|
إنَّ اللّة لا يلعب النرد...!
آکو کرکوکي
الحوار المتمدن-العدد: 3143 - 2010 / 10 / 3 - 09:30
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
في نهاية الثمانينيات وعلى أحد ارصفة شوارع كركوك، لبيع الكتب المستعملة، وقع نظري، على كِتاب الدكتور عبدالرحمن مرحبا (آينشتاين والنظرية النسبية). ولكوني كنت محباً وهاوياً للفيزياء، فلم أتردد في إقتناءهِ . وكما أحببت شخصية آينشتاين على أثرها، فلقد أبهرتني نظريتهُ أيضاً. التي تتحدث عن نسبية، ولامطلقية، كل شئ إلا سرعة الضوء، الذي هو ثابتٌ كوني، لايمكن تخطيه. وتتحرك في عالمٍ رُباعي الأبعاد، مُدخلاً الزمن كبعدٍ رابع الى الأحداثيات المكانية، ومُسمياً أياهُ بالمتصل الزمكاني. وتفتح لك النظرية منفذا للسفر الى المستقبل، وإبطاء الزمن، إذما أستطاع الإنسان، أن يقترب من سرعة الضوء. وفسر الجاذبية كونه إنبعاجٌ للمتصل الزمكاني. مُرسِلاً بذلك، نيوتن وقوانينهُ وجاذبيتهُ، وتفُاحتهُ أيضاً، الي قائمة القصص التأريخية والتقليدية، ليصطف مع آدم، وقصةُ خلقهِ، وتُفاحتهِ، في طابورٍ واحد. ومؤسساً بذلك لللايقينية وقابيلية الخطأ في العلم. بعد أكثر من قرنين ونصف من سيادة قوانين نيوتن في الفيزياء. ومافتئت مستمراً على ذاك النهج، الا وقد أقتنيتُ، وبعد فترة وجيزة، الكتاب الثاني، بعنوان ( من كوبيرنيكوس الى آنشتاين، سيرورة التوحيد في الفيزياء الحديثة)، فوجدتُ فيها قصة أخرى أكثر تشويقاً، تخبرك عن محاولات علماء فيزيائيين عدة، لوصول الى تفسيرٍ موحد، لكامل القوى الطبيعة. وكانت تلك القوى قد تم إختصارها بفضل ماكسويل، وآنشتاين، وميكانيكا الكم، الى أربعة فقط. القوة الكهرومغناطيسة، الجاذبية، والقوى النووية الضعيفة والقوية. وفيما بعد قدمت ميكانيكا الكم مقاربة لتوحيد الكهرومغناطيسية مع القوى النووية. وأهميتها تكمن، في إن نجاحها، كانت بمثابة الدخول الى فكر اللّة... ! لم يفلح آينشتاين في ذلك، و أستمرت من بعدهِ المحاولات، ولكنها لم تنتج إلا نظريات فلسفية، تفترض عالمٍ متعدد الأبعاد يصل الى أحد عشر بُعداً. والحقيقة فإن أجمل ماكتب في هذا الصدد، هو كتاب ستيفن هوكنج (موجز تأريخ الزمن). ولربما يرجع أهم أسباب هذا الفشل، الى التناقض الكبير بين عالم قوى الجاذبية، التي تظهر تأثيراتهُ بوضوح بين الكواكب والنجوم والمجرات، ويتحكم فيه قوانين آينشتاين للنسبية، أي عالم الماكروات، وبين العالم الذي تدور فيهِ تأثيرات القوى النووية الضعيفة والقوية، والذي هو عالمٌ متناهي في الصغر، يقع في داخل الذرة ونواتهُ أو حتى دون الذرة ونواته، والذي يحكمهُ قوانين ميكانيكا الكم، أي عالم المايكروات. وليس هذا فقط، بل إن الفرق يمتد ليطال بنية العالمين الماكروي والمايكروي، فعالم آينشتاين يحكمهُ قوانين متناغمة متناسقة فيما بينها بينما عالم ميكانيكا الكم، يحكمهُ الصدفة واللادقة والفوضوية. في الأول، يحس الأنسان بالثقة وبإنه اقترب من فهم الحقيقة، لأنهُ يحدد، ويتنبأ، بحالة الجسيمات، بكل دقة وحتمية، وفي الثانية، يشعر بالإرتياب، فحالة الجسيمات وموقعها، إحتمالية لاحتمية، لابل لايمكن أن تعرف، إن ماترقبهُ هو جُسيم أم مجرد موجة. في الأول، يحس الأنسان، إنه اقترب من منطق الطبيعة، وفي الثانية يظهر لهُ، وكأن الطبيعة تحجب عنهُ عمداً أموراً وأمور...! عضدت التجارب كلا النظريتين، ولكن ضمن عوالمهم الخاصة، فالتجربة في الأساس، لايمكنها من أن تؤكد يقينة أي نظرية، بل يمكنها أن تكذبها فقط . ولكن بقى العالم الأول، رغم تعقيده، مألوفاً، ومقبولاً، ومنطقياً، لأن فيهِ تناسق وتناغم وحتمية. ولكن العالم الثاني، كان غريباً مُقلقاً مُريباً، يُصدمك بنتائجهِ الأحتمالية، وغير مقبول، وغير مفهوم، حتى للفيزيائيين المتخصصيين، ومن بينهم آينشتاين نفسهُ. فعندما التقى نيلز بور، صاحب نظرية البناء الذري الجديد، وأخبرهُ هذا الأخير، بإن إحتمالية النتائج في ميكانيكا الكم، ليس إلا تعبيرٌ ،عن عالمنا الطبيعي الأحتمالي، اللاحتمي، اللامتناسق، الفوضي الذي نعيش فيهِ علق عليه آينشتاين بإستهجان قائلاً : ياعزيزي إن اللة لايلعب النرد..! ومفهوم التناسق والتناغم في الذي نلحظه أو نتوقعهُ من الكليات كعالم آينشتاين مثلاً. كانت موضوعة للدراسات العلمية حسب مدرسة جشطلت. فتقول المدرسة الجشطلتية، إن وجود "صفة التناسق"، في الأشياء التي تصادفنا، كالكائنات العضوية، والآلات، والمجتمعات والطبيعة، تخبرنا ان هذه الأشياء ليست مجرد مجموعات، أو إنها "أكثر من مجرد مجموع أجزائها"،أي بعبارة أدق، إن الأشياء تظهر بسبب التناسق على إنهُ بناء منتظم الأجزاء، وليس مجرد "كومة"! ولا تعد ماجاءت به النسبية وميكانيكا الكم، ثورةٌ تقف تأثيراتها عند حدود الفيزياء والعلم الطبيعي فقط. بل هي أسهمت بشكلٍ فاعل مع النظريات البيولوجية لمندل وداروين، في تغيير الكثير من المفاهيم الفلسفية والاجتماعية، وحتى الفنية والجمالية، ومجمل النظرة الأنسانية الى الكون والحياة. ونحتت بذلك مساحات كبيرة في التفكير الأنساني في القرن العشرين. فالصورة الاستقرائية الحتمية المغلقة للكلاسيكيات الرياضية والفيزيقية لنيوتن وديكارت مثلاً والفلسفات الدوغمائية اليقنية، انتهت بظهور اللاحتمية والمصادفة والاحتمالية واللايقنية في النظريات العلمية. فوضعت الفلسفة والعلوم الأجتماعية في موقفٍ محرج. و العلوم الأجتماعية، التي تنشغل بدراسة العلاقات، الناشئة عن تجمع مجموعة من الأفراد، في مكان وزمان مُعينين، كالظاهرة السياسية والأجتماعية والأقتصاد وعلم النفس مثلاً . يختلف عن العلوم الطبيعية التي تنشغل بدراسة العلاقات بين النيوترونات والبروتونات والذرات والأجسام والنجوم والمجرات. والملاحظ فأن الأولى ( العلوم الإجتماعية)، باتت في تابعية مزمنة للثانية (العلوم الطبيعة) وتتأثر بها كثيراً. ولربما يعود هذا في إنهُ، وبمجئ علماء عصر النهضة، تخطت العلوم الطبيعية والبيولوجية العلوم الاجتماعية وجعلتها تلهث ورائها. مما حدى بعلماء الأجتماع، ليلتفتوا الى مسئلة (المنهجية). فكان الكلام عن تطبيق المنهجية العلمية، في العلوم الطبيعية، وعلى العلوم الأجتماعية أيضاً، لكي تعيد لها الأعتبار، وتكسبها أهمية عملية للأنسان. كانت تأثيرت النسبية وشخصية آينشتاين قد ألهمت كارل بوبر أيضاً ودفعهُ لكي يصدر كتابهُ الشهير (منطق الكشف العلمي). وكارل بوبر، الذي سنعرض في مقالات قادمة، أفكارهُ بإسهابِ أكثر، كان قد أنشغل بهذا الامر، وأنحاز الى الأتجاه التكنولوجي العملي في علم الأجتماع، أو ما أطلق عليهِ (الهندسة الأجتماعية الجزئية)، والتي يقول عنها (بأنها جاءت نتيجة لنقد المقترحات التي قصد بها الإصلاح الإجتماعي). وحسب بوبر، فأن هذا الأتجاه الذي يسمى بالعملي، يعاوننا في الحد من جموح ميولنا النظرية من أن تؤدي بنا نحو الميتافيزيقيا، بجعلنا نركز على الجانب العملي. وذلك لأنهُ يفرض على نظرياتنا، الخضوع لمعياريي الوضوح والأختبار العملي والنقد المستمر. ويستطرد بوبر ليقول: إن الأتجاه العملي، إتجاه إمتناعي أيضاً، أي مُعارض للتدخل، فيرسم حدوداً لأعمالنا تمكننا من معرفة مُحددات التخطيط الأجتماعي الذي لايمكننا ان نتخطيه دون عواقب غير محسوبة. مثل التكنولوجيات والقوانين في العلوم الطبيعية، التي تظهر لك، الحدود الممكنة لإمورٍ معينة. كمثل قانون الطاقة التي تقول " لايمكنك بناء آلة دائمة الحركة" أو قانون النسبية الخاصة "لايمكنك ان تتخطى سرعة الضوء". و هذا يعني " لايمكنك ان تحقق كذا وكذا من الغايات دون ان يحدث كذا وكذا من النتائج المترتبة". وهذا أحد اوجه التشابه بين العلوم الطبيعية والعلوم الأجتماعية. التي أدركها بوبر ونفذ من خلالها. ومن الأمثلة لهكذا قوانين جزئية، وفي مجال السياسة بالتحديد يورد في كتابهِ (عقم المذهب التأريخي):- ]" لايمكنك ان تقوم بثورة دون ان يكون لذلك أثر رجعي"."لايمكن ان تقوم بثورة ناجحة دون أن تكون الطبقة الحاكمة قد اعتراها الوهن"،" لايمكنك أن تمنح إنساناً سلطة على غيرهِ من الناس دون ان يغريه ذلك لأساءة إستخدام السلطة وهذا الاغراء يزداد بأزدياد السلطة التي يتصرف بها"[. وهكذ نوع من القضايا، هي التي تحاول الهندسة الجزئية أن تناقشها. فالمهم في منهجه هو ميلهُ للمسائل الجزئية وليس الكلية ونقديتهُ المستمرة. ولربما تسائل القارئ مُستفسراً، عن مبتغانا من الكلام عن العالم الطبيعي والأجتماعي. الحتمي واللاحتمي، التجمع المتناسق والمتناغم والكومة. القوانين الإجتماعية الجزئية والمنهجية العملية، وأخيراً إمتناع اللة عن اللعب بالنرد؟ وعند الأجابة أقول: إن فكرة إستخدام هذه المنهجية والمفاهيم، في قراءة الواقع الاجتماعي السياسي العراقي، الأقرب لنا، قد أعجبني كثيراً (وأتمنى ذلك لكم أيضاً)، وخاصة وإن أسميي بوبر وآنيشتاين ظلا يثيران دائما مشاعري الخاصة نحوهما، بعد ان حصلت وفي فترات زمنية مختلفة، على نسخٍ من كتبٍ تتحدث عنهم او كتبت من قبلهم، من على أرصفة بيع الكتب المستعملة، او بين رفوف المكتبات المنسية. فسنحاول باسلوبٍ يضفى عليه بعض التهكم، ولكنهُ لايخلو من الجدية، ان نستنبط بعض مايشبه القوانين السياسية الجزئية تلك، والتي تتحكم بالعالم السياسي الفوضوي اللامتناسق العراقي. وخاصة وإن حالة الفوضى التي نشهدها، تبدو لنا وللوهلة الأولى، بأن لاقانون ولا حكمة تحكم الفوضى العراقية و المسئلة لايتعدى كونهُ مجرد مؤامرة أو حتى مؤامرات خارجية، وهذا ما لا أ تفق مع الكثير منهُ. حين يخبرك العديد من الساسة والمهتمين بالشأن السياسي العراقي، وخاصة جماعة نوري المالكي ( بأنهُ لايمكننا أن نفكر بغير المركزية، والرجل القوي، الذي يمتلك كامل السلطات، لحكم البلد، لأننا لم نشهده غير هذا من قبل، فكل حكوماتنا وزعمائنا كانوا مركزيين، ولكننا لانهتم الى أين تؤدي...!) فعندها تذكر اللورد آكتون حين يقول ( لايمكنك أن تركز السلطات المطلقة في مكان أو يدٍ واحدة، دون أن يؤدي ذلك الى فسادٍ مُطلق). اما بوبر فرئيهُ ( انهُ لايمكنك أن تستنبط من المنهجية الأستقرائية، قاعدة عامة، فتكرار الأمر لايعني صحتهُ، فتعاقب الليل والنهار مثلاً لايعني يقينيتهُ، فلو سافرت الى القطب الشمالي أو الجنوبي لفندت نظرتك حول الليل والنهار). سياسيٌ عراقي آخر كان قد قرء لميكافيللي فقال( لايمكننا أن نحافظ على ألتزامٍ ووعدٍ يؤدي الى غير مصلحتنا، او أنتهت أسباب قطعه على أنفسنا، حتى لو كان هذا الألتزام دستوراً. وأي واعزٍ بهذا الشأن سيؤدي الى الإقتراب من الأخلاق، والأخلاق والسياسة لايلتقيان). يقول جماعة أياد علاوي اللذين يحلو لهم أن يسموا أنفسهم "ليبراليين" ( لايمكننا أن نقبل الفدرالية التي لابد وأن تؤدي الي تقسيم الدولة وهذا هو الكارثة بعينها، فلا يمكننا أن نتصور الا دولة قوية بقائد قوي وجيش قوي، ترسم حياة الناس وتطعمهم وتشربهم و تنشئهم وتتحكم بالنفط كثروة وطنية في يد الدولة)، في حين يقول الليبرالي الامريكي مواري روثبارد (1926-1995 ) ( لايمكنك ان تفرق بين الليبراليين، وبين جميع الفرق الاخرى، التي تدافع عن الحريات، الا برئي الليبراليين في الدولة والحكومة، فهي بنظرهم المعتدي الاكبر، والابدي، والمنظم، ضد الافراد، وهذا ينطبق على كل الدول، وفي كل مكان، الديمقراطية منها والدكتاتورية). أما بنيتّو موسوليني فقد كتب في 1932 (لا يمكننا أن نجد أساساً للفاشية دون تصوّرها للدولة، وطبيعة الدولة، وواجبها، وهدفها. فالفاشية تعتبر الدولة أمراً مطلقاً، يصبح كل الأفراد والجماعات نسبيين بالمقارنة معه، ولا يصح النظر إليهم إلا من زاوية علاقتهم بالدولة.... الدولة الفاشية تنظّم الأمة، ... فالفرد يُحرَم من كل حرية غير مفيدة بل وضارة أحياناً، ولكنه يحتفظ بما هو أساسي. والدولة وحدها هي التي تملك الكلمة الفصل في هذا المسألة). تصور لو وضعنا محل "الفاشية" كلمة "الوطنية" وبدل "الدولة" كلمة "العراق العظيم"، وبدل عبارة " الدولة الفاشية" ضع "الوطنية العراقية" الا تبدو لك العبارة حينها مألوفة ؟ أما شاعرٌ يساريٌ آخر يحب ان يكتب في السياسية فيقول ( لايمكنك أن تكون محايداً فأما أنت مالكيٌ من عيلة القوم أم علاويٌ بعثي). ويقول لك آخر( لايمكنك أن تتسامح مع الآخر، إلا وكنت جباناً، فاقداً للعزة والكرامة، فالعين بالعين، والسن بالسن، والبادئ أظلم، وهكذا قال لنا ديننا وعشيرتنا). أما المهاتما غاندي فيقول ( إننا لايمكننا أن نشرع بتطبيق مبدء العين بالعين، الا وأن نحصل في النهاية، على عالمٍ من العميان). يقول أسامة النجيفي "محبوب الجماهير" في المنطقة الغربية ( لايمكننا أن نجد الكورد في دهوك وكركوك والموصل الا بعد سياسة "التكريد"، وسنعمل على رميهم في البحر). وتقول العراقية لدولة القانون ( لايمكننا ان ننظر للكورد الا كناس من الدرجة الثانية في تشكيلتنا الحكومية القادمة). ويقول لك صوت عراقيٌ عام ( لا يمكننا أن نكون وطننين وعراقيين، شرفاء، الا أن نكره، كل ماهو كردي وكردستاني!). ويقول رجل دينٍ إسلامي يشتغل بالسياسة في العراق ( لايمكننك حتى أن تفكر بأن تعارضني، الا وأصبحت كافراً ملحداً أرسلتك الى الجحيم وبئس المصير،فلايمكنني أن أجد غير الأسلامِ حلاً). ويقول لك شيوعيٌ سابق ويساريٌ حالي ( لايمكن للماركسية أن تكون مخطئة فهي نظرية علمية مطلقة والفشل لايمكنهُ الا أن يكون في التطبيق وليس النظرية). ويقول سقراط ( لايمكننا أن ندرك الحقيقية، فأننا نعرف إننا لا نعرف). ويقول لك بعض المثقفين ( لايمكننك ان تتكلم عن تأريخية الطائفية، ولا عن تعددية المجتمع العراقي وإنقسامهُ إلا وتكون لديك نوايا خبيثة، وتفريقية، وإنفصالية. ولايمكنك أن نتصور وجود طائفية، إلا ضمن مخطط امريكي، وحتى صهيوني، أستورد من بعد 2003) . وهناك الكثيرين من يكتبون ويقولون ( لايمكننا أن نتطلع الى وضعٍ أفضل الا بالثورة ولايمكن ان يكون الإصلاحُ إلا ثورة ) والتجربة تقول ( لايمكنك أن تستجد إصلاحاً سياسياً حقيقياً دون ان تزيد بذلك من شدة المعارضة الى درجة تناسب تقريباً مع مدى الأصلاح). ولكننا أيضاً لا يمكننا ان نستمر في سرد الامثلة من هذا النوع الا ونكون قد أسهبنا كثيراً. ويبدو هنا واضحاً إن عالم الأفكار والفلسفات والنظريات العراقية، ليس لاشيئية وعدمية، او ضحية مستسلمة تنقاد لمخطط خارجي التي أصبحت كقدرها، بل هي مليئة بالقوانين والفلسفات و هي فاعلية تتحكم بشكل رئيس، بالحالة الأجتماعية والسياسية الحالية. وتتسبب في إنتاج مشاكله. ولكن مشكلتها في إنها لامتناغمة ولامتناسقة، مع بعضها لذا تبدو وكأنها فوضوية، فهي في الأصل "كومة" من رواسب الافكار ( الدوغماطيقية، الفاشية، اليقينية الواحدية المغُلقة) والتي نشئت من خلال تعاملها وتفاعلها مع الافكار البعثية والشيوعية والأسلاموية. إذن، فاللايقنية التي أفرزتها ظهور النسبية، واللاحتمية التي جاءت بها الكوانتمية، كانتا مساراً يخطُ على أثرهِ بوبر، نظريتهُ حول تطورية المعرفة. فاصبح العلم ونظرياتهُ لايبحثان عن الحقيقية المطلقة، بل يريدان الأقتراب منه عن طريق المحاولة والخطأ. ومادام الحقيقة بمطلقيتها لايمكن إدراكها أبداً، ولا التجربة المعملية تستطيع أن تكون معياراً، لهكذا حقيقة تدعيها أي نظرية، بل وسيلة لتنفيد او تعضيد النظرية وليس لتأكيدها. لذا فإن جل النظريات والفلسفيات والأيدلوجيات التي تتدعي إمتلاك الحقيقة والتي تحاول تفادي الخطأ، هي واقعة في شراك الدوغمائية والانغلاق، وتؤطر عقل الأنسان وتعيق تطوره. وتبرر للرومانسية الثورية والمركزية والشمولية، كالماركسية والفاشية. ومادامت الحقيقة غير مدركة في العلم او النظم الأجتماعية، فإن سبيلنا هو النقد والبحث عن الأخطاء وفق منهج نقدي عقلاني، والانفتاح على الآخر وفتح النقاشات معه. فاوجه الحقيقة، متعددة، كتعددية أوجه المجتمع. وهكذا مجتمع، يسمى مفتوحاً يسمح للرأي والرأي الآخر، أن يتناقش وينتقد ويجد الحلول لمشاكلها الجزئية المستمرة.
#آکو_کرکوکي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
العراق: حشد السجالات العقيمة والعنيفة
-
القومية وسرطان الحزبية
-
المُدبلجات المُؤدلجات المُتحجبات
-
كورد ولكن...!
-
لحظة هدوء...بعد ضجيج الانتخابات (الجزء الثاني).
-
لحظة هدوء...بعد ضجيج الانتخابات. (الجزء الاول)
-
حَجَرْ الزاوية
-
عودة البعث الى جمهورية البُدّعْ
-
جَرّائِمْ وبَرّاعِمْ - بإقتباس مِنْ کُراس مُذکراتي
المزيد.....
-
واشنطن -تشعر بقلق عميق- من تشغيل إيران أجهزة طرد مركزي
-
انهيار أرضي يودي بحياة 9 أشخاص في الكونغو بينهم 7 أطفال
-
العاصفة -بيرت- تتسبب في انقطاع الكهرباء وتعطل السفر في الممل
...
-
300 مليار دولار سنويًا: هل تُنقذ خطة كوب29 العالم من أزمة ال
...
-
زاخاروفا ترد على تصريحات بودولياك حول صاروخ -أوريشنيك-
-
خلافات داخل فريق ترامب الانتقالي تصل إلى الشتائم والاعتداء ا
...
-
الخارجية الإماراتية: نتابع عن كثب قضية اختفاء المواطن المولد
...
-
ظهور بحيرة حمم بركانية إثر ثوران بركان جريندافيك في إيسلندا
...
-
وزارة الصحة اللبنانية تكشف حصيلة القتلى والجرحى منذ بدء -ا
...
-
-فايننشال تايمز-: خطط ترامب للتقارب مع روسيا تهدد بريطانيا و
...
المزيد.....
-
كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج
/ زهير الخويلدي
-
معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية
/ زهير الخويلدي
-
الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا
...
/ قاسم المحبشي
-
الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا
...
/ غازي الصوراني
-
حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس
/ محمد الهلالي
-
حقوق الإنسان من منظور نقدي
/ محمد الهلالي وخديجة رياضي
-
فلسفات تسائل حياتنا
/ محمد الهلالي
-
المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر
/ ياسين الحاج صالح
-
الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع
/ كريمة سلام
-
سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري -
/ الحسن علاج
المزيد.....
|