علي محمد البهادلي
الحوار المتمدن-العدد: 3103 - 2010 / 8 / 23 - 14:22
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
الإطاحة بساسة الحرب والنهب
من الأمور التي أصبحت من بديهيات تأريخ العراق السياسي الحديث وحتى القديم هو اتسامه بعدم الاستقرار ، فما مشهد الانقلابات العسكرية والثورات البيضاء بشيء غريب عن هذا البلد ، ولا مشهد سيل الدماء وصبغها لأرضه بلونها القاتم ، ولكن الغريب في الأمر أن الساسة الذين ينتقدون الحكم الفاسد ، ويقفون في موقع المعارضة سرعان ما تجدهم يلقون بتلكم الشعارات في سلة المهملات ويقترفون ما اقترفه أسلافهم من قتل ونهب بعد أن تسير الأمور لمصلحتهم ويتسنمون كرسي السلطة ، ولا من محاسب ولا رقيب لا من النفس ولا من الآخرين ، وهذه الازدواجية المقيتة تتطلب من الشعب أن يكون واعياً لما يدور حوله ويضع حداً فاصلاً لهذه الأوضاع المتردية التي طال أمدها ، وأن لا يستسلم ولا يخضع لمقولات القضاء والقدر التي يسطرها عليه وعاظ السلاطين فهذه الأوضاع ـ كما يشيعون ـ هي بقضاء الله وقدره وليس لنا من الأمر شيء ، بل لا تجوز المبادرة لتغيير ما هو قائم ، وهل تغيير ما هو قائم إلا اعتراض على القضاء والقدر الإلهيين ؟!! وهلم جراً .. بينما يغفل هؤلاء او يتغافلون عن عشرات ـ إن لم أقل المئات ـ من النصوص الدينية التي تدعو إلى وجوب المبادرة إلى تغيير الواقع الفاسد ، وأن الواقع الفاسد ما هو إلا إحدى النتائج الحتمية لتغاضي الأمة عن الباطل وعدم مبادرتها إلى الوقوف بوجهه ، فمن منا من لم يسمع المضمون الديني الذي يقول : إن تسلط الولاة الظلمة ومن لا يرحم هو بسبب إحجام الأمة عن الأمر بالمعروف والوقوف بوجه المنكر أيّ كان سواء سياسياً أو اجتماعياً أو اقتصادياً أو دينياً ، إذاً الأمة التي تقف مكتوفة الأيدي أمام الباطل وعدم التحرك لنصرة الحق مصيرها إلى الخسران والتباب وإلى السيف والفقر .
إن من أولى خطوات التغيير هو الوعي بأسباب الوضع المتردي كسفك دماء وسلب الأموال وعدم خدمة المواطنين ، والخطوة الأخرى التجرد عن الجهوية والانتمائية ، فإذا أدرك الشعب أن القيادات والنخب السياسية هي المسؤول الأول والأخير عن كل ما جرى ويجري وأن لجوء هذه القيادات للتحشيد الطائفي والعنصري ما هو إلا حشد الطاقات الشعبية للإبقاء على مصالح هذه النخب والقيادات ولا علاقة لها لا بالشعب ولا بالوطن ، إذا أدرك الشعب ذلك جيداً ، فإن الخطوة التي تلوها هي العزم على عزل هذه القيادات وعدم تأييدها حتى لو كانت من الانتماء الذي ينتمي إليه الفرد والجماعة ، فالمصالح العليا لا تقاس بفلان ولا علان ولا بالانتماءات الضيقة ، وإنما كرامة الإنسان وعزته ورفعته أهم من ذلك كله .
ولم نكن بدعاً من الشعوب والأمم ، فكل شعب أراد التغيير انقض في بداية تحركه على قمة هرم الواقع الفاسد وهم القيادات والنخب السياسية التي تملك زمام السلطة ، فالإطاحة بهؤلاء هو أمر ضروري لإيجاد قيادات بديلة يكون همها خدمة الشعب والسهر على حماية أمنه لا الانشغال بإشعال الحروب الأهلية والسطو على أموال الشعب بالسلب والنهب .
#علي_محمد_البهادلي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟