التفكير والزمن

صاحب الربيعي

الحوار المتمدن-العدد: 3117 - 2010 / 9 / 6 - 13:44
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    

ليست كل فكرة متداولة في المجتمع فكرة صحيحة ولا كل رأي شائع رأي صائب، فقط الفكرة التي تخضع للتفكير الدقيق ويجري التحقق من صدقها، فعلى الرغم من أن الكثير من الأفكار السائدة لم يجرِ التحقق من صدقها لكنها تجد قبولاً في المجتمع.
لا توجد فكرة من دون غاية تحقق مصلحة ما للفرد فيبذل جهده لتحقق من صدقها تلافياً للإضرار بمصالحه، وكلما كانت الفكرة ذات جدوى اقتصادية عالية جرى التفكير الدقيق بها وإن كانت قليلة الجدوى الاقتصادية لا يبذل الفرد جهد فكري كبير لأجلها.
يتطلب التفكير العميق لتحقق من صدق الفكرة تحليل مكوناتها وتحديد صلاتها فلا توجد فكرة مستقلة عن محيطها، لأن التفكير لا يجري خارج نطاق الوعي فمن دون وجود قصد واعي بماهية الفكرة لا تشتغل آليات التفكير في العقل. فالفكرة المتحقق من صدقها هي نتاج تفكير دقيق وتحليل لمكوناتها داخل خزان العقل، أي أنها نتاج حوارات كثيرة جرت داخل الذات.
يعتقد (( ج. بياجيه )) " أن التفكير حواراً ذاتياً والكلام على الرغم من أنه وسيلة تفاهم مع الآخرين يعدّ وسيلة تفكير أيضاً لتحوله إلى حوار مع الذات ".
إن الشرط الأساس للتفكير وجود دافعاً قوياً مؤثراً سلباً أو إيجاباً، أي أن تعي الذات ماهية الفكرة ليجري التفكير بها، فالعقل لا يشتغل من دون وجود قصد ذاتي وإلا فإنه يعاني خللاً في آلياته.
يؤكد (( جوزايا رويس )) على أنه " لا يوجد تفكير دقيق من دون تحقيق غرض ما يسعى خلاله الفرد ليكون واعياً لماهية الفكرة قبل التفكير بها ".
إن التفكير على الرغم من كونه يشتغل بدافع تحقيق مصلحة ما، لكنه لا يشتغل آلياً لإنجاز فكرة ما من دون وجود عامل زمني يعي ماهيتها لأن مكوناتها متعددة لا تخضع لمقياس تفكير موحد لتحقق من صدقها، فلكل مكون منها خصائص، ولكل خاصية صلات مع محيطها وتحتاج إلى زمن للتفكير. لذلك لا يجوز إغفال عامل الزمن بعدّه عاملاً مهماً في آليات التفكير فقيمة الفكرة وصلاتها تحدد حجم التفكير الذي يتطلب زمناً مرتبطاً بماهية الفكرة وما تحققه من مصلحة ما.
يقول (( جوزيا رويس )) : " إن التفكير الدقيق لا يتحقق آنياً وإنما بحاجة إلى زمن لوعي ماهية الفكرة وتقدير قيمتها الحقيقية أو المثالية، والزمن لا علاقة له بحجم التفكير بماهية الفكرة وحسب، بل مرتبط بتحديد صلات الفكرة مع المحيط ".
الموقع الشخصي للكاتب : http://www.watersexpert.se/

#صاحب_الربيعي (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات