|
المفلسون اخوان الشياطون
محمد الرديني
الحوار المتمدن-العدد: 3112 - 2010 / 9 / 1 - 11:08
المحور:
كتابات ساخرة
المفلسون انواع كما قال ابو العتاهية ابن هريرة النقشبندي صاحب المؤلفات الغنية بالعبر والوعظ والارشاد، فمنهم من امتلآت جيوبه وفرغ عقله وظل طول حياته يبحث عما يملأ به هذا العقل ولكن هيهات فهو امام خيارين اما الجيوب المملوءة او العقول المتنورة ومابين هذا وذاك جبال ساريات. ومنهم من آثر القناعة بالقليل فامضى نصف قرن من حياته اسيرا الى كرسي الوظيفة لايطيق عنه بعادا ولا فراقا وحين يقفز الى سن السبعين يجد انه يعيش بين جدران غرفة سقفها رطب ،وحيدا لا احد يسمعه ولايكلم احدا متمنيا ان يقبل به بن لادن ليفخخ نفسه في احد شوارع بغداد. ومنهم – وهذا الذي يقول عنه النقشبندي انه اكثر شهرة وتطورا من اخواته السابقات – من يزدري الثروة والمال ويتخذ من الحلم نبيا ورسولا وحبيبا يكلمه اناء الليل واطراف النهار. ومن الطريف ان صاحبنا النقشبندي قد حبر الصفحات تلو الصفحات في شرح سجايا هؤلاء القوم المفلسين الذين برعوا في الحساب والجبر وتحليل الارقام. مقدما لنا متعة قراءة سيرة حياة هؤلاء باسلوب طريف عفيف ولغة ليست هائجة مائجة كما يحلو لكتاب التاريخ هذه الايام. ففي الباب الثامن من الفصل الرابع من كتابه "المفلسون اخوان الشياطون" يحدثنا عن مجموعة من هؤلاء تجردت من الحسد والغيرة ولم تمد بوزها في شوؤن الغير الا فيما ندر ويسرد بعض حكاياهم كأنه عاش بينهم اياما وليال. يقول عنهم: ان هؤلاء القوم يجتمعون كل ليلة في مزرعة بعيد عن المدينة وصخبها، تضيء وجوههم خمس شمعات لاغير وضعت في وسط الديوان فيما وضعت كوؤس الراح على مبعدة مع تلافيف قطع الجبنة البيضاء والزيتون الاسود واللبن الرائب واللبلبي الاصفر ذو المذاق المهروس المشبع بالثوم والخيار التعروزي. ويقول – ايها السادة – في ليلة من ليالي الشتاء الباردة حيث لايحتاج القوم الى الكهرباء بل يوقدون نارا وقودها "المطال" اي روث البقر انبرى احدهم قائلا: يحيرني ايها المجتمعون ما يحدث في بعض البلاد الغنية التي لم تعرف سوى ملء جيوب بعض سكانها وتصدير الخواء – ارجوكم لاتقلبوا الواو الى الراء - الى عقولهم فهم بذلك اصبحوا في واد والعالم الحقيقي في واد آخر, وجاءت مناسبة هذا الحديث كما يقول صاحبنا حين طرق سمعه ان دولة الكويت تعتزم القيام بالتعداد السكاني لهذا العام وعينت 1200 شخص مابين مراقب ومشرف ومسجل لاتمام هذه المهمة ،وسرعان مامسك الورقة والقلم واخذ يشخبط ويسجل الارقام التي غابت عن ادارة هذه الاحصاءات وجيش العاملين الذي يقف وراءها. واخذ يسجل الملاحظات التالية: اولا: لو افترضنا ان راتب امير هذه الدولة لايتجاوز 30 مليون دولار في الشهر عدا مخصصات الخدم والحشم والسواقين والرعاة والبلوش المشرفين على الزرائب والحظائر وغيرها فهذا يعني انه يتقاضى مليون دولار يوميا اي 41666 دولارا وعدد من السنتات في الساعة الواحدة اي حوالي 12 دولارا في الثانية وهذا يعني انه حتى في وقت الصلاة التي تستمر لاكثر من خمس دقائق فانه يتقاضى من ربه حوالي 5 آلاف دولار لأدائه هذه الفريضة اما اذا ذهب الى الحمام فانه سيكون سعيدا اذا شعر بمغص ما في معدته حيث يطول به المقام هناك ويتقاضى 6940 دولارا وهو كما نرى ضعف راتبه حين يؤدي فريضة الصلاة – ليس بضمنها صلاة التراويح فلذلك حديث آخر – فاصل: ارموا هذه الارقام على جنب وتعالوا الى الملاحظة الثانية. عدد سكان الكويت في هذه الايام 3 مليون و250 الف نسمة وهم بذلك لايتجاوزون في عددهم زبائن احد النوادي الليلية في شنغهاي. وفي هذه النوادي كما في غيرها ايها السادة يجري تسجيل عدد الداخلين وعدد الخارجين في كل ليلة وفي نهاية الاسبوع يتم تفريغ هذه الاحصائيات لمقارنتها باحصائيات الاسبوع الماضي والذي سبقه لاكتشاف مايمكن اكتشافه ولا ننسى ان االمشرفين والمشرفات على هذا الاحصاء لايتجاوز عددهم اثنان وثالثهم الكمبيوتر ولكن اميرنا وطاقمه الفني اراد ان يطعم القوم بما يليق بهم فتم تعيين 1200 موظف للاشراف على عملية الدخول والخروج لانه يريد ان يحسن من مستوى معيشة الرعاع الذين يعيشون تحت ظله المصون فاستحدث هذا الاحصاء الذي التزم به بناءا على مقررات مجلس التعاون الخليجي. ولم تفد صرخات بعض الناس الذين الهمهم الله وميضا بالعقل حين قالوا لم نسمع في اية دولة كافرة انهم يقومون بالاحصاء لان مواليدهم تسجل بعد انتهاء طلق المرأة وامواتهم يسجلون في دفتر الوفيات بعد قراءة القس صلاة الميت وشرب الانخاب، واي عابر سبيل يعرف عدد سكان شعبه اذا سأل احدى الموظفات الحسناوات في وزارة الداخلية او مكاتب الخبرة الرقمية المنتشرة مثل انتشار مواقف الحافلات في الشوارع العامة. الملاحظة الثالثة: تتعلق هذه باحصاءات عدد الشركات العاملة والمصانع وروؤس الاموال الموظفة فيها وهي كما يفعل الكفار الذين يجعلون ابواب غرف التجارة مشرعة "للرايح والجاي" فاذا اراد احدهم ان يسجل شركته او مصنعه فما عليه الا ان يسجل الاسم التجاري في احد الكمبيوترات المنتشرة في قاعة المراجعين ويستلم ايصالا بهذا الاسم المسجل الذي اصبح حكرا له دون الحاجة لان يرى موظفة الاستقبال او موظف الاحصاء الذي غالبا ما تشبه عينيه رقمي 55 متوسطة الحجم في البلدان الخايبة. الملاحظة الرابعة: فيما يشبه الحلم يقول صاحبنا لو جرى استقطاع بعض الدولارات من مخصصات وقت ذهاب هؤلاء الامراء الى التواليت وتوزيعها على الرعاة من المواطنين الكويتين – ومنهم البدون – لحالوا بينهم وبين بن لادن ليتلاعب في عقولهم ولحازوا على احترام الدول الكافرة وغضب الجيران الاشاوس. الملاحظة الخامسة: ليس من العدل الالهي ان يتم صرف اكثر 42 الف دولار في الساعة لشخص واحد بينما يعيش اكثر من 42 الف شخص على دولار واحد في الساعة ، هذا اذا كان مرضيا عليه، انها فعلا معادلة تقود الى الكفر بكل قيم هؤلاء ودينهم الشهم. اذ كيف يمكن ان يتحدثوا عن الاخلاق والمساواة التي هي كأسنان المشط ومخصصاتهم تصرف حتى في وقت صلاتهم بينما يبتهل الاخرين في صلاتهم الى رب العزة ليرزقهم فقط بالف دولار ليشتروا سيارة لاتعطل في الطريق او عربونا لشقة لايخر سقفها بعد الانتهاء من صلاة الاستسقاء. الملاحظة السادسة: مخصصة الى جياع رجال طلبان الذين وجدوا ان الله ارسل لهم لهم الطعام والكساء من دول الكفار حيث سارعوا الى قتل من قتل من رجال الاغاثة والاستيلاء على طعام 20 مليون باكستاني شردتهم الامطار والفيضانات في الاسبوعين الماضيين.، وكان ذلك من حقهم فهم واميرهم لم يذوقوا البسكويت والرز المحمر ولم يطعموا اولادهم الخبز المصفى وبودرة اللبن الطازج والايس كريم الملون مع الزبيب والطحين بالوانه ومشتقاته والباميا المثلجة والكاري الذي يلهب المشاعر ويجعل الليل رخيما ساحرا في غرف النوم. الملاحظة السابعة والاخيرة: لن يكتب لهذه الملاحظة ان تدون فقد صاح احد الحاضرين : ولك خلصت الشمعات وماعندنا فلوس نشتري شمعات لليالي المقبلة، اسكت الله يخليك. وسكت صاحبنا عن الكلام المباح.
#محمد_الرديني (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ياأهل قريش ها اني اعلن اسلامي بين ايديكم
-
كيف يكبر الصوص في بيت اللصوص
-
سعودية اسرائيلية في قمة عربية
-
حجا والحمار وأنا
-
اية مقاومة..اية ديمقراطية..اية تظاهرات؟؟
-
انا عراقي والسيستاني عراقي!!
-
ما أندل دلوني يابابا ، درب المحطة منين
-
المخابرات نوعان كما قال عبد المجيد الفرحان
-
السهو والخطأ مرجوع للطرفين
-
ارجوكم انحنوا معي الى الموقر عمرو موسى
-
حزب شيوعي لصاحبه عبد الحميد الباججي
-
اسباب انحسار الماء في نظر السادة العلماء
-
الله يلعنكم ايها العلمانيين
-
الايدز داء شرعي في النجف الاشرف
-
لحوم حمير مجمدة في رمضان المبارك
-
منو أنت؟؟
-
والله انا سلفي غصبا عنكم
-
ايها المسلمون اسمعوا وعوا
-
كروش ملهوفة تنتظر التنبلة الرمضانية
-
شدوا راسكم ياقرعان..رمضان بعد ايام
المزيد.....
-
-البحث عن منفذ لخروج السيد رامبو- في دور السينما مطلع 2025
-
مهرجان مراكش يكرم المخرج الكندي ديفيد كروننبرغ
-
أفلام تتناول المثلية الجنسية تطغى على النقاش في مهرجان مراكش
...
-
الروائي إبراهيم فرغلي: الذكاء الاصطناعي وسيلة محدودي الموهبة
...
-
المخرج الصربي أمير كوستوريتسا: أشعر أنني روسي
-
بوتين يعلق على فيلم -شعب المسيح في عصرنا-
-
من المسرح إلى -أم كلثوم-.. رحلة منى زكي بين المغامرة والتجدي
...
-
مهرجان العراق الدولي للأطفال.. رسالة أمل واستثمار في المستقب
...
-
بوراك أوزجيفيت في موسكو لتصوير مسلسل روسي
-
تبادل معارض للفن في فترة حكم السلالات الإمبراطورية بين روسيا
...
المزيد.....
-
فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط
/ سامى لبيب
-
وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4)
...
/ غياث المرزوق
-
التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت
/ محمد فشفاشي
-
سَلَامُ ليَـــــالِيك
/ مزوار محمد سعيد
-
سور الأزبكية : مقامة أدبية
/ ماجد هاشم كيلاني
-
مقامات الكيلاني
/ ماجد هاشم كيلاني
-
االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب
/ سامي عبدالعال
-
تخاريف
/ أيمن زهري
-
البنطلون لأ
/ خالد ابوعليو
-
مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل
/ نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم
المزيد.....
|