أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - حسين علي الحمداني - ملامح الثورة الجديدة















المزيد.....

ملامح الثورة الجديدة


حسين علي الحمداني

الحوار المتمدن-العدد: 3088 - 2010 / 8 / 8 - 14:34
المحور: العولمة وتطورات العالم المعاصر
    


العالم يتطور في كل شيء وهذا التطور لم يكن بين ليلة وضحاها بقدر ما هو جهد سنوات طويلة من العمل المتواصل والدؤوب ويتصور البعض بان التطور العالمي هو فقط في التكنولوجيا الحديثة التي قربت البعيد ومسحت الحدود الجغرافية وجعلت العالم بأسره بحجم شاشة الحاسوب الصغيرة، لكن علينا إن ندرك بأن أول ملامح الثورة الجديدة التي يطرحها علينا هذا القرن الجديد هو أنها تضع قيادة العالم في المرحلة القادمة في أيدي الشباب. وهناك ظواهر عدة تؤكد هذا الدور الذي بدأه الشباب في مجالات قيادة الشركات أو في الاستثمار أو داخل معامل الاختراع أو حتى في قمة السلطة السياسية في عدد من دول أوروبا.



فثورة المعلومات وتراكمها جعلا هذا الجيل الشاب يستفيد من إنجازاتها من دون حاجة إلى انتظار تراكم الخبرة الحياتية، كما أن الشباب أصبح يمثل القـــوة الاستهلاكية المؤثرة، وهم يضعون في هذه السـوق مداخيلهم المبكّرة من سوق العمل في نوعية جديدة وغير تقليدية من البضائع. وقد أصبحوا يمثلون المستهلك الخفيّ الذي يوجه احتياجات الأسرة، ويفرض رغباته في المأكل والملبس وجميع مستلزمات الحياة الأخرى أين نحن مما يجري؟ وما هو حال شبابنا وحالنا معهم؟ وماذا أعددنا لهم؟ فشبابنا مازالوا يخضعون لأنظمة تعليمية واجتماعية غير صالحة للعصر الذي يعيشون فيه، ولا تلبي أدنى مطالب حياتهم اليومية، فلا تزال المناهج التعليمية والمقــررات الدراسية تنتمي لما قبل عصر المعلومات والاتصال والعولمة الجارفة، ولا نزال نتوجس ريبة من الشباب وأفكارهم وطموحاتهم، ونضع الحواجز أمامهم لكبح جماح رغباتهم ومحاصرة طموحاتهم، وما زلنا ندفع بأعداد كبيرة منهم وخاصة المتعلمون إلى البحث عن مجتمعات جديدة تفتح لهم مجالاً لتحقيق طموحاتهم وتلبي رغباتهم وأحلامهم، فامتصت الدول المتقدمة نخبة المتعلمين والطموحين والجادّين من شبابنا ووصلت أعدادهم في بعض الدول إلى عشرات الآلاف، ومَن بقي حبيس مجتمعنا تحوّل إلى أدوات متفجّرة سياسياً أحياناً واجتماعياً أحياناً أخرى، فجزء منه انجرف وراء ما انجرف، وجزء كبير لم يجد فرصته بعد، وهذه ظاهرة لا ننفرد بها وحدنا، بل هناك كثير من المجتمعات التي فقدت زمام قيادة الشباب انجرف شبابها إلى مصائد التطرف والعنف وعالم المخدرات والكحول .
إن الشباب يعيش أزمة اغتراب حقيقي، إن مواجهة الشباب بالأنظمة البيروقراطية وأنماط السلطة غير الديمقراطية لا تبقيه خارجها فقط، ولكنها تجعل دوره ينحصر في الخضوع لها والالتزام بقوانينها ما يشعره بالعجز وعدم القدرة على تحقيق ذاته. والاغتراب هنا هو مرحلة وسطى بين الانسحاب من المجتمع والتمرّد عليه. هو يلجأ إلى ثلاثة أنواع من التصرّفات: إما الانسحاب من هذا الواقع ورفضه، وإما الخضوع إليه في الوقت الذي يعاني فيه النفور، وإما التمرّد على هذا المجتمع ومحاولة تغييره ولو كان ذلك بالقوة.
إن استمرار تجاهل قضية الشباب في مجتمعاتنا وعدم معالجة ما يلاقيه من تدهور في مناهج التعليم، وابتعاد الشباب عن الاهتمام بالسياسة، وجهلهم بتاريخ أوطانهم، وموقف اللامبالاة مما يجري حولهم هو نتيجة حتمية لسياسات التجاهل لمواجهة قضاياهم، وقد حوّلتهم تلك المشاعر المتناقضة في داخلهم إلى مخزن يغرف منه كل من لديه مصلحة خاصة في تجنيدهم واستخدامهم.شبابنا اليوم إما أن يكونوا الأداة الأولى في انبعاث نهضة حديثة شاملة، وإما أن يتحوّلوا إلى وسيلة لتدمير ما موجود، ففي عصر العلم والعولمة، ليس أمامنا كثير من الخيارات، ولا الكثير من الوقت لنفكّر ونقرر، فنحن والزمن في سباق مميت، وعلينا - حكومات وقيادات في كل المواقع - أن نبدأ في وضع قضيتهم في مقدمة المسائل الوطنية، ونشرع في وضع الحلول وتطبيقها لمصلحة أجيال الشباب، هذا إذا أردنا أن نجتاز حاضرنا إلى مستقبلنا بأمان، وعلينا أن نعيد تنظيم مجتمعاتنا وحياتنا وفق واقعهم وحجم قوتهم ومدى تأثرهم بما يجري من حولنا في العالم، وأن نعترف بأن شبابنا لن يكونوا أقل تأثّراً بالدور الذي يقوم به نظراؤهم في بقية تلك القرية الكونية، فهم يراقبون وسيحاولون أن يكسروا قيود الواقع ويتمرّدوا عليه، وسيحاولون أن يؤسسوا سلطتهم بمعزل عن مجتمعاتهم، وكذلك عن السلطات الاجتماعية والثقافية التي يعيشون تحت مظلتها، ولكي نتدارك الوضع، وقبل أن يتجاوزنا الزمن لابد من الاعتراف أولاً بأن نوعية تعليمنا ومستواه لا تتناسبان مع العصـر وطموحات الشباب، فالعالم من حولنا يتحدث بشـكل دوري عن (نوعية التعليم) الذي يحتاج إليه في كل مرحلة من التطور المجتمعي، وربط هذا التعـليم بتطوّر الحياة في مجتمعاته، في الوقت الذي نتحدث نحن في مجتمعاتنا عن الأميـّة وتزايدها وتدهور مدارسنا وتسـرّب أطفالنـا من المدارس الذي وصل إلى أرقام مخيفة من الأطفال خارج المدارس، لا بد لمواجهة هذا التدهور من إعادة النظر في فلسفة التعليم عندنا، والتحوّل من أسلوب الحفظ والتلقين، من دور الطالب بوصفه متلقياً وقابلاً ومطيعاً لما يلقّنه إياه معلمه، إلى فلسفة التعليم عن طريق الحوار والمناقشة والتدريب على التعلم الذاتي، وأن ندمج التعليم بالثقافة بشكل متواز، وأن تصبح برامج الثقافة جزءاً من مناهج التعليم، كالفنون بكل أنواعها من موسيقى ومسرح ورسم وتربية بدنية إلى الثقافة العامة والقراءة الحرّة، وأن تصبح المكتبة جزءاً من المنهج الدراسي.
ومن ثم لابد من إقحام الشباب للمشاركة وسماع رأيهم في اتخاذ القرارات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وتوسيع دورهم في المشاركة في كل ما يتعلق بحياتهم وتطلعاتهم وطموحاتهم، وأن يمثل الشباب في المؤسسات الديمقراطية والتشريعية، ويفسح المجال لسماع مقترحاتهم والأخذ بها عند التطبيق، فالثقافة السياسية جزء وشرط مهم في ثقافة الشباب إن أردنا تدريبهم وتأهيلهم للقيادة في مرحلة لاحقة، ونحن بهذا ندخلهم في نسيج المجتمع بدلاً من أن يتحوّلوا إلى أدوات للهدم والتخريب، فوضع ثقافة متوازنة للشباب تراعي خصوصيتهم، وتسعى للحاق بالثقافة الحديثة المنفتحة على العلم والتكنولوجيا والفلسفة المعاصرة المتطلعة إلى مزيد من الكشف عن الكون وأسراره أمر لا مفر منه، وأن ندرّبهم على اكتشاف ثقافة الشعوب والأمم المعاصرة ليتمكّنوا من التعامل والتفاعل معها في هذا العالم الذي بدأت تتشابك فيه تلك الشعوب بثقافاتها المختلفة على درب التعاون والتلاقي والاندماج في ثقافة كونية تسعى لإشاعة السلام في العالم وتحتفظ في الوقت ذاته لكل شعب بخصائصه وعاداته وتقاليده وتراثه الديني والوطني ضمن حركة التفاعل مع الثقافات الأخرى.
إن نظرة سريعة على واقع شبابنا اليوم تكشف لنا مدى عزوف الشباب عن المشاركة في قضايا المجتمع، والابتعاد عن النشاطات السياسية والاجتماعية، وهذا ناتج عن طول أمد الاستبعاد الذي مورس ضد الشباب وعزلهم عن الحياة العامة وخاصة السياسية سواء في المدارس والجامعات أو في المنظمات الشعبية والديمقراطية المحدودة.



#حسين_علي_الحمداني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كيف نقرأ الثاني من آب ؟
- الأجندة العراقية والأجندات الخارجية
- صناعة المجتمع المتسامح
- كيف نكافح الارهاب؟
- العراق ومحيطه الاقليمي
- الجمهورية الأولى
- 91+89 = اغلبية سياسية
- تحديات السيادة العراقية
- المنهج المدرسي وهوية المجتمع
- أمن الدولة وأمن المواطن
- تغيير المناهج أم تطويرها؟
- الشراكة في التنمية
- هواجس عراقية في صيف ساخن
- ارادة الحياة اكبر من الموت
- الإعلام وصياغة المفاهيم الجديدة
- تحديات كبيرة امام البرلمان القادم
- أسئلة الشعب العراقي
- من يصادق على نتائج الانتخابات
- الحقوق والحريات بين الدستور والتوجيهات
- نقابة المعلمين ما لها وما عليها


المزيد.....




- الأنشطة الموازية للخطة التعليمية.. أي مهارات يكتسبها التلامي ...
- -من سيناديني ماما الآن؟-.. أم فلسطينية تودّع أطفالها الثلاثة ...
- اختبار سمع عن بُعد للمقيمين في الأراضي الفلسطينية
- تجدد الغارات على الضاحية الجنوبية لبيروت، ومقتل إسرائيلي بعد ...
- صواريخ بعيدة المدى.. تصعيد جديد في الحرب الروسية الأوكرانية ...
- الدفاع المدني بغزة: 412 من عناصرنا بين قتيل ومصاب ومعتقل وتد ...
- هجوم إسرائيلي على مصر بسبب الحوثيين
- الدفاع الصينية: على واشنطن الإسراع في تصحيح أخطائها
- إدارة بايدن -تشطب- ديونا مستحقة على كييف.. وترسل لها ألغاما ...
- كيف تعرف ما إذا كنت مراقبًا من خلال كاميرا هاتفك؟


المزيد.....

- النتائج الايتيقية والجمالية لما بعد الحداثة أو نزيف الخطاب ف ... / زهير الخويلدي
- قضايا جيوستراتيجية / مرزوق الحلالي
- ثلاثة صيغ للنظرية الجديدة ( مخطوطات ) ....تنتظر دار النشر ال ... / حسين عجيب
- الكتاب السادس _ المخطوط الكامل ( جاهز للنشر ) / حسين عجيب
- التآكل الخفي لهيمنة الدولار: عوامل التنويع النشطة وصعود احتي ... / محمود الصباغ
- هل الانسان الحالي ذكي أم غبي ؟ _ النص الكامل / حسين عجيب
- الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر / أيمن زهري
- المثقف السياسي بين تصفية السلطة و حاجة الواقع / عادل عبدالله
- الخطوط العريضة لعلم المستقبل للبشرية / زهير الخويلدي
- ما المقصود بفلسفة الذهن؟ / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - حسين علي الحمداني - ملامح الثورة الجديدة