|
واقع منظمات المجتمع المدني في العراق..
كريم الشريفي
الحوار المتمدن-العدد: 3111 - 2010 / 8 / 31 - 18:04
المحور:
حقوق الانسان
يعتبر علماء الأجتماع السياسي والأقتصاد أن كل المجتمعات الأنسانية منذ فجر التأريخ هي مجتمعات مدنية بالضرورة مهما كانت الأطوار التي مرت بها، والتغيرات التي طرأت عليها .لكن العلاقات تحددت فيما بعد بنشوء الدولة (كمجتمع سياسي) والمجتمع المدني هو ( العائلة والمجتمع كونهما حقائق موجودة قبل تبلور مفهوم الدولة حتى أصبحا وجهاً من وجوه الدولة) يقول ماركس .بينما الفيلسوف هيجل يقول: صنعت الدولة لغرض المحافظة على العلاقة من اجزاء تضاف الى أجزاء لتكون المجتمع المدني).ويرد ماركس عليه (بأن الدولة هي كيان فضولي يخفي المجتمع الحقيقي ، وهي أي الدولة وهم ، هي ايديولوجية ،بل هي بناء فوقي وشكل مظهري وهي بروز طفولي ابتلع كل بنيان المجتمع المدني ، لانها أُنشئت على أثر تقسيم عمل منظمة، أو مؤسسة خاصة منفصلة عن المجتمع المدني ).ويؤكد انجلز ان السلطة هي أداة بيد الدولة لان المجتمع يمّر في صراع مرير ، والحاجة تتطلب وجود السلطة التي تضع نفسها فوق المجتمع . بهذا التفسير رسخ انجلز وظيفة الدولة ضمن خصوصية المجتمع المدني . والصراع الحاصل الآن بين الدولة والمجتمع المدني في العراق يتجسد فيه هذا الفهم والتفسير ، لان الدولة بدأت تفرض سيطرتها على التشكيلات المنظمة للمجتمع المدني ( أي منظمات المجتمع المدني) وتتدخل في آلية عملها وتشدد المراقبة عليها وتقرر بقاء من تشاء وتغلق من تشاء بحجج ضرورة الأمن، أوضرورات المجتمع تقتضي ذلك ، وهذا التصرف يُفرغ منظمات المجتمع المدني من مضامينها وأهدافها بشّل حركتها.نعود الى لبّ الموضوع. رغم التجربة المتواضعة لمنظمات المجتمع المدني كونها حديثة العهد في الواقع العراقي .إلا أن البعض منها أثبت جدارة تستحق التقدير والثناء والأشادة بها رغم كل المعوقات التي تواجهها .بأمكانيات متواضعة وبجهد متواصل واصرار حققت بعض هذه المنظمات خدمات رائعة على الأرض خصوصاً المنظمات التي تتعاطى بحقوق الأنسان بكل اشكالها المدنية والشخصية، اضافة الى موضوعات آخرى مثل مهجرين الداخل، والرقابة على اداء الدوائر التنفيذية في دوائر الحكومات المحلية، ومساعدة المحتاجين والأرامل والأيتام ..نقولها كوننا مهتمين بالأمر وبمهنية خالصة ان النجاح الذي تحقق على الأرض لايمكن أن تغفله عين الأنسان المحايد، ولايستطيع تجاهله مهما كانت موضوعية . أن الكثير يجهل طبيعة قوانين المنظمات المدنية وينظر لها على انها أما ترف للدعاية الشخصية أو لغرض المراءات الأجتماعية ، والطموحات الضيقة لبعض المرضى ، أو تبشير بالظّل لأحزاب سياسية تكون رديفة لتحقيق أهدافها عبر هذا الكيان ،وكلنا يعرف جميع الأحزاب السياسية تقريباً لها اكثر من منطمة مجتمع مدني وتروج لحزبها وقت الحاجة، بل أكثر من ذلك البعض منها له 6 أو 5 منظمات مجتمع مدني ومارست هذه المنظمات ترويج ودعاية واضحة لأحزابها خلال الأنتخابات الأخيرة والسابقة لها . لم يروق للحكومة أداء بعض المنظمات لذلك بدأت بتشديد واضح على عملية تسجيلها ،ناهيك عن البيرقراطية الإدارية الموجودة سابقاً في تسجيل المنظمات لمحاولة ثنيها بكم هائل من الشروط المُعرقلة حتى لاترى النور، وأكثرها اجحافاً شرط الموافقة على التسجيل من قبل دائرة تابعة الى مجلس الوزراء ،بعد ان كانت وزارة المجتمع المدني هي التي تشرف على التسجيل لكنها وقعت فريسة بيّد عدد من الأميين التابعين الى ميليشيات معروفة، وهذه الوزارة بدورها تحولت الى مخفر أمني لكل من يدخل إليها بحجة أن المنظمات الغير مسجلة ستُلغى مالم تصرح وتعترف بالنشاطات التي تقوم بها لمعرفة مصادر المال لهذه المنظمات حتى تتم عملية النصب خصوصاً إذا كانت منظمة مسجلة بالغرب،يتحول عناصر الأدارة الى لجان محاكم تفتيش جديدة لمحاربة أي نواة مجتمع مدني كون الفكرة هي بدعة من الغرب الكافر، لكن لايصرحون بذلك علناً، بينما كانت وزارة التخطيط هي التي تشرف على تسجيل المنظمات الغير حكومية وليس لها حق التدخل من بعيد أو قريب بسياسة المنظمة طالما هناك استيفاء لشروط التسجيل وعلى من يريد تسجيل منظمته أن يلتزم بهذه الشروط أما إذا ارتكبت المنظمة أي مخالفة تتعرض للمساءلة من قبل هيئات قانونية مهنية متخصصة تمثل منظمات المحتمع المدني . الغريب ان الحكومة تحولت الى وصي على نشاطات هذه المنظمات بحجة ان بعض المنظمات تقوم بنشاطات ذات تمويل مشبوه ، وبدأت تراقب من قبل وكلاء ولجان شبه أمنية خاصة تقوم بزيارات ميدانية لمواقع وأماكن ومكاتب هذه المنظمات، وأحياناً تقوم بأقتحام مقرات هذه المنظمات خصوصاً في المحافظات ( بابل على وجهة التحديد). من أعطى هذا الحق لغلق هذه المنظمة أو تلك ؟ رغم هذا التعسف والمبالغة من قبل الحكومة إلا ان هناك اشخاص يبتغون تغيير جذري للمجتمع العراقي بجعله مجتمع مدني وحضاري من خلال الدور الحقيقي لمنظمات المجتمع المدني ولا زالوا مستمرين رغم شحة اليدّ وقلة الحيلة ادراكاً منهم أن الوقت قد حان لتحويل المجتمع العراقي من مجتمع عشائري وقبلي ومناطقي ومحاصصي الى مجتمع مدني يسوده القانون. أن التبشير بدور لمجتمع مدني لازال في طوره الطفولي في العراق لانه علم سبقتنا الشعوب المتقدمة إليه ولانريد المزايدة عليهم مثلما يدعي البعض بأن أفكار الحقوق المدنية نابعة من بيئة الصحراء العربية وهي محفوظة في بطون الكتب !!! العبرة ليس ان يكون العلم في بطون الكتب بل في تطبيقه على الأرض .وإلا ما هذا التراكم الموجود لدينا من الآلآم والمعاناة والفقر والتعسفوالظلم .. من يدعي خلاف ما نقوله عليه قرأة تأريخ الحقوق المدنية للشعوب في فرنسا، أمريكا ، بريطانيا . أصبح علم الحقوق المدنية علم مستقل يعتد به ويُقرر كمنهاج دراسة في أفضل الجامعات بالعالم. وقبل ان ننهي حديثنا علينا ان نعطي كلِ ذي حق حقة حيث منظمات في العراق وخصوصا، في محافظة بابل قدمت خدمات انسانية رائعة يشهد لها المستفيدون قبل غيرهم ، لاسيما منظمة بابل لحقوق الأنسان رغم شحة الدعم، ومؤسسة الحياة الجديدة الأنسانية ،وبنت الرافدين، ومنظمات آخرى كثيرة حقيقة انها منظمات فاعلة وتعمل بشكل طوعي مشهود لها، لذلك نطالب المانحين بالتعاون مع هذه المنظمات بالمشاريع المستقبلية كونها نظيفة اليد ويمكن أن تكون رافداً لنهر المجتمع المدني في العراق الجديد . كريم الشريفي
#كريم_الشريفي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الفقراء أحق من المدراء يارئيس الوزراء!
-
إبداع الأمم يُقاس بعدد منتّجي المعرفة لديها!
-
المومياء عدنان ال(ﭘﺎرﮀﻪ ﭽ
...
-
الشعب العراقي يطالب المالكي بتعويضات عن إصراره على الترشيح!
-
التيار الصدري سيُفشل ترشيح المالكي لرئاسة الحكومة المقبلة!
-
تظاهرة الكهرباء ..دروس وعبر !
-
حلبّجة... وشماً غائراً في ضمائرنا..
-
الفضائح المسكوت عنها..!
-
الإنتخابات الماراثونية للبرلمان العراقي 2/2
-
إقبال الناخبين يدعو للأعجاب الشديد..!
-
الإنتخابات الماراثونية للبرلمان العراقي 1/2
-
(المكتوب مقروء من عنوانه ) إتحاد الشعب نموذجاً!
-
الأنتخابات الفضائحية
-
أيهما سينتحر أولاً .. الهاشمي أم المالكي؟
-
لا...لكاتم الصوت !
-
الخَيلُ أَعلمُ بِفُرسانِها!
-
تأجيل الإنتخابات المقبلة سيخلق فراغا دستوريا في العراق 2/2!
-
تأجيل الإنتخابات المقبلة سيخلق فراغا دستوريا في العراق 1/2!
-
من مخلفات الثقافة العرجاء..
-
كرنفال أُممي للشيوعية...!
المزيد.....
-
5 شهداء وعشرات الإصابات بقصف الاحتلال خيام النازحين بخانيونس
...
-
شهيدان وأكثر من 20 جريح بقصف الاحتلال خيام النازحين بخانيونس
...
-
مدفيديف: روسيا تدعم قرارات الأمم المتحدة لحل الصراع الفلسطين
...
-
مذكرة اعتقال نتانياهو.. هل تتخذ إدارة ترامب المقبلة -خطوات ع
...
-
نتنياهو وغالانت والضيف: ماذا نعرف عن الشخصيات الثلاثة المطلو
...
-
زاخاروفا تعلق بسخرية على تهديد أمريكي للجنائية الدولية بشأن
...
-
ما هو نظام روما الأساسي الخاص بالمحكمة الجنائية الدولية؟
-
كيف ستؤثر مذكرات الاعتقال بحق نتنياهو وغالانت على حرب غزة ول
...
-
إسرائيل تقصر الاعتقال الإداري على الفلسطينيين دون المستوطنين
...
-
بين فرح وصدمة.. شاهد ما قاله فلسطينيون وإسرائيليون عن مذكرات
...
المزيد.....
-
مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي
/ عبد الحسين شعبان
-
حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
-
فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة
/ زهير الخويلدي
-
المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
-
نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا
...
/ يسار محمد سلمان حسن
-
الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
-
نطاق الشامل لحقوق الانسان
/ أشرف المجدول
-
تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية
/ نزيهة التركى
-
الكمائن الرمادية
/ مركز اريج لحقوق الانسان
-
على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
المزيد.....
|