|
لاجل فيروز : ورثة الدم ... خونة الإرث !!
صفاء خلف
الحوار المتمدن-العدد: 3076 - 2010 / 7 / 27 - 09:39
المحور:
الادب والفن
ان كان للاخوين الرحباني أرث ، فهو صوت السيدة فيروز، الذي حلق بما كتباه و لحناه الى مجد لن يطوله مجد بعد ذلك ، فالسيدة التي رهنت حياتها من اجل ان تغني للصباحات ، فتشرق بها ايامنا العربية المنكوبة ، لا تستأهل من ورثة الدم ان "تحاصر فيروز" كما حوصرت بيروت ،وبأن لا تعيد للذاكرة ولاجيال عاشت على وقع طبول الاحترابات و الغزوات "المظفرة" و الانهزامات "المنتصرة" ،ماضياً ناعماً وصادقاً وأميناً على احلام سعت لتعيش فيما سعى "ورثة الدم" من السياسيين الى غمسها بدم اكثر حرمة من دم القديسين و الاولياء ، و قتلها و وأدها لئلا تكون النهارات مدعاة للتغيير.
ورثة الدم السياسي تتكرر صورتهم بورثة الدم الرحباني ، فالابناء لا يسعون وراء تخليد الذكرى قدر ما يسعون الى المنفعة المادية "على الجاهز" من اعمال ولدت بمسيرة عذاب طويلة و سهر ليالي و مجازفة وسط حرب اهلية من اجل انتاج مسرحيات مثلتها و غنتها السيدة فيروز،دون انت تنتظر لا من ورثة الدم السياسي و لا من ورثة الدم الرحباني شكرا او عرفاناً ، لان فيروز و الرحابنة انذاك كانوا جسدا و روحاً واحدة، فعاصي و منصور لم يختلفا يوما على ارث ، و لم يكونا اكثر انسجاماً و الفة من انسجامهما مع السيدة فيروز.
ولم يستح ورثة الدم الرحباني من طول قامة السيدة المباركة ، و لا من سني عمرها الشامخ كالارز الذي افنته في الغناء الاصيل وهي تروي لنا حكايات عن الاميرات وبنات الحارة و العاشقات الصغيرات اللواتي يحلمن بالامراء و عن شادي، و عن الابواب ، و عن التي تنطر حبيبها بعز الصيف ، و عن الغريبة التي لا ضيعة لها سوى لبنان ، و عن القمر و الجيران ، و عن الهوى العذري ، و عن يارا و جدايلها الشقر، و تطول حكايات الست و يطول معها حلمنا ، و لاتجد ارواحنا الكسيرة بلسما غير الصوت الكرواني.
فيروز سيدة الغناء الانساني بحق ، لانها الوحيدة التي وقفت بشموخ على المسارح و الساحات دون ان تنطق اغنياتها باسم أي رئيس او زعيم او ملك "عربي" ، يكفي لفيروز فخرا انها غنت للفقراء و لم تغني للرؤساء ، يكفيها فخراً انها رتلت في القدس آيتها العظيمة خلال زيارة بابا الفاتيكان للمدينة العام 1964 ، فاستحقت عن جدارة ان نسميها (فيروز صلاة الانسانية) ، فالقدس التي ينوح عليها النائحون ، و يلطم عليها اللاطمون ، و يهدد بحرب تحريرها الزعماء دون ان يهزوا شعرة من رأس جندي اسرائيلي ، ومقاومة نصرالله – خامنئي بعد ان فشلت في تسويق نفسها كمقاومة وطنية اثر "غزوة بيروت"2008.لم يستطع كل هولاء ان يمنحونا شعوراً انسانياً بأنتمائنا غير العروبي و غير الشوفيني و غير الاسلاموي للقدس ، هي وحدها فقط من استطاعت ذلك!!.
غنت لبغداد ، ولم تغن "لثوارها" بل لشعرائها و فنانيها، غنت للعشاق ، ولم تغن للقبائل ، غنت للنهار ، ولم تغن للظلمة ، فهل ادرك "ورثة الدم الرحباني" ذلك ؟! ، اقاموا الدنيا و اقعدوها محتجين على ان تعيد السيدة المباركة مسرحيات الماضي الجميل للحاضر المشوه ، الحاضر الذي لم يتغير منه شيء سوى بقاء الجمهوريات البوليسية ، و الحكام و ورثتهم "بالدم"!!.
ربما أُذكر ورثة منصور الرحباني ، بمقولة ابي مسلم الخراساني حين عاد برأس و سيف عم الخليفة المنصور من الشام ، فبادره الاخير "" ان احص الغنائم" ، فرد "أمين على الدماء ، خائن في الاموال" ، أتلك كهذه ايها الوارثون؟!.
من مفارقات القدر المر ، ان ورثة الدم الرحباني احتجوا تحديدا على عرض السيدة فيروز لمسرحية "يعيش يعيش" و رشحوا لها مسرحية "صيف 480" بديلاً عنها ، و كأن حقوق الاولى ما زال فيها ما يطالب به ، و الثانية "خلصت قصتها!!". و المفارقة الاشد ان مسرحية "يعيش يعيش" تتحدث عن خراب الملوك و الامبراطوريات و الرياسات و كأنها كتبت للتو ، فالخراب ما زال ماثلاً عربيا ، فكأن رفض عرضها تواطيء "مكشوف" مع الانظمة لئلا تعيد فيروز "تساؤلات الصبية هيفا – دور السيدة في المسرحية – " على العقل العربي المغيب ، و لئلا يتعلم الناس من المسرحية ذاتها كيف ان خراب السلطة يشابه خراب الانقلاب ، فلا امل الا بالتغيير الجذري.
في المسرحية مدار الجدل القانوني بين السيدة فيروز و ورثة منصور الرحباني ، غنت فيها اجمل اغنياتها التي مازلنا ندندن بها حين لا تجد ارواحنا متنفساً غير صوت القديسة و هو ينساب كالشدو : "شادي ، ليلية بترجع يا ليل ، حبيتك بالصيف ، انا هويت".
ورثة الدم الرحباني الذين يجاهدون من اجل ان يظهروا انهم محافظون امناء على الارث الطيب ، في حقيقتهم هم خونة الارث !! بأي حقوق يطالبون ، هل تطمع فيروز بالمال و هي بهذه الرفعة و الغنى ، هل تود – و عذرا للسيدة المباركة- ان تدخل احدى مختبرات اعادة تأهيل الوجه و الجسد لتبدو مغرية لاصحاب شركات الانتاج فتكون دمية فراش و دمية فيديو كليب رخيص!!. هل تحتاج فيروز العظيمة ان تأخذ اذناً من وصي روحي عليها كمنصور ، وزوج امين كعاصي لتعيد عرض اعمال عرضتها في وقت لم يولد فيه ورثة الدم بعد!! هل تستحق يا ابناء منصور ، السيدة المباركة كل هذا منكم؟!.
لكن كما اختتمت فيروز مسرحيتها ( يعيش يعيش ) بعد غدر الامبراطور المخلوع بهم رغم ايوائهم له ايام ذلته ، بقولها "الرعيان بوادي ، و القطيع بوادي" ، هل فهمتم يا ورثة الدم!!.
#صفاء_خلف (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الرقيب العسكريتاري يمنع دخول مجلة ثقافية تحررية من دخول العر
...
-
قريباً .. إنطلاق مجلة نثر الفصلية باللغتين العربية و الانكلي
...
المزيد.....
-
أفلام أجنبي طول اليوم .. ثبت جميع ترددات قنوات الأفلام وقضيه
...
-
وعود الساسة كوميديا سوداء.. احذر سرقة أسنانك في -جورجيا البا
...
-
عيون عربية تشاهد -الحسناء النائمة- في عرض مباشر من مسرح -الب
...
-
موقف غير لائق في ملهى ليلي يحرج شاكيرا ويدفعها لمغادرة المسر
...
-
بأغاني وبرامج كرتون.. تردد قناة طيور الجنة 2023 Toyor Al Jan
...
-
الرياض.. دعم المسرح والفنون الأدائية
-
فيلم -رحلة 404- يمثل مصر في أوسكار 2024
-
-رحلة 404- يمثّل مصر في -أوسكار- أفضل فيلم دولي
-
فيلم -رحلة 404- ممثلاً لمصر في المنافسة على جوائز الأوسكار
-
فنانون من روسيا والصين يفوزون في مهرجان -خارج الحدود- لفن ال
...
المزيد.....
-
توظيف التراث في مسرحيات السيد حافظ
/ وحيدة بلقفصي - إيمان عبد لاوي
-
مذكرات السيد حافظ الجزء الرابع بين عبقرية الإبداع وتهمي
...
/ د. ياسر جابر الجمال
-
الحبكة الفنية و الدرامية في المسرحية العربية " الخادمة وال
...
/ إيـــمـــان جــبــــــارى
-
ظروف استثنائية
/ عبد الباقي يوسف
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
سيمياء بناء الشخصية في رواية ليالي دبي "شاي بالياسمين" لل
...
/ رانيا سحنون - بسمة زريق
-
البنية الدراميــة في مســرح الطفل مسرحية الأميرة حب الرمان
...
/ زوليخة بساعد - هاجر عبدي
-
التحليل السردي في رواية " شط الإسكندرية يا شط الهوى
/ نسرين بوشناقة - آمنة خناش
-
تعال معي نطور فن الكره رواية كاملة
/ كاظم حسن سعيد
-
خصوصية الكتابة الروائية لدى السيد حافظ مسافرون بلا هوي
...
/ أمينة بوسيف - سعاد بن حميدة
المزيد.....
|