أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ماجد القوني - حقل زنجبيل إلى -سامية-














المزيد.....

حقل زنجبيل إلى -سامية-


ماجد القوني

الحوار المتمدن-العدد: 3140 - 2010 / 9 / 30 - 20:01
المحور: الادب والفن
    


نص
حقل زنجبيل إلى "سامية"
ماجد القوني
كانت الذاكرة تعُج بكثير من الإنفعالات التي تتوازى مع منطلق الإحساس بالواقع الداخلي، حيث تبدو الأشياء أكبر من مستويات الإدراك والتواصل مع اللحظة... هكذا كانت اللحظة التي صادف فيها "عاصم" "سامية" .. هكذا دون أي إفتعال مُسبق كان اللقاء عاصفاً، ولا مبرِّر له سوى حق اللجؤ العاطفي.
فكَّر "عاصم" كثيراً في إحتمالات التورُّط في عشق جديد، ومازال الأمس يُشكِّل حضوراً، يستفز مساحة شاسعة في الذاكرة ويرفض أن يصير تاريخاً ولا يرضى التحوُّل.
كانت "سامية" أكبر قليلاً من فراغ الذات في "أنا" الآخر –"عاصم"- شفافة لدرجة أنّه يمكن العبور من خلالها إلى عوالم مدهشة. واضحة كالحقيقة تبلغ ستين عاماً من الحنين.. متوسطة الطول والمزاج، الذي يعتدل أحياناً وهي ترتشف الشاي مع بُضع حبّات من "المُدمَّس" الذي لا يتفاعل "عاصم" معه إلا نادراً.. مساهمة منه في إعتدال مزاج "سامية". أنيقة كشتلة موز في حديقة فلاَّح كسلاوي.. تمتلك من الشامات ما يجعلك تُضحِّي بكل ما تملك من أجل أن تقتني واحدة، خاصة تلك التي توجد في الركن الجنوبي الغربي من صوتها.
هكذا كانت "سامية" تتظاهر في ذاكرة "عاصم"، وترفع شعارات التوحُّد والعبور إلى "نيرفانا" الحنين إلى "عاصم".. الآن منتصف الطريق إلى فوضى راديكالية العشق. لامس وجوده الجديد، متسلقاً صهوة هروب محتمل للتعالي قليلاً فوق أهداب "سامية"، كما تعالى "نيتشة" على معزوفة "فاغنر" (لانو دي فيبلنغ)، وخروج الأول من عشق سيمفونيات الأخير.
تظاهر "عاصم" بالغياب.. وهي تهمس في حميمة صادقة: من المدهش أن يحدث الذي بيننا ولم ألتق بك سوى أول أمس!!
إفتعل حضوراً مؤقتاً وقال: حميمة "الآخر" في تواصله مع "الأنا".. تتجاوز أحياناً إطارات الدهشة.. لتأسيس علاقات تمتد أميالاً في الذاكرة (ولاّ رايك شنو؟) هكذا حاول "عاصم" الخروج من مأزق بوح يلوح في الأفق، ويستعير رئة الهروب للتنفس تحت ماء وضوحها الشفاف..
إنطلقت ضحكتها كفقَّاعة كبيرة إرتطمت بجدارٍ ما؛ شيَّده حديثاً في قلبه لمنع الإقتراب والتفكير العاطفي.. ضحكتها أروع من تلك الشامة التي تتعامد عليها أشعة وعيه وتصِر أن تهزم جيوش كبريائه، ليعلن سراً عن رغبته في الخروج عن النص، وإفتعال مناسبة عاطفية لتوحيد الرؤى وتعيد لأشيائه مذاقها الوجودي القديم.
أعاده إيقاع صوتها إلى لحن الواقع، وفق وضوحها المعهود وهي تسأله: (لسه ما قادر تنساها؟) أثبت فشله دبلوماسياً وحواسه تُعلن أن أسوأ مراحل العشق هي نسيانه. تكاثف إحساسه وهو يمضغ ذكرى إمرأة مؤلمة.. أسماها تجاوزاً "بروتس" .. تنهّد قليلاً وهو يتوسّد وجعه القديم المُرتبط سيكولوجياً بـ"بروتس" وأيدولوجياً بمجتمعه الطبقي.. إجترَّ في ذاكرته تداعيات "بروتس" وخروجها عن طاعة حلمه وإغتيالها لقيصر حبه.. "بروتس" كانت أقل تحضُّراً من قبيلة أفريقية تسكن الأحراش.. تؤمن بإله ما.. تحترم عادات القبيلة، تتحدَّث العربية وتجيد ست لهجات لم تُكتشف بعد.. تُقدِّس لغة الجسد.. تُجيد فن إدهاش الآخرين.. ثرثارة كببغاء يتعلّم لغة أجنبية.. يُعجبها "سقراط" من فلاسفة اليونان، وتؤمن دون وعي منها بـ"نيتشة" ، تتعاطف مع "ماركس" فقط تعيب عليه إيغاله في المادية.. مثقَّفة لدرجة تُمكِّنها من التواصل لدقائق مع برجوازي صغير.. تملك أحلاماً تتجاوز الواقع.. (برغماتية) العواطف، شتائية العشق.. علَّمها التجاوز فكان أول من تُلوِّح له مُودِّعة..
تعاطفت "سامية" مبدئياً مع تراجيدية الموقف.. منحته مساحة أن يُغازل شامة تواجهه تماماً من ناحية الشرق، فاجأها قائلاً: (إنتي عارفة أكتر حاجة عاجباني فيك شنو؟) أجابت بالنفي بالرغم من إمتلاكها إجابة نموذجية تتَّسِم بسؤ النية، أعلن "عاصم" عن حسن نواياه قائلاً: (إنك زولة واضحة جداً) .. (وإنت حتكون واضح معاي؟).. فجأة إنتعل حنينه ومضى بعيداً.. بعيداً جداً.. متجاوزاً كل الأشياء.. بعيداً جداً.. على بُعد ستين فرسخاً من الذكرى.. وجدها أمامه.. لم يفعل شئ سوى أن يتقرفص في ذات الشامة وهو يصيح: "عليك اللعنة" ثم يُضيف سراً: "وحقل من الزنجبيل".



#ماجد_القوني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- -ثقوب-.. الفكرة وحدها لا تكفي لصنع فيلم سينمائي
- -قصتنا من دون تشفير-.. رحلة رونالدو في فيلم وثائقي
- مصر.. وفاة الفنان عادل الفار والكشف عن لحظات حياته الأخيرة
- فيلم -سلمى- يوجه تحية للراحل عبداللطيف عبدالحميد من القاهرة ...
- جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس ...
- أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
- طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
- ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف ...
- 24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات ...
- معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ماجد القوني - حقل زنجبيل إلى -سامية-