|
ما حدث في قاعة البروتستانت انجاز تاريخي لدايتون
راسم عبيدات
الحوار المتمدن-العدد: 3109 - 2010 / 8 / 29 - 10:06
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
.....ما حدث في قاعة البروتستانت برام الله يوم الأربعاء 25/8/2010 من منع عقد المؤتمر الوطني لمناهضة المفاوضات المباشرة،ليس بالحدث العرضي أو العابر أو الفردي أو المعزول،بل هو نتاج لثقافة مرحلة كاملة وممتدة،مرحلة أوسلو ،تلك الثقافة التي هتكت ودمرت النسيج المجتمعي الفلسطيني،وقصمت المجتمع الفلسطيني وشطرته ليس سياسياً وجغرافياً بل ومجتمعياً،وأوسلو أشاع وشرع ثقافة البلطجة والزعرنة وكرس وشرع المليشيات العشائرية والقبلية والجهوية والحزبية،تلك المليشيات التي تعتمد في نشاطها وانفلاتها وبلطجتها وزعرنتها وفسادها وإفسادها على حواضن وامتدادات لها في قمة الهرم السياسي والأمني،وهذه المظاهر والظواهر آخذة بالتكريس والتعمق في المجتمع الفلسطيني،وهنا يأتي دور قوى الأمن والشرطة في التصدي ومحاربة واجتثاث هذه الظواهر والمظاهر وتحقيق الأمن للوطن والمواطن،وليس التدخل في الشؤون السياسية وملاحقة ومطاردة قوى المقاومة وتكميم الأفواه ومنع حرية الرأي والتعبير،ولكن يبدو أن لدايتون الذي أشرف على تدريب الأجهزة الأمنية الفلسطينية،أهداف وأجندات خبيثة تتعارض مع مصالح الشعب الفلسطيني وأمنه ومقاومته،حيث وضع نصب عينيه على حد توصيفه،مهمة خلق الإنسان الفلسطيني الجديد،هذا الإنسان الذي لا ينتمي إلى أي من الفصائل الفلسطينية،ولم يكن له ماض أو سجل في العمل المقاوم ضد إسرائيل ومستعد لمحاربة ما يسمى "بالإرهاب" قوى المقاومة،وها هو دايتون ومهمته تقارب على الانتهاء يحقق انجازاً تاريخياً غير مسبوق في الوصول لمثل هذا الهدف،وما مورس بحق قيادات وأبناء شعبنا الذين أرادوا أن يعبروا عن رفضهم الذهاب للمفاوضات المباشرة بدون مرجعية وبدون وقف للاستيطان وغطاء شعبي،ليس إلا نتاج لتلك التربية والثقافة،ويثبت إلى أي مدى من الانحطاط وصل إليه النظام السياسي الفلسطيني،والذي قبل إنجاز عملية التحرر يمارس القمع وكم الأفواه ومنع حرية الرأي والتعبير،وبما يشكل طعنة غادرة لنضالات وتضحيات شعبنا،ومؤشر على درجة عالية من الخطورة،من محاولة تحويل الأنظار عن مخاطر التوجه الى مفاوضات مباشرة يراد لها تصفية القضية الفلسطينية إلى صراع فلسطيني داخلي. ان ما حدث جداً خطير ويحتاج من القوى الديمقراطية ومؤسسات العمل الأهلي والمجتمعي الفلسطيني والشخصيات الوطنية والمستقلة وكل القوى والعناصر الحية في شعبنا ،أن تتخذ قرارات ومواقف ترتقي الى مستوى الحدث،فمثل هذه الممارسات تجاوزت كل الخطوط الحمراء،حيث أن هذه القوى سواء هنا أو في قطاع غزة تقامر بحقوق شعبنا ومصالحه الوطنية في سبيل فئويتها ومصالحها واستثماراتها الخاصة،وتعلن في مجالسها الخاصة أن عملية المصالحة والوحدة الوطنية مستحيلة،بل وتمارس التحريض والقدح والقذف والشتم ضد بعضها البعض أكثر من تحريضها وقدحها وحقدها على الاحتلال وممارساته القمعية والاذلالية ضد شعبنا الفلسطيني،وتبيع شعارات جوفاء وفارغة لشعبنا وتتباكى على الوطن والمواطن،والحرص على الوحدة وتحقيق المصالحة،وفي أرض الواقع تمارس في كل خطوة من خطواتها وممارساتها سياسة الإقصاء والتخوين والتكفير،فالذين يحتجون على الذهاب للمفاوضات المباشرة بدون مرجعية والتزام إسرائيلي واضح بوقف الاستيطان في القدس والضفة هم "عملاء لإيران وسوريا"،والذين يحتجون على مشكلة الكهرباء في قطاع غزة هم “كفرة وملحدين وزناديق”،ومن يؤيدون نهج التفاوض العبثي هم مالكي الحقيقة المطلقة وحدهم وهم الوحيدين الذين يعرفون مصالح الشعب الفلسطيني ما ظهر منها وما خفي،وهم القادرين على حلب الثور وجلب الدبس من قفا النمس،وأيضاً من يقمعون ويطلقون النار على أرجل المناضلين والمواطنين ويمنعون مظاهر الاحتجاج ويتعدون على الحريات والكرامات الشخصية،هم أولياء الله على الأرض المخولين بتوزيع صفات الوطنية والتخوين والإيمان والتكفير،وهم لا ينطقون عن الهوى،ولعل الجميع شاهد كيف تعاملت سلطة حماس مع الاعتصام السلمي الذي نظمته الجبهة الشعبية احتجاجاً على أزمة الكهرباء التي تستغلها سلطني رام الله وغزة في مناكفاتهما ومزايداتهما ومصالحهما الخاصة من أجل تعميق معاناة ومأساة شعبنا المحاصر،حيث عمدت تلك السلطة الى قمع المشاركين في الاعتصام السلمي واعتدت عليهم بالضرب بالعصي وأعقاب البنادق ،ناهيك عن الشتائم والألفاظ البذيئة والخادشة للحياء. ان ما يجري تكريسه في المجتمع الفلسطيني سواء في غزة أو في رام الله،هي أنظمة قمع بوليسي ومخابراتي على شكل أكثر سوء مما هو سائد عند الأنظمة الشمولية العربية،وبما يبشر بجو فيه الكثير من القتامة للديمقراطية الفلسطينية،ومخاطر جدية على التعددية السياسية والحزبية وحرية الرأي والتعبير،بل ولا نبالغ اذا ما قلنا أننا سنشهد تحول القطاع الى إمارة على غرار إمارة طالبان أو المحاكم الإسلامية في الصومال،أما في الضفة الغربية فالشكل الأسوأ للاستبداد والديكتاتورية عند أنظمة النظام الرسمي العربي. وعلى ضوء ما جرى في قاعة البروتستانت في رام الله،وعلى ضوء ضرب السلطة عرض الحائط بمؤسسات منظمة التحرير وقراراتها،فإنه بات من الملح على كافة القوى الديمقراطية المشاركة فيها إعادة النظر في مشاركتها،فمن غير المعقول أن تكون ضد المفاوضات العبثية،وتشكل غطاء لدعاة وأصحاب نهج المفاوضات العبثية،وتكون بمثابة شاهد الزور والمشرع لممارسات أصحاب هذا النهج والخيار،وخصوصاً أنهم حولوا تلك المؤسسات الى هيئات شكلية واستخدامية وغطاء لممارساتهم وسياساتهم،ونحن هنا ندعو الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين بالذات لاتخاذ مواقف ذات طابع استراتيجي وخصوصاً أن الجماهير تعول عليها الكثير هنا. وأيضاً فإنه لا يمكن الركون أو الوثوق بأي لجنة تحقيق تشكلها السلطة الفلسطينية،فالتجارب كثيرة ومريرة في هذا الجانب،وأية لجنة تحقيق يجب ان تكون ذات طابع مهني ومحايد تشارك فيها هيئات ومؤسسات فلسطينية حقوقية ومجتمعية،وتعطى صلاحيات حقيقية وجدية،ويجري التزام بتطبيق قراراتها لجهة محاسبة كل من شارك وأعطى أوامر بتخريب وافشال المؤتمر الوطني لمناهضة المفاوضات المباشرة ،وليس لجان شكلية ولذر الرماد في العيون كما هو الحال في اللجان التي شكلت للبحث في الأسباب المتعلقة بتأجيل طرح تقرير غولدستون للتصويت على مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة ومن المسؤول عن ذلك؟، ولجنة محاربة الفساد وغيرها من اللجان المعينة الأخرى.
القدس = فلسطين 29/8/2010 0524533879 [email protected]
#راسم_عبيدات (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
لا تسوية في الأفق واسرائيل تقرع طبول الحرب ..
-
المفاوضات المباشرة والانتحار الذاتي
-
ثقافة مغرقة بالعنصرية والتطرف
-
العراقيب رأس الحربة في مواجهة سياسة تهويد النقب ..
-
في مقبرة مأمن الله لا حرمة ولا قدسية للقبور ..!!
-
مبعدو منيسة المهد ...معتصمو الصليب الأحمر..مبعدو السجون ..
-
المجتمع المقدسي يذبح من الوريد للوريد ..
-
حقائق وأنصاف مواقف ..
-
أنقذوا أسرى العزل من الموت البطيء ..
-
دوران مستمر في الفراغ
-
مفاوضات مستمرة بغطاء عربي وانقسام قائم ..
-
شيخ الأقصى والقدس خلف القضبان ..
-
على ضوء قضية النواب/ المطلوب مبادرة مقدسية
-
قراءة متأنية في كتاب مقاومة الاعتقال / لمروان وعاهد وعبد الن
...
-
عزمي بشارة ...حنين الزعبي.....الشيخ رائد صلاح ...و..
-
النواب المقدسيون والحالة المقدسية الموحدة..
-
أوكتافيا ناصر والسي أن أن ..
-
حول زيارة نتنياهو لواشنطن
-
العظماء يرحلون في تموز/ وفي تموز تحل المصائب
-
ميتشل وهوية النائب المقدسي أبو طير
المزيد.....
-
هذا الهيكل الروبوتي يساعد السياح الصينيين على تسلق أصعب جبل
...
-
في أمريكا.. قصة رومانسية تجمع بين بلدتين تحملان اسم -روميو-
...
-
الكويت.. وزارة الداخلية تعلن ضبط مواطن ومصريين وصيني وتكشف م
...
-
البطريرك الراعي: لبنان مجتمع قبل أن يكون دولة
-
الدفاع الروسية: قواتنا تواصل تقدمها على جميع المحاور
-
السيسي والأمير الحسين يؤكدان أهمية الإسراع في إعادة إعمار غز
...
-
دراسة تكشف عن فائدة غير متوقعة للقيلولة
-
ترامب يحرر شحنة ضخمة من القنابل الثقيلة لإسرائيل عطّلها بايد
...
-
تسجيل هزة أرضية بقوة 5.9 درجة قبالة الكوريل الروسية
-
مقتل ثلاثة من أفراد الشرطة الفلسطينية بقصف إسرائيلي لرفح
المزيد.....
-
الخروج للنهار (كتاب الموتى)
/ شريف الصيفي
-
قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا
...
/ صلاح محمد عبد العاطي
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
المزيد.....
|