|
المرأة والحزب السياسي
طلال عوكل
الحوار المتمدن-العدد: 936 - 2004 / 8 / 25 - 11:15
المحور:
حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
رغم شعوري بالحاجة لتركيز مساهماتي الكتابية والحاجة لوقف حالة الاستنزاف الذهني، التي تحصل أحياناً إلى حد الاستهلاكية، ومحاولاتي المخلصة والجادة لتقليص مساحة الكتابة، ومنها في هذه المطبوعة، إلا إنني وجدت نفسي محشوراً في الزاوية ومضطرا للكتابة.
يتعلق الأمر بسروري البالغ، عند الإطلاع على أي مطبوع جديد يسعى وراء الارتقاء بمعالجة قضايا المجتمع، الأمر الذي يفرض علي الاستجابة لتشجيع إصدار مثل هذه المطبوعات، خصوصا منها تلك التي تتخد لنفسها سياقاً مختلفاً عن الكم الكبير من الإصدارات السياسية، وبشكل أخص تلك التي تعالج موضوعات تتعلق بالمرأة الفلسطينية.
فقضية المراة بالنسبة لي ليست ادعاء، ولا هي منظومة من المعارف، والمعلومات والأنساق ذات الطابع الأكاديمي، بقدر ما هي تتعلق بقيم وفلسفات تعكس نظرة شمولية لقضايا المجتمع، وأسباب، وآليات تطوره ونمائه وارتقائه. إنها مبنى من القناعات العميقة، التي تغدو لا معنى لها بدون اقترانها بالممارسة، ولو على الصعيد الفردي، ولذلك فإنني لا أتردد في المساهمة، مهما كانت متواضعة، بدفع هذه القضية إلى الأمام.
عند الحديث عن العناوين والقضايا التي تتصل بحرية المرأة ومساواتها بالرجل أو بدورها السياسي، والاجتماعي، أو التنموي، أو أي من القضايا التي تتعلق بالجندر، لابد من العودة إلى جذور المسألة، أساسها النظري الفلسفي، وعند ذاك سنجد أسباباً لاختلاف أو التقاء الرؤى والسياسات والمواقف، وبالتالي الممارسات العملية.
اقصد بذلك إن من حق الناس، الباحثين، أصحاب الرأي، أن يقرأوا ويفصحوا وضعية المرأة، ويحددوا مواقفهم انطلاقاً من الأفكار التي يؤمنون بها. فهذا مثلاً ينطلق من خلفية دينية، وذاك من خلفية علمية، أو علمانية، وقد يجد الجميع أنفسهم ملتقين عند بعض القيم العامة، أو الشعارات والأهداف، لكنهم مختلفون بالتأكيد في قيم أخرى، ومختلفون في آليات ووسائل تحقيق هذه الشعارات والأهداف، وبالتالي مختلفون في مضامين وجواهر القيم، وأبعاد ما ترمي إليه.
إن شعارات، ومصطلحات، العدالة، وحرية المرأة، والمساواة، والتكافل، والتسامح، تتكرر عند الكثير من أصحاب المذاهب والمعتقدات الفلسفية، ولكنها ستخضع في جوهرها، وأبعاد ممارستها، لمبدأ التناقض، وربما التناحر الذي يميز العلاقة بين الفلسفات والمعتقدات والمذاهب.
كمجتمع فلسطيني تحت الاحتلال لسنا استثناءً، تنطبق علينا القاعدة العامة، رغم بعض الخصوصيات التي لابد أن نراها، وأن نتعامل معها بحجمها، وبمدى فعاليتها وتأثيرها، ولكن دون أن نعتقد للحظة واحدة، إن أياً من هذه الخصوصيات يمكن ان تبلغ حد نسف القاعدة.
خلفية نظرية:
قبل الحديث عن علاقة المرأة بالحزب السياسي، وهي موضوعنا الأساس، لابد من التأكيد على ان موضوع المرأة عموماً، وموضوع الأحزاب أيضاً، يعود في جذورها إلى مستوى تطور الواقع الاجتماعي، وآليات وممكنات تطور هذا المجتمع انطلاقاً من تطور قاعدته المادية الاقتصادية بالأساس.
هذه القاعدة هي الأساس الذي تنشأ عليه العلاقات والاجتماعية، والتراث والعادات والتقاليد، وكامل مكونات الهوية الثقافية، وعليها أيضا تنشأ البنية الفوقية، بمعنى النظام السياسي، والقانوني، ونظام القيم العامة والمفاهيم، والاستراتيجيات والأهداف.
إذا كانت هذه الفرضية صحيحة، وهي كذلك من وجهة نظري، بما يعني
ان البناء الفوقي هو انعكاس حقيقي للبناء التحتي، يحمل خصائصه وسماته، وقدراته، وممكناته، مع ضرورة رؤية الفارق في دور البناء الفوقي، الذي ينبغي ان يؤثر على الدوام في البناء التحتي بشكل تقدمي، تطويري، نمائي، فإن قراءة وتحليل واقع المرأة، كما الأحزاب السياسية وغير ذلك لابد ان يتأسس على قدرتنا لتقديم تحليل موضوعي للواقع الاجتماعي المعين.
إن تقدميه أو رجعيه هذا النظام السياسي أو ذاك تُقاسُ بمدى قدرته او افتقاره لآليات، واستراتيجيات، ونظم قادرة على إطلاق أو كبح عملية التنمية، وإطلاق طاقات الفعل، الإنتاج، بما يلحق به من تطوير نمط العلاقات الاجتماعية، أو بقائها عند حدود ما راكمته المراحل التاريخية السابقة.الأولوية في دفع عجلة التقدم والتنمية هي للقوى الإنتاجية، ليس للعلاقات الإنتاجية، وكذلك في الحكم على مستوى تطور هذا المجتمع او ذاك.
عند هذه الفرضية، لا يمكن إلا أن نلاحظ، وربما نتفق على أن الواقع الاقتصادي، الإنتاجي الفلسطيني، يعاني جراء الاحتلال، من دمار شامل. فلقد اعتمد الاحتلال سياسة مدروسة منهجية، منذ البداية لتدمير مقومات النهوض الاقتصادي الفلسطيني، وعمد إلى ربط الاقتصاد الفلسطيني من موقع التبعية الكاملة، بالاقتصاد الإسرائيلي. ولذلك لم يكن غريبا
ان اتفاقية باريس الاقتصادية، قد لعبت دوراً أساسياً استندت إليه إسرائيل لإبقاء حالة التبعية، واحتجاز تطور الاقتصاد الفلسطيني، أو إبطاء عملية نموه إلى أبعد حد. وحين نجحت السلطة الوطنية في إحداث تطوير ولو بسيط في القاعدة الاقتصادية، عادت إسرائيل خلال مرحلة الانتفاضة لتركز ضرباتها من أجل تدمير ما تم بناؤه على مختلف المستويات، وفي مختلف قطاعات العمل الإنتاجية والخدمية، وحتى يظل تحت رحمة الاقتصاد الإسرائيلي، والسياسة الاحتلالية.
في ضوء هذا الدمار الكبير الذي أطاح بالجانب المادي من مقومات التنمية بات من الضروري أن يتم التركيز على التنمية البشرية، بحيث تأخذ طابع الاستدامة وفق استراتيجيات وخطط نهضوية، فضلاً عن طابعها المقاوم نظراً لأولوية التحرير الوطني كشرط أساس ومحدد، للتحرر الاقتصادي والاجتماعي. هنا يأتي دور السلطات، السلطة الرسمية، الأحزاب، منظمات المجتمع الأهلي، النقابات، الجمعيات والمراكز، وبكل تفرعاتها ومؤسساسها وأوجه عملها.
إن تحديد أدوار هذه السلطات في مجال التنمية، ينطلق في الأصل من حقائق الوضع الاقتصادي، والاجتماعي، فإذا كان الوضع الاقتصادي مدمراً، فإن طبيعة العلاقات الاجتماعية السائدة، ستظل وربما تتعمق فيها علاقات السيطرة الذكورية، وكل ما ينجم عن العلاقات العشائرية من قيم، ومفاهيم وسلوكيات، وقواعد، وحتى قوانين وأحكام وآليات لفض النزاعات.
عند فحصنا لكل مقومات وعناصر وتراكيب المجتمع الفلسطيني ببناه التحتية والفوقية سنلاحظ إن غياب السلطة، وغياب القانون، والنظام، وانفلات الوضع، وسيادة الفوضى، فضلاً عن غياب الاستراتيجيات التنموية، إنما يؤدي إلى تكريس وتعميق الواقع المجتمعي بكل خصائصه ومميزاته المعروفة. إن القضاء الشعبي على سبيل المثال، أجدى وأقوى وأكثر فعالية من القضاء الرسمي، والأمن الذي تحققه الجماعة عبر العلاقات العشائرية التوافقية أقوى وأكثر فعالية من الأمن الوطني.
ويسري التقييم مع تفاوت ليس كبيراً على بقية القطاعات، التعليم، الصحة، الخدمات البلدية، الإعلام والثقافة، التجارة .... وبحيث يصعب توقع أو انتظار تطور جانب من هذه الجوانب إلا بحدود ما تمليه الضرورة. وهذا يعني إن النظام والقيم السائدة في الجامعات مثلاً، أو قطاع الصحة، لا تختلف نوعياً عن تلك السائدة في بقية جوانب الحياة الفلسطينية. لا يختلف نوعياً واقع السلطات الأخرى من حيث فعالية أدوارها التنموية، خصوصاً وأن الصراع السياسي ضد الاحتلال، قد اشغل كل عناصر المجتمع الفلسطيني. على أننا في هذا الإطار يمكن أن نميز دور منظمات العمل الأهلي، ولكن بالمعنى النسبي وليس الجذري، وذلك ارتباطا بمحدودية قدراتها وإمكانياتها، وحتى برامجها. على أن العامل الوطني المرتبط بأولوية التحرر الوطني، والمجابهة القوية التي تدور على أرضية الصراع مع المحتل، ينبغي أن تمثل عنصراً هاماً من عناصر دفع المرأة نحو توسيع إطار مشاركتها في العمل السياسي والاجتماعي والاقتصادي.
الأحزاب السياسية والمرأة لابد من حيث المبدأ من الإقرار بأهمية وحيوية دور الأحزاب السياسية، والتعددية في كل المجتمعات عموماً، وفي المجتمع الفلسطيني خصوصاً. إن الإقرار بهذه الحقيقة، هو إقرار من حيث المبدأ، بوجود تنوع اجتماعي وفكري يعزز بالضرورة معادلاته التنظيمية الفكرية والسياسية. إن المجتمع الذي يعيش بلا أحزاب هو مجتمع يفتقر للحيوية، ويفتقر إلى آليات الدفع المطلوبة، وهو مجتمع غير ديمقراطي. ولقد لعبت الأحزاب والحركات والفصائل السياسية دوراً رائداً وأساسياً في النضال التحرري، السياسي والاجتماعي منذ ان وقعت نكبة عام 1948، وحتى قبل ذلك، وكانت على الدوام تعكس طبيعة الواقع الاجتماعي السياسي. ومنذ بدايات الثورة الفلسطينية المعاصرة اهتمت الفصائل والأحزاب بقضية المرأة، استيعاباً وتحرراً، وبالتالي من غير المتوقع أن يخلو النظام الداخلي، أو السياسي لأي حزب أو فصيل أو حركة من قواعد تظهر ضرورة التوجه لتأطير المرأة.
وفي تاريخنا القريب، خصوصاً في مراحل النهوض نجحت الفصائل والحركات في استقطاب أعداد ليست قليلة من النساء، ومنهن برزت أسماء لامعة وكثيرة، في ميدان النضال. لست أملك معطيات محددة، ولكن بحكم متابعتي ومعايشتي، أعتقد إن العمل النسوي في الفصائل استحوذ على اهتمام كبير، غير أنه كان محكوماً إلى حد كبير لمعادلة طغيان العنصر الذكوري خصوصاً على مستوى الهيئات القيادية الأولى. مع أن معظم الفصائل حرصت على توفير حياة ديمقراطية بمعنى المواظبة على عقد المؤتمرات والاجتماعات واللجان، إلا إن المرأة ما كانت لتنجح في مجاراة التنافس الداخلي لاحتلال المقاعد القيادية مع الرجال.... حتى أننا لا نتذكر إن عدد النساء في المكاتب السياسية لكل الفصائل قد تجاوز عدد أصابع اليد الواحدة.
ما يزال الوضع على حاله، بل إن ثمة تراجعاً في دور المرأة القيادي في مستويات القرار، فلقد زاد من المشكلة ،أن المسافة بين المؤتمرات الحزبية تباعدت، وأن القيادات تظل في مواقفها القيادية حتى الممات. وتكاد بعض الأحزا ب و الحركات تشكو من غياب كامل لآليات الديمقراطية الداخلية. الواقع أن تدهور أوضاع المرأة وغياب الديمقراطية في الأحزاب، وحتى في الاتحاد العام للمرأة الفلسطينية، أدى إلى أن تلعب الكادرات النسائية دوراً خدمياً وليس إبداعياً قيادياً. وظلت العناصر القيادية النسائية على حالها من حيث العدد، وفي بعض الأحزاب تدهورت الأوضاع أكثر.
على سبيل المثال يمكن الحديث عن مئات النسوة المنضويات في الإطارات القاعدية والكادرية، وفي المؤسسات التابعة لحركة حماس، ولكننا لا نعرف امرأة قيادية واحدة في الهيئة القيادية الأولى، كان المفروض لو أنها هناك، أن تقدم نفسها للمجتمع.ثمة حركات لا نعرف، أو لا نلمس، لها اهتماماً بقضية استقطاب المرأة وتفعيل دورها، أما الأحزاب والفصائل المندرجة في إطار ما يمكن تسميته التيار الديمقراطي، فهي فقدت الكثير من كادراها النسائية، اللواتي تسربن إلى ميادين العمل الاجتماعي، والعمل الأهلي عموماً.إن غياب هذه الكادرات يجعل عملية الاستقطاب متقطعة، تدور في فلك الأرقام، غير المؤهلة، أو يصعب انتظار أن تتأهل للتقدم إلى مواقع القيادة.
والحال إن الفصائل والأحزاب كرست جل اهتمامها وبرامجها، على ألهم السياسي، الذي طغى على خطابها وبرامجها، ونضالاتها، سواء قبل الانتفاضة أو خلالها، بحيث لم تعر العمل الاجتماعي، والداخلي عموماً، أدنى اهتمام يذكر.هذا يعني إن برامج الأحزاب افتقرت إلى البعد التنموي، والأبعاد الاجتماعية التي لا تخدم قضية الصراع سواء الداخلي أو الوطني. وطالما كان الأمر كذلك، فإن الرجل هو الأقدر على خوض وتحمل أعباء الكفاح، فيما أقتصر دور المرأة على التعبئة، وبعض الأعمال التضامنية، والإعلامية البسيطة.
لقد تأثرت المرأة عموما بهذه الوضعية، وبقصور الأحزاب السياسية، التي أعطت، وما تزال الأولوية للعمل السياسي بحيث افتقدت واحداً من أبرز وأهم عوامل تقوية وتوسيع دور المرأة في الحياة السياسية، بينما تعمق هذا الدور في الحياة الاجتماعية، وفي إطار نوع العلاقات والقيم السائدة وما تنتجه من هوامش محدودة للخروج عن الطوق بسبب التعليم، أو بسبب العمل والوظيفة، أو بسبب ضرورة تعويض غياب الرجل الشهيد، أو الأسير، أو الذي أصيب بإعاقة، أو ما تمنعه الظروف الأمنية من الحصول على عمل.
وبالإضافة إلى كل ذلك فإننا لا ينبغي أن نتجاهل الفارق في مضمون الخطاب الموجه للمرأة، والأساس الذي يقوم عليه هذا الخطاب، وما يتبع كل ذلك من سلوكيات مغايرة، بين التيارات الإسلامية، والأحزاب العلمانية والوطنية الديمقراطية. هنا تختلف أيضا معايير الحكم على مدى تحرر المرأة، ونشاطيتها ودورها، إذ أن الالتزام الديني، والشرعي والأخلاقي، وهو ما يحدد دور المرأة بالنسبة للتيارات الإسلامية، بينما تتخذ التيارات السياسية الأخرى معايير مختلفة يحد من تناقضها وتشاحنها، طبيعة الظروف الصعبة التي يمر بها المجتمع الفلسطيني.
معايير الحكم على علاقة الأحزاب والفصائل بالمرأة
إذا كان طبيعة التوجه الفكري أو السياسي هو ما يحدد رؤية هذا الفصيل أو ذاك لدور المرأة، ولطبيعة مهماتها ووظائفها ومعايير تحررها ومساواتها، فإن دور الفصائل عموماً مستمد في الأساس من كونها ظواهر اجتماعية محكومة إلى حد كبير لخصائص المجتمع الذي انبثقت منه، وتعبر عنه، وتعكس واقعه وتطلعاته.
إنني في هذا المقام، وإن كنت أرى بطبيعة الحال الدور التقدمي لفصائل العمل الوطني بالعلاقة مع قضايا السياسة والمجتمع، بما في ذلك قضية المرأة، فإنني أعتقد أيضاً إن هذه الفصائل تعكس إلى حد كبير خصائص المجتمع، والعقلية السائدة فيها. إن هذه الخصائص، وهذه العقلية هي التي توجه الخطاب السياسي والاجتماعي، وهي التي تبرر العصبوية، والعقلية الثأرية، وعناصر التفكير القبلي والعشائري. وهي لهذه الأسباب تقر وتعترف بأنها تعيش أزمات بعضها يصل إلى حد الأزمة البنيوية، التي تتطلب حلولاً صعبة وإمكانيات ضخمة، ومدى طويل من الزمن.
الأمر هنا لا يتعلق بتقييمنا للأحزاب فقط بقدر ما علينا أن نلاحظ مدى علاقة هذا التقييم بالبرامج والتوجهات، وبنوع الخطاب والوسائل المتعمدة فعلياً، لمساعدة المرأة على تجاوز المحددات الاجتماعية، نحو تأطيرها ودفعها بقوة إلى ميادين متقدمة من العمل الذي يساعد في إحراز المزيد من النجاح في مكانتها ودورها.إن وضعية المرأة بهذا المعنى تغدو مقياساً أو مؤشراً على مدى تطور الأحزاب وتطور دورها وفعاليتها، وأيضا على مدى تطور النظام السياسي، والتشريعات والمجتمع بأسره.
استنتاجات ومحاذير قضية تحرر المرأة تصبح المرأة قضية المجتمع، وقضية تحرره السياسي الوطني، والاقتصادي، وهي بالتالي قضية كافة مؤسسات المجتمع، فضلاً عن كونها قضية الأحزاب والمنظمات النسوية، والمهتمة بشؤون المرأة.
في هذا الإطار ينبغي التحذير من اعتبار الأرقام والنسب، سواء أكانت مرتفعة أم منخفضة، دليلاً أساسياً على مستوى تطور حالة المرأة وحقوقها. فبالرغم من أهمية الأرقام والدراسات، إلا إن مستوى تطور حالة ووضعية المرأة كما تعكسها مستويات تطور المجتمع اقتصادياً واجتماعياً هي الأساس في القياس، وذلك إننا بمراجعة أوضاع الأحزاب السياسية مثلاً سنجد إن المرأة تتمثل في هيئات بعضها القيادية بنسب عالية جدا ( 30% من المكتب السياسي لحزب فدا مثلاً) إلا أن ذلك لا يعني الكثير النوعي بالنسبة لقضية المرأة بالمقارنة مع أحزاب أخرى متشابهة، أو قياساً بحالتها في المجتمع.البحث في الأرقام سيعطينا أن بعض الدول المتخلفة، تشكل من حيث مشاركة المرأة مستوى متقدماً عن دول ديمقراطية عريقة، فهل يعني ذلك ان المرأة في هذه البلدان قد أحرزت على حقوق أفضل ؟
المحذور الثاني، وهو ربما واحد من سمات المجتمعات الشرقية، وهو يتصل بالتناقض المستمر كتقليد بين الأقوال والأفعال. فالكثير من التشريعات والدساتير تعطي المرأة حقوقاً كثيرة، ولكن الواقع المعاش يشهد على غير ذلك. والحال تنطبق أيضا على أحزابنا السياسية التي تتضمن برامجها جملاً وتوصيفات وصياغات قوية لصالح تحرر المرأة، غير أن الواقع مختلف.
من البديهي أن تفيد هذه القراءة السريعة في عقلنة النضال من أجل تحسين مواقع ودور وحقوق النساء الفلسطينيات، خصوصاً وأن النضال السياسي التحرري يشكل دافعاً قويا لاستنهاض دور المرأة وتوسيع مشاركتها. هنا نعود ونؤكد على دور النموذج النسوي سواء الفردي أو المؤسسي. وعلى دور المنظمات النسوية، والأطر التي تتوجه إلى أوسع القطاعات، فضلاً عن دور الأحزاب السياسية، والتي يهيئ دورها المجتمعي لتحسين مناخات العمل التقدمي، والأفكار التغييرية كما تؤدي حاجتها للتأطير إلى لعب دور مباشر في تمكين المرأة، وتحسين مكانتها في مواقع صياغة القرار.
إن نضال المرأة هو نضال تراكمي بالأساس وليس انقلابياً، ولذلك ننظر باهتمام كبير إلى دور الأحزاب السياسية، برامجها، قدرتها، طبيعة توجهاتها في دفع قضية المرأة إلى الأمام على مختلف المستويات وفي مختلف القطاعات.
#طلال_عوكل (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
كيف يبدو وضع المرأة العربية في اليوم العالمي للقضاء على العن
...
-
مقتل 85 ألف امرأة وفتاة على الأقل عن سابق تصميم في مختلف أنح
...
-
أولى جلسات توجيه لائحة الاتهام بحق المتهمين في قضية الاغتصاب
...
-
تقرير أممي: جرائم العنف الأسري تقتل امرأة كل 10 دقائق في الع
...
-
ابتكارات لمكافحة العنف ضد النساء في مناطق النزاع والحروب
-
بيان حملة 16 يوم لإنهاء العنف ضد النساء: ثلاثون عامًا على مت
...
-
اعتقال دعاء الأسدي…وملاحقة نساء الانتفاضة
-
الوكالة الوطنية بالجزائر توضح شروط منحة المرأة الماكثة في ال
...
-
الاعتداءات الجنسية ضد النساء في العراق تسجل أرقاما مرعبة
-
الشباب.. مفتاح مكافحة العنف ضد النساء
المزيد.....
-
الحركة النسوية الإسلامية: المناهج والتحديات
/ ريتا فرج
-
واقع المرأة في إفريقيا جنوب الصحراء
/ ابراهيم محمد جبريل
-
الساحرات، القابلات والممرضات: تاريخ المعالِجات
/ بربارة أيرينريش
-
المرأة الإفريقية والآسيوية وتحديات العصر الرقمي
/ ابراهيم محمد جبريل
-
بعد عقدين من التغيير.. المرأة أسيرة السلطة ألذكورية
/ حنان سالم
-
قرنٌ على ميلاد النسوية في العراق: وكأننا في أول الطريق
/ بلسم مصطفى
-
مشاركة النساء والفتيات في الشأن العام دراسة إستطلاعية
/ رابطة المرأة العراقية
-
اضطهاد النساء مقاربة نقدية
/ رضا الظاهر
-
تأثير جائحة كورونا في الواقع الاقتصادي والاجتماعي والنفسي لل
...
/ رابطة المرأة العراقية
-
وضع النساء في منطقتنا وآفاق التحرر، المنظور الماركسي ضد المن
...
/ أنس رحيمي
المزيد.....
|