اسلام احمد
الحوار المتمدن-العدد: 3134 - 2010 / 9 / 24 - 11:46
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
لم افاجأ على الاطلاق بخبر اعلان الدكتور سيد البدوى رئيس حزب الوفد خوض الحزب انتخابات مجلس الشعب المقبلة وانما كنت اتوقعه بل لقد راهنت عليه ذلك انه , كما سبق وقلت من قبل , لكى يضمن النظام الحاكم البقاء فى السلطة لاطول فترة ممكنة وضمان نجاح مشروع التوريث فى الوقت ذاته فقد الم بجميع خيوط اللعبة السياسية من خلال عقد صفقات قذرة مع احزاب المعارضة وذلك بأن يرمى لها بالفتات المتمثل فى بضعة مقاعد بمجلسى الشعب والشورى وفى المقابل يضمن ولاءها
غير ان الجديد والخطير تلك المرة انه يأتى خلال لحظة تاريخية فاصلة فى تاريخ مصر وفى اعقاب موجة هائلة من الحراك السياسى غير مسبوقة على مدار تاريخ مصر الحديث
وقبل ان يتهمنى احد بأننى اتجنى على حزب الوفد (العريق) اسوق اليكم مبرراتى لهذا الاتهام :
1_حاجة النظام الحاكم الى استمالة الاحزاب السياسية اليوم اكثر من اى وقت مضى لتمرير مشروع توريث الحكم الذى لا يحظى بشعبية ويرفضه الشعب المصرى وقد نما الى علمى ان من قام بالتشاور مع الاحزاب والقوى السياسية جمال مبارك نفسه!
2_لم يجد جديد على قيادات احزاب المعارضة واتجاهتها اذ ان قيادات الاحزاب الاربعة هى هى منذ انتخابات 2005 باستثناء حزب الوفد وان كان الاخير قد تغيرت قيادته فلم تتغير اتجاهاته!
3_منذ ان تم اعلان تأسيس الجمعية الوطنية للتغيير برئاسة الدكتور محمد البرادعى ومواقف احزاب المعارضة الاربعة (الوفد والتجمع والناصرى والجبهة) تدعونا الى الشك ولا تنبئ بخير اذ ما ان اعلن الدكتور البرادعى النزول الى الساحة السياسية بمصر حتى شن قيادات احزاب المعارضة الرئيسية هجوم عنيف عليه متهمينه بكل وقاحة انه ليس لديه خبرة سياسية! , كما كان هناك محاولات من قبل تلك الاحزاب لاستقطاب الدكتور البرادعى وضمه الى صفوفها , فى خطوة قذرة من شأنها اضعاف موقف الدكتور البرادعى وهو ما رفضه الاخير معتبرا ذلك نوع من النفاق السياسى ذلك ان سر قوة الدكتور البرادعى تكمن فى انه ياتى من خارج المعترك السياسى المصرى بكل ما يعتريه من قذراة
4_منذ ان تم الاعلان عن تأسيس ائتلاف احزاب المعارضة الاربعة تأكدت بما لا يدع مجال للشك سوء نواياهم بشأن التغيير ذلك ان الائتلاف انما يهدف فى الاساس لمواجهة الجمعية الوطنية للتغيير
5_جاء قرار حزب الوفد بالمشاركة فى الانتخابات عقب تبنى الجمعية الوطنية للتغيير خيار مقاطعة الانتخابات ذلك لأن النظام الحاكم لم يوافق على ضمانات نزاهة وشفافية الانتخابات المتمثلة فى اشراف قضائى الى جانب رقابة دولية ومن المعلوم ان احزاب المعارضة الاربعة اعضاء فى الجمعية الوطنية للتغيير!
6_كذلك فان قرار المشاركة فى الانتخابات جاء بعد ان رفض النظام الحاكم حزمة ضمانات تقدمت بها احزاب المعارضة الرئيسية الى الحزب الوطنى!
7_لم تخطئ عينى الخبيرة لهجة التلعثم والاضطراب على لسان الدكتور سيد البدوى وهو يعلن قرار المشاركة , كذلك التوتر الذى بدا واضحا على وجه القيادى الوفدى محمد مصطفى شردى حيث كان يتصبب عرقا!! ذلك ان حزب الوفد يعلم جيدا ما سوف يترتب على هذا القرار!
8_فى انتخابات مجلس الشورى الاخيرة حدث تزوير سافر من جانب النظام الحاكم لدرجة اننا بعد ان كنا نتحدث عن عدم التزوير صرنا نتحدث عن اتقان التزوير حفاظا على سمعة مصر فى الخارج! , ولأن النظام الحاكم لم يتخذ ما يضمن نزاهة الانتخابات القادمة فمن المتوقع ان يتكرر ذات السيناريو فى انتخابات مجلس الشعب ان لم يكن بصورة اسوأ , ما كان يتطلب من احزاب المعارضة تبنى خيار المقاطعة وهو ما لم يحدث!
لا شك ان قرار حزب الوفد المشاركة فى الانتخابات جاء صادما للنخبة السياسية بمصر _ وان كان لا يشكل صدمة بالنسبة لى _ اذ بعد ان تفاءل الكثيرون خيرا بالانتخابات الرئاسية المشرفة بحزب الوفد التى اسفرت عن تغيير رئاسى صاحبه شعبية كبيرة اذ انضم عدد من المثقفين والشخصيات العامة الى الحزب جاء قرار المشاركة فى الانتخابات ليصدم الجميع ويحبط امالهم
ليت الامر اقتصر عند هذا الحد بل ان الدكتور سيد البدوى المحترم قد شن هجوم حقير وغير مبرر على قيادات الجمعية الوطنية للتغيير وفى مقدمتهم الدكتور حسن نافعة المنسق العام للجمعية وصل الى حد البذاءات احيانا حيث قال كما جاء بصحيفة الشروق : " خليك يا دكتور حسن يا نافعة في التدريس وما لكش دعوة بالعمل السياسي" !!
بكل تأكيد فان تلك الصفقة القذرة قد انعكست سلبا على حزب الوفد حيث ادت الى فقدانه كثير من الشعبية التى اكتسبها فى الاونة الاخيرة وهو ما بدت اولى بوادره فى اعلان استقالة بعض المثقفين والشخصيات العامة من الحزب ناهيك عن العار الذى سيظل يلاحق الحزب ابدا اذ لن يغفر له الشعب المصرى تامره مع النظام الحاكم على مستقبله
وكما اعلن حزب الوفد عن عزمه المشاركة فى الانتخابات , وفى سياق ما سبق , فمن المتوقع ايضا ان تشارك احزاب المعارضة بدورها فى الانتخابات وفق ذات الصفقات
ولأن الاخوان المسلمين قد ارهقتهم الاعتقالات التى اشتدت وطأتها خلال الخمس سنوات الاخيرة ولأن النظام الحاكم قد قام بدوره بعقد صفقة اخرى مع الاخوان فمن المتوقع ان تشارك جماعة الاخوان فى انتخابات مجلس الشعب المقبلة وهو ما بدأت ارهاصاته فى تصريح الدكتور عصام العريان القيادى بالجماعة حيث اعلن ان قرارات الجمعية الوطنية للتغيير غير ملزمة للجماعة وانهم يعكفون الان على دراسة خيار المشاركة من عدمه! , (للعلم فقد تغيب الاخوان عن مظاهرة عابدين امس!)
هذا فضلا عن دعم الكنيسة المطلق للنظام الحاكم اذ لكى يضمن الاخير ولاءها فقد قام بتعطيل قانون بناء دور العبادة الموحد للمساومة به الى جانب فتح ملف الفتنة الطائفية مع التلويح بفزاعة الاسلاميين ومن ثم ضمان ولاء الكنيسة وهو ما بدا واضحا فى الاونة الاخيرة حيث شهدت توترات طائفية اثر اعتقال الكنيسة لكاميليا شحاتة , فى تواطؤ واضح من جانب الامن , (يذكر ان البابا شنودة كان قد اعلن ترشيحه لجمال مبارك قبل حتى ان يعلن الاخير رغبته فى ترشيح نفسه للرئاسة!)
بديهى ان مشاركة احزاب المعارضة فى الانتخابات ستضفى نوع من الشرعية لها كما ستوفر غطاء سياسى للنظام الحاكم يحتمى به , وبذلك تكون القوى السياسية المطالبة بالتغيير اعضاء الجمعية الوطنية قد صارت وحيدة فى خندق التغيير مما يتطلب منها بحث خيارات وبدائل جديدة , وفى تقديرى ان ثمة خيارات امامنا تتمثل فيما يلى :
1_الاستمرار فى دعوة الشعب المصرى الى مقاطعة الانتخابات وعدم الاشتراك فى تلك المسرحية الهزلية ومن ثم تصبح فاقدة الشرعية
2_تبنى خيار المشاركة فى الانتخابات بقائمة موحدة بالتنسيق مع جميع الاحزاب والقوى السياسية بمصر مع الحرص على اختيار شخصيات مستقلة ذات مصداقية تحظى باحترام الجميع
3_الطعن فى نتائج الانتخابات من خلال اللجوء لمحكمة العدل الدولية
4_يبقى الخيار الاخير امام القوى السياسية المطالبة بالتغيير الدعوة للعصيان المدنى والثورة الشاملة وهو ما لا اتمناه
#اسلام_احمد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟