أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - نضال نعيسة - أنا طائفي إذاً أنا موجود














المزيد.....

أنا طائفي إذاً أنا موجود


نضال نعيسة
كاتب وإعلامي سوري ومقدم برامج سابق خارج سوريا(سوريا ممنوع من العمل)..

(Nedal Naisseh)


الحوار المتمدن-العدد: 3146 - 2010 / 10 / 6 - 11:23
المحور: كتابات ساخرة
    


شتان كثيراً بين ما قاله الفيلسوف والعالم الفرنسي الكبير ديكارت حين قال أنا أفكر إذن أنا موجود، إذ قرن ما بين التفكير والوجود الإنساني، فما يميز الإنسان هو التفكير، وجاء في القرآن القول: ﴿مَا لَكُمْ لَا تَنطِقُونَ﴾ الصافات 92، وقديما قال إفلاطون أيضاً الإنسان حيوان ناطق، أي يفكر وينطق ، نقول شتان بين ذاك وما هو جار اليوم على ساحة هذه البؤرة الشرق أوسطية المنغلقة على ذاتها حيث لا يوجد أي نوع من العقلانية والتفكير مع هذا الجنون والسعار الطائفي المقيت، وحيث بات الكل يصدح بخطاب طائفي وحيث أصبحت الطائفة هي الملاذ للإنسان، بدل الأوطان كما هو مفترض.
ولم يعد مكان للخطاب الوطني، ولم يعد هنا أدني حيز للتفكير العقلاني والمنطقي والإنساني ببعده الأشمل والأسمى والأرقى والأمثل. وصارت الهويات الانتماءات، وكذا، التفكير، والميول والتطلعات طائفية بامتياز وصارت دول الطوائف وغيتوهاتها أمراً واقعاً في غير مكان. إذ لم يعد من باب العجب أن يكون ذاك المفكر يمثل الطائفة الفلانية، أو يكتب بخطاب طائفي، أو أن تكون الأحزاب طائفية بحتة وتدعو لدول الطوائف والخلافة بدل الذوبان في الدول الوطنية، وليس من قبيل التشاطر والتذاكي التذكير بطائفية المعارضات الشهيرة، وبطبيعة الاصطفافات الجارية على الساحة اليوم. وليس من قبيل العجب، أو المستغرب، أن يصبح داعية كويتياً شيعياً أقرب لإيران، مما هو أقرب وطنه الكويت، كما ليس من قبيل الغرابة أن يصبح تياراً لبنانياً أقرب إلى السعودية من كل ما هو موجود من مكونات وطنية على الساحة اللبنانية، بل يجد في انتمائه للسعودية عامل أمان وفخر أكثر من انتمائه اللبناني. كما هو الحال بالنسبة للأحزاب العراقية، الأكثر من الهم على القلب هذه الأيام، التي شطبت "العراق" الوطن من أجندتها، ومن سلم أولوياتها وصارت خياراتها، وشعاراتها، وبرامجها طائفية بامتياز. ولقد كانت تصريحات الأنبأ بيشوي طلقة الرحمة على رأس الوطن المصري بشكله التقليدي المعروف، كما كانت تصريحات مواطنه الإخواني سابقاً عن المسلم الماليزي الذي هو أحب وأقرب إلى قلبه من أي قبطي مصري، وربما كانت تصريحات الأنبأ بيشوي رداً قبطياً، غير مباشر ومتأخرة جداً، وفي غير زمانها ومكانها، ومع عدم تبريرها بحال، ورفضها بالمطلق في كل الأحوال، على الاستفزاز الإخواني الشهير. ولكن السؤال المنطقي، والفيزيائي الذي يحكم الكون الفسيح، أليس لكل فعل رد فعل؟
وسط هذا الضجيج الطائفي الممنهج، والمدار بمهارة واقتدار وحرفية، وبتحكم عن بعد، من وراء المحيط الكبير، تضيع كل الأصوات العقلانية، وسط هذا الضخ الطائفي الهادر العنيف، وكأن ثارات الأربعة عشر قرناً الماضية، صحت اليوم على حين غرة، لتظهر عمق التشرذم البنيوي لهذه المجتمعات، والحجم المهول للكبت المزمن الطائفي.
قدر الطائفة والانتماء المذهبي يتلبس الجميع فغابت، عندئذ الدولة الوطنية وغاب الانتماء الوطني. فمن هو الذي يقول اليوم أنا مصري، أو سوداني، أو عراقي، أو سعودي، وكويتي ولبناني، أو يفخر بانتمائه الوطني؟ وحين تسمع عن أي نجم مجتمعي، أو عالم، أو فنان، أو أي مبدع، أو حتى "راقصة" في هذا الأتون الجهنمي، سرعان ما يأتيك السؤال الشيطاني، ما هي طائفته/ا؟ وما هو انتماؤه/ا المذهبي؟ وحين تعجب بسين أو عين، يأتيك صوت أحدهم" "ولكنه كذا، أو كذا، أو ذيّاك" مما يتفتق عليه ذهنه الطائفي العبقري، أي أن هذا الانتماء حاجز بينه وبين حب الآخر الوطني؟ وحين ساقتنا أقدارنا المرة والقاهرة للعمل بما يسمى بالدول العربية كان رهط من أصحابنا وأبناء "وطننا" متفرغاً لتعريف الآخر "العربي" بانتمائنا الطائفي المذهبي وكأنه حقق الفتح المبين وأسقط فريضة واجبة عن المؤمنين.
بكل أسف وحسرة، لم يعد المرء يجد مكاناً له خارج القبيلة، والعشيرة والطائفة، حتى لو حاول هو ذلك، وأراد التخلص من هذا "الثوب" البدوي المريب، وحتى لو لم يرد ذلك لنفسه. وأصبح الشعار الوحيد، المرفوع في سماء المنطقة، أنا طائفي إذن أنا موجود. أنه السقوط والانهيار المجتمعي.
والسؤال الأخير إلى أين تذهب هذه المجتمعات وإلى أين يمضي هؤلاء المجانين؟ بالطبع ليس إلى الفردوس أوالنعيم الإلهي المقيم، كما يتخيل بعض الحالمين، بل إن الجميع، ذاهب، ولا محالة، إلى الجحيم، ولا يوجد "ناج" وحيد منه، وكل الحمد والشكر لرب العزة العظيم.



#نضال_نعيسة (هاشتاغ)       Nedal_Naisseh#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لا لمرجعية أو مجلس للطائفة العلوية
- ابشر بطول سلامة يا خلفان
- تدجين الخطاب الديني: ماذا بعد دروس الداعية الكويتي ياسر الحب ...
- سورية والعنف المدرسي: الواقع والآفاق
- إيران والعرب: المقارنات المستحيلة
- بيل غيتس وأثرياء العربان
- فضيحة الإهرام: السقوط التاريخي للإعلام الرسمي العربي
- تراجع القس فلماذا لم يتراجع الإمام؟
- خرافة الديمقراطية الإسلامية
- إزعاج الكنائس وأصوات الآذان وتفاعلات القراء
- لماذا لا توضع موسيقى بدل أصوات الآذان؟
- خطأ التقديرات: هل يدفن مسجد قرطبة أحزان 11 سبتمبر؟
- خرافة نظرية المؤامرة على العرب
- عبودية الرومان وعبودية العربان2
- عبودية الرومان وعبودية العربان
- هل يشهر ميشيل كيلو إسلامه؟
- في سجال الدراما التلفزيوينة
- هو ليس بإله يا صديقتي
- الهلال والنجمة كرموز وثنية؟
- أوقفوا عرض مسلسل القعقاع بن عمرو التميمي


المزيد.....




- فيلم -سلمى- يوجه تحية للراحل عبداللطيف عبدالحميد من القاهرة ...
- جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس ...
- أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
- طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
- ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف ...
- 24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات ...
- معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)
- بيع لوحة -إمبراطورية الضوء- السريالية بمبلغ قياسي!
- بشعار -العالم في كتاب-.. انطلاق معرض الكويت الدولي للكتاب في ...
- -الشتاء الأبدي- الروسي يعرض في القاهرة (فيديو)


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - نضال نعيسة - أنا طائفي إذاً أنا موجود