|
قراءة في الخطاب المفكك
عمران العبيدي
الحوار المتمدن-العدد: 3104 - 2010 / 8 / 24 - 17:25
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
من اهم مظاهر الحالة السياسية في العراق حاليا هو تعدد وكثرة التصريحات والتي تكاد تكون حالة واضحة ومميزة ، بل انها من اكثر الحالات رواجا ، وجميع من خاض التجربة السياسية بشكل او بآخر، مؤثر اوغير مؤثر يمكن له ان يدلي بتصريح ويقول رأيه حتى ان لم يكن على مقربة من الحدث موضوع السؤال ،او انه لم يكن على علم به، لكنه في نهاية الامر باستطاعته ان يقول شيئا ما ما دام عضوا في العملية السياسية وان كان هامشيا، لاننا لايمكن ان ننكر ان البعض يمكن ان يطلق عليه صفة الهامشي في الوضع السياسي الجديد ، وذلك مرده اولا من رغبة كبيرة في الاستئثار بالمشهد المنقول على شاشات التلفاز وخصوصا تلك التي تملك مساحة اعلامية واضحة، بل هنالك تسابق في البروز على واجهاتها ويمكن تلمس ذلك بوضوح من خلال الظهور لاكثر من مرة في اليوم الواحد على اكثر من شاشة ملونة، هذا التسابق يراد له ليس توضيح ماكان خافيا وغامضا ، بل ان الاعتقاد السائد بأن الظهور المتكرردليل فاعلية او عدم فاعلية المشاركة السياسية متناسين تأثيرات ذلك ومردوداته الجانبية السلبية ، وكان من نتائج هذا الوضع اننا واجهنا خطابا متعدد الاذرع ،وكل ذراع يختلف عن الاخر في مديات صحة القول ودقته مما شكل تنافرا واضحا في التصريحات جعلت من المتتبع يؤشر حالة الخلل الواضح في التنسيق في ابراز مايراد او ينبغي ابرازة وجعل من حالة الكتمان معدومة ايضا ،والتي ماتستخدم دائما في حالات كثيرة للاحتفاظ بجزء من الاسرار، لان ليس كل مايدور يمكن أن يقال ، فبعض الجوانب لابد ان تحتفظ بسريتها لحين النضوج ،لانها ان تسربت قد تفسد العمل أوتخرجة نيئاً ، وبات واضحا ان نسمع ترديد العبارة ان تصريحات هذا السياسي او ذاك ليست سوى اراء شخصية في محاولة للتملص من الحرج الذي تسببه . ولذلك كان واضحا ان الكثير من التصريحات لم تكن نتاج معرفة عميقة بالحدث بل عبارة عن رؤى شخصية وتوقعات ،اي ان بعض السياسيين اخذ دور المحلل السياسي وليس دور السياسي الذي هو جزء فاعل من الحدث يمتلك المعلومة الحقيقية لاخر المستجدات. كثرة التصريحات اشرت خللا واضحا في عدم وجود مرجعية لأي طرف ، بل وجود مرجعيات متعددة مما اظهر حالة من التفكك في التصريحات يمكن قراءتها من خلال تناقض التصريحات ولنفس الجهة مما يخلق الصعوبة في تصديق او الإرتكان الى صحة مايقال ، وبالرغم من شيوع الحالة هذه الى ان اي من الاطراف لم تجهد نفسها للقضاء على هذه الحالة واخراج قضية تسريب المعلومات والادلاء بها من حالة التعددية الى ايجاد مرجعية يعتمد عليها في ذلك الامر . هذه التعددية في مصادر التصريحات لم تقتصر فقط على الجهات او الكتل السياسية بل انها حالة عامة في كثير من مفاصل الدولة العراقية وخصوصا الامنية منها ،اذ اننا دائما ما نجد اكثر من جهة تدلي برأيها وتفسر الحدث وتعطي ارقاما دائما ماتكون غير دقيقة ،وهي عبارة عن اجتهادات شخصية مبنية عن معلومات متناقلة ومسموعة من اشخاص اخرين مما يخرج الموقف مرتبكا ،مع العلم ان بعض الجهات خصصت لها متحدثا ولكن ايضا الحالة لم تنته ، والادهى من ذلك ان بعض الجهات فقدت التنسيق فيما بينها ، لذلك ليس مستغربا ان تجد تفاوتا في المعلومات عن حدث واحد يصدر من جهتين امنيتين قريبتين من بعضهما . الشيء اللافت للنظر ان بعض الاحداث الامنية وبعد لحظات وجيزة لاتتعدى اقل من ساعة تجد لك من يصرح ويعطي تفاصيل غريبة تتبين عدم دقتها بعد ساعة اخرى . ان مسألة التصريحات مسألة تتعلق تأثيرتها بالمواطن ، والمواطن يصدق كل مايسمعة من على وسائل الاعلام من رجالات الدولة سياسيين وامنيين، والتصريحات بحد ذاتها بحاجة الى تأني كبير، ولانعتقد ان الرغبة في الظهورعلى شاشات التلفاز كبطل سياسي او امني كافية ومبررة لذلك الظهور ، وتقع على الجهات كافة مسؤولية الحد من ذلك . واذا كانت حالة الخطاب المفكك داخليا يمكن تفسيرها بشكل متعدد الجوانب ومنها اننا نخوض صراعا سياسيا داخليا قاسيا ويريد الجميع فيه ابراز قوته ،فأن الخطاب المفكك الذي يخوضه العراق خارجيا من خلال فقدان التنسيق بين الاطراف العراقية الفاعلة حول شأن عراقي خارجي وتعدد طرق التعامل معه افقد العراق الكثير من الفرص لتجاوز ازماته الخارجية ، بل ان بعض المسؤولين العراقيين يعرضون خارجيا وجهات نظر متعددة بشأن عراقي خارجي واحد لايجوز الاختلاف عليه . ان الحالة هذه تؤشر بشكل او بأخر حالة الارتباك الواضح الذي لم يستطع الساسة تجاوزه برغم من ان الزمن الفائت كان من المفترض ان يصل بالجميع الى حالة النضج السياسي المطلوب .
#عمران_العبيدي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مرحلة الدور الامريكي
-
مأزق سياسي
-
حكومة هلامية
-
احداث عابرة
-
الوصول الى الهدف !!
-
لماذا الدستور؟
-
مفوضية الانتخابات .. تبسيط ماحدث
-
مشهد لصيف طويل
-
طاقية الاخفاء
-
تصريحات متناقضة
-
التلويح بالعنف
-
ورقة الضغط الخارجي
-
المصالحة ... استخدام وقت الحاجة
-
في المساءلة وجدلها
-
ازمة الميزانية
-
قانون الانتخابات .. الدائرة المفرغة
-
قانون الانتخابات .. جدل مستمر
-
عيش وشوف !!
-
البرلمان مابعد قانون الانتخابات
-
المرحلة الاصعب
المزيد.....
-
-لقاء يرمز لالتزام إسبانيا تجاه فلسطين-.. أول اجتماع حكومي د
...
-
كيف أصبحت موزة فناً يُباع بالملايين
-
بيسكوف: لم نبلغ واشنطن مسبقا بإطلاق صاروخ أوريشنيك لكن كان ه
...
-
هل ينجو نتنياهو وغالانت من الاعتقال؟
-
أوليانوف يدعو الوكالة الدولية للطاقة الذرية للتحقق من امتثال
...
-
السيسي يجتمع بقيادات الجيش المصري ويوجه عدة رسائل: لا تغتروا
...
-
-يوم عنيف-.. 47 قتيلا و22 جريحا جراء الغارات إلإسرائيلية على
...
-
نتنياهو: لن أعترف بقرار محكمة لاهاي ضدي
-
مساعدة بايدن: الرعب يدب في أمريكا!
-
نتانياهو: كيف سينجو من العدالة؟
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|