|
بمقدورك معالجة وإصلاح حياتك بنفسك الفصل الرابع ويليه الفصل الخامس
كامل السعدون
الحوار المتمدن-العدد: 934 - 2004 / 8 / 23 - 11:58
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
-4- ترجمة كامل السعدون
الفصل الرابع & الفصل الخامس ___________
هل هذا صحيح ؟ " الحقيقة هي ذلك الجزء الذي لا يتغير فينا " __________________________
إن سؤال من قبيل ( هل هذا صحيح…؟ ) ، كائناً ما كان الأمر الذي تسأل عنه ، يحتمل قطعاً الإجابتين المتناقضتين " نعم " و" كلا " ، لأن أي شيء يكون صحيحاً بقدر استعدادك لتصديق صحته ، ويكون خاطئاً ، حيث تؤمن بأنه خاطئ ، أليس القدح دائماً أما أن يكون نصف مملوء أو نصف فارغ ، وهو في الحالين ذات النصف ، إنما هل ننظر إلى الجزء الأسف منه بإيجابية أم لا نرى إلا الأعلى ، بلا …إيماننا هو المقياس ، وهناك على الدوام ملايين الأفكار التي بمقدورك أن تختار منها ما تشاء لتؤمن به ، ولكننا للأسف غالباً ما لا نغادر رؤوس آبائنا التي تعيش خلودها في رؤوسنا ، كيف …؟ ببساطة بأن نستند غالباً على أفكار آبائنا ، وننحاز لها ونختارها عوضاً عن السياحة الحرة في عالم الأفكار ، لانتقاء ما هو أفضل وأجمل وأنسب لمنا ولمن هم حولنا …! هل إن ذلك ضروري ؟ هل هناك قانون مكتوب يلزمنا بأن ننحاز ونختار أفكار آبائنا …؟ لماذا وما ضرورة أن نستمر بذلك ، لماذا وما ضرورة أن لا نفكر إلا بطريقة واحدة وحيدة ، وهناك ما لا يعد من الطرق التي يمكن أن نختار منها أفضلها للتفكير وللعيش بالتالي على هداها ، ومع ذلك فإن أي اختيار تختاره سيكون صحيحا بالنسبة لك ، حتى يفجعك يوماً بأنه لم يوصلك إلى ما تريد ( هذا إذا كنت تريد شيئاً كالتميز مثلاً أو الرقي في مستوى العيش ) ، عندها ستغادره بغير ما أسف .
خذ أفكارك على محمل الجد _________________
مهما كان نوع أفكارنا ، فإنها تصح بالنسبة لنا ، فأنا إذا ما تورطت يوما بمتاعب اقتصادية ، فقد أختار أن أؤمن إنني لا تستحق الأمان الاقتصادي والاستقرار المادي ، أو ربما اعتقدت أن الحياة مع قدرٍ من الأعباء المادية هي شيء طبيعي بالنسبة لي أو لغيري ، أو ربما كنت من ذلك النوع من البشر الذين يحملون في رؤوسهم حيث يذهبون ، ذلك المفهوم الخاطئ من إن الحياة لا يمكن وليس من المتوقع أن تكون جيده بالنسبة لي لأني مطاردٌ دوماً من سوء حظٍ لا يكف عن تعقبي ، وإنني لست مؤهلاً للوصول لشيء على الإطلاق . جميع تلك الحالات التي ذكرتها أعلاه هي أنماط سلبية من التفكير، قد تصح معي أو معك لأننا أصلاً آمنا بها ، فكان رد الكون علينا ، هو أنه أعطانا هذا الذي آمنا به ، فالحياة لا تعطيك أقل ولا أكثر مما تريده أنت وأنت وحدك . من المتوقع أنك أنت أو أنا ، وإذا ما فشلنا في القدرة على إدارة علاقة عاطفية أو اجتماعية بشكل سليم ، أن نعتقد أن لا أحد يحبنا وإننا أناس ضعفاء ونفتقد القدرة في التأثير على الآخرين وجذبهم إلى صف قلوبنا وعواطفنا ، ربما هو الخوف من أن تستلب إرادتنا وتنتهك هويتنا ، وقد يكون هذا التصور ناتجاً عن تجربةٍ عاشها أبوك أو أمك في ظل شريكٍ مستلب للكرامة والحرية ، أو ربما نختار أن نؤمن بأن الناس لا خير فيهم ولا يأتي منهم إلا الشر ، هذه الاحتمالات الثلاثة للتفكير في مسألة الفشل العاطفي ، تمثل بعض أنماط التفكير الشائعة لدى الناس . أو خذ مثلاً تدهور حالتك الصحية ، هناك جملة خيارات شائعة لتفسير الموقف ، مثلا أن تؤمن بأن هذا الذي أصابك هو بعض الموروثات البيولوجية لأبوين ، أو ربما تختار أن تلتزم جانب هذا النمط الشائع من التفكير السلبي القائل : " هذا قدري …أنا جئت للحياة لأعاني " ، أو ربما تفضل أن تختار هذا المفهوم العدمي القائل : " هكذا هي الحياة أما هذا أو ذاك " ، وهناك ما لا يعد من الخيارات من أنماط التفكير وأنواع المفاهيم الإيجابية والسلبية التي يؤمن بها ويلتزم الكثيرون منّا ، فلا يغادرونها إلا نادراً . إننا في الغالب لا نتعمق في رؤية أحوالنا ، بل نستسهل أن نختار آراء سطحية ، تلبي الطبيعة العامة ( المكتسبة غالباً عبر التربية ) لتكويننا السيكولوجي . عندما يحصل شيء ما في حياتهم ، تجدنا للأسف نرى الظواهر الخارجية حسب ، ونحكم على أساسها ونظل إلى ما شاء الله متسكعين على أرصفة الحياة ، ومتسربلين بثوب الضحية الذي يماثل ثوب الشحاذ ، حتى يأتينا من يرينا العلاقات الخفية بين ما يحصل في الخارج وأفكارنا الداخلية ، فنعي عندها مصيبتنا ونسعى بجد للبحث عن منفذ نور . وددت هنا أن أوجز بعض ما انف ذكره من مشاكل وما يقف خلفها من مفاهيم سلبية :
المشكلة المفهوم __________________________________________________
اقتصاد شخصي مضطرب أنا لا استحق أن تكون لدي كفايتي من النقود ليس لدي أصدقاء لا أحد يحبني مشاكل في العمل لست ذكيا بما فيه الكفاية
مهما تكن المشكلة التي تعانيها ، فان المسبب لها قطعاً هو نمط من التفكير ، وأنماط التفكير قابلة للتغيير يا صديقي ، ومن الممكن استبدالها بأنماط أخرى إيجابية . إن كل هذه المشاكل وغيرها الكثير مما نعانيه في الحياة ، يمكن أن نشعر إنها حقيقية وربما تبدو بكل المقاييس مشاكل حقيقية ، ومع ذلك ومهما يكن تمظهرها بمظهر الحقيقة فإنها في الواقع ، لا تعدو كونها نتيجة لأفكارنا ومفاهيمنا الداخلية ، فإن كنت مدركاً لذلك فقد حللت المشكلة ، لأن وعيك بسببها سيدفعك حتى دون أن تدري إلى التحول جهة نمط تفكيرٍ جديد وبالتالي سلوك جديد يحقق لك الفوز الذي افتقدته أما إن كنت غير واعٍ لتلك العوامل ، فإنك على أية حال سالكٌ لطريق الوعي من خلال هذا الكتاب ، فقد كتب من أجلك عزيزي القارئ ، من أجل أن يوقظ فيك حس البحث عن ما يستقر تحت السطح ، إنما أدعوك إلى أن تكون رؤوماً مع نفسك لأن القسوة لن تجدي في إبداع حلول حقيقية . تناول متاعبك بروح منفتحة يقظة . أسال نفسك " أي أفكار أدت بي إلى هذه المشكلة أو تلك ؟ " . لو أخذت كفايتك من الوقت وتحاورت مع نفسك حوار الصديق لصديقه أو الحبيب لحبيبه ، وبعيداً عن عيون ووجود الآخرين ، فإنك قطعاً ستجد الجواب الذي تجهد نحوه .
مما تعلمناه حين كنا أطفالا : ________________
بعض المفاهيم التي لدينا إيجابية وقد أغنت حياتنا أو إنها توشك أن تفعل ، كالقول التالي " إذا سرت في الطريق فانظر لكلا الاتجاهين قبل أن تعبر" ، لكن مفاهيم أخرى يمكن تكون مفيدة في حينها إنما فقدت مع مرور الزمن واقعيتها من قبيل : " لا تثق للغرباء " . مثل هذا المفهوم قد يكون نافعاً للأطفال ، لكنه لا يمكن أن يصح إذا ما صار الأطفال كبارا . طيب …لماذا لا نعرض مفاهيمنا السالفة للاختبار أو النقد ؟ لماذا لا نسأل اليوم عن مدى صحتها وواقعيتها ؟ لماذا تعتقد مثلا " إن من الصعب عليك أن تتعلم " ؟ أهذا صحيح حقا ؟ ما دليلك ؟ ثم …من أين جاءني مثل هذا المفهم أصلا ؟ هل لا زلت مقتنعاً لحد الآن بهذا ، لمجرد أن أبي أو معلمي قاله لي يوما… أنت لا تستطيع أن تتعلم بسهولة ؟ أليس من الأفضل لي أن انسف سطوة وهيمنة هذا الصوت الذي لا زال نابضا في مخيلتي منذ عشرون عاما أو اكثر ، والذي قيل ربما في لحظة انفعال أو غضب أو خوف ؟ إن مفهوما من قبيل " الرجال لا يبكون " هو مفهوم سلبي لأنه يخلق أولئك الذين يعمدون إلى إخفاء عواطفهم وبالتالي يسبب لهم ولغيرهم التوتر العصبي والكثير من التعاسة وضعف النمو الشعوري . ومفهوم آخر من قبيل " البنات لا يتسلقن الأشجار أو لا يمتطين الخيول " يخلق ولا شك تلك الأنثى السلبية ، العاجزة ، الكسولة ، المعتمدة دوماً وفي كل شيء على الجنس الآخر …الرجل …! من المؤلم أن تلك المفاهيم التي تلقيناها في الطفولة يمكن أن تغدو حقائق إذا ما استسلمنا لها وحافظنا على إيماننا بها ، لأن الحياة تعطيك مصداقية زائفة لكل ما تؤمن به ، وهذا ما يصح مثلاً مع القول " لا تثق بالغرباء " ، إذ ستضع الحياة في طريقك دوماً غرباء سيئون يثبتون مصداقية هذه المقولة الخاطئة ، في حين لو إننا تعلمنا وبوقت مبكر أن العالم مكان آمن للعيش ، فإننا سنفكر بطريقة مختلفة ، إذ سيكون من السهل علينا أن نتقبل فكرة إن الحب موجود في كل مكان في الدنيا وان الناس ودودون متعاونين ، وبالتالي سنجد دوما من يحبنا ويتقبل عثراتنا ويتعاون معنا . كذلك ..لو انك تعلمت منذ كنت طفلا ، أن كل شيء هو ذنبك وحدك ، فانك ستجول دروب الحياة بأقدام متعثرة وقلبٌ خائر وقلبٌ مثقل بالشعور بالذنب لكل مصيبة تحصل هنا أو هناك ، وبالتالي ستتحول إلى ببغاء لا تكف عن ترديد عبارات الاعتذار …. " أنا آسف ، اعذروني ، اغفروا لي ، ولكل من هب ودب . ويصح الأمر ذاته مع مفهوم أنني لا أعني شيئاً للآخرين ، فلو انك كطفل آمنت بذلك ، فان مثل هذا المفهوم سيدفعك دوما لحشر نفسك في الصفوف الأخيرة ، وهذا هو بالضبط ما حصل لي عندما كنت طفلة ، إذ إني نادرا ما كنت احصل على قطعة كعك عندما تكون لدينا حفلةٌ أسرية . لماذا …؟ لأنني لم أكن مرئية من قبل الآخرين ، هل جربت مثل هذا الإحساس …؟ أن تبدو وكأن لا أحد يراك رغم حضورك وسط الناس ؟ بلا…هذا ما جربته وعشته حين كنت صغيرة ، إذ لم يكن أحد يتعطف علي بنظرة . لماذا …؟ لأنني كنت أؤمن بأن لا أحد يحبني ، وبالتالي فإنني لم أسعى لألفات أنظار الآخرين ، فما كان من هؤلاء الآخرين إلا أن أهملوا وجودي . هل دفعتك ظروف الطفولة عزيزي القارئ ، للإيمان بأنك لست محبوب من أحد ؟ إن كان الأمر كذلك فانك حقا إنسان وحيد وستعيش العمر كله بوحدة ، إن لم تبادر إلى إصلاح أو التخلص من هذا المفهوم الذي تملكه عن نفسك . وحتى لو تسنى لك أن تنال صديقا أو تحقق علاقة من نوع ما ، فانك لن تستمر طويلا مع هذا الصديق أو في بحبوحة تلك العلاقة ….! أو لنأخذ هذا المفهوم الذي استقيناه من قولٍ كان أهلنا لا يكفون عن ترديده ، إلا وهو إننا لا يمكن أن ننال كفايتنا من الماديات ولن نصل أبداً إلى الإشباع ؟ لا أشك في أنك إن كنت من أولئك السيئون الحظ الذين سمعوا مثل هذا القول ، فإنك تعيش ولا شك في حالة إفلاسٍ وعوز دائم ، لأن إحساسك أصلاً بني على هذا المفهوم . أذكر مرة أن زارني زبونٌ ، نشأ في أسرة كان الأبوين فيها يؤمنون دوما بان كل شيء ليس على ما يرام وان الأمور تسير نحو الأسوأ . متعة هذا الرجل الوحيدة كانت لعبة التنس الأرضي ، وقد تعرض لحادث أدى إلى كسر في ركبته ، تصور إنه تنقل من طبيب إلى آخر ، ومن فشلٍ إلى آخر حتى صار العجز دائمياً ، ولم يعد الرجل إلى هذا الشيء الوحيد الذي كان يسعده ، أو خذ هذا المثال الآخر : شابٌ ولد ونشأ في أسرة كان ربها مؤمنا بشكل غريب بأنه وضيعٌ وبأن كل الناس فضل منه ، ماذا تظن تأثير مثل هذا الأب بمثل هكذا شعور بالضعة ..؟ قطعاً سيؤثر على الولد بقوة ، وهذا هو الذي حصل ورغم النجاح المهني الذي أصابه ، فهو مفلس دائم ومتعب . إن ما تلقاه من أبيه من إيمان بالضعة والفشل ، ظل المهماز الذي يستحثه لأخذ مكانه في الصفوف الخلفية ، لا في الصدارة .
إن ما تؤمن به هو فقط ، ذلك الذي يغدو حقيقة : ______________________________
كم من مرة قلت لنفسك " هكذا أنا ولن أكون غير ذلك " ، إن هذا القول هو بالضبط ما تؤمن به عن نفسك، وغالباً ما يكون هذا الذي نؤمن به من مفاهيم ، مستعاراً من شخص أخر تمكن من التسلل إلى فكرنا بشكل أو بآخر حتى صارت مفاهيمه أو بعضها ، جزء من مفردات نمط تفكيرنا ومنظومتنا القيمية ، ربما نتيجة التطابق مع مفردات أخرى سالفة لدينا ضمن مفردات كامل نمطنا الفكري . هل أنت واحد من أولئك الناس الذين ينهضون في الصباح ، وإذ يرون الجو ممطراً ينفجرون باللعنات مؤكدين أنه يومٌ تعيس أو كئيب ، من قال هذا …؟ من قال أن الأيام يمكن أن تكون تعيسة أو كئيبة أو سعيدة على أساس تقلبات الطقس …؟ انه فقط يوم مثل كل الأيام وإن كان بلا شمس ربما أو مع رطوبة أو برودة شديدة ، ولكنه يوم ككل الأيام ، ولا يجدر بنا أن نلعنه ، إذ كيف يصح أن نلعن أيامنا وكل يوم فيها هو بعضٌ من حصتنا من العمر على هذه الأرض وفي هذه الحياة …! لا علاقة أيها الأحبة القراء بين المطر والتعاسة ، مطلقاً …! ثم ….ارتدي كفايتك من الملابس الدافئة أو المناسبة للبلل أو الرطوبة ، يغدو يومك مثل أمسك ، ويتغير بالتالي نتيجة الدفء والتفاؤل ، يتغير مزاجك ، فلا تعود تطلق اللعنات ، بل من الأكيد أننا سننال متعة فريدة من نوعها إذا ما خرجنا تحت المطر ونحن مفعمين بالحب للحياة والكون والناس ، وتقلبات الطقس ذاتها ….! أما أن كنت من هذا النوع الذي يأبى إلا أن يمتلك عن المطر مفهوماً سلبياً ، فأبشر بأيام طويلة حافلة بالملل والكآبة ، لأنك إن استقبلت المطر ذات مرة بمثل هذا المفهوم ، فكل الأيام القادمة ، عبر كل شتاءات العمر القادة ، ستكون بذات الحجم من الكآبة والملل ، فهل تود ساعتها أن تحتفظ بمثل هكذا مفهوم مدمر ..؟ إننا إذا ما سلكنا مثل هذا السلوك السلبي تجاه أحوال الطقس فأننا بالحقيقة نحارب أيام العمر عوضا عن أن نعيشها بسلام وود ، ونستثمرها في زيادة رصيد سعادتنا . ليس هناك عزيزي القارئ ، طقس سيئ أو طقس جميل ، انه طقس فقط لا اكثر وان أمزجتنا هي التي توزع المسميات ، وردود أفعالنا هي التي ترسم أيامنا بالألوان أو بالسواد وحده . إن أردنا أياما مليئة بالسعادة فعلينا أن نفكر أفكارا سعيدة . وان أردنا أياما أو لحظات غنية بالمتعة والمعرفة والفائدة ، فلنفكر أفكارا غنية بالمعنى . وإن شئنا أن تكون لنا حياة مليئة بالحب ، فلنفكر أفكارا حبية . كل ما نرسله إلى الخارج ذهنيا أو لفظيا يعود إلينا بذات الشكل الذي أرسلناه به ….!
كل لحظة هي بداية جديدة : __________________
اكرر ما سلف أن قلت : اللحظة الحاسمة هي الآن وليس أي وقت آخر . أنت لست ثابتا في جلستك هذه بل متحرك ، كل الكون في حالة حركة وكل الكون يتغير وأنت ذاتك ينبغي أن تتغير لكي تنال السعادة والمتعة والقوة ، والتغيير يبدأ في عقولنا وليس في الخارج ، هنا والآن وفي عقلك يحصل التغيير . ليس مهما طول الفترة التي عشناها ونحن نحمل هذه الفكرة أو تلك من الأفكار السلبية ، أو هذا المرض العضوي أو النفسي أو ذاك ، أو اقتصاد سيئ أو فشل في علاقات اجتماعية أو عاطفية أو تثريب ذاتي أو.. أو … الخ ، لا ليس مهم طول الفترة بل المهم أن تشرع بالتغيير اليوم قبل الغد لأنك أن تغيرت اليوم نجحت في توفير آلام إضافية وأيام إضافية ما كان من الضروري هدرها . مشكلتك لم تعد بحاجة لأن تكون حقيقة بالنسبة لك ، أؤمن بهذا ، أؤمن بأنها لم تعد ولا ينبغي أن تكون حقيقة ، إنها لا أكثر من مفهوم تلقيته عبر التربية أو التأثر ، والمفاهيم قابلة لأن تطرد من الذهن لتفسح المجال لما هو أحسن وأفضل منها ، أي مشكلة يمكن أن تخفت ويبهت لونها وتفقد ضغطها العصبي عليك وإفسادها المتواصل لحياتك ، إذا ما نجحت في تسفيه المفهوم الذي قامت عليه ، وتلك مسئوليتك أنت . تذكر انك أنت الوحيد الذي يفكر في رأسك وليس شخص آخر ، وأنت وحدك الذي لديه القوة والسلطة على عالمك الشخصي . إن قناعاتك وأفكارك السالفة هي التي شكلت هذه اللحظة التي أنت فيها الآن واللحظات السابقة التي مرت ، وما تختار الآن أن تؤمن به وتفكره وتقوله هو الذي سيشكل لحظتك القادمة وغدك والشهر القادم والعام القادم . نعم يا عزيزي القارئ ! بمقدوري أن أسدي إليك تلك النصيحة المجربة وأكررها ، ويبقى الأمر في يدك على أية حال ، في أن تستمر بهذا النمط التفكير السلبي الذي اعتدت عليه وتوفر على نفسك التغيير الذي تحلم به في سرك ، وبالتالي تحافظ على مشاكلك حية تنخر بكيانك ، أو أن تفعل العكس …! تذكر " أنت القوة الوحيدة في حياتك ! وما تختار أن تفكره يمكن أن يتحول إلى حقيقة ساطعة " .
هل هذا صحيح : _________
حسناً ماذا لو توقفت الآن عن القراءة لبرهة وفكرت بفكرةٍ ما …!! ما الذي تفكر به الآن ؟ كائنا ما كان هذا الذي تفكر فيه ، سيكون له دورٌ ولو صغير في حياتك المستقبلية ، فإن كان هذا الذي يدور في خلدك قلق أو غضب ، فإنه قطعاً سيخلق في مستقبلك وخزاتٌ سلبيةٍ متعبة للنفس والجسد ، فهل تود أن يتحول هذا الذي تفكر به إلى حقيقة ؟ انه ليس من السهل دوما أن نصطاد الأفكار التي تغزو ذهننا ، لأنها تتحرك بسرعة خاطفة ، لكن بمقدورنا أن نبدأ الآن في تركيز انتباهنا والإصغاء بعناية لما تقوله نفوسنا أو عقولنا لنا …! فإن صدر من نفسك قول شممت منه رائحة سلبية , عليك أن تتوقف في الحال في منتصف الجملة ثم تعيد صياغتها من جديد أو تلغيها بأكملها في الحال . ماذا لو تخيلت نفسك عزيزي القارئ وأنت تقف في طابور لبوفيه مفتوح ، لكن… بدلا من أن تجد أنواع الأطعمة تجد على الطاولة أنواع الأفكار ، بإمكانك أن تختار أية أفكار تشاء وبالكمية التي تريدها . هذه الأفكار التي ستختارها ، هي ما سيشكل تجاربك المستقبلية القادمة . إذا كنت تختار الآن أن ترحب بأفكار تسبب لك المشاكل والآلام ، فان هذا لا شك غباء ليس بعده غباء ، لأنك هنا تماما كمن يختار طعاما يسبب له الأمراض . نحن نفعل هذا ربما مرة أو اثنتين ، لكن حالما نكتشف إن هذا الطعام لا يناسبنا ، فإننا نتوقف عن تناوله في الحال ، كذلك الأمر مع الأفكار ، فحيث نعرف إن فكرة ما لا تناسبنا ، أو إنها تسبب لنا الآلام والمتاعب فمن الجدير بنا التوقف في الحال . أحد أبرز المعلمين في حياتي هو الدكتور رايموند تشارلز باركر . مما لا أنساه من أقواله هذا الذي كان لا يكف عن ترديده : " عندما تكون لديك مشكلة ، ليس هناك شيء ما يلزم أن تفعله ، بل أن تفهم اكثر " بلا أن نفهم أكثر …! إن المستقبل عزيزي القارئ يخلق في وعينا وإن كان هناك تغييرا ما نودّ تحقيقه ، علينا استخدام العقل لتغيير الموقف بأكمله ، الآن وفي هذه اللحظة …! ختاماً …أود أن أعلن لك قارئي العزيز رغبةٍ تملكتني منذ اليوم الأول لقراءة أول كتابٍ في علم النفس ، إلا وهي أن أرى علم النفس عامة وموضوعة عمل الأفكار وتأثيرها في السلوك خاصة ، أن أراها تدرس في مدارسنا عوضاً عن هذا اللغو الذي يحقن به الطلاب النشء الواعد ، من قبيل الدين والتاريخ والجغرافية و…و……الخ . إني لا أستطيع أن افهم الضرورة التي تقف وراء تدريس مواد مثل التاريخ بكل ما فيه من أرقام تواريخ صماء وتفاصيل معارك وأزمات ، أو الدين بكل أساطيره الزائفة . إن هذا كله ليس إلا هدر للوقت والطاقة النفسية في ما لا يضيف أي لبنة في البناء العقلي للإنسان ، في حين يمكننا تعليم الأطفال أشياء ضرورية بنائية من قبيل كيف يعمل المخ وكيف تفعل الأفكار فعلها في التحول إلى حقائق مادية ، عملية . يمكننا من خلال هذا أن نعود الأطفال على التفكير السليم ، التخطيط الاقتصادي السليم وتحاشي الأزمات . إن الأفكار هي بحد ذاتها استثمار سليم ورأسمال قوي يمكن أن يوفر لنا الأمان الاقتصادي . أتستطيع أن تتخيل كيف سيكون حال جيل بأكمله إذا ما درست مواد من هذا لنوع إضافة إلى المواد المدرسية الأخرى المهمة جدا ؟ إننا بلا نشك سنتمكن من خلق جيل كامل من الرجال والنساء الأقوياء الواثقين الناجحين المتفائلين . بل وأناس ودودين محبين لأشقائهم في الإنسانية . وإلى فصلٌ آخر في القريب …!
الفصل الخامس _____________
ما الذي نفعله الآن _____________
" إني أرى أنماط التفكير المهيمنة على حياتي ، وأنا اختار أن اتخذ التغييرات المرغوبة " ______________________________________________________
قرر مع نفسك أن تغير نفسك : __________________
الكثيرون يشدون شعرهم غضبا ويرفعون سريعا الراية البيضاء بسبب التعاسة التي تملا حياتهم ، في حين يتلظى الآخرون بنار الغيظ والكراهية الموجهة لأنفسهم كما وللحياة وينتهون بالسقوط في مستنقع الاستسلام الذليل . إن كلمة " الاستسلام " تعني انك قد قررت مع نفسك أن " لا أمل بأي شيء ولا أفق ممكن للتغيير وبالتالي فلا أمل ولا نفع بالمحاولة " وهذا يعني بمعنى آخر انك تترك كل شيء على حاله ، ثم تتكيف مع العيش مع الألم ، رغم إنك لا تحب ذلك بالقطع ولكن لا مناص وتأمل حسب في أن لا يغزوك الأسوأ من هذا …! التكيف العقلي على نمط معين هو تماما مثل انزواء المرء مع نفسه وآلامه في زاوية ضيقةٍ يقوم فيها بجلد ذاته وتمزيق روحه إلى شظايا بعيداً عن عيون الآخرين أو شمس الحقيقة ، ثم وحالما يتكرر الخطأ في حياتك ، تعود إلى جلد نفسك بقوة أكبر ، وكلما حصل شيء ازددت غضباً على نفسك ، وفي النهاية لا يبقى في حياتك إلا السخط والغضب والأسى والقرف . أو هذه هي الحياة ؟ هل خلقنا للألم والحسرة حسب ؟ ما الفائدة من كل هذا التخريب والهدر للوقت والجهد والطاقة النفسية والقدرة الفسيولوجية وتدمير جهاز المناعة ؟ لمصلحة منْ تقتل نفسك ببطيء ؟ من النافع جداً أن نسأل أنفسنا ما الذي يدفعنا لخلق أسباب عديدة للغضب ؟ أي فرضيات أو توقعات سالفة تدفعك لكل هذه المخاوف ؟ ما هذا الذي ترسله إلى الخارج فيعود إليك من الآخرين بصورة مضايقات وإزعاج ؟ . لماذا تظن انك بالغضب يمكنك أن تصل إلى حل ما لإشكاليات حياتك ؟ إن كل ما تبعث إلى الخارج يعود إليك ، الغضب الذي ينتجه عقلك ويفرزه لسانك وينبض به قلبك ، يعود إليك بمزيد من المواقف أو ردود الأفعال الخارجية التي تستحثك على إنتاج المزيد من الغضب ، وبالتالي فانك أخيرا ستركن إلى خانة العزلة واللوم والتثريب الذاتي يائسا من إمكانية التغيير .
أكد لنفسك إرادة ونية التغيير : ____________________
لو أمكن لك أن تكتشف مكامن الجمود في حياتك ، فانك ستعتنق فكرة التغيير . إننا جميعا نود في أعماقنا أن نكون بحالة احسن من الحالة التي نحن فيها الآن ، أن نتمكن من تقوية بعض الدعائم في بنائنا الذهني أو في حياتنا العملية ، إن نغزو مجالات معرفية جديدة ، أن نوسع ونعمق بعض الإمكانات والآفاق الموجودة أصلاً لتغدو ارحب واجمل ، ولكننا نتكاسل للأسف عن تحمل عبء التغيير وننتظر واهمين أنه سيأتي من تلقاء نفسه أو من مصادفات تحصل في الخارج وتشملنا بفيوضها وهذا غير وارد مطلقاً رغم أن المجهول يحفل بثراءٍ لا حدود له ، لماذا غير وارد في مثل حالتنا ؟ لأنك إن لم تملك إرادة التغيير وتتهيأ له ذهنياً ونفسياً ، فإنه لن يأتيك من الخارج كهديةٍ ملفوفةٍ بالسليفون . يجب أن نتغير من الداخل ، نغير أنفسنا ، أنماط تفكيرنا ، الطريقة التي نفكر بها ، نتكلم بها ، نعبر بها عن مشاعرنا بهذا وحده يمكن لواقعنا الخارجي أن يتغير . حسناً …تلك هي الخطوة التالية . نحن مدركين الآن والى حد كبير ما هي مشاكلنا بالضبط ومن أين تمخضت ، وقد أزف الوقت الآن للتغيير . أنا ذاتي كنت يوماً غاية العناد والتصلب وكنت أراوح في مكاني ، بل ولغاية الآن أجدني حين أفكر بالتغيير ، أتردد طويلا وأتعثر مليا وتتصاعد عندي مقاومة التغيير لأنماط تفكيري ، لماذا …؟ لأنها تحولت إلى عادات ذهنية يصعب هزهزتها وتغيرها . نعم وعقب كل هذه السنوات من العمل السيكولوجي تجدني أتكاسل وأتردد ، وكان هذا أحد الأشياء التي توجب علي أن أعيها بقوة وأتعرف على أسبابها ، وقد عرفتها لآن ، إن أي تغيير كبير يرافقه دوما مقاومة كبيرة ، ولهذا كل ما سعيت لتغيير كبير ، لتحرير طاقة داخلية حبيسة في أعماقي ، كلما توجب علي الدخول إلى أعماق نفسي للبحث عن جذور الرفض والمقاومة . إن كل طبقة من طبقات النمط الذهني العتيق يتوجب جليها بقوة وإزالتها وتعويضها بتفكير إيجابي بديل ، ولحسن الحظ تجد بعض الطبقات خفيفة القشرة ومن السهل جليها واستبدالها بأخرى إيجابية أما البعض الآخر فثقيلة كحجر الجلمود وتحتاج لزمن وجهد وصبر . عندما أجد أني راغبةٌ بتغييرٍ ما وأجدني بذات الوقت متمسكةً وبعنادٍ بفرضية ما أو بديهية أو فكرة قديمة تدفعني لمقاومة هذا التغيير الذي أرغبه بقوة ، يزداد اقتناعي بان هذا التغيير ضروري للغاية ومهم وإلا ما وجدتني أقاومه بمثل هذا العنف . من خلال معايشتي وتعاملي مع هذه التفاصيل الصغيرة المهمة التي تمثل جزءا حيويا من عملية التغيير ، أمكن لي بدوري أن اعلم الناس كيف يغيروا أنفسهم . الكثير يا عزيزي القارئ من المعلمين الحقيقيين لم يأتوا من بيوت يغمرها الحب والحنان والإشباع المادي والرضا النفسي ، ولم يبدعوا ما أبدعوا ولم ينيروا دروب الأجيال وهم مكتفون مشبعون ، بل العكس فقد خرجوا من نار العوز والفاقة والوحدة والإهمال وتتلمذوا في مدرسة الحياة وعلى يد معلم مبدع اسمه الألم ، بل وقد عمل اغلبهم بجهد خارق وتحت ظروف غاية الصعوبة من اجل إزاحة طبقات الخبث وإخراج الإيجابي والبناء والجميل والطيب من ثمار نفوسهم وبالتالي أمكن لهم أن يعلموننا ، لهذا فأني أود أن اشحذ همتك أيها القارئ العزيز بتأكيد انك ستواجه الكثير من التردد والخوف والمصاعب الأخرى العديدة ، لكن عليك أن تتمسك بإصرار ببذرة التغيير وترعاها . ومع الاستمرارية والإصرار ستنجح في تكييف ذهنك على تقبل التغيير بسهولة اكبر مع مرور الزمن ، فلا تيئس ولا تقل لنفسك لا أستطيع ، فمجرد قراءتك لمثل هذا الكتاب وبحماس ، يدل على أنك تريد التغيير وحيث تريده يغدو بلا شك ممكناً . اذكر أني في بداية مشواري مع السعي للتغيير ، عانيتُ كثيرا من الغضب على ذاتي والإحساس شبه الدائم باني إنسانةٌ سيئة لمجرد أني اكتشف إن هذا الجانب السلوكي أو ذاك التوجه خاطئ ويحتاج إلى تغيير ، أما الآن فأني أقوم بالتغيير ببساطة اكبر وبمعوقات اقل ، هذا يعني إني لم اعد مترددة ، متصلبة الأفكار وخائفة من التغيير بل العكس .
العمل المنزلي : __________
إن هذا العمل الذي نقوم به الآن يشبه في واقع الحال العمل المنزلي . إنني أمر على حجراتي الذهنية وأتناول أفكاري ومفاهيمي التي تمثل أثاث هذه الغرف ، فأما ما احبه من تلك الأفكار والمفاهيم أقوم بتلميعه وتنظيفه ووضعه في المكان المناسب ، لكي ما يكون اكثر نفعا وديمومة في ذهني أما ما أراه بحاجة إلى الإصلاح ، لكي ما يكون اكثر نفعا أقوم بإصلاحه ، وأما ما لا يمكن إصلاحه أو تبنيه واحتضانه ،، أقوم برميه إلى سلة المهملات الذهنية وأستبدله بآخر . تماماً كما نفعل بالصحف القديمة التي ما عاد من ضرورة للاحتفاظ بها ، وليس لها إلا أن ترمى في سلة المهملات أو تحرق لتوسع المجال في رفوفك للجديد الطازج من الصحف والمجلات ، طيب مثل هذا العمل الذي هو طبيعي جداً في البيت ومع أشياءه العتيقة ، هل من الضروري أن يدفعنا للغضب والاستياء والتشبث المرضي حين يكون الأمر متعلقاً بالقديم من قمامة الذهن ؟ لماذا لا اغضب من نفسي حين أقوم بتنظيف بيتي ، وأغضب وأثور حين أقوم بتنظيف ذهني ؟ لماذا اشعر إني إنسان سيئ لمجرد إن منزلي الذهني فيه أثاث عتيق أو غير نافع ؟ لا ..بل ينبغي أن أقوم بهذا العمل بمنتهى السعادة والمرح والثقة .
الإيحاء بالرغبة بالتغيير : ________________
دعنا نستخدم هذا الإيحاء " إنني راغب في تغيير نفسي " ، كرره باستمرار ، " أنا راغب في تغيير نفسي… . أنا راغب في تغيير نفسي " ، حاول أن توصل هذا الإيحاء الذهني بعضو فسيولوجي من أعضاء جسمك ، بحيث يأخذ الإيحاء شكل الرابطة الفسيولوجية المادية ، لكي ما يغدو أكثر جدية وواقعية وحميمية وبالتالي يتقبله المخ ويؤمن به ، يمكنك مثلاً وأنت تردد الإيحاء أن تمسك عنقك لن العنق بالذات هو المركز الرئيسي للطاقة في الجسم ولأن قاعدة التغيير هي في الجسم ذاته . عندما تلمس عنقك بينما أنت تردد انك تريد التغيير ، فانك بهذا تتعهد لنفسك وتتعاهد معها وتثبت لذاتك صدق نيتك في التغيير وانك فعلا قد شرعت للتو بهذه العملية . أهمية إمساك العنق بينما أن توحي لنفسك ، هو تماماً مثل أهمية المصافحة حين تقابل شخصاً ما وتعرفه بنفسك .، إنها أكثر جدية وحميمية من الكلمات . بذات الوقت عليك أن تكون يقظاً منتبهاً للمقاومة الذاتية التي تنشأ لإعاقة التغيير ، فحيث تصادفك مقاومة حادة للتغيير في بعض المجالات فهذا تأكيد على إنك حقا تحتاج إلى التغيير في هذا المجال قبل غيره …! " أنا بحاجة إلى التغيير ، أنا راغب بالتغيير " كرر هذا باستمرار . وصدقني حيث تكون رغبتك بالتغيير جادة وقوية فإن هذا الكون كله سيدعمك ويقف معك في توجهك المبارك هذا . بلا هذا الكون الذكي الجميل الغامض سيستمع لكلماتك ويستجيب لها ، وإن التغيير حاصل بمجرد أن تشرع بالإيحاء لنفسك بعبارات قوية ولغة صادقة ونبرة واضحة ، وستنجح وتصل إلى تلك الشخصية القوية المتوازنة المنسجمة المعطاءة التي تلفت أنظار الآخرين وتستقطب الحب والاهتمام والمكاسب المادية والنمو المعرفي الكبير .
أساليب وتقنيات عديدة للتغيير : ___________________
لا أظن أن أفكاري الواردة في هذا الكتاب هي الأفكار الوحيدة التي يمكنك اعتمادها والاستهداء بها في سعيك لتغيير ذاتك . لا …قطعاً لا… ! بل هناك ما لا يعد من التقنيات الذهنية ، الروحية ، التمارين الفسيولوجية ، الرياضات الروحية كاليوغا والتأمل ، إنما المهم هو أن تشرع بالعمل الآن ومن هذا المكان الذي أنت فيه وفي هذه اللحظة التي أنت فيها الآن ، وسأورد في نهاية الكتاب ثبتاً بأسماء المراجع التي اقترحها والتي يمكنك اعتمادها في مناهج البناء الذاتي التي تزمع القيام به . عندما تبدأ بما اصطلحنا على تسميته الترتيب المنزلي ، أبدا من أي غرفة تشاء من غرفك الذهنية ، ببساطة ابدأ مع تلك التي تجد من اليسر دخولها دون أن تتعثر وتسقط ، إذا انتهيت من الأولى ستجد إن العمل سيسهل عليك وان الغرف الأخرى ستستسلم بسهولة ، وان لم تستسلم فانك على الأقل قد ازددت مراسا وإصرارا بفضل النجاحات التي تحققت في الغرفة الأولى . الناس الذين يعانون من التغذية السيئة ( ليس بمعنى الفقيرة ) وإنما السيئة في الكيفية والمفرطة في الكمية ، والذين بذات الوقت يودون القيام بأنشطة روحية ، فانهم يبدءون بالنظر بعين ناقدة لغذائهم ، لأنهم مع أول خطوات التطور الروحي يكتشفون إن ما يدسونه في أفواههم من غذاء ، يلعب دورا سلبيا خطيرا في رياضاتهم الروحية وفي مستوى وعمق استيعابهم وذوبانهم في النشوة الروحية ، وبالتالي فأول ما يفعلونه هو تغيير عاداتهم الغذائية . الكثير مما كتب عن الغذاء وتغيير العادات الغذائية ، كتب من قبل ناس تعرضوا لأمراض مؤلمة تطلبت منهم تغيير كميات وأنواع وعادات الغذاء . انهم يتحدثون في كتبهم ومقابلاتهم الإعلامية ودروسهم التربوية للناس ، عن ما جربوه هم ذواتهم وكان نافعا لهم إذ اسهم في تحولهم إلى أناس أصحاء من جديد ، لكن ليس كل ما كان نافعا لغيرك يمكن أن يكون نافعا لك . البعض يفضل الطعام مسلوقا ، آخر يفضله بلا شحم ولا لحم ، آخر يقتصر غذاءه على الخضار أو الفاكهة . أنا شخصيا أتناول الطازج الذي يقطف في حينه ولا تدخل به أية عمليات كيميائية لحفظه إنما نصيحتي لك قارئي أن تكون غاية الوعي لما تأكل أو لما يقدم لك من أكل . فكما إننا نتعلم كيف نولي الاهتمام والانتباه لأفكارنا وتطورها ونقوم بتشذيبها وتهذيبها ، علينا أن نلقي نظرة فاحصة لأجسامنا ونعيها باستمرار وننشغل بتطورها وصيرورتها ونحميها من الخطر والخلل من خلال العناية بتغذيتها ، وكما نسعى لتنظيف أذهاننا وتنقية أفكارنا فان أجسامنا أيضا تحتاج لتنقية وتنظيف وتهذيب ، وهذا بعض من العمل المنزلي الذي تحدثنا عنه . حملة التنظيف المنزلي الشامل " التنظيف الذهني " عقب عمر طويل من العيش مع أفكار سلبية ، هو مثل التحول من العيش زمنا طويلا مع تغذية غير صحية كماً ونوعاً ، إلى غذاء صحي . كلا التحولين قد يؤديان إلى أزمات وقتية حادة في البداية ، لأنه حين يشرع الإنسان بتغيير نمط ونوع غذاءه ، يبدأ الجسم بالتخلص من المواد السمية والفضلات التي سكنته زمنا طويلا ، وعملية تصفية ولفظ الفضلات قد يفضي إلى شعور غير مريح في الجسم والنفس . وذات هذا الأمر يتكرر في حالة التغيير الذهني ، حيث يواجه المرء اضطرابات حادة في الذهن . تصور نفسك لبرهة ما تفعله بعد غداء الجمعة أو العيد ، الطعام قد تم تناوله والأطباق مسحت بالكامل وعليك غسل الأطباق والقدور ، وإذ تنظر في أواني الطبخ تراها مسودة في القعر وعليها طبقات صلدة من بقايا الأكل الذي حرقته النار فماذا تفعل ؟ تملا الأواني بالماء الساخن والصابون وتتركه يستقر جانبا للحظة ، ثم تشرع بالجلي بقوة ، وقد تبدو لك الأواني عقب الجلي أكثر اسودادا ، لكن لا عليك فمع الاستمرار بالجلي ، ستصل في النهاية إلى أوانٍ نظيفةٍ بيضاء . كذلك الأمر مع الخبثْ والشوائب الذهنية التي يهيجها التغيير ، والإصرار على هذا التغيير . الأفكار الجديدة هي تماما مثل هذا الماء الساخن والصابون ، وهذا الجلي الجاد للأوساخ .
تمرين : إرادة التغيير : ______________
حيث أننا قد سلف أن قررنا مع نفسنا أن نغير ذواتنا ، فإذن علينا أن نبدأ بالعمل واعتماد ما يتيسر من وسائل يمكن أن تكون نافعة ، وسأبدأ بتلك الطريقة التي اتبعتها أنا شخصيا وعلمتها لزبائني وتلامذتي : أولا : ___ قف أمام المرآة وقل لنفسك " أريد تغيير نفسي " ، انتبه لمشاعرك في تلك اللحظة . إذا ما شككت بنفسك ، أو وجدت أن لا رغبة لديك ، أو ببساطة ليس لديك رغبة جدية في التغيير ، أسال نفسك … لماذا ؟ ما هي المفاهيم العتيقة لدي تلك التي لا تود الفكاك مني ؟ لا تلم نفسك مطلقاً ، لا تلعنها ، لا تعلق أي تعليقات جارحة ، فقط اكتشف السبب الكامن وراء رفضك أو تكاسلك أو خوفك من التغيير ، فبالتأكيد هناك مفهوم قوي سلف له أن سبب لك الكثير من المتاعب ، وهو ذاته الذي يمنعك أو يخيفك من التغيير . فقط ما يثير تساؤلي هو من أين جاء هذا المفهوم ، كيف نشأ . هل تعرف أنت …؟ حاول أن تعرف ، فتلك مسئوليتك ؟ سواء عرفنا من أين انبثق هذا المفهوم أم لم نعرف ، فان من الضروري لنا أن نجعله يختفي . حسناً …قف أمام المرآة مجددا وانظر بعمق في عينيك ، امسك عنقك وقل بصوت عال لمدة عشر مرات " أنا راغب بتحرير نفسي من أي مقاومة للتغيير " . إن العمل أمام المرآة ، والنظر بالعينين بمنتهى التركيز دون إكراه أو إلزام ، هو عمل فعال للغاية . نتذكر لا شك جميعنا ، ما حصل لنا حين كنا أطفالاً ، وكيف تم شحننا بالإيحاءات السلبية من أولئك الذين كانوا يحدقون بقوة في عيوننا ، بل وكانوا يرفعون الأصابع تحذيرا ويلوحون بها أمام عيوننا…! هل تصورت الآن أهمية أن تنظر في عينيك بوضوح وحب وثقة وتقول أريد أن أتغير ، أريد أن أغدو أحسن …!!! إننا نفعل النقيض للأسف في كل مرةٍ ننظر فيها إلى وجوهنا أو عيوننا في المرآة …! غالباً ما نقول شيئاً سيئاً يحبط همتنا ويعزز كراهيتنا لأنفسنا ، من قبيل أنا لست وسيماً ، أنظر لعيني كم هما مثقلتان باليأس أو الأسى ، ومثل هذا يفعل يؤثر للأسف تأثيراً خطير علينا ، طيب لماذا لا ننظر في عيوننا ونقول لأنفسنا شيئا إيجابيا ، طيب … جرّب وسترى كم من النتائج الرائعة ستحقق من وراء ذلك . إن استخدام الإيحاءات الإيجابية وبصوت عال ومن خلال النظر في عيوننا في المرآة ، هو أسرع طرق التغيير .
#كامل_السعدون (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
بمقدورك معالجة وإصلاح حياتك بنفسك - الفصل الثاني & الفصل الث
...
-
بمقدورك معالجة وإصلاح حياتك بنفسك
-
هذا العابث القميء من يردعه ؟
-
منهاج ال ( سيلفا ) للسيطرة على المخ - الجزئين الثالث والرابع
-
قوانين النجاح الروحية السبع - قانون التباعد المحسوب عن الهدف
-
متى تتحرر المرأة عندنا ...كشقيقتها الأوربية ...؟
-
قوة بلا حدود -أستنساخ القدرات المتطورة لدى المتفوقين
-
قوة بلا حدود -الفصل الأول
-
من ليس لديه أزدواجية ولاء فليرمي الشيعة بألف حجر
-
شهداء الكلدان ...شهداء العراق الأبرار ...!
-
هذا الإعصار الذي كنّا بحاجة إليه
-
القصة المحزنة لرجلٍ أطال إنتظار زوجته ...!
-
قوة اللحظة الحاضرة -قراءة في كتاب في التنوير الذاتي
-
لغة التعامل مع الطفل
-
في اليوم الأول للمدرسة - قصة مترجمة
-
قوانين النجاح الروحية السبع - القانون الخامس _ الرغبة والهدف
-
العائد - قصة مترجمة
-
الآيات الشيطانية -1-
-
في بيتنا إيرانيون أكثر فارسية من أهل فارس
-
إيرانيون أكثر من أحفاد كسرى
المزيد.....
-
الوكالة الدولية للطاقة الذرية تعتمد قرارا ينتقد إيران لتقليص
...
-
ZTE تعلن عن أفضل هواتفها الذكية
-
مشاهد لاستسلام جماعي للقوات الأوكرانية في مقاطعة كورسك
-
إيران متهمة بنشاط نووي سري
-
ماذا عن الإعلان الصاخب -ترامب سيزوّد أوكرانيا بأسلحة نووية-؟
...
-
هل ترامب مستعد لهز سوق النفط العالمية؟
-
عاجل | مراسل الجزيرة: 17 شهيدا في قصف إسرائيلي متواصل على قط
...
-
روبرت كينيدي في تصريحات سابقة: ترامب يشبه هتلر لكن بدون خطة.
...
-
مجلس محافظي وكالة الطاقة الذرية يصدر قرارا ضد إيران
-
مشروع قرار في مجلس الشيوخ الأمريكي لتعليق مبيعات الأسلحة للإ
...
المزيد.....
-
كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج
/ زهير الخويلدي
-
معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية
/ زهير الخويلدي
-
الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا
...
/ قاسم المحبشي
-
الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا
...
/ غازي الصوراني
-
حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس
/ محمد الهلالي
-
حقوق الإنسان من منظور نقدي
/ محمد الهلالي وخديجة رياضي
-
فلسفات تسائل حياتنا
/ محمد الهلالي
-
المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر
/ ياسين الحاج صالح
-
الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع
/ كريمة سلام
-
سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري -
/ الحسن علاج
المزيد.....
|