|
نحو يوم وطني لفض غشاء البكارة!
رندا قسيس
الحوار المتمدن-العدد: 3120 - 2010 / 9 / 9 - 11:35
المحور:
حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
منذ زمن و أنا أسمع نداءات و استجداءات للمساواة بين الجنسين في المجتمعات الذكورية، مع انني لست من المناضلات في هذا المجال، لأنني اخترت ان أعيش بعيدة، لأستطيع، يوماً ما، الغرق في الحياة بمفهومها الكينوني الشامل. إلا ان كثرة الكلام عن هذا الموضوع حفزتني على تناوله لأفهم قليلاً بعض المعوقات التي تحد من امكانية انتشال المرأة لنفسها من مستنقعها الظلامي، و أعتقد أن هذا الأمر لا يأتي إلا من خلال تغيير جذري في أحلام و سلوكيات الأنثى.
وطد النظام الأبوي مفهوماُ ذكورياً يصب في صالحه، فقد جعل نفسه هدفاً نهائياً للحياة عند المرأة و حلماً يراودها منذ صغرها، و بالطبع رسخ الإله و الدين هذا الشيئ. لا شك في أن المجتمع الأبوي استطاع تحويل المرأة من انسان إلى عبد آلي يهلل لجلاده، لا بل أكثر من ذلك جعلها عدوة لجسدها ، لأعضائها و لبنات جنسها ، فنلاحظ ان معظم النساء اللواتي تدافعن للحصول على حقوقهن، يتحاربن من أفراد جنسهن بشدة.
دعونا في البدء نبحث عن معنى المساواة، لنجدها تعبر عن مساواة في الحقوق و الواجبات في المواطنة، الوظائف و الحقوق المدنية، قبل كل شيئ، و هنا تكمن المشكلة، فكما نعلم ان العبد عاجز عن اعطاء ما يفتقده، أي ان المطالبة و الشكوى المستمرة لن تجدي نفعاً مع مجتمع ذكوري قائم في حد ذاته على اساس التمييز بين أفراده، فالمسلم يعتبر نفسه حبيب الله، و المسيحي ينظر إلى نفسه كإبن للإله... أما إذا نظرنا إلى الأفراد المسيطرين على ميزانية هذه البلدان اقتصادياً، نجد ان الأغنى مادياً يعتبر نفسه السيد الأعلى و يحق له ما لا يحق لغيره، و إذا تجولنا بين دعاة المعرفة، نجدهم عاجزين عن استيعاب أية فكرة إن كانت علمية أو فلسفية أو غيرها لا يعرفوها، ليقوموا برفض كل شيئ لا يدركونه، فهم في تعظيم مستمر لأناهم. وسط هذه "الأنا" المشوه الجماعي المتنوع، تضيع صرخات المرأة، لتصبح عاكسة لتشوهات ذكورية، فنراها تحافظ على عذريتها طمعاً بحنين و مديح ذكوري، فتقدمه في لحظة عاطفية، لفارس أحلامها و كأنها قدمت طبقاً من ماس، تختزل نفسها في عضو تناسلي، ليصبح عضوها التناسلي أساساً جوهرياً لكيانها، لا بل أكثر من ذلك، لا تتباطأ في الهجوم على كل من يحاول مساعدتها، لهذا علينا التوقف قليلاً، لنجد أن الدور السلبي الذي تلعبه المرأة في استعبادها، هو سبب أساسي لاستمرار هذه العبودية. ينظر المجتمع الذكوري من منظار عاطفي منافق إلى المرأة على انها كائن لا يلائمه العمل و الجهد، فهي لا تستطيع تحمل المشقات و الأتعاب، و رأفة بها، عليها المكوث داخل المنزل (معززة مكرمة)، أو بالأصح ذليلة خاضعة لقوة فحلها الذكورية العاجزة عن اعطائها جميع اللذات، إذاً نجد أن التمييز الذكوري يرتدي ثوباً رقيقاً من خلال التلاعب في المفردات و الأخلاق، فالأخلاق ترتكز و خصوصاً في البلدان الدينية على مبدأ ذكوري يصب في مصلحتهم الشخصية.
اتسم تاريخ النضال الأنثوي في الغرب بنضال مستمر من نسائه لنيل حقوقهن تدريجياً من خلال مظاهرات عديدة و أسماء نسائية استطاعت أن تلعب دوراً فعالاً في التغيير، و لاسيما الدخول المكثف للنساء في حقل العمل أثناء الحرب العالمية الأولى، أجبر المجتمع على الاعتراف بهن كقوة اقتصادية، و من ثم رافقت هذه الحركة احتجاجات نسوية جماعية، مع حركة أدبية انثوية... و بالرغم من الاصلاحات و المساواة في القوانين، مازال التغيير جار للحصول على الحقوق في جميع المجالات بشكل كامل.
أعود إلى نساء البلدان الذكورية و التي يتوجب عليها المثابرة في النضال من أجل اكتساب حقوق على مستوى المواطنة، العمل، الارث، حق الطلاق، الزواج الأحادي...، و المثابرة على تغيير المفاهيم الثقافية، الأخلاقية و الدينية، أي انه لا يكفي أن تتمكن المرأة من أن تحول عملها إلى عمل انتاجي في هذه المجتمعات، بل عليها أن تقوم بعملية استقلالية كاملة عن الرجل و ذلك من خلال استقلالية مادية و سكنية، مع التخلي عن فكرة ضرورة وجود الرجل إلى جانبها، أي التحرر منه عاطفياً، و هذا لا يتم إلا بعد ابادة جميع الصفات الذكورية أو الأنثوية ك (غريزة الأم، حنان الأنثى، شهامة الرجل...)، فما هي إلا مفاهيم مؤججة للتمييز بين الجنسين. و لهذا تشعر المرأة في هذه البلدان، و كما أقنعتها هذه الثقافة بضعف فيزيولوجي، و انكسار العضو التناسلي الأنثوي أمام العضو التناسلي الذكري، لهذا أجد انه من الضروري استخدام العضو التناسلي الأنثوي كسلاح أمام الاستبداد الذكوري، فلو قررت النساء اتخاذ اسهل الحلول السلمية من خلال الاضراب عن الارتباط و الانجاب، سيتوقف المجتمع عن التكاثر حتى اشعاراً آخر.
لكن ما هي الحلول التي يمكننا اعادة ثقة المرأة لجسدها، و تكريس مبدأ قوة العضو التناسلي الأنثوي ليكون أداة تحرير و ليس رمزا للعبودية ؟ أعتقد أن الامر يقع على عاتق المنظمات النسائية في عملية التوجيه، و بالأخص على النساء العاملات في هذا الحقل أو ذوات المناصب الرفيعة الحكومية، و القضاء على المفاهيم الذكورية المرتكزة على أساس الحكم الأبوي من خلال الاعلام، السينما، الكتب... فعندما تتخلص المرأة من (كابوسها الوردي) وهو السعي وراء العثور على زوج، لتحقيق أحلامها و طموحاتها، و عندما تكف عن اعتباره هدفاً أساسياً في الحياة، عندئذ نستطيع أن نقول أن عملية التغيير قد بدأت، فالحياة لا تتلخص بإرتباط عاطفي، أو أسروي، بل هي أعمق من جميع الارتباطات العاطفية، الاجتماعية و أقوى من جميع الصيغ المستخدمة للجماعة كالأمان مثلاً، فهي حصيلة خبرات، آلام و سفر في الثقافات... لاستكشاف الذات الحية و التغلغل في صورها العقلية في كل مكان لمحاولة إعادة صياغتها من جديد.
أعتقد أن للحرية ثمن، و لا بد للنساء من دفعه و هو الكف عن الأحلام الوردية، التنازل أيضاًَ عن بعض المكتسبات السطحية الضئيلة و التوقف عن تتويج غشائها العذري، فالمرأة لا تحتاج إلى أي معونات كي تحصل على حريتها، فحريتها و حقوقها لا تؤخذ إلا من خلال ثورة في الفكر تبدأ أولاً على مفهوم الإله المؤجج لثقافة استعباد المرأة، و على ملحقاته الدينية، كي تتمكن من اعادة تركيب ثقافة جديدة، و لهذا أجد أن عليها، في البدء، التخلص من الخوف القابع في أعماق نفسها و استخراج قوتها الدفينة، لتتخلص من عبوديتها من خلال التخلص من غشائها، و الكف عن توطيد شعور المنافسة بينها و بين بنات جنسها لإسترضاء الذكر، بل عليها أولاً الاتحاد معهن لإعلان اعتصام عام ضد القوانين و الأحكام الاجتماعية التي تكبلها و تقيدها لتحرمها من كيانها، و لما لا تبدأ بإعلان يوم وطني جماعي لفض غشاء العذارى!
#رندا_قسيس (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
العصاب لدى رجال الدين
-
الدين: المسبب الأول للعجز الادراكي
-
ذروة النشوة و انسجام الذات
-
الدين و علاقته بالتعنيف اللفظي
-
الدين...اسقاطات الغرائز الطفولية-2
-
الدين...و اسقاطات الغرائز الطفولية-1
-
احياء الاله من الصراعات الداخلية
-
عداء -الانا- للحرية
-
الجماع و لحظة العودة الى الرحم
-
عدوانية الصور الابراهيمية
-
متلازمة الجنس و الموت
-
لا حرية لسارقي الحريات
-
انتعاشات باريسية حرة-2
-
انتعاشات باريسية حرة-1
-
ابناء الخطيئة
-
الفكر، الدين خطان منفصلان
-
هذيان الرسل
-
الدين، وجه آخر للخرافة
-
اللاوعي بين الثابت والمتغير
-
رهاب الالحاد
المزيد.....
-
وزيرة الخارجية الألمانية: روسيا جزء من الأسرة الأوروبية لكنه
...
-
الوكالة الوطنية توضح حقيقة زيادة منحة المرأة الماكثة في المن
...
-
ما حقيقة اعتقال 5 متهمين باغتصاب موظف تعداد في بابل؟
-
مركز حقوقي: نسبة العنف الاسري على الفتيات 73% والذكور 27%
-
بعد أكثر من عام على قبلة روبياليس -المسيئة-.. الآثار السلبية
...
-
استشهاد الصحافية الفلسطينية فاطمة الكريري بعد منعها من العلا
...
-
الطفولة في لبنان تحت رعب العدوان
-
ما هي شروط التقديم على منحة المرأة الماكثة في البيت + كيفية
...
-
الوكالة الوطنية تكشف حقيقة زيادة منحة المرأة الماكثة في البي
...
-
تحديد عيب وراثي رئيسي مرتبط بالعقم عند النساء
المزيد.....
-
الحركة النسوية الإسلامية: المناهج والتحديات
/ ريتا فرج
-
واقع المرأة في إفريقيا جنوب الصحراء
/ ابراهيم محمد جبريل
-
الساحرات، القابلات والممرضات: تاريخ المعالِجات
/ بربارة أيرينريش
-
المرأة الإفريقية والآسيوية وتحديات العصر الرقمي
/ ابراهيم محمد جبريل
-
بعد عقدين من التغيير.. المرأة أسيرة السلطة ألذكورية
/ حنان سالم
-
قرنٌ على ميلاد النسوية في العراق: وكأننا في أول الطريق
/ بلسم مصطفى
-
مشاركة النساء والفتيات في الشأن العام دراسة إستطلاعية
/ رابطة المرأة العراقية
-
اضطهاد النساء مقاربة نقدية
/ رضا الظاهر
-
تأثير جائحة كورونا في الواقع الاقتصادي والاجتماعي والنفسي لل
...
/ رابطة المرأة العراقية
-
وضع النساء في منطقتنا وآفاق التحرر، المنظور الماركسي ضد المن
...
/ أنس رحيمي
المزيد.....
|