|
يسعون لتحويل الثورة لإصلاح بالتخلص من قائدها
فنزويلا الاشتراكية
الحوار المتمدن-العدد: 3105 - 2010 / 8 / 25 - 13:59
المحور:
اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم
هنري فالكون حاكم ولاية لارا، الذي رشحه الحزب الاشتراكي الموحد لفنزويلا (PSUV) لهذا المنصب وأوصله إليه بفضل أصوات أعضائه ومناصريه، أعلن عن استقالته من الحزب، واستمراره في منصبه مع سعيه للانضمام لحزب الوطن للجميع (PPT) المتحالف مع الحزب الاشتراكي الموحد. قال فالكون بأنه يترك الحزب لأنه ما عاد يحتمل طبيعة العلاقة مع القيادة وخاصة الرئيس تشافيز. تصرف فالكون لم يكن مفاجئاً للرئيس تشافيز الذي قال بأنه كان يرى في عينيه بأنه "ما عاد معي"، والإيجابي حسب قوله هو أن عقبة أخرى في وجه الحركة الثورية قد تم التخلص منها. فهي إحدى فضائل حرية التعبير وقانونية العمل الحزبي التي لو ما كانت حاضرة لظل فالكون في الحزب ولنسق مع عناصر أخرى لإحداث بلبلات كانت حتماً لتكون أخطر من تصرفه العلني الذي يشوبه الكثير من الشك وحتماً يحمل خطورةً يجب الانتباه لها والاستفادة من الجو الذي أتاح لمعرفتها بصراحة ووضوح، فهنالك شعار يسود، يروج له، هو "التشافيزية بدون تشافيز" أي بعباراتهم الاستمرار بالحركة البوليفارية ولكن مع ابتعاد الرئيس عن الصورة بكل ما يعنيه ذلك. فإبعاد الرئيس تشافيز يعني إبعاد التيار الثوري وإضعافه بشكل كبير، ليسود مكانه التيار البيروقراطي في الحزب الاشتراكي الموحد والحركة البوليفارية عموماً والأرجح أن تعود البرجوازية وترجع معها الجمهورية الرابعة، لكن هذه مجرد احتمالات مبسطة لما قد يحصل، أما ما قد يحمله الواقع ويقبل به بحق فيكمن في أن حزب الوطن للجميع-الذي التحق به فالكون-يحمل أهدافاً بشعارات اجتماعية إصلاحية بحتة وهذا ما جعل فالكون، الذي رفض قبل فترة الاستيلاء على أراضي تعود لشركة "بولار" التي تمتلكها إحدى العائلات البرجوازية الفنزويلية، يتلاقى مع هذا الحزب، وفالكون حتماً لن يكن الأخير وقد يفتح الباب لآخرين في الحركة بالتوجه نحو من يمثل مصالحهم، أي مصالح البيروقراطية المتنفعة من العملية القائمة، وحتماً فإنه يلبي مصالح برجوازيين كعائلة "ميندوزا" التي تمتلك شركة "بولار"، كما توجد فئات متوسطة ماعادت تطلب التغيير ويكفيها الوضع القائم مع إصلاحه لا أكثر دون مراهنة بخسارة ما اكتسبته-هي أيضاً-من العملية الثورية، فإذاً، تشكل حالة فالكون مع حزبه الجديد مشروعاً بديلاً مغرياً لعدة أطراف في الحكومة البوليفارية ومن هم ضدها ومن باتوا خارجها-عقب طردهم إما لفسادهم أو استبدادهم. يقول الكاتب ميغل ساليزار إن حزب الوطن للجميع يرى نفسه مشروعاً انتقالياً سيكون له ما يريد في حال أجاد لعب أوراقه في انتخابات عام 2012 الرئاسية وقد يكون فالكون نفسه مرشحاً محتملاً ضد الرئيس تشافيز، وإذا ما فعلاً قام التحالف الذي ذكرته أعلاه فإن التحدي سيكون صعباً في حينها وإن كان تنظيم الحزب الاشتراكي الموحد وفاعليته يلعب الدور الأهم في أي عملية انتخابية بالإضافة لعامل طبقي يقوم عليه مشروع الرئيس تشافيز، فنسب التصويت في فنزويلا تزداد، وأرقام المصوتين لصالح المعارضة ليست وحدها بازدياد بل أيضاً من يعطون أصواتهم للثورة، فأولئك الذين كانوا خارج العملية الديمقراطية سابقاً بدأوا بالانخراط فيها والتركيبة الاجتماعية كما تتبدل لغير صالح الثورة في جزء منها فإنها أيضاً تتطور لصالحها في جزء آخر، والقضية هي من يجيد استثمار ما لديه أكثر. موعد انسحاب فالكون من الحزب الاشتراكي الموحد لا يمكن أن يكون أكثر حرجاً فلقد اقترب موعد الانتخابات التشريعية وحزبه الجديد هو حليف للقديم أي أنه يعول عليه إلى حد ما وقطع التحالف معه لن يكن أمراً سهلاً، وإن كان يبدو أنه الحل الوحيد، ففي حال تم ذلك منذ الآن فإن الحزب الاشتراكي الموحد سيضع خطته الانتخابية على أساس التحالف مع جهات لن تنقض التحالف وتتحول للطرف الآخر-على الأقل حتى موعد قريب-ولن يتعرض لخيانة مفاجئة عشية الانتخابات أو بعدها بساعات، ولكن في حال كان الـPPT لا يخطط للخيانة-قريباً-فإن التحالف معه له ثمار تحمل قيمة مغرية لا بأس بها. يفترض بالرئيس تشافيز في هذه المرحلة ألا ينهي التحالف مباشرةً فحتى الآن لا يوجد دليل قاطع بنوايا خيانة واضحة، ولو أن الدلالات على ذلك واضحة، ولكونها دلالات يعني أن لا زمن دقيق لها، وعامل الزمن هنا هو الأهم، فيمكن اللعب عليه، بمعنى الانتظار ووضع الخطة الانتخابية، التي قد تكون أساساً لا تحتاج لدعم ذلك الحزب، الذي علينا ألا ننسى بأنه في النهاية قد لا يحصل على 5% من الأصوات، وأهميته فقط-في هذه الانتخابات-من الأهمية التي قد تحملها هذه الأصوات في حال تقارب النتائج، فيجب التريث والامتناع عن المبادرة بانتظار إشارة ما، إما بانقلاب أحدهم كما فعل فالكون أو بتصرف مشبوه واحد فقط من الحزب نفسه، وبعدها يصبح إنهاء التحالف واجباً والامتناع عنه خطأ قد يكون كارثياً. الانتخابات المقبلة ستكون في شهر سبتمبر(أيلول) ولكن كان يفترض بألا تكون العملية الانتخابية الوحيدة في هذا العام، فالآن ومع مرور نصف مدة الولاية الرئاسية للرئيس تشافيز، يحق للمعارضة في حال جمعها لـ2,5 مليون صوت من طرح الثقة به في استفتاء شعبي، وفي حال الحصول على غالبية الأصوات ستتمكن من إنهاء ولاية الرئيس منذ الآن، وحق السحب هذا الذي يمنع المنتخب من فعل ما يحلو له وتجاهل منتخبيه والذي يتيح للمواطن حق إيقاف الرئيس عن المتابعة دون الحاجة لانتظاره حتى إكمال ولايته كما لو أنه قضاء إلهي، كان ضمن الدستور البوليفاري الذي قدمه الرئيس تشافيز بنفسه في العام 1999، ولكن المعارضة حتى الآن تبدو غير مستعدة للمضي في هذا الخيار. دعاهم الرئيس تشافيز مراراً للبدء بجمع التواقيع والتوقف عن الحديث عن تراجع شعبيته المستمر منذ ما قبل التاريخ، وإفساح المجال أمام الشعب ليقترع بمراقبة دولية-كما هو الحال دائماً في كل عملية انتخابية فنزويلية منذ تولي الرئيس تشافيز لمنصبه-وأن ينهوا ولايته مادام قد فشل شعبياً-لكن لم ولا يبدوا مطلقاً أنهم سيفعلونها لسببين: الأول، أنهم يعلمون بأن من باتوا يعارضون الرئيس تشافيز يقابلهم آخرون جدد ما كانوا يؤيدونه من قبل، وأن أي رئيس في السلطة يحصل في استطلاعات رأي محترمة على نسب تقارب أو تتجاوز قليلاً 50% يرجح نصره، لأن الاستطلاع شيء والانتخاب شيء مختلف إلى حد لا بأس به، كما لاحظت مؤسسات استطلاع الرأي خاصتهم خلال عملية الاستفتاء على التعديل الدستوري في عام 2009 بأن الرئيس تشافيز بحسب أرقامهم بدأ حملة للموافقة على التعديل في استفتاء بتأييد 42% وأنهاه بنصر 55%، فجاء بعدها في إل يونيفرسال الصحيفة المعارضة، اعتراف أن الرئيس تشافيز يبرع بقيادة الحملات الانتخابية. أما السبب الثاني، فهو في سؤال "ما الفائدة؟"، فلو خسر الرئيس فإن الأمر سيتسبب بتعبئة عظيمة للتنبه لعدم السماح للمكتسبات الاجتماعية التي تحققت مع وجوده بالضياع مما يعني نصراً ساحقاً في الانتخابات التشريعية وعودته في أي انتخابات رئاسية مقبلة، أما نصره فسيعني أن الثقة سيستردها البوليفاريون والحملة-المعارضة والمخصصة للانتخابات التشريعية-المستمرة منذ عام حول تراجع شعبية الرئيس-لإحباط المعنويات-ستذهب سدى. تقول قيادات المعارضة بأن تركيزها محصور في هذه المرحلة حول الانتخابات التشريعية لما تحمله من أهمية، ويبدو أن برجوازيات القارة الأمريكية الجنوبية والولايات المتحدة الأمريكية تشاطرها هذا الرأي لحد كبير، فلا يمكن الاختلاف حول أن هذه الانتخابات تكاد تكون المحاولة شبه الأخيرة لإيقاف الثورة، لتعطيلها، لإيقاف أي تغييرات جديدة ومحاولة رد القديمة بغية تجميد الرئيس تشافيز والتحضير للإطاحة به في الانتخابات الرئاسية، فبغير هذا الطريق تبدو المهمة مستحيلة، لأن الثورة بعد هذه الانتخابات ستدخل منعطفاً بالغ الأهمية، ولا أقول ذلك لأربطها مع الجمعية الوطنية المقبلة وما ستطرحه من قوانين جديدة، إذ يبدو أن هنالك حزمة قوانين راديكالية ستقر في الفترة القريبة القادمة، بل بالإضافة لذلك، لأن الثورة بدأت تحصل على شيء من الأمان، وهو ليس الأمان الانتخابي الذي قد يتسبب بموتها لا بحمايتها، بل أمان بوجه العنف وبوجه أعداء الديمقراطية تؤمنه الميليشيا الشعبية، التي بدأت فعلاً مع ميليشيا الفلاحين والتي سرعان ما ستتطور وقد تبدأ بعدها أو تزامن تطورها وتقدمها ميلشيات شعبية أخرى، تكفل أن انقلاباً لن يوقف العملية الثورية أو تدخل عسكري أجنبي، بل أن الوجه الآخر لأمن الثورة-وهو التأييد الشعبي-وحده قادر على التأثير عليها، فالسلاح لن يكون بعد اليوم بيد الجيش أو الشرطة، أدوات القمع التقليدية فحسب بل أيضاً بأيدي المواطنين المنتجين مما سيعقد الأمور على أعدائهم. أولئك الأعداء يرون بنى تنظيمية جديدة، سرعة بالمضي نحو الكومونات والبدء بمناقشة قوانين تتعلق بها، وحديث من الرئيس عن ضرورة منح تلك الكومونات سلطات تشريعية تمكنها من إعطاء المزيد من الديمقراطية والدفع نحو المزيد من الاستقلالية للتجمعات الشعبية، إتاحة المزيد من الديمقراطية السياسية والاقتصادية وحتى الاجتماعية يعني بالضرورة تراجع دور أي أقليات مستغلة-أوليغارشيات-برجوازية كانت أم بيروقراطية وحتى هجينة بين الاثنين من الاستقرار على صدر الثورة ومص دمائها ونهبها، ورحيل فالكون وخروجه من معسكرها لا يعني إلا أن ذلك دليل صحة، فلم يرحل عنها إلا البرجوازيون والبيروقراطيون والهجينون وليبقى للثورة ثوريوها.
#فنزويلا_الاشتراكية (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
رئيس الجامعة البوليفارية يتحدث لرسالة فنزويلا الاشتراكية عن
...
-
سطور تشافيز: إلى الأمام نحو الدولة الكومونية!
-
نيكاراغوا تبدأ بالتقدم بفضل الألبا رغم واقعها الفقير
-
بوليفيا تقدم أنموذجاً للعالم
-
النسخة العاشرة من -عالم آخر ممكن-
-
كلينتون تجول أمريكا اللاتينية بحثاً عن شيء ما
-
روسيا في معرض كتاب كوبي ونقد للماضي
-
اليسار الحاكم في تشيلي يفشل أمام شقيقه اليمين
-
انتخابات الأوروغواي توصل مغواراً سابقاً للرئاسة
-
المؤتمر الاستثنائي الأول للحزب الاشتراكي الموحد لفنزويلا
-
الرئيس تشافيز: الماركسية هي نظرية علمية متقدمة لتحليل التاري
...
-
عن الإعلام البرجوازي المسيطر المتلاعب بالعقول
-
-سلام بلا حدود-.. حفل في كوبا رغم تهديدات بالاغتيال
-
حتى الآن.. نجح الانقلابيون بفرض واقعهم في الهندوراس
-
لأنه ليس رئيساً للولايات المتحدة الأمريكية
-
اللقاء الدولي الأول للأحزاب اليسارية: نحو الأممية الخامسة
-
كتاب اقتصاديات الثورة-اكتشاف تشي جيفارا
-
كلمة موجزة في الحوار المتمدن
-
من سطور تشافيز: استبدلوا الحلف على شبح الشيوعية بشبح التشافي
...
-
نعوم تشومسكي: الأزمة والأمل..أزمتهم وأزمتنا
المزيد.....
-
رجل وزوجته يهاجمان شرطية داخل مدرسة ويطرحانها أرضًا أمام ابن
...
-
وزير الخارجية المصري يؤكد لنظيره الإيراني أهمية دعم اللبناني
...
-
الكويت.. سحب الجنسية من أكثر من 1600 شخص
-
وزير خارجية هنغاريا: راضون عن إمدادات الطاقة الروسية ولن نتخ
...
-
-بينها قاعدة تبعد 150 كلم وتستهدف للمرة الأولى-..-حزب الله-
...
-
كتاب طبول الحرب: -المغرب جار مزعج والجزائر تهدد إسبانيا والغ
...
-
فيروز: -جارة القمر- تحتفل بذكرى ميلادها التسعين
-
نظرة خلف الجدران ـ أدوات منزلية لا يتخلى عنها الألمان
-
طائرة مساعدات روسية رابعة إلى بيروت
-
أطفال غزة.. موت وتشرد وحرمان من الحقوق
المزيد.....
-
قراءة ماركس لنمط الإنتاج الآسيوي وأشكال الملكية في الهند
/ زهير الخويلدي
-
مشاركة الأحزاب الشيوعية في الحكومة: طريقة لخروج الرأسمالية م
...
/ دلير زنكنة
-
عشتار الفصول:14000 قراءات في اللغة العربية والمسيحيون العرب
...
/ اسحق قومي
-
الديمقراطية الغربية من الداخل
/ دلير زنكنة
-
يسار 2023 .. مواجهة اليمين المتطرف والتضامن مع نضال الشعب ال
...
/ رشيد غويلب
-
من الأوروشيوعية إلى المشاركة في الحكومات البرجوازية
/ دلير زنكنة
-
تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت
...
/ دلير زنكنة
-
تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت
...
/ دلير زنكنة
-
عَمَّا يسمى -المنصة العالمية المناهضة للإمبريالية- و تموضعها
...
/ الحزب الشيوعي اليوناني
-
الازمة المتعددة والتحديات التي تواجه اليسار *
/ رشيد غويلب
المزيد.....
|