها والتي تنبثق منها حكومة وطنية يتجسد فيها صوت الشعب من خلال الأكثرية السياسية الوطنية وليس الطائفية او العرقية وتكون محدودة المدة
ومن العوامل الهامة التي تسهم في انجاح الديمقراطية هو عامل المعرفة وهو اعتمادالبناء المعرفي بالديمقراطية وحقوق المواطن حيث يساعدعلى ايقاظ الوعي السياسي والوعي السياسي يقودنا بدوره الىالى بناءديمقراطية حقيقية كما يجب احترام حقوق الاقلية التي لايجوز ان تدوسها الاغلبية بحجة الاستفتاءالعام ومن العوامل الهامة ايضا في نضج الديمقراطية تنظيم وتقوية معارضة برلمانية قوية تحاسب وتراقب اعمال الحكومة (وليس مصطنعة في السلطة)كي تبرز الى الميدان السياسي بحرية كما ان استقلال القضاء عن المداخلات السياسية وحياديته من اهم الاسس التي تسهم في انجاح الديمقراطية ان من اولى شروط الديمقراطية الحقيقية هي الانتخابات ومن اهم شروط الانتخابات احترام الاستحقاق الانتخابي الذي نصت عليه معظم الدساتيروالاعراف في العالم ..فالحزب السياسي اوالكتلة اوالقائمة التي تحصد اكثرالاصوات واعلى المقاعد تكون هي الفائزة في الانتخابات وهي التي تشكل الحكومة ..هذا مامعمول به في ارقى وادنى ديمقراطيات العالم وهذا مقياس هام لممارسة الديمقراطية ونجاحها وضمان استمراريتها وخاصة في البلدان وليدة الديمقراطية ووليدة الانتخابات ..وان عدم احترام ذلك هو وأد لاية ديمقراطية وافراغها من مضمونها الحقيقي واستخفاف بحقوق الناخب والمواطن على حد سواء ووضع البلاد في طريق المجهول والضياع وتاسيس سابقة خطيرة في مستقبل الديمقراطية والانتخابات للمراحل القادمة ولنا موضوع مفصل اخربهذاالخصوص..
#وليد_حسين_علي_الجنابي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
-معاد للإسلام-.. هكذا وصفت وزيرة داخلية ألمانيا المشتبه به ا
...
-
-القسام-: مقاتلونا أجهزوا على 3 جنود إسرائيليين طعنا بالسكاك
...
-
من -هيئة تحرير الشام- إلى وزارة الخارجية السورية.. ماذا تعرف
...
-
جزيرة مايوت المنسيّة في مواجهة إعصار شيدو.. أكثر من 21 قتيلا
...
-
فوائد صحية كبيرة للمشمش المجفف
-
براتيسلافا تعزز إجراءاتها الأمنية بعد الهجوم الإرهابي في ماغ
...
-
تغريدة إعلامية خليجية شهيرة عن -أفضل عمل قام به بشار الأسد
...
-
إعلام غربي: أوروبا فقدت تحمسها لدعم أوكرانيا
-
زعيم حزب هولندي متطرف يدعو لإنهاء سياسة الحدود المفتوحة بعد
...
-
أسعد الشيباني.. المكلف بحقيبة وزارة الخارجية في الحكومة السو
...
المزيد.....
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
المزيد.....
|