بولس رمزي
الحوار المتمدن-العدد: 3114 - 2010 / 9 / 3 - 06:40
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
كاميليا سيده قبطيه في مقتبل عمرها الذي لم يتجاوز الخمسة وعشرون عاما, بنت احدي قري صعيد مصر كانت الاسعد حظا بين فتيات القريه عندما تقدم لخطبتها شابا وسيما يقاربها في عمرها رشحتها الكنيسه لكي تكون هي الزوجة الصالحه للشاب تداوس المزمع رسامته كاهنا للقريه عقب عقد قرانه بها وعمت الفرحه بين افراد اسرة الفتاه الصغيره لفوزهم بهذا الشرف الرفيع الذي نالته اسرتها البسيطه باقتران ابنتهم بكاهن القريه الجديد الشاب الوسيم تداوس , وتمت رسامة تداوس كاهنا لكنيسة مارجرجس بديرمواس بالمنيا واصبحت كاميليا سيدة القريه الاولي الجميع يحبونها ويعاملونها باحترام بصفتها زوجة كاهن كنيستهم , كل بنات الكنيسه تناديها بلقب "تاسوني كاميليا" وهي كلمه قبطيه معناها "الاخت كاميليا"
تحولت حياة كاميليا واصبحت في صورة "تاسوني كاميليا " فقد اصبحت زوجة الكاهن وسيدة فتيات القريه اللاتي يجدن فيها الاكثر حكمه والاقرب لقلوبهن وحافظة اسرارهن والعامل المشترك في حل اغلب مشاكلهن .
نسي الجميع حياة كاميليا الخاصه ومشاكلها الشخصيه واصبحت كاميليا الشخصيه المكلفه بحل مشاكل فتيات القريه , ولم تجد كاميليا من يحل لها مشاكلها هي , تلجأ لمن وهي سيدة القوم تشتكي لمن وهي التي يشتكي لها ؟؟.
الكاهن تداوس لم يستطع الفصل بين حياته الخاصه مع زوجته وحياته العامه كراعي وكاهنا للكنيسه واصيب بالغطرسه والكبرياء داخل اسرته الصغيره ونسي انه داخل جدران منزله لابد وان يتجرد من ملابس الكهنوت ويعيش علي الارض بين افراد اسرته البسيطه ويحيا حياتا عاديه كاي زوجان محبان يتمتعان بحياتهما الزوجيه وليس كاهنا اعتاد علي اجلال اهل القريه له والانحناء له وتقبيل يده ويرغب في ان يكون هكذا ايضا مع زوجته ان تنحني له كلما تراه وان تقبل يداه كلما مر بجوارها ونسي رغبات زوجته الانسانيه في ان تكون زوجه وحبيبه ومعشوقه لزوجها تسمع منه احلي واجمل كلمات الحب والعشق . ولكن تداوس وكبرياء الكاهن ظل معه في بيته ولم ينزل علي الارض ليعيش حياته الخاصه جدا مع زوجته كسائر الرجال ويعطيها هذا العشق الذي حرمت نفسها منه لكي تناله من زوجها مثلها مثل اي امرأه في القريه .
تحولت كاميليا من سيدة مجتمع علي مستوي قريتها البسيطه الي سيده حاقده علي بنات جيلها عندما تستمع الي رواياتهن وعلاقاتهن مع ازواجهن وكلما قارنت هذا بعلاقتها بزوجها تحول شعورها بالزهو كونها زوجة كاهن القريه الشخصيه المرموقه بين اقباط قريتها الي الشعور بالحسره والغيره والندم علي ارتباطها بالكاهن مدي الحياة والشعور بانه لا يلبي احتياجاتها وتحول هذا الشعور تدريجيا الي الاحباط والشعور بالمعاناه وبالنظر الي قوانين الكنيسه الحازمه في امر الطلاق المرفوض نهائيا شعرت كاميليا انها اصبحت لاشئ واصبحت عدم!!
لم يكن في مقدورها الاستعاضه بعلاقه مع ايا من الشباب القبطي في القريه نظرا لما تلاقيه من الوقار والقدوه والتقديس من شباب اقباط القريه الامر الذي يمنعها مجرد التفكير في ان تحب او تكون محبوبه لايا منهم
ووجدت كاميليا ضالتها في احد زملاؤها من المدرسين في المدرسه التي تعمل بها وجدت فيه الحب والعشق والهيام والغرام كلها امورا قد تكون تافهه في نظر البعض لكن لم يلتفت احد كونها انسانه لها قلب ولها وجدان ومشاعر واحاسيس لم يفكر الكاهن في تحريكهما لانها امورا تافهه من وجهة نظره لاينبغي له ككاهن ان ينزل الي هذا المستوي ويعطي زوجته الحب والعشق ويتعامل مع احاسيسها ووجدانها ويحركهما ويحولها من مجرد زوجة كاهن الي انسانه عاشقه لزوجها لم يستطع ان يحرك احاسيسها ووجدانها قبل ان يحرك غرائز جسدها فقط .
لقد كفرت كاميليا بهذه القيود الكهنوتيه . لقد كفرت كاميليا بتاسوني كاميليا وارادت ان تكون كاميليا فقط ارادت ان تكون كاميليا المحبوبه والمعشوقه , فقد كرهت كاميليا "تاسوني كاميليا" وارادت ان تتخلص منها ولم تجد مفرا من ذلك سوي الهروب من هذا الكهنوت والتحرر منه وهربت كاميليا من حياتها هربت من تلك القدسيه التي لم تجن منها سوي مرارة وعذاب النفس والحرمان من انوثتها الطاغيه
الدروس المستفاده من اختفاء كاميليا:
اولا- يجب علي الكنيسه تثقيف الكهنه الجدد علي كيفية التعامل مع زوجاتهم وكيف يكون محبوبا وعاشقا وصديقا لزوجته العلاقات الزوجيه لايمكن اختصارها علي العلاقه الجنسيه فقط فهذا لا يمكن ان يشبع رغبات المرأه واحتياجاتها المرأه دائما في حاجه الي ان تكون معشوقة زوجها وليست وسيله للمتعه فقط
ثانيا- يجب علي الكنيسه اعادة النظر في رسامة الشباب حديثي السن وينبغي ان يكون الكاهن الجديد متزوجا ويعيش حياتا اسريه هادئه مده لا تقل عن عشر سنوات قبل رسامته
ثالثا- ماحدث مع كاميليا لم يكن اول واخر الاحداث ولم يقتصر علي الكهنه فقط بل يحدث في الكثير من الاسر والعائلات وهذا امرا مجتمعيا طبيعيا ولابد وان ننظر الي هذه الحالات نظره مجتمعيه صادقه فايهما افضل ؟ حصول الزوج او الزوجه علي الطلاق ام لجوء احدهما او كليهما الي علاقات محرمه مع اخرون ؟ ام الهروب من الحياه الزوجيه ومن الدين نفسه الذي جعلناه سيفا مسلطا علي رقاب البشر وارغامهم علي الحياة مع اشخاصا لايطيقون الحياة معهم !!! ادخلوا بالقوانين الكنسيه الي داخل جدران الكنيسه , ويجب ان يكون للدوله قانونا مدنيا يلجأ اليه من يرغب في هذا ليكون ضوء امل في حياة جديده
رابعا- كثيرا ما طالبنا الدوله تفعيل حرية الاعتقاد وكما انه من حق المسيحي ان يتحول الي الديانه الاسلاميه ايضا من حق المسلم التحول الي المسيحيه وهناك الكثير من حالات التنصر المعلنه ومن امثلتها تنصر كلا من نجلاء الامام ومحمد حجازي وزوجته وغيرهما ولم نري او نسمع ان مشايخ الازهر حشدوا شبابهم وتظاهروا منادين امن الدوله بتسليمهم هذا الشخص او تلك ولم نري او نسمع ايضا ان استلم الازهر شخصا ابدي رغبته في التحول الي المسيحيه واحتجزه في مكانا غير معلوما , ولكن لدينا وفاء قسطنطين محتجزه منذ فتره ليست بالوجيزه ولم يعرف احدا عنها شيئا ولم تظهر مجرد الظهور باحدي القنوات القبطيه التي تمتلكها الكنيسه لكي تقول لنا انها تعيش حياتها العاديه وانها مازالت مسيحيه ولا تقبل التحول الي اي ديانه اخري واعتقد ان كاميليا سوف تلاقي نفس مصير وفاء قسطنطين . يجب علي الكنيسه ترك لكل من وفاء قسطنطين وكاميليا حق الاختيار وان تتقبل اختياراتهما ايا كان هذا الاختيار سواء كان بالاستمرار في المسيحيه او التحول الي الاسلام فهذا الامر لن يضر بالمسيحيه ويجب ان نتعلم ان ليس فيه نصرا لدينا علي اخرا هذه حرية انسان في الاختيار لاينبغي ان يأخذ حجما اكبر من حجمه فانه لو كانت تركت كاميليا وشانها في اختيار ماتري انه يلبي احتياجاتها ماكان احدا شعر بها وماكانت هذه الضجه والحماس والفتن الطائفيه التي تحدق بالمجتمع لسببا تافها وتعصبا غبيا ممقوتا وغير مقبولا
خامسا- الي قداسة البابا شنوده وهنا انا لا املي علي قداسته شروطا او وصايا لكن لصالح مصر وحماية النسيج الوطني من الفتن الطائفيه ينبغي اتخاذ قرارين في منتهي الصعوبه لكنها قرارات مطلوبه بالحاح في وقتنا الراهن وهما :
القرار الاول: استدعاء كاميليا والاستماع اليها وبناء عليه تقرير تركها وشانها
فاذا كانت ماتزال راغبه في التحول الي الاسلام ان تقوم الكنيسه بنفسها
بارسالها الي مشيخة الازهر لاستكمال اشهار اسلامها اما اذا كانت راغبه في
البقاء علي مسيحيتها لابد وان تثبت ذلك للجميع وان تترك لها مساحه اعلاميه
واسعه علي الفضائيات القبطيه وان يترك لبعض الصحفيين المسلمين محاورتها
ونشر وقائع هذه الحوارات بالصحف والاعلام المصري وانهاء هذه الازمه
التافهه المفتعله
القرار الثاني : لابد من صدور قرارا بشلح الكاهن تداوس كاهن كنيسة مارجرجس بديرمواس فمن لا يصلح في ان يكون راعيا لاسرته الصغيره لا يصلح في ان يكون راعيا لشعب الكنيسه
سادسا – لابد من تثقيف الشعب القبطي علي عدم تاليه الكهنه او اعتبارهم ملائكه علي الارض فهم في الاول والاخير بشرا مثلنا احيانا يخطئون مثلنا واحيانا اخري يصيبون ايضا
اخيرا
اللهم فبلغت اللهم فاشهد وقد اعذر من انذر
#بولس_رمزي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟