جهاد علاونه
الحوار المتمدن-العدد: 3105 - 2010 / 8 / 25 - 18:07
المحور:
كتابات ساخرة
الحق مش علينا , هذه كلمه أسمعها دائما حتى في الألعاب الرياضية للمنتخب الوطني يقولون : الحق مش علينا بس انغلبنا على شان الشمس كانت في عيونا في الشوط الأول وفي الشوط الثاني كان الهوى (الرياح) ضدنا .
وفي أي ميدان من الميادين المرموقه يكون الحق مش علينا يعني في سباق الخيول, الحق على الخيول , وفي سباق السيارات الحق على السيارات , يعني الحق مش على أي حدى فينا , الحق دائما على العده , يعني إما العده مش أصليه وإما خربانه .
وسمعتُ وأنا طفل صغير عن شيخ إسلامي (فتّاح –حجّاب) والكل كان يقول عنه بأنه مُعلم أو شيخ شاطر , وكنت أستغرب كيف بالمراجع(المريض) يراجعه في عيادته الدينية أكثر من 20 مره بالسنه وهو مصر على وصفه بالشاطر , وكنت أقول بيني وبين نفسي : لو كان شاطر فعلاً كان المريض نال الشفاء من أول جلسة علاج , يعني المعلم اللي مش شاطر هو اللي بتراجعه في نفس المرض 100مره أما المعلم الشاطر فإنك ستنال الشفاء على يديه من أول مره , بس كان طبعا لهذا الشيخ حجه قويه وهي أنه كان يحط الحق على العده يعني مثلاً بحكي للمريض الذي تتكرر مراجعاته بأن السبب أو العيب فيك أنت أيها المريض كان لازم تعمل كذا وما تعملش كذا وكذا ,أمّا بالنسبة لعلاجه فإنه مضمون 100% يعني الحق على العده مش على المعلم .
وما زالوا يقولون عنه بأنه شاطر زمان كان يشتغل عندي معلم عمار وكانت أخطاءه كثيرة جدا ولا تحصى,وكانت معرفته بالبناء (العمار) عبارة عن سُكر خفيف فكان يشتغل معي ولكن تحت إشرافي وبدون إشراف عليه كان لا يستطيع عمل أي شيء وكنت كل ما أسأله عن خطأ ارتكبه يرد عليّ مباشرة بأن الخطأ ليس عليه ولا يتحمل مسئوليته فدائما أخطائه بسبب غيره فإما أن يكون الخطأ على مخطط المهندس وإما أن يكون الخطأ على الرسام الذي رسم المُخطط(الكروكي-الخريطه) وإما أن يكون الخطأ على الأخشاب أو الشاكوش أو الميزان يعني مثلاً كان يقول إذا بنا طوب(بلوك) أعوج يكون الخطأ على الميزان يعني كان يحكي لي (الميزان مش مضبوط) وإذا ضرب المسمار وانطعج معه أو ما دخلش بالخشبه بشكل صحيح كان فورا يقول (الشاكوش أعوج) أو (المسمار صناعته مغشوشه) يعني أخينا بحط الحق على غيره , وإذا سألته عن سبب اعوجاج الجدار أو العمود فورا يقول لي (الخشب مقصوص من المصنع بشكل أعوج) وأحيانا كان يحط الحق على الرياح الشديدة فكان يقول مثلاً (ما إعرفتش أثبت الأعمدة بشكل ميزان بسبب سرعة الرياح التي تجعل الخيط غير ثابت) وأحيانا كان يحط الحق على الشمس فكان يقول الشمس كانت في عيوني وما اعرفتش أشوف امليح..وكان أحيانا ينفرزني(ينرفزني) ويطلع خلقي ويطلع صوتي بالشارع كله أو بالحاره كلها , الله يرحم أيامه وأيام زمان كان يحط الحق على العده لأنه معلم غير بارع في العمل.
وفي عندنا مثل يقول: المعلم اللي مش شاطر بحط الحق على العِده, يعني مثلاً إذا كان المعلم مُعلم حَلويات وطلعت حلوياته مش زاكيه فورا بصير يحط الحق على النار والفرن والملعقه والسمنه وبصير يقول : بياع ألسمنه غشني وبياع السُكر غشني وبياع البطيخ المبسمر ما عندهوش ضمير.
وإذا كان المعلم يعملُ مهنياً في أعمال البناء وطلع بناءه مش مضبوط زي صاحبنا ,فورا بصير يقول: الميزان أو البلبل أو المنشاره مش أصليات وصناعتهن مغشوشه, طبعاً هذا الكلام من أجل أن يثبت أنه مُعلم شاطر وحريص ولكن الأدوات المهنية (العِده) هن غير الأصليات ,وإذا كان المعلم يعمل مثلاً مكنيكيا للسيارات وأرسلت بسيارتك إليه للتصليح وقام بإصلاحها مع تعطيل أو إحداث عطل في مكان آخر أو إذا فشل أصلاً في عملية الاصلاح نهائياً فإنه فورا يقول لك : هذه السياره بدها قطعة غيار أصليه ولو كانت قطعة الغيار اللي استبدلناها أصليه كان مشت أمور السياره وصارت أوضاعها على أتم وجه , أو بحكيلك (المفك-البوكس) مثلاً مش أصلي والحق مش على المُعلم المعلم جيد جداً وبارع بس الحق على العده وعلى المحل وعلى الشارع اللي مشت عليه السياره , ولو كان في البلد شوارع أصليه كان السياره ما خربتش نهائياً.
وإذا كان المعلم يعمل مُعلم مدرسة للأطفال وفشل في التربية والتعليم..طبعا والفشل دائماً حاصل 100% فوراً بحط المعلم الحق والعيب في غيره مش به هو شخصياً يعني مثلاً بصير يقول : الطلاب مش أمربيين (متربيين) من دار أبوهم , والصف أو غرفة التعليم ضيقه وعدد الطلاب إكثير , والمناهج مش ولا بُد وحمامات المدرسة مش كويسات وما فيش عندنا وسائل ومختبرات للتعليم , والمهم في الموضوع أنه يريد أن يقول لك بأنه هو شخصياً معلم بارع وممتاز والفشل الحاصل في التربية سببه الأهل والشارع ووزارة التربية والتعليم , طبعا الوزاره كمان بتحمل وبتحط الحق على غيرها .
وإذا كان المعلم يعمل فقيها في علوم الشرع والدين وكانت مواعظه غير رادعه للناس والفساد مستمر فورا بصير المعلم يحط الحق على الناس وضمائرهم الميته وإن دينه لهو الدين الحق بس الناس مش امطبقينه بالشكل الصحيح , وأنا مش عارف متى كان شكل الدين الاسلامي صحيح!.
يعني الآن بدنا ندخل في صلب الموضوع :منذ نشأتي الأولى أو منذ طفولتي المبكره وأنا أستمع للشيوخ وللوُعاظ وللخطباء وهم يخطبون في الناس ويلقون بالمحاضرات الدينية عن الدين الاسلامي الذي ليس به شائبه وإنه هو الدين الحق 100% والعيب والغلط في الذين يطبقون هذا الدين ويسيئون في التعامل معه , وهذا معناه أن مُعلم الدين الاسلامي هو صح 100% وإن الغلط والعيب في العِده لوحدها وفي الناس الذين يطبقون الديانة تطبيقاً خاطئا وإن العيب ليس في الشريعة وليس في الدين وإنما في الناس والمجتمع المُنحط أخلاقياً والعيب ليس في الشريعة , وأن الفقهاء الاسلاميين هم كالأحبار الذين ظهروا أيام ظهور المسيح في الهيكل إذ كانوا يقولون : نحن نفسر الشريعة للناس نحن (خُدام الشريعة) أو نحن (جماعة الخناجر المقدسه) وليس لنا أي علاقة بجوع الناس أو بسوء أخلاقهم , والعيب ليس في الشريعة وليس في المفسرين للناموس(الشريعة) وإنما العيب في الناس , وهذا الكلام يقوله اليوم علماء الإسلام عن شريعة الله (الرب) والحق كل الحق على المُطبقين للشريعة وليس على الشريعه .
وأريد أن أقول للمعلمين الشاطرين جداً: من متى طُبقت الشريعة تطبيقاً صحيحاً؟, يعني من متى كانت التشريعات التي هي ضد الفساد حقيقية في حياة الإنسان أو الأعرابي أو المواطن العربي؟.
المعلم الشاطر ما بحطش الحق كل الحق على العِده , المعلم الشاطر إذا أخطأ بحط الحق على نفسه وبعترف بخطئه ولكن المعلم عير الشاطر دائما ما يضع الحق على غيره وعلى أدواته بالذات.
يعني مثلاً أنا ما شفتش غير علماء الفقه الاسلامي هم بس اللي بحطوا الحق على الناس وعلى الأطفال وعلى المرأة , يعني شريعتهم ما فيهاش تجاوزات وانتهاكات لحقوق الإنسان , ومثل ما حكا علي بن أبي طالب (غيرة الرجل إيمان وغيرة المرأة كُفر) يعني إذا تزوج الرجل على المرأة وغارت الزوجة الأولى منه ومن الثانيه فورا بحط ابن أبي طالب الحق على المرأة يعني مش على شريعة الله.
يعني بعبارة أوضح شريعة الإسلام أو شريعتنا الاسلامي لا يوجد فيها أي نقص وإنما يوجد نقص في تطبيق الشريعة الإسلامية والحق ليس على مُعلم التعاليم الاسلاميه وإنما الحق على الذين يطبقون الشريعة يعني الحق على العُده وعلى الأدوات , وكل المُشرعين لا يختلفون في تصرفاتهم عن تصرفات المعلم الذي كان يخطأ ومن ثم يضح الخطأ وسببه على ظروف أخرى غير متعلقة بظروفه هو.
#جهاد_علاونه (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟