|
أمومة المرأة وأنوثتها ليست أساساً للتمييز.
إيمان أحمد ونوس
الحوار المتمدن-العدد: 3079 - 2010 / 7 / 30 - 09:06
المحور:
حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
بعد أن خرجت المرأة للعلم والعمل، أصبحت شريكاً أساسياً في تطوير وتنمية الأسرة والمجتمع في كل المجالات والاتجاهات، وهذا ما فرض على الدول سنّ التشريعات والقوانين التي تساعد المرأة على القيام بدورها المنوط بها لأجل الارتقاء بمهامها ومسؤولياتها كأم وربة بيت وعاملة. لذا جاءت معظم قوانين العمل داعمة لها، آخذة بيدها لتكون لها عوناً في تأدية أدوارها الجديدة. فقد اعترفت قوانين العمل في معظم الدول العربية بحق المرأة العاملة في الاستفادة من إجازة أمومة تتراوح ما بين خمسة وأربعين يوماً إلى ستة أشهر، كما منحتها ساعة أو ساعتي رضاعة مدفوعة الأجر يومياً بعد الالتحاق بعملها تتراوح مدتها ما بين ستة أشهر وسنتين. ومنحتها الفرصة للحصول على إجازة بدون راتب تتراوح مدتها ما بين سنة وخمس سنوات للاعتناء بطفلها. إضافة إلى أن معظم هذه القوانين منعت تشغيل النساء في أوقات معيّنة، ووضعت قيوداً على ساعات تشغيلهن خاصّة في الليل. لا يمكننا إلاّ الاعتراف بأهمية هذه القوانين بالنسبة للمرأة لأنها تفسح المجال أمامها لتمارس دورها في المجتمع مع الاحتفاظ بحقها كأم تُنجب وتربي. غير أن هذه الحقوق المعترف بها للمرأة العاملة تُعتبر في جانبٍ منها تعزيزاً لدورها النمطي كأم مطلوب منها هي فقط العناية بالطفل لمدد طويلة تحرمها من بعض حقوقها بفعل هذه الإجازات حسبما تنص هذه القوانين في بعض بنودها، إذ لا يحق لها خلال إجازة الأمومة( المأجورة وغير المأجورة) الاستفادة من الحوافز والمكافآت التشجيعية، أو أية ميزات أخرى، علماً أن إجازة الأمومة المأجورة فقط لا تؤثر على ترقيتها، أما ما عدا ذلك من إجازات أمومة غير مأجورة، فإنها تمنع عنها الاستفادة من الترفيعات الدورية والمزايا المادية الأخرى، إضافة إلى أنها تُحرم من فرص إثبات ذاتها في العمل بحجة أنها أم ولا يمكنها الاهتمام كليّاً بعملها، ولذا نجدها تحوز الأعمال والوظائف الأقل أهمية في بعض المؤسسات. ومن جهة أخرى يُعتبر هذا الحق- إجازة الأمومة- تمييزاً بينها وبين الرجل العامل/ الأب الذي لا يخسر أيّاً من امتيازاته الوظيفية، أو الوصول إلى مراتب عليا رغم وجود طفل جديد في أسرته لأنه وحسب القيم والمفاهيم الاجتماعية وحتى القانونية ليس مسؤولاً عن عملية التربية والعناية بالطفل، فهذا من مسؤوليات الأم فقط. كما أن هذه القوانين عندما منعت تشغيل النساء في أوقات معيّنة، ووضعت قيوداً على ساعات تشغيلهن في الليل، إنما حرمت المرأة من الحضور في بعض القطّاعات التي أبقتها حكراً على الرجل، ليس من باب الحماية القانونية بقدر ما هو من باب التمييز الإيجابي في ظاهرة بحجة المحافظة على صحة وسمعة المرأة. مع أننا نجدها تعمل كممرضة مناوبة في الوارديات الليلية في المشافي مثلاً، فلماذا يتم قبول عملها ليلاً في هذا القطاع، ولا يُقبل في قطاع آخر. لقد اعتبرت قوانين العمل ذلك تمييزاً إيجابياً لصالح المرأة، لكن ورغم إيجابيته تلك إلاّ أنه ينطوي على تمييز مغلف بالحماية القانونية مسايرة للقيم الاجتماعية والدينية على حساب شخصية وكيان المرأة. وقد لحظت اتفاقية إلغاء كافة أشكال التمييز ضد المرأة(سيداو) هذه الأمور حيث جاء في مقدمتها أو ديباجتها ما يلي: ( إن الدول الأطراف في هذه الاتفاقية إذ تضع نصب عينيها دور المرأة العظيم في رفاهية الأسرة وتنمية المجتمع الذي لم يعترف به حتى الآن على نحو كامل، والأهمية الاجتماعية للأمومة ولدور الوالدين كليهما في الأسرة وتنشئة الأطفال، وإذ تُدرك أن دور المرأة في الإنجاب لا يجب أن يكون أساساً للتمييز، بل أن تنشئة الأطفال تتطلب بدلاً من ذلك تقاسم المسؤولية بين المرأة والرجل والمجتمع ككل. وإذ تُدرك أن تحقيق المساواة الكاملة بين المرأة والرجل يتطلب إحداث تغيير في الدور التقليدي للرجل، وكذلك في دور المرأة في المجتمع والأسرة.) ولهذا جاء في المادة- 4 من الاتفاقية: 1- لا يُعتبر اتخاذ الدول الأطراف تدابير خاصة مؤقتة تستهدف التعجيل بالمساواة الفعلية بين الرجل والمرأة تمييزاً بالمعنى الذي تأخذ به هذه الاتفاقية، ولكنه يجب ألاّ يُستتبع، على أيّ نحو الإبقاء على معايير غير متكافئة أو منفصلة، كما يجب وقف العمل بهذه التدابير متى تحققت أهداف التكافؤ في الفرص والمعاملة. 2- لا يُعتبر اتخاذ الدول الأطراف تدابير خاصة تستهدف حماية الأمومة، بما في ذلك تلك التدابير الواردة في هذه الاتفاقية، إجراءاً تمييزياً. المادة- 5 1- تغيير الأنماط الاجتماعية والثقافية لسلوك الرجل والمرأة، بهدف تحقيق القضاء على التحيّزات والعادات العرفية وكل الممارسات الأخرى القائمة على الاعتقاد بكون أيّ من الجنسين أدنى أو أعلى من الآخر، أو على أدوار نمطية للرجل والمرأة. 2- كفالة تضمين التربية العائلية فهماً سليماً للأمومة بوصفها وظيفة اجتماعية، والاعتراف بكون تنشئة الأطفال وتربيتهم مسؤولية مشتركة بين الأبوين على أن يكون مفهوماً أن مصلحة الأطفال هي الاعتبار الأساسي في جميع الحالات. من هنا يتضح لنا أن الاتفاقية رغبت ببعض التمييز الذي ارتأته إيجابياً لصالح المرأة والمجتمع مرحلياً، بمعنى أن يتم القبول آنياً ببعض هذا الإجراءات التمييزية ريثما يتبنى المجتمع والأسرة بشكل خاص ثقافة وسلوكاً يؤديان إلى قبول هذه المساواة بلا تحيّز لأحدهما ضدّ الآخر(المرأة والرجل)، بحيث يكون الانتقال بعدها إلى المساواة الكاملة بين الجنسين في الحقوق والواجبات أمراً ضرورياً لا مفرّ منه. مع العلم أن تطور التكنولوجيا في كل المجالات قد فتحت الأبواب على مصراعيها أمام الجنسين لخوض غمار أي عمل أو مهنة دون تمييز تقني أو علمي، بمعنى أن الأعمال اليوم لم تعد تتطلب الجهود المضنية كما كانت سابقاً، وبهذا تنتفي الذرائع والعوائق الموضوعة أمام المرأة في ولوج أعمال كانت حكراً على الرجل، والواقع العملي والحيّ خير برهان بما وصلت إليه المرأة حالياً.
#إيمان_أحمد_ونوس (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
- يا رضا الله ورضا الوالدين- دعاء تلاشى على إيقاع الثقافة وا
...
-
محامية تلوذ بالصحافة بحثاً عن حلول وتستجدي الإنصاف من القضاء
-
الرجل والمرأة.. أيهما أكثر إخلاصاً..؟
-
إجرام المرأة أصيلاً أم مكتسباً..؟ في الرقة أم تقتل طفليها.!!
...
-
تعاليم القبيسيات في المدارس ضرورات أم محظورات.!؟
-
الجنسية... دموع ومعاناة وأبناء مقهورين
-
مؤتمر المنامة والعودة لأسوار الحرملك والوأد
-
وأخيراً... عيادة حديثة لفحوصات ما قبل الزواج
-
عندما تتحوّل الأخوّة لافتراس
-
باقة حب وياسمين لروح أبي
-
قضايا المرأة بين الواقع الاجتماعي والتشريعات
-
وزارة الإدارة المحلية تسحق الشرائح الأكثر استحقاقاً في المجت
...
-
مواكباً للقتل بداعي الشرف ضرب المرأة بات ظاهرة تستدعي التصدي
...
-
رغبت بمساعدته على تكاليف الحياة فقتلها بدافع الشك
-
صراحة الأزواج...مغامرة أم ضرورة..؟
-
كيف يرى الرجل صداقتها له
-
كان عامٌ حافلاً بقضايا المرأة
-
عندما يصبح الغدر مكافأةً كبرى
-
شموع أنارت ليل دمشق...فهل تنير دروب التائهات عن حقوقهن..؟
-
مرّة أخرى الدعم لمستحقيه... ما عدا المطلّقات
المزيد.....
-
جريمة تزويج القاصرات.. هل ترعاها الدولة المصرية؟
-
رابط التسجيل في منحة المرأة الماكثة في المنزل 2024 الجزائر …
...
-
دارين الأحمر قصة العنف الأبوي الذي يطارد النازحات في لبنان
-
السيد الصدر: أمريكا أثبتت مدى تعطشها لدماء الاطفال والنساء و
...
-
دراسة: الضغط النفسي للأم أثناء الحمل يزيد احتمالية إصابة أطف
...
-
كــم مبلغ منحة المرأة الماكثة في البيت 2024.. الوكالة الوطني
...
-
قناة الأسرة العربية.. تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك أبو ظبي ش
...
-
تتصرف ازاي لو مارست ج-نس غير محمي؟
-
-مخدر الاغتصاب- في مصر.. معلومات مبسطة ونصيحة
-
اعترف باغتصاب زوجته.. المرافعات متواصلة في قضية جيزيل بيليكو
...
المزيد.....
-
الحركة النسوية الإسلامية: المناهج والتحديات
/ ريتا فرج
-
واقع المرأة في إفريقيا جنوب الصحراء
/ ابراهيم محمد جبريل
-
الساحرات، القابلات والممرضات: تاريخ المعالِجات
/ بربارة أيرينريش
-
المرأة الإفريقية والآسيوية وتحديات العصر الرقمي
/ ابراهيم محمد جبريل
-
بعد عقدين من التغيير.. المرأة أسيرة السلطة ألذكورية
/ حنان سالم
-
قرنٌ على ميلاد النسوية في العراق: وكأننا في أول الطريق
/ بلسم مصطفى
-
مشاركة النساء والفتيات في الشأن العام دراسة إستطلاعية
/ رابطة المرأة العراقية
-
اضطهاد النساء مقاربة نقدية
/ رضا الظاهر
-
تأثير جائحة كورونا في الواقع الاقتصادي والاجتماعي والنفسي لل
...
/ رابطة المرأة العراقية
-
وضع النساء في منطقتنا وآفاق التحرر، المنظور الماركسي ضد المن
...
/ أنس رحيمي
المزيد.....
|