أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد يوب - الكتابة من التطفل إلى التطرف














المزيد.....

الكتابة من التطفل إلى التطرف


محمد يوب

الحوار المتمدن-العدد: 3093 - 2010 / 8 / 13 - 20:33
المحور: الادب والفن
    


الكتابة من التطفل إلى التطرف

كان الناس يعتقدون أن التطفل يكون على جنبات الموائد و الولائم ، لكن تبين أن التطفل قد سرق جواز السفر و عبر به خلسة إلى الحقل الثقافي و المعرفي.
قديما كان المثقفون يطلقون على بعض الكتاب عبارة " خذ من هنا ومن هنا وقل هذا كتابنا" لم نقل شيئا لأن الأدباء من هذا النوع كانوا يتعبون أعينهم من كثرة السهر، في قراءة أمهات الكتب و العمل على تلخيصها ، ووضع الحواشي عليها ، بمعنى أنهم كانوا يقدمون مجهودا فكريا وجسديا من أجل إخراج هذا العمل إلى الواقع لينتفع به القراء.
لكن الطامة الكبرى هو ظهور فئة من الكتبة الذين قرؤوا عنوانا هنا وعنوانا هناك ، و ادعوا المعرفة ، وشمروا على كيبورداتهم وفأراتهم ، التي تسربت في جنح الظلام بين ثنايا الكتب وبدؤوا ينقلون من هذا ومن ذاك ، من أجل بناء سمعة ثقافية على حساب الآخرين الذين بدلوا جهدا كبيرا من أجل إنتاج هذه الأعمال الإبداعية و إخراجها في أبهى حللها .
صحيح أن هناك من الكتاب القدماء الذين يعتقدون بأن الكتابة الأدبية حكر على فئة من الأقلام التي تعتلي كرسي الميدان الثقافي و المعرفي ، بحجة أنهم في يوم من الأيام انضووا تحت اتحاد ،أو جمعية أو غيرها ، ثم احتكروا الفعل الكتابي و العمل الثقافي ، ولكن هذا لا يعني أن الساحة لا تسع إلا هؤلاء الكتاب ، بل إن الساحة تتسع لتشمل كل قلم بالغ بليغ ، كل قلم يرفع من المستوى القرائي و الثقافي عند مثقفينا.
إن الكتاب الذين يدخلون هذا الميدان ينبغي أن يتصفوا بأخلاقيات الكتابة و التأليف ، ينبغي أن يتصفوا بسلوكيات هذا العمل الإبداعي ، الذي يحتاج صاحبه إلى الملكة و الموهبة ، و أخلاقيات التأليف و الكتابة الأدبية و الفكرية ، ثم تأتي بعد ذلك الدربة و الممارسة ، ومن تم تتقوى عملية الإبداع و تتطور.
أما أن يدخل الإنسان إلى عالم الكتابة بحكم توفر إمكانيات النشر على صفحات المنتديات ، بل على الصفحات الورقية ، بحكم أن النشر أصبح تجارة مثلها مثل باقي أنواع التجارات. ففي هذه الحالة يساعد على استسهال الكتابة و النزول بها إلى مرحلة التردي ، وتدني ذائقة القارئ و جمالية الكتابة.
ولعل الكتابات التي بتنا نقرؤها في العقد الأخير تدل على تدني مستوى التفكير عند أصحابها ، لأنهم يستسهلون الكتابة و النشر فتجدهم يتسارعون و يتسابقون من أجل التأليف و النشر .
إن الغاية ليست في الكم الكتابي ، بل الغاية في محتوى ما يكتبون و ينشرون ، حيث أصبحنا نقرؤ مقالات و مواضيع لا ترقى إلى مستوى الكتابة الأدبية ، لأنها لا تتوفر على أدنى مقومات الكتابة الأدبية.
إن ما يكتبون على صفحات المنتديات و الجرائد و المجلات ، هو عبارة عن خواطر عابرة تأخذ من هنا ومن هناك ، تشعر بأن صاحبها كتبها على كرسي هزاز ، لم يبذل فيها أي جهد يذكر ، إنها مقالات لا تتوفر على مادة علمية دسمة ، يعتمد فيها صاحبها على المراجع و أمهات المصادر.
إن دخول فئة متطفلة على عالم الكتابة ، تسبب في إنتاج قارئ متطفل ، يطلع على العناوين ، ويمر مرور الكرام على الموضوعات ، ويبادر بردود تجبر خاطر صاحبها بكلمات جميلة ، تزيد من رفع درجة الأنا عند الكاتب و تقلص عنده درجة الوعي في الكتابة .
هذه الردود تشعر الكاتب بأنه قد أنجز عملا هاما ، وبالتالي يحشر نفسه ضمن الكتاب الكبار ، بل أكثر من هذا يسارع إلى طبع ونشر هذه الكتابات على صفحات الجرائد و المجلات التي تريد ملأ الفراغ بما يناسب أو لا يناسب.
وبهكذا عمل تنتشر آفة التطفل من الكاتب ثم إلى المنتديات ودور النشر، ومن ثم تنتشر هذه الظاهرة بين صفوف القراء ، حيث يصبح القارئ بدوره قارئا متطفلا يدعي المعرفة بمجرد أنه قرأ مقالا أو كتابا وحفظ العناوين ، وأصبح يدعي المعرفة ولكن في حقيقة الأمر فمن يدعي المعرفة فلا يعرف إلا العناوين. لأن كبار الفلاسفة و المفكرين كانوا متواضعين لدرجة أن سقراط أبو الفلاسفة قال " كل ما أعرف أنني لا أعرف شيئا " هذه قمة في التواضع المعرفي لأن المعرفة نسبية ، ما تعتقده أنت صحيحا ، عند الآخرين خاطئا والعكس صحيح .
وعندما يدخل المتطفل إلى عالم الكتابة يجد نفسه في خانة مفرغة ، ليست لها بداية ولا نهاية ، تتضاربه الأفكار الصادرة من هذا الاتجاه و من الاتجاه المعاكس ، ويصبح لقمة مستساغة في فم التطرف بأشكاله المختلفة.
لأن التطرف هو أن يأخذ الإنسان العصا من أحد الطرفين ، وبالتالي تميل الكفة إلى اتجاه معين ، إذا تطرف إلى اليمين أصبح متطرفا يمينيا فتكون أفكاره متشددة و ظالمة مظلمة ، تحث على العنف و الظلامية القاتلة.
أو يتطرف تجاه اليسار و بالتالي يصبح متطرفا يساريا ، تحلوا له كل الأفكار الجاحدة لله تعالى ، و المنكرة للديانات السماوية وكل ما هو غيبي ، انطلاقا من التوجهات الماركسية اليسارية ، التي تؤمن بالمادية الجدلية و السيرورة التاريخية .
ولهذا لابد من توجيه قويم صحيح ، ينبني على أسس علمية ، وتكون الثقافة سلوكا وحياة ، تعتمد على الاعتدال في التوفيق بين ما هو مادي من حقوق وواجبات ، واحترام حرية التدين و الاعتقاد عند الناس .
وبهذا المعنى تصبح الثقافة وسيلة تقويمية ، تصحح الطريق أمام القارئ و تدفعه إلى اتخاذ موقف جدي و صحيح ، لأنه يتأنى في اختيار مساره الحياتي .
و عندما نرقى بثقافتنا إلى هذا المستوى من النضج الفكري و المعرفي ، تزول الأصوات المتطرفة من الساحة الفكرية ، و ترتكن في زاوية لعلها تستفيد من الأصوات الجادة و الهادفة ، التي تريد نشر الفكر المنهجي القائم على أسس علمية ، مناهج صادرة عن مجموعة من المثقفين العضويين الذين يساهمون في الرفع من المستوى القرائي و المعرفي عند المواطن.



#محمد_يوب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- النكتة و الحكاية الشعبية في -قوس قزح- لحسن برطال
- قراءة في كتاب -بنية العقل العربي- لمحمد عابد الجابري
- الألواح البيضاء لنور الدين محقق / دراسة سوسيولوجية
- قراءة في كتاب - تكوين العقل العربي- لمحمد عابد الجابري
- حب معلق
- قليل من الملائكة وانفجارية اللغة
- القصة القصيرة جدا بين القبول و الرفض
- مستويات البنية و الوظيفة الدلالية في - وقع امتداده ...ورحل- ...
- إلى الأستاذ سمير بشير النغيمي صاحب قصة بناتي العزيزات


المزيد.....




- فيلم -سلمى- يوجه تحية للراحل عبداللطيف عبدالحميد من القاهرة ...
- جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس ...
- أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
- طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
- ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف ...
- 24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات ...
- معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)
- بيع لوحة -إمبراطورية الضوء- السريالية بمبلغ قياسي!
- بشعار -العالم في كتاب-.. انطلاق معرض الكويت الدولي للكتاب في ...
- -الشتاء الأبدي- الروسي يعرض في القاهرة (فيديو)


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد يوب - الكتابة من التطفل إلى التطرف