|
الأصل في الاسلام هو العنف
زينب رشيد
الحوار المتمدن-العدد: 3145 - 2010 / 10 / 5 - 04:40
المحور:
مقابلات و حوارات
أجرى الحوار منصور الحاج واشنطن- آفاق - السؤال الأول ذو شقين، أولا من هي زينب رشيد؟ وثانيا أنت تعيشين في رام الله، كيف تكونت شخصيتك "المثيرة للجدل" في ظل المناخ الضاغط الذي تعيشه المرأة في الدول العربية، وما الذي يدفعك لكتابة ما تكتبين؟
اسمي زينب رشيد، انسانة فلسطينية عشت وعانيت كل ما تعيشه وتعانيه المرأة الفلسطينية، رغم اني نشأت في بيت يمنح الأنثى هامشا واسعا من الحرية قياسا مع ماهو سائد. إن معاناة المرأة الفلسطينية هي معاناة مزدوجة: اجتماعية من مجتمع ذكوري ما زال يتعامل مع المرأة بوصفها كائنا قاصرا وناقص الاهليه، وبالتالي فهي تحتاج الى وصيا عليها ربما يكون جاهلا بما لا يقاس، و معاناة من الاحتلال من جهة، ومن سلطة وطنية، نظام عملها أقرب لأسلوب العصابات منه لأسلوب المؤسسات، قبل أن يتحسن أداؤها في السنوات الثلاث الأخيرة.
"الصحوة الدينية" ... ردة أخلاقية تفتحت عيناي مع بدايات ما يسمونه ب"الصحوة الدينية"، وما أسميه أنا وبمنتهى الصراحة ردة أخلاقية وقيمية شاملة طالت كل مناحي الحياة، وبالتأكيد فان الانعكاسات السلبية لهكذا ردة تمس المرأة أولا بحيث تكون الخاسر الاكبر، تجلت بانتقاص حقوقها المنقوصة أصلا ومن مكانتها التي وصلت اليها في المجتمع بفعل التداعيات الايجابية للعصر الليبرالي الذهبي التي عاشته المرأة العربية في أكثر من بلد عربي في النصف الأول من القرن الماضي وامتدت آثاره حتى نهاية السبعينيات وبداية الثمانينيات من القرن ذاته، حيث بدأت الردة الشاملة كما ذكرت. لو كنا نتطور كغيرنا من المجتمعات لما أصبحت كتاباتي مثيرة للجدل لو كانت الأمور تسير بشكل طبيعي في مجتمعاتنا، ولو أن هذه المجتمعات تتطور كما يتطور العالم، وتنظر بعين هذا العالم - لا بعين القرن السابع الميلادي - لدور المرأة والرجل والدين والسياسة وكل شيء لما كانت زينب رشيد وزميلاتها مثيرات للجدل. اننا نكتب لكي نكون كغيرنا في هذا العالم، فلا نظل قابعين في مستنقع التخلف والعيش على اوهام ماض لا أرى فيه من المجد شيئا، إلا اذا كان المجد يعني في قاموسهم بحور من الدماء وأساطير يلقنونها للصغار والكبار على انها حقائق، وهم كذلك للأسف.
- في آخر مقال لك أكدت للجميع أنك فلسطينية، ويرى كثيرون أن كتاباتك صادمة ومعادية للإسلام برأيك ما الذي يدفع الناس في التشكيك في فلسطينيتك واتهامك بمعاداة الإسلام؟
يشكك العرب في هويتي لأنهم لم يعتادوا من الفلسطيني الا المواقف السلبية شكل الفلسطيني وعلى الدوام حالة تصادمية مع أغلب الدول العربية التي تواجد فيها لاجئا أو مقاوما، من خلال مواقف غريبة لا تنسجم مع الحد الأدنى من مقتضيات المصلحة الوطنية الفلسطينية، ولا حتى مع أصول الضيافة. ورغم النكسات المتتالية التي أصابت مسيرة العمل الفلسطيني، إلا أن الفلسطيني استمر على قناعته التامة بصوابية مواقفه سواء في الاردن، أم في لبنان، أم في الكويت والعراق لاحقا، وكذلك مجمل المواقف من شؤون الحياة المختلفة، والدين في مقدمتها، حيث يعتبر الفلسطيني نفسه وللاسف الشديد أكثر ايمانا من غيره من المسلمين بوصفه عنصرا متقدما في معركة دينية يخوضها ضد اليهودي المغضوب عليه ستستمر حتى قبيل قيام الساعة بقليل. عندما تنتقد زينب رشيد كل تلك المواقف، لا بد لهم من التشكيك في فلسطينيتها، وصولا الى تأكيد بعضهم على اني يهودية أصلا وفصلا، وهو ما أتلقاه بشكل يومي عبر بريدي الالكتروني، وكذلك من خلال بعض التعليقات على مقالاتي المنشورة، وهذه الاتهامات تلقاها كل فلسطيني وفلسطينية تجاوزوا على البديهيات الفلسطينية البلهاء التي جعلها شعبنا وقادة شعبنا مقدسات وثوابت لا يجب حتى مجرد التفكير في تجاوزها.
عندما أذكر سلبيات العمل الفلسطيني في الاردن، والتجاوزات الكبيرة التي حصلت في لبنان ووصلت في بعض الاحيان الى ارتكاب المجازر، والتدخل في الشؤون اللبنانية جميعها حتى الحياتية منها، ومحاولة فرض سلطة الامر الواقع وانشاء دولة فلسطينية داخل الدولة الاردنية واللبنانية، فمن الطبيعي أن تشكك الغالبية التي ساهمت وشاركت وأيدت وصفقت لذلك بهويتي الوطنية والدينية. عندما أعارض الموقف الفلسطيني العبثي واللا انساني من احتلال ديكتاتور العراق النافق لدولة الكويت ومحاولته ضمها، وتشريد شعبها ونهب ممتلكاتها، فلا بد أن يشكك في هويتي غالبية الفلسطينيين الذين ما زالت يرون في صدام حتى اليوم شهيدا ورمزا على الرغم من مئات المقابر الجماعية التي تم اكتشافها على امتداد كل مساحة العراق.
عندما ادين جريمة سبتمبر الارهابية لا بد أن تشكك في هويتي الوطنية والدينية غالبية احتفلت ورقصت ودبكت وطبلت للجريمة ومرتكبيها، بل أكثر من ذلك وزعوا حلاوة الكنافة النابلسية الشهيرة في كل من الضفة والقطاع فرحا بالجريمة. عندما أوجه سهام نقدي لنصوص دينية يستخدمها الفلسطيني وغيره من المسلمين لاسلمة فلسطين وقضيتها مما يجعلها عصية على الحل، ونصوص ما زال الفلسطيني يقتل اخوه ويكفره ويخونه باسمها، ونصوص شكلت وما زالت غطاء لنفاق اجتماعي رهيب يعيشه مجتمعنا والمجتمعات الاخرى، فمن الطبيعي ان يتم التشكيك بهويتي الوطنية والدينية. اما بالنسبة لتشكيك العرب في هويتي، فهذا عائد الى انهم لم يعتادوا من الفلسطيني بشكل عام الا المواقف السلبية، وهم على حق في ذلك تماما، على الرغم من وجود أصوات فلسطينية لا بأس بها ضد التيار الفلسطيني السلبي العام السائد.
فلسطين ليست القضية المركزية للعرب والمسلمين - الملاحظ في مقالاتك أنك لا تركزين على الشأن الفلسطيني فقط – وهو حال غالبية الكتاب الفلسطينيين - بل تتطرقين إلى مواضيع عامة من قبيل الإسلام والصراع بينه وبين الحداثه، لماذا تتناولين هذه المواضيع؟
هناك اتجاه عام ما زالت الغالبية على المستوى الفلسطيني والعربي والاسلامي تحاول ترسيخه ونجحوا في ذلك الى حد كبير، وهو ان فلسطين هي قضية العرب والمسلمين المركزية، وهي أكبر المآسي والمصائب الانسانية، ومع تقديري لحجم مآساتنا الفلسطينية وتوابعها الكارثية على الانسان الفلسطيني، إلا انها ليست أكبر المآسي، فمآساة العراق وشعبه مع نظام صدام البائد، ومن بعده مع جحافل الانتحاريين المسلمين هي أكبر من مأساة شعبنا بما لا يقاس من جميع النواحي، ومآساة السودان وشعبه خاصة أهل دارفور مع نظام المجرم عمر حسن البشير هي أكبر بما لا يقاس أيضا من قضيتنا، وكثير من القضايا التي أرى بأنه من واجبي الاخلاقي والانساني تسليط الضوء عليها والكتابة عنها. و كوني فلسطينية فأنا أمارس الحد الأدنى من فعل رد الجميل لتلك الشعوب التي وقفت على الدوام بجانب قضيتي، واضافة لقضيتًي العراق والسودان فان هناك العديد من القضايا العامة التي تستحق من جميع الكتاب الكتابة فيها وحولها. أما الكتابة حول الاسلام وصراعه ليس مع الحداثة فحسب، وانما مع كل ما هو مختلف سواء كان منظومة فكرية أو عقائدية أو حضارية، يأتي من أهمية الاسلام وحجم المساحة التي بات يستحوذ عليها في مجتمعاتنا، فقد تم أسلمة كل شيئ. لقد عملوا على أسلمة السياسة والثقافة والاقتصاد حتى أصبحت مجتمعاتنا وكأنها تعيش في مضارب قريش في مكة قبل ما يزيد على اربعة عشر قرنا. على المثقفين التصدي للنصوص الدينية معركة المثقفين الأساسية اليوم هي مع النصوص الدينية ومن يتاجرون بها، وهذه المعركة يجب أن لا تتوقف الا بالوصول الى نتيجة واحدة لا غير وهي علمنة الدولة والمجتمع، مما يعني فصلا كاملا للدين عن كل شؤون الدولة. العلمانية تتسع للجميع بينما الدين لا يتسع حتى لأبناء المذهب الواحد، فكم سني قد تم تكفيره من قبل سني آخر يحتكر الحق والحقيقة، ويجعل من نفسه وكيلا حصريا ووريثا شرعيا لله في الارض. - عارضتي بناء مسجد قرطبة في نيويورك وسميته مسجد "ضرار" إلى ماذا تُرجعين إصرار الامام فيصل عبد الرؤوف على بناء المسجد وفي ذلك الموقع بالتحديد؟
سأفترض حُسن النية عند الامام عبد الرؤوف ومن يقف معه وخلفه، وأتفق معه على أهدافه المعلنة بأن الغرض من بناء المسجد أو المركز الاسلامي في هذا المكان بالذات هو محاولة منه ومن معه للتقريب بين المسلمين عامة والشعب الامريكي، وطي صفحة سبتمبر الأليمة، والتأكيد على ان الاسلام دين محبة وسلام وقابل للتعايش المشترك مع الأخرين. دور عبادة لغير المسلمين في السعودية؟ هذا يعني ان كانت النوايا صافية وسليمة لدى الامام ومن معه أن يغلقوا ملف مسجدهم مع أول ردة فعل سلبية لمواطن أمريكي سواء كان من أهالي ضحايا جريمة سبتمبر أو غيرهم، لا أن يتغير الحديث من أساسه ويصبح حول أحقية المسلمين حالهم حال أي أتباع لأي ديانة في بناء مراكز عبادتهم وممارسة شعائرهم الدينية كما يضمن ذلك وبمنتهى الوضوح الدستور الأمريكي.
ان مجرد الحديث عن بناء مسجد بالقرب من "غراوند زيرو" هو لا مبالاة تصل الى حد احتقار أرواح الضحايا الذي سقطوا في سبتمبر على أيدي مجموعة من الشباب المسلم. ثم وقبل ذلك وللتدليل على سماحة الاسلام ورحابة نصوصه لا بد من السماح أولا لغير المسلم أن يبني دار عبادته في الدول الاسلامية وعلى وجه التحديد في مهد الاسلام السعودية. هكذا نبرهن على سماحة الاسلام ونفند أي علاقة للمجموعة الارهابية التي ارتكبت جريمة سبتمبر بالاسلام، أما محاولة الاستفادة من دساتير الغير لبناء مساجد فهو برهان على سماحة الاخر وليس على سماحة الاسلام.
أمر آخر لا بد من ذكره الان ردا على سؤالك، وهو ان الامام عبد الرؤوف سيحصل بالتأكيد على أكثر بكثير من المائة مليون دولار المطلوبة لبناء المسجد، وسيتبرع كثير من فقراء المسلمين حتى بقوت يومهم من أجل البدء ببناء المسجد، لانهم يعتبرون بناء المسجد غزوة يجب أن يحقق فيها المسلمين نصرا يرسخ النصر الذي تحقق في غزوة منهاتن الأولى، انها غزوة منهاتن الثانية بمعنى آخر.
- نشرت موقع قناة "العربية" خبرا عن مسجد يعتزم مسلمون بناءه في منطقة نائية بكندا يبلغ عدد المسلمين فيها 80 مسلما بتكلفة تقارب المليون دولار. وفي لقاء مع العربية قال الطبيب السعودي المسؤول عن المشروع أن بناء المسجد هو بمثابة "فتح إسلامي سلمي" لرفع راية لا إله إلا الله محمد رسول الله. ما تعليقك؟
حقيقة الوضع ان المسلم لا يستطيع الوصول الى تلك الأماكن بسيفه، وهو ما تدعو اليه النصوص وما تحض عليه، وما يسمى شرعا بجهاد الطلب الذي هو قتال الكافرين في ديارهم حتى يصبحوا مسلمين أو يدفعوا الجزية، وهو فرض كفاية يُستحب مرة كل عام على الأقل ويثاب صاحبه عليه ويؤجر أجرا عظيما، أما تاركه فيكفي أن أذكر الحديث الذي يقول بأن من مات ولم يغزو أو يُحدث نفسه في الغزو فقد مات على شعبة من النفاق.
بناء المساجد جهاد من نوع آخر بما ان موازين القوى لا تسمح له بممارسة شعيرة جهاد الطلب والوصول الى تلك الأماكن بالسيف فلا بأس من نوع آخر من الجهاد يحقق وصول المسلمين الى أقاصي بلاد الكفار بطريقة أخرى تسمح بها قوانين تلك البلاد حتى الأن على الأقل، وهي بناء المساجد مما يحقق شكلا النتيجة المطلوبة وهي رفع راية الله أكبر. شخصيا لا أستطيع أن أفهم استماتة المسلمين على بناء مساجد نائية خاوية لا معنى لها إلا في هذا السياق، وهذا ما ذكره الطبيب السعودي المسؤول عن المشروع بصراحة مطلقة. الملايين التي تهدر على تلك المساجد يحتاجها المسلم ليسد بها جوعه، وتحتاجها الدول الاسلامية لأغراض التعليم والتنمية وتجاوز حال التخلف والانحطاط التي تعيشها معظم تلك الدول.
أوقفوا اسلمة القضية الفلسطينية إذا أردتم نهاية للصراع - تتذرع الأنظمة العربية بالصراع العربي الإسرائيلي لعدم إجراء إي إصلاحات ديمقراطية، وانت ترين أن حل القضية الفلسطينية سيتحقق بعد التخلص من الأنظمة الديكتاتورية وبناء الدولة المدنية العلمانية في الوقت الذي نرى فيه سيطرة الإسلاميين على مقاليد الأمور في معظم الدول العربية وواقع الحال يقول إنهم سيفوزون كما فازت حماس في أي انتخابات نزيهة، ألا ترين أنك أخطأت في تحليلك؟
الواقع أن هناك نزاعا عربيا اسرائيليا، وليس صراعا كما ردد ومازال على الدوام اعلام جبهات الصمود والتصدي والممانعة، وتذرع الأنظمة العربية الديكتاتورية بهذا النزاع ومتطلباته وضروراته عندما يتم طرح مسائل الديمقراطية والتعددية وتداول السلطة هي حقيقة تؤكدها الكثير من الدلائل. أبرز هذه الدلائل سعي هذه الأنظمة لاستخدام القضية الفلسطينية ما استطاعت من خلال التلاعب والتحكم واستخدام أطراف فلسطينية تؤجج النزاع ولا تترك فرصة الا وتغنتنمها كي تخرب على جهود السلام كما رأينا في مع بداية الجولة الأخيرة من المفاوضات الفلسطينية الاسرائيلية، فحركة "حماس" التي يتحكم بقرارها كل من النظام السوري والايراني الذين أوعزا لها بشن عمليتين مسلحتين في الضفة الغربية قبيل انعقاد جلسة مباحثات السلام الاولى في محاولة منهما لتخريب العملية السلمية برمتها، وهذا الاستخدام بغرض اعاقة الحل حصل دائما عبر تاريخ النزاع ومن قبل جميع الانظمة الديكتاتورية. نقطة مهمة أخرى يجب أن نأخذها بعين الاعتبار اذا ما أردنا لهذا النزاع أن ينتهي، هي وجوب وقف أسلمة القضية والحديث حول قدسيتها من خلال اسقاطات للنص المقدس على أحداثها، اذ كيف يمكن الوصول الى حل لقضية فلسطين وأهلها يرددون بأنه لن ترضى عنا اليهود والنصارى حتى نتبع ملتهم، وكيف يمكن حل هذا النزاع الأن وهناك قناعات راسخة لدى الناس أساسها اسقاطات لنصوص مقدسة تؤكد ان هذا النزاع سيبقى حتى قبيل يوم القيامة بقليل حيث تنادي الأشجار والأحجار حينها على المسلم كي يأتي ليقتل اليهودي الذي يختبئ خلفها.
شعوبنا ليست جاهلة ولكنها واقعة تحت تأثير سياسة تجهيل منذ أمد بعيد أما بالنسبة للشق الثاني من السؤال أجيب بنعم كبيرة، فان أي انتخابات نزيهة الأن في أي دولة اسلامية ستؤدي الى فوز شبه ساحق للاسلاميين سببه حالة التدين الطاغية التي تعيشها مجتمعات هذه الدول مما يفرض على عقولها حجابا لا تستطيع من خلاله ادراك مصالحها وما ينفعها وما يضرها إلا بعد أن تأتي "الفأس في الرأس" كما يقولون حيث لا سبيل للخلاص من حكم الحركات الاسلامية إلا عبر الاستنجاد بالقوى الدولية. شعوبنا ليست جاهلة ولكنها واقعة تحت تأثير سياسة تجهيل منذ أمد بعيد، ويتجلى أثر هذا التجهيل في عدم استفادة هذه الشعوب من تجارب شعوب شقيقة وصديقة وقعت تحت مخالب الحكم الاسلامي، فعلى سبيل المثال فان حركة حماس التي لا يمكن لها بأي حال الفوز مرة أخرى في غزة بعد أن تعرَف شعب غزة على حكمها "الرشيد والعادل جدا" فانها ستفوز في أية انتخابات تجري في الضفة الغربية. الحركات الاسلامية تؤمن بالديمقراطية كخيار لمرة واحدة الحركات الاسلامية تؤمن بالديمقراطية كخيار لمرة واحدة يُمكنها من الوصول الى السلطة، بعد ذلك تصبح الديمقراطية بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار، وهي لا تملك في الحقيقة برامج تستجيب لمتطلبات الدولة والمجتمع، لذلك فان هذه الحركات طالما ظلت في مواقع المعارضة فانها تعيش عصرها الذهبي، أما انتقالها الى موقع السلطة فهو نقطة مقتلها الأكيدة.
انهم في كل الأحوال ضحايا النص الديني - مسلمو أميركا يدعون أنهم مضطهدون وأن هناك حملة تشن ضدهم، في الوقت الذي يتدفق فيه مسلمون أميركيون ولدوا ونشأوا في الولايات المتحدة إلى مياديين الجهاد في الصومال وأفغانستان، برأيك، ما الذي يدفع شاب أميركي مسلم إلى الانضمام للتنظيمات الإرهابية؟ في آخر زيارة لي للولايات المتحدة أقمت هناك بضعة أشهر كانت كافية لتأكيد معلومات سابقة لدي بأن الاضطهاد الذي يتحدث عنه مسلمو أمريكا هو حلقة من حلقات ممارسة دور الضحية الذي يجيد زعماء المسلمين جر شعوبهم اليها، فهناك سبعة ملايين مسلم في أمريكا يتمتعون وفقا للدستور الأمريكي بكل ما يتمتع به أي مواطن أمريكي آخر من حقوق وواجبات. المشكلة عند المسلم نفسه وليس عند الشعب الامريكي أو القوانين الأمريكية. عندما تحصل مواطنة امريكية من أصل لبناني مسلم على عمل في مجال حساس لدى وكالة المخابرات المركزية الامريكية وتستغل وجودها لتجمع معلومات لصالح حزب الله اللبناني، وعندما يحقق رجل امريكي من اصل فلسطيني طموحه بدون اي عقبات ويصبح ضابط في الجيش الامريكي ثم يطلق النار على زملاءه فيقتل ثلاثة عشر منهم ويجرح العشرات، وعندما يحصل شبان يافعين على كل الميزات المتوفرة في امريكا من رعاية طفولة وتعليم جيد وضمان صحي، ثم يتوجهون الى الصومال أو أفغانستان ليقتلوا هناك جنودا أمريكيين من أبناء بلدهم، هنا المشكلة ليست في أمريكا ولا دستورها ولا شعبها، وانما المشكلة في النص الذي حلل للسيدة اللبنانية استباحة اسرار عملها، والنص الذي حض نضال وبقية الشبان على قتل زملاءهم وأبناء بلدهم. انهم في كل الأحوال ضحايا النص الديني، خصوصا اؤلئك الذين يُزين لهم النص الموت الدنيوي في سبيل خلود في الجنة يتحقق مباشرة بعد تفجير أنفسهم لينعموا بعدها بالجنة وخمرها وعسلها وحورياتها.
- بعد هجمات الحادي عشر من سبتمبر الإرهابية ظهر العديد من "المسلمون المعتدلون" على شاشات التلفزة وقالوا إن الإرهابيين لا يمثلون الإسلام، وأن ما قاموا به هو ضد التعاليم الإسلامية، برأيك كيف يمكن للمسلمين المعتدلين مقارعة المتشددين الإرهابيين الذين يستندون على القرآن والسنة في كل ما يقومون به من أعمال؟
الأن وبعد تسع سنوات على جريمة سبتمبر الارهابية لم تصل أقصى عبارات ادانة الجريمة التي صدرت من العالم الاسلامي الى مستوى الادانات التي صدرت من قبل كل العالم تجاه ما كان ينوي القس تيري جونز القيام به بحرق القرآن، وربما احدى ايجابيات مبادرة القس جونز هو اننا تعرفنا على الفرق بين لهجة الادانة الاسلامية المترددة والخجولة والتي لم تحظى بحد أدنى من الأجماع تجاه جريمة بشعة بأسلوبها ونتائجها كجريمة سبتمبر، وبين الادانة شديدة اللهجة والتي حظيت باجماع عالمي قل نظيره تجاه نوايا القس التي لا ضحايا لها بالتأكيد لو أقدم عليها فعلا. ليس هناك معتدل ومتطرف في الاسلام حتى اللحظة لم يتجرأ أي زعيم اسلامي ذو قيمة وأتباع من مجرد تكفير رأس الارهاب أسامة بن لادن ولا من نفذوا تلك الجريمة، والسبب بسيط جدا وهو انهم نفذوا جهاد الطلب الذي هو فرض كفاية يتوجب تنفيذه من قبل البعض حتى يسقط عن البقية. اذا، جريمة سبتمبر قد تم تنفيذها بالنيابة عن كل مسلم، وبمعنى آخر واستنادا للشرع فان من نفذوا جريمة سبتمبر هم أكثر اسلاما من ما يسمى بشيوخ الاعتدال بما لا يقاس.
المشكلة تكمن في انه ليس هناك معتدل ومتطرف في الاسلام، وكل ما في الأمر هو ان من يسمي نفسه معتدلا لا يمتلك السلطة والمال والعتاد التي يستطيع عبرها تنفيذ ما ينفذه المتطرف الذي امتلك نوعا من السلطة وكثيرا من المال يشتري به عدة الحرب على ديار الكفر والشرك، وحتى مع افتراض حسن النية لدى من يسمون أنفسهم بشيوخ الاعتدال فان المعركة محسومة سلفا وعلى كافة الاصعدة لصالح المرابطين على الثغور.
الاعلام العربي يخاطب قلوب الناس وعواطفهم بدلا من عقولهم -وسائل الاعلام العربية من قنوات فضائية وصحف ومجلات وإذاعات والتي تسيطر على معظمها حكومات ديكتاتورية، برأيك هل نجحت الحكومات العربية من خلال سيطرتها على الإعلام في ترويض الشعوب العربية؟ وما هو أثر الاعلام الالكتروني من منتديات ومدونات وشبكات التواصل الاجتماعي في تحرير العقل العربي؟ دعني اقول بأسف شديد ان الفائدة التي كانت مرجوة من الثورة المعلوماتية وكجزء منها شبكة الانترنت ومحتوياتها، هذه الفائدة قد تم تقليصها بنسبة كبيرة جدا بفعل الاعلام الفضائي الديني والحكومي الرسمي، حيث تكامل كلاهما في أداء دور التجهيل الذي تقوم به بامتياز فضائيات الدجل الديني، والالهاء الذي يمارسه الحكومي والخاص، والأخطر من ذلك الاعلام الذي يخاطب قلوب الناس وعواطفهم بعيدا من مخاطبة عقولهم. سيكون للانترنت والاعلام الالكتروني دورا ولكنه بسيطا وبطيئا، لان الخطوة الأولى لتحرير العقل العربي تتمثل في ابعاد نصوص التجهيل من مناهج الدراسة وتطوير التعليم بما يتناسب ومتطلبات القرن الحادي والعشرين، ليكون بديلا لتعليم بدائي أغلب مواده لا هم لها إلا استمرار مصادرة العقل العربي.
الأصل في الاسلام هو العنف -يطرح المفكر السوري جودت سعيد منهج اللاعنف كسبيل لاستعادة الرشد على حسب تعبيره، ويؤصل للاعنف بالاستناد إلى القرآن وسيرة الرسول محمد ويحتج بمقولة أن "العنف لا يولد سوى العنف" وهو نفس ما يقوله المفكر السوري خالص جلبي، ما رأيك في اللاعنف كاستراتيجية للمقاومة وتغيير الأنظمة في العالم العربي وما رأيك في محاولة الشيخ جودت تأصيله إسلاميا؟
منهج اللاعنف أثبت جدواه ومفعوله السحري من خلال مقدرته على تحشيد العالم كله خلف قضية ما، سواء كانت مقاومة احتلال أم تحرك جماهيري من أجل الخلاص من نظام ديكتاتوري غاشم، إلا أن محاولات البعض الاسلامي تأصيله اسلاميا تصطدم بكثير من الأمور في بنية النص الاسلامي وحتى في بديهيات هذا النص وتجلياته تاريخيا، فالاسلام بدأ بممارسة العنف ضد أبناء العمومة عبر غزوة بدر وما أعقبها من غزوات، وانتشر شرقا وغربا بحد السيف، ومع احترامي الشديد للمفكر جودت سعيد إلا أني أتساءل كم شخصا يصلي وراءه فيما لو أمً الصلاة، وبالتالي كم هم أعداد مريديه ومن يؤمنون بمحاولاته وبما يطرح، الذين لا يمكن لي مقارنة عددهم الغير مرئي مع آلاف مؤلفة تسجد خلف شيخ مغمور من شيوخ التكفير وتقسيم العالم الى مسلمين وكفار.
ان الأصل في الاسلام هو العنف وأي ادعاء يقول ان لا أساس للعنف في الاسلام وانه انتشر بفعل الكلمة الطيبة والمعاملة الانسانية السمحاء هو محاولة للانقلاب على النص الديني أرحب بها شخصيا بشرط أن يصفها صاحبها بأفكار جديدة وأن لا يقول انها موجودة في النص الديني. ولأن الشيئ بالشيئ يذكر لا بد لي أن أذكر محاولات عائلة القرآنيين وزعيمهم الدكتور أحمد صبحي منصور للتنكر للسنة النبوية والقرآن المدني الناسخ، والاحتماء خلف القرآن المكي الذي هو عبارة عن نصوص منسوخة لم يبقى لها أي معنى بعد النسخ، في محاولة بائسة منه لتجميل قبح كثير من النصوص الدينية.
الشريعة الاسلامية تهديد للأمن القومي الأمريكي - أصدر "مركز السياسة الأمنية" الأميركي مؤخرا تقريرا خلص فيه إلى أن أحكام الشريعة الإسلامية تمثل تهديدا للأمن القومي الأميركي. ما تعليقك؟ لنفترض أن المسلمين غير الامريكيين وعددهم ربما تجاوز المليار ونصف المليار في العالم هم خارج دائرة تهديد الأمن القومي الأمريكي، فهناك سبعة ملايين مسلم في أمريكا، وحتى لا يتهمني أحد بسوء النية فلن أقول ان هناك مسلما مستعدا لتفجير نفسه بين كل مائة مسلم أو ألف أو حتى عشرة آلاف، ولكن من المؤكد اننا سنجد شخصا بين كل مائة ألف لن يتردد بتفجير نفسه في المدنيين والابرياء في مدن اميركا ان توفرت له الامكانيات لفعل ذلك، وهذا يعني ان هناك سبعون شخصا على الاقل من بين سبعة ملايين مسلم في أميركا مستعدون للقيام بعمليات تفجيرية، وعندما نتذكر ان عدد الذين نفذوا جريمة سبتمبر تسعة عشر نعلم حينها عمق التهديد الذي يشكله التواجد المسلم للامن القومي الامريكي. ان الخلل ليس في هؤلاء الذين هم على استعداد لتفجير أنفسهم بل هم ضحايا لنصوص استلبت عقولهم وصورت لهم ان الطريق الى الجنة والخلود فيها يمر عبر قتل الكافر، والامريكي هو كافر طالما لم يصبح مسلما أو يدفع الجزية حسب الأية التاسعة والعشرون من سورة التوبة. أستطيع أن أقول بعد ذلك ان الخلاصة التي وصل اليها مركز السياسة الأمنية الأميركي هي صحيحة على الرغم من كونها متأخرة.
- ما رأيك في المفاوضات الجارية حاليا بين الرئيس الفلسطيني محمود عباس ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو برعاية الولايات المتحدة الأميركية؟
حقيقة وضع النزاع الفلسطيني الاسرائيلي اليوم تقول ان الأطراف لم تنضج بما فيه الكفاية لتحقيق السلام، فالطرف الاسرائيلي غير مستعد لاتخاذ خطوات من شأنها تحفيز القيادة الفلسطينية على اتخاذ خطوات مقابلة، وما أراه هنا على أرض الواقع أن الاسرائيليين وحركة "حماس" كلاهما يتخذ خطوات من شأنها اضعاف موقف الرئيس محمود عباس.
شرط يهودية الدولة هو تديين للصراع لا يختلف عن تديين المسلمين له الاسرائيليين لا يزالون يصرون على بناء المزيد من المستوطنات، ومحاولة ابقاء الاقتصاد الفلسطيني تابعا لهم، ولم يزيلوا الحواجز العسكرية التي تقطع أوصال الضفة الغربية وتحيل الحياة هنا الى جحيم لا يطاق، ويرفضوا أن يطلقوا سراح الأسرى الفلسطينيين، وحماس ومن خلفها النظام السوري والايراني لا تقصر اضافة الى مصادرتها لقطاع غزة وشعبه بتوقيت عملياتها مع بداية أي جلسة تفاوض، والراعي الأمريكي يبدو انه سيكتفي بانجازات بسيطة وغير كاملة تساعده على تجاوز الانتخابات النصفية وما بعدها. حديث الاسرائيليين عن يهودية دولتهم وضرورة الاعتراف الفلسطيني كشرط مسبق لاي اتفاق سلام هو تديين للنزاع لا يختلف عن تديين المسلمين له، وطالما سيبقى العامل الديني عنصرا مؤثرا في هذه القضية فاني لا أرى أي آفاق لحل عادل وشامل يضمن للفلسطيني دولة مستقلة ومتواصلة جغرافيا وقابلة للحياة بأمان الى جانب جارتها دولة اسرائيل.
كلمة أخيرة
أشكرك أستاذ منصور على هذا اللقاء، وأشكر جهودك الطيبة، كما وأشكر كل القارئات والقراء الكرام، من يختلف معي ومن يتفق، وهم الذين دائما يضيفون على ما أكتب ما يثريه ويجعله أكثر افادة، و تمنياتي أن يتجاوز العقل العربي والمسلم محنته حتى ينطلق في سماء الابداع وتقديم ما هو مفيد لشعوبنا وللانسانية جمعاء، عوضا عن صادرات الكراهية والحقد والدمار.
#زينب_رشيد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
لا يحدث إلا في ديار الاسلام
-
نعم أنا فلسطينية
-
كاميليا زاخر..حتى لا يكون مصيرها كمصير وفاء قسطنطين
-
مسجد قرطبة النيويوركي..مسجد ضرار
-
تنويعات على هامش الاسلام وتخلف المسلمين
-
سوريا..الطغيان ما زال في صباه
-
اسرائيل ونحن...بلا تشابيه
-
هل أٌغتيل نصر حامد ابو زيد؟
-
لسنا ملك يمينكم ولا يساركم
-
عن سوريا وحاجتها الملحَة لأساطيل الحرية
-
أردوغان..لعله يكون آخر الأنبياء
-
حماس..نكبة النكبات
-
لتكن القدس كما مكة قبل الاسلام
-
أَيُّهُمَا العصر الجاهلي؟
-
ماذا يعلمونهم في المساجد؟
-
الى متى تبقى المملكة أسيرة للمافيا المقدسة؟؟
-
في اسلام أسامة بن لادن
-
عبدالله بن سبأ
-
هل تستحق القدس كل هذه الدماء؟؟
-
ببساطة..قبر راحيل أثر يهودي وليس إسلامي
المزيد.....
-
الحكومة الإسرائيلية تقر بالإجماع فرض عقوبات على صحيفة -هآرتس
...
-
الإمارات تكشف هوية المتورطين في مقتل الحاخام الإسرائيلي-المو
...
-
غوتيريش يدين استخدام الألغام المضادة للأفراد في نزاع أوكراني
...
-
انتظرته والدته لعام وشهرين ووصل إليها جثة هامدة
-
خمسة معتقدات خاطئة عن كسور العظام
-
عشرات الآلاف من أنصار عمران خان يقتربون من إسلام أباد التي أ
...
-
روسيا تضرب تجمعات أوكرانية وتدمر معدات عسكرية في 141 موقعًا
...
-
عاصفة -بيرت- تخلّف قتلى ودمارا في بريطانيا (فيديو)
-
مصر.. أرملة ملحن مشهور تتحدث بعد مشاجرة أثناء دفنه واتهامات
...
-
السجن لشاب كوري تعمّد زيادة وزنه ليتهرب من الخدمة العسكرية!
...
المزيد.....
-
قراءة في كتاب (ملاحظات حول المقاومة) لچومسكي
/ محمد الأزرقي
-
حوار مع (بينيلوبي روزمونت)ريبيكا زوراش.
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
رزكار عقراوي في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: أبرز الأ
...
/ رزكار عقراوي
-
ملف لهفة مداد تورق بين جنباته شعرًا مع الشاعر مكي النزال - ث
...
/ فاطمة الفلاحي
-
كيف نفهم الصّراع في العالم العربيّ؟.. الباحث مجدي عبد الهادي
...
/ مجدى عبد الهادى
-
حوار مع ميشال سير
/ الحسن علاج
-
حسقيل قوجمان في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: يهود الع
...
/ حسقيل قوجمان
-
المقدس متولي : مقامة أدبية
/ ماجد هاشم كيلاني
-
«صفقة القرن» حل أميركي وإقليمي لتصفية القضية والحقوق الوطنية
...
/ نايف حواتمة
-
الجماهير العربية تبحث عن بطل ديمقراطي
/ جلبير الأشقر
المزيد.....
|