|
كاكه حمه ويس والشارع العراقي
ضياء السورملي
الحوار المتمدن-العدد: 3087 - 2010 / 8 / 7 - 13:59
المحور:
كتابات ساخرة
ضحك كاكه حمه ويس وهو يستمع الى بضعة ممن يدعون انهم محللون سياسيون ومفكرون وهم يناقشون الوضع السياسي في العراق في احدى الفضائيات ، انطلقت الضحكة بصوت عالي عندما قال أحد المحلليين ، ان الشارع العراقي غير راض عما يجري في العراق . لم يقل لنا هذا المحلل هل إن كان هذا الشارع الذي يتكلم عنه شارعا ترابيا او شارعا فرعيا او زقاقا او شارعا عاما او شارعا عريضا على الخط السريع ،
ام انه كان يتكلم عن شارع يتم فيه سحل وقتل الجنود العراقيين في الأعظمية ام يتحدث عن شارع يتم فيه سحل رجل يلبس ملابس كردية في الرمادي ، أم انه نفس الشارع الذي يركض به الناس حفاة الأقدام من طويريج الى العتبات المقدسة . أم انه شارع الموت عندما حررت أميركا الكويت من الغزو العراقي ، أم إنه أحد شوراع المنصور الغنية والمحمية بالعوارض الكونكريتية ، أم هو شارع في مدينة منكوبة مرة يسمونها مدينة الثورة ومرة مدينة صدام ومرة أخرى مدينة الصدر وغدا سوف يسمونها مدينة الأشباح والفقراء . ثم من يسكن هذا الشارع العراقي ومدى أهميته ؟ لأن الشوارع تقاس بعرضها وطولها وتجارتها وشهرتها واشهر الشوارع في العالم هو شارع أوكسفورد في لندن وشارع دينار في البصرة.
وما أن ينتهي هذا المحلل السياسي حتى يعقب المحلل السياسي الاخر ، إن حكومة العراق تسلك الطريق الاعوج وإن الحكومة لا تسير على السكة الصحيحة ، انفجر كاكه حمه ويس مرة اخرى بالضحك وهو يسمع هذا المحلل الذي لم يعرف لنا ما هو الطريق غير الاعوج او الطريق المستقيم ، وهل الحكومة تمشي بمسارات متعرجة او مسارات منحرفة او مسارات متقطعة وما هي نوعية هذه الانحرافات التي يتكلم عنها هذا المحلل السياسي ، وما هي نوع السكة التي يريد أن تسير عليها الحكومة خصوصا وان سكك الحديد في العراق تم سرقة عرباتها وقطاراتها وبيع حديد السكة في سوق الخردة . وجاء تعقيب المحلل السياسي الثالث وهو يتكلم عن المارثون السياسي لتشكيل الحكومة العراقية ، لم يضحك كاكه حمه ويس وفضل الصمت هذه المرة ، ماراثون سياسي ، يعني الركض السياسي السريع والسباق لتشكيل الحكومة من قبل الاحزاب الفائزة ، هذه الاحزاب كلها قالت إن الانتخابات مزورة وكلها سكتت عندما فرضت عليهم النتائج رغم الأعتراضات وأعلن بعد ذلك أن الانتخابات كلها غير مزورة ، وقبل الجميع بالنتائج رغم الإعادة والإفادة ، ولكن إنطلق المارثون بعد نتائج الانتخابات ليس لتشكيل الحكومة وانما للرجوع الى نقطة البداية ، لان حَكم المارثون قال إن المتسابقين إنطلقوا قبل اطلاقة المسدس الصوتي ، ولذلك عليهم العودة الى نقطة الانطلاق من جديد .
إلتفت كاكه حمه ويس الى العَم (جاسم كه جَه ل) وسأله عن رأيه بالمواصلات السياسية التي يتكلم عنها هؤلاء السادة ، ضحك وقال انهم لم يتطرقوا الى سباق الخيول السياسية ، ومن هو الشخص المحضوض الذي سيقود الحصان الرابح في سباق الخيل السياسي ، يبدو ان المحللين لم يكن فيهم من هم مولع بالريسز أو سباق الخيل . أنا أعتقد أن الحصن الثلاثة الفائزة لمجلس البرلمان ستكون ، فيطي وشلاكَة وحنا ، فيطي يمثل العرب وشلاكَه يمثل الأكراد وحنا يمثل البقية الباقية ، أما مجلس الرئاسة فسيفوز به كل من أبو عقال ، وأبو عمامة وأبو ريشة ، أبو عقال سوف يمثل السعودية وأبو عمامة يمثل إيران ، وأبو ريشه يمثل العراقيين وأينما يذهب العراقي فان ريشته النابتة فوق رأسه سوف تدل عليه ، وكلما حاول الذهاب الى مكان غير مسموح به سيرجعونه الى مكانه المخصص له شاء أم أبى.
أما رئاسة الوزراء فستكون من حصة شعيط أبو جرار الخيط ، وهذه المرة الخيط سيكون مربوطا بمكان حساس بين رجليه كلما خرج رئيس الوزراء من حدوده سيجرون الخيط حتى يصرخ من الألم ويتراجع الى حدوده المسموح بها .
ضحك كاكه حمه ويس على تحليلات (العم جاسم كه جه ل ) وقال له ولكن لم تقل تخبرنا مَن سيجر الخيط ويرجع الامور الى الحدود المسموح بها ، فرد عليه العم جاسم كه جه ل ، إن الخيط سيكون بيد من يعين رئيس الوزراء وبيد من نصب مجلس الرئاسة والخيط هو بيد من رسم كاركاتير البرلمان ووضع البيادق فيه . ولن ينقطع هذا الخيط إلا بحرب جديدة يقودها الشعب بنفسه تقلب الموازين الحالية كلها وعندها يمسك الشعب العراقي الخيط بيده من جديد ويعيد النصاب الى مكانه ، متى يحدث هذا ؟ إنه مرهون بإرادات الشعب العراقي .
ضحك كاكه حمه ويس الى ما آلت اليه السياسة في العراق ، ديمقراطية مزيفة ، فساد حكومي غير محدود ، فوضى إدارية لا نهاية لها ، إضطهاد وسقم وملل يعاني منه الشعب العراقي بكل مكوناته منذ اكثر من نصف قرن ، دمى سياسية تتحرك بخيوط في مسرح الدمى والمسرحية مرتبكة وغير ممتعة ورتيبة .
الوضع السياسي يفسر على انه سباق يبدأ من المشي على الاقدام ليتطور الى مارثون ليتحول الى مسار قطارات وسكك حديد ولحد الان لم يدخل المحللون السياسيون الطائرات والصواريخ عابرة القارات والاسلحة النووية في تحليلاتهم ، ولم يفكروا يوما بوضع معايير الرفاهية ومعايير العلوم والتكنولوجيا ومعايير التربية والتعليم ومعايير الصحة وسلامة الانسان ولم يتوصلوا الى برامج البيئة وتلوثها ولم يعرفوا كم هو حجم مأساة الطفولة والعنوسة والشيخوخة في البلد ، ولم يقدروا بعد عدد اللاجئين السابقين واللاحقين ولم ينصرفوا الى مآسي الموتى وما موجود في المقابر مجتمعة ومنفردة ، قديمة او حديثة ، نتيجة الموت هل هو بسبب قتل عشوائي او نتيجة قتل منظم . لم ينتبه المحللون السياسيون الى الكوارث البيئية وقطع الاشجار والتصحر ، همهم الوحيد هوالشارع العراقي المبهم والقطار الاميركي الذي لم يركبه اي منهم والسيارة المدرعة المخصصة لحمايات المسؤولين وليس لحماية المحلليين السياسيين والخبراء والمفكرين .
ضحك كاكه حمه ويس مع نفسه هذه المرة وهو يتذكر المحلليين السياسيين الذين كانوا يحللون اوضاع كل العالم وهم جالسين في مقهى مظلم ، لم يغيروا هذا المقهى منذ اكثر من أربعين سنة ، لا بل لم يغيروا حتى أماكن جلوسهم وبعضهم حتى لم يغير تسريحة شعره وحتى لم يغير القوم الذين يعاشرهم ، وقسم منهم حتى لم يغسلوا اسنانهم منذ اكثر من اربعين عاما ولم يقلعوا عن عادة التدخين ولم يتعلموا الحوار بهدوء ، وعندما يصرخون يتطاير الرذاذ من افواهم ليرش وجوه المستمعين لهم ، ولازال معظمهم يصرخ بصوت عالي وينفعل بشدة ويسب ويلعن حتى يفرض رأيه الخاطئ على الأخرين ، وعندما ترجع لحقيقة كل واحد منهم على انفراد يتبين لك من يعاني من امراض نفسية مستعصية ولديه مشاكل وعقد يعجز الطب الشعبي والطب النفسي وطب الاعشاب ، ويعجز كل المشعوذين من اخراج الجن من عقول بعض محللينا وخبراءنا السياسيين الذين صاروا بقدرة قادر في ليلة وضحاها وحدهم من يفك طلاسم الحكم في العراق .
ضحك كاكه حمه ويس عندما عرف ان المحلل السياسي الذي يتكلم عن الشارع العراقي ، قد هجرته زوجته لانه كان يضربها وانتهى بهم الامر الى فسخ الشراكة الزوجية وهي ذهبت الى شارع الحمراء وهو ذهب الى شارع ابي نؤاس . اما المحلل السياسي الثاني الذي يتكلم عن السكة السياسية ، فانه يعيش على نفقات الرعاية الاجتماعية وقدم تقارير تثبت عجزه البدني والنفسي وانه مصاب بحالات كآبة شديدة كما انه لا يقوى على العيش بمفرده وانه بحاجة الى معونة ورعاية ويحتاج الى معونة المواصلات لكي يتنقل باستخدام القطارات وسكك الحديد مجانا .
اما المحلل السياسي الثالث الذي يتكلم عن المآراثون السياسي ، فانه قضى عمره يتنقل بين حانات وصالات القمار في البلد الذي يعيش فيه ،لقد خسر كل ما يملك من أموال وانتهى به الامر الى الادمان على الكحول ، وخسر عائلته التي هجرته الى الابد ، وخسر أهله لانه بدد ثروة أبيه ، وفشل في اكمال دراسته التي جاء من اجلها الى دول المهجر ، وفي نهاية الامر يخرج علينا هذا الشخص ويتكلم عن المارثون السياسي في العراق .
في الختام قال كاكه حمه ويس لصاحبه ( العم جاسم كه جه ل ) ساخرا ، ان تسمع أخبار ولاية بطيخ وديرة عفج وجزيرة الواق واق افضل من سماع اخبار العراق وتحليلات هؤلاء النفر من المحلليين السياسيين الموزعين في الفضائيات الاعلامية الشائعة في هذه الايام بكثرة .
#ضياء_السورملي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
هل سيتم إحتلال الكويت مرة أخرى ؟
-
معوقات اللاجئين العراقيين في المهجر 10 – 10
-
توني بلير وملف الحرب على العراق
-
معوقات اللاجئين العراقيين في المهجر 9 – 10
-
معوقات اللاجئين العراقيين في المهجر 8 – 10
-
معوقات اللاجئين العراقيين في المهجر 7-10
-
معوقات اللاجئين العراقيين في المهجر 6 - 10
-
معوقات اللاجئين العراقيين في المهجر 5 - 10
-
معوقات اللاجئين العراقيين في المهجر 4 - 10
-
معوقات اللاجئين العراقيين في المهجر 3-10
-
التعذيب المنهجي والوحشي
-
معوقات اللاجئين العراقيين في المهجر 2-10
-
معوقات اللاجئين العراقيين في المهجر ( 1 – 10 )
-
لعنة الكورد الفيليين
-
غزة والعراق – قتل وتدمير
-
أصحاب السيادة
-
لوحة فنية وجدار البيت الفيلي
-
من حلبجة الى دارفور في السودان
-
كاكه حمه ويس و المچارية
-
جند السماء
المزيد.....
-
قبل إيطاليا بقرون.. الفوكاتشا تقليد خبز قديم يعود لبلاد الهل
...
-
ميركل: بوتين يجيد اللغة الألمانية أكثر مما أجيد أنا الروسية
...
-
حفل توقيع جماعي لكتاب بصريين
-
عبجي : ألبوم -كارنيه دي فوياج- رحلة موسيقية مستوحاة من أسفار
...
-
قصص البطولة والمقاومة: شعراء ومحاربون من برقة في مواجهة الاح
...
-
الخبز في كشمير.. إرث طهوي يُعيد صياغة هوية منطقة متنازع عليه
...
-
تعرف على مصطلحات السينما المختلفة في -مراجعات ريتا-
-
مكتبة متنقلة تجوب شوارع الموصل العراقية للتشجيع على القراءة
...
-
دونيتسك تحتضن مسابقة -جمال دونباس-2024- (صور)
-
وفاة الروائية البريطانية باربرا تايلور برادفورد عن 91 عاما
المزيد.....
-
فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط
/ سامى لبيب
-
وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4)
...
/ غياث المرزوق
-
التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت
/ محمد فشفاشي
-
سَلَامُ ليَـــــالِيك
/ مزوار محمد سعيد
-
سور الأزبكية : مقامة أدبية
/ ماجد هاشم كيلاني
-
مقامات الكيلاني
/ ماجد هاشم كيلاني
-
االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب
/ سامي عبدالعال
-
تخاريف
/ أيمن زهري
-
البنطلون لأ
/ خالد ابوعليو
-
مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل
/ نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم
المزيد.....
|