|
الذكرى المئوية لولادة -الدكتور داهش-.
خالد ممدوح العزي
الحوار المتمدن-العدد: 3067 - 2010 / 7 / 18 - 23:21
المحور:
الادب والفن
الذكرى المئوية لولادة "الدكتور داهش". تعرفت على دكتور داهش : لم اكن اعرف يوما باني سوف اكتب كلمات امتنان وشكر لشخص لم اكن اعرفه يوما ولم التقي به مطلقا . فقط اطلاعي على كتابه، الذي كان له التأثير الكبير،عليّ، في تبني فكرة السفرالى الخارج انه كتاب الدكتور داهش " كتاب الرحلات الداهشية حول الكرة الأرضية" والذي لم تجمعني بذلك الكاتب او المفكر سوى الفكرة نفسها، والسبب يعود لعدم وجود مادة "داهش" نفسها في الاطار الاعلامي والادبي والفكري لان تغيب الفكر كان هو الأساس،وعدم إتاحة المجال الواسع أمام اكبر شريحة في المجتمع، وحرمانها من الاطلاع على "الداهشية" والتعرف عليها . كتاب مميز لفتى صغير : القدر أبا إلا أن يعدني فجاءة الى ذاكرة قديمة جداً لأتذكر كتاب الدكتور" داهش" الذي قراءته في طفولتي ونعومة أظافري الفكرية،الذي لم أتذكر منه سوى انه تم قتله بطريقة غامضة،"كما كتبت الكاتبة العراقية لمياء نعمان في جريدة الصباح البغدادية :بأن الروح هي من اخطر الحقائق التي كشفت عنها الأديان والكتابات القديمة والعلوم الإنسانية والعلمية والبحثية وهي لاتخلو من الإشارات المتباينة المألوفة وغير المألوفة... فأن عرض المعجزة الإلهية المتعددة لإنسان يؤمن بالله والإنسانية . صدفة القدر التي جمعني بمدير تحرير مجلة الحقائق اللبنانية في مكتبه في بيروت ، وبسرعة مدهشة لفت انتباهي اثناء تصفحي السريع لصفحات المجلة لموضوع عن" الداهشية" والدكتور"داهش "تبسمت بطريقة مختلفة كأني أتسأل في نفسي ليس وحدي الذي قراءة كتاب الدكتور داهش. فكان سؤالي للأستاذ علي مهدي الذي طرحته عليه، انتم تكتبون أيضا عن الدكتور"دهش" كان رده البسيط ، بنعم وماذا تعرف أنت عنه، حولت الإجابة سريعاً، على سؤاله ، في محاولة سريعة ، مني لعصر ذاكرتي، وما تبقى فيها من قراءة الكتاب ، فلم استطيع سوى قول الحقيقة التي روضتني سنوات طويلة واليوم اعبر عنها علنا، بقولي البسيط إن. للدكتور"دهش"دين قديم في ذمتي ، له الفضل عليّ في زرع فكرة السفر والتعرف على العالم الأخر. لم اعرفه سابقا،ولم تتيح لي الفرصة اكثر للاطلاع على أفكاره وتعاليمه و تراثه ومعجزاته. لان تعاليم الدكتور داهش الانسانية الذي اجهلها ويجهلها الآخرين أيضا . دهشت ليس من"دهش"وإنما من العظماء الذين يكتبون ويعيدون أحيا، ارثا ثقافيا قيما من تريخنا الانساني والثقافي والديني[1]. اعجبت لطبيعة الفكرة المتدولة كمادة يعمل على تشريحها علمياً من اجل إيصالها إلى شريحة واسع في مجتمعنا العربي المغلق على أفكاره ، حرمت هذه الشريحة سابقا من الاطلاع على تلك الأفكار ، بسبب الظلم الذي أصاب صاحب هذه الأفكار والمعجزات التي قام بها في تلك الفترة . وبسبب التغيب ألقصري، لهذه الآراء من المناهج الدراسية والدراسات المعمقة في كتب أو في الأبحاث الأكاديمية للطلاب أو المختصين من خلال كتب تاريخية توثيقية تتناول هؤلاء الأشخاص العظماء أمثال الدكتور "داهش" وغيره من أصحاب الفكر والاجتهاد العلمي والديني،لكي تصبح هذه المعلومات ذات قيمة للأجيال القادمة وللمكتبات العربية . ففي ابتسامتي وجدت من يسوق لأفكار سابقة كادت تنسى وتمحو بالقوة من تاريخنا ومخيلتنا. الاستغراب ليس من المقال لان المقالة،هي مادة جديدة و جيدة وقيمة. ولكن السبب الاساسي لم أرى أغنى من موضع الدكتور "داهش" وتفعيله كمادة للنقاش والبحث العلمي الذي لم تأخذ حقها والإطلاع عليها من قبل القراء. لان القارئ هو الحكم النهائي، في إعطاء حكمه النهائي على "الداهشية" من الناحية الاجابية او السلبية، ولا السياسين، وليس الرقيب والمقص. فالتأثير الايجابي للإعمال العلمية ،يمكن أن تترك صداها بين طبقات المجتمع كافة . لجهة تبنيها أو عدم تبنيها لهذه الأفكار والطروحات . من هو دكتور داهش : الاسم الحقيقي لداهش هو سليم العشتي لبناني "مسيحي بروتستاني" ولد في القدس 1 حزيران 1909 وتوفي عام 1980 في منزله ببيروت،غزت الظاهرة الداهشية المجتمع اللبناني منذ عام 1942 وصار للدكتور داهش إتباع من مختلف الطوائف وكتب العديد من الصحفيين والمهتمين بحالته المميزة عن ما يحصل في جلساته الروحية التي يحضرها الكثيرون والتي تبدأ عادة بعد رسم نجمة خماسية على ورقة وتكتب أحرف نحت كلمة جذبوها وتكتب أيضا بحق الله والنبي الحبيب الهادي يسمح لي بجلسة روحية أو بطلب بعض لتنفذ وتحرق تلك الورقة. التاريخ شاهد على الطغاة: التاريخ العالمي هو الشاهد الحي والوحيد على كثير من هذه المجازر التي ارتكبت بحق ابناءه المظلومين ، هناك الكثيرين الذي تمت معاقبتهم نتيجة لأفكارهم المختلفة عن الطبقة الحاكمة الذي عجزوا على مواجهتهم وتم قتلهم فيما بعد ، دون ذنب لقد اضطهدوا وعذبوا هؤلاء العلماء ، وشوهت أفكارهم واضطهادهم حتى تمت براءتهم لاحقا ابتدأ من" يسوع الناصري النبي "الآرامي" و" العالم غليليو مرورا بالكاتب والفيلسوف "الروسي" بولغاكف، و"سليمان المرشد" السياسي السوري،وسليمان رشدي والدكتور"داهش" الأديب والمعجزة اللبناني . لاول مرة على مدى ثلاثة عقود مرت لم يقع بين يدي جريدة فيها ، مقالة تتحدث عن الدكتور"داهش" ولم تسمع إذني صوت ينطق اسم "داهش" ، ولم ترى عيناي مطبوعة طبع فيها اسم الدكتور"داهش"سوى الكتاب الذي قراءته سابقا" كتاب الرحلات الداهشية حول الكرة الأرضية ". في بحث الأستاذ ماجد مهدي[2] الذي نشر في مجلة الحقائق على جزاءين، والذي يمكن القراء، الأجيال الصاعدة التواصل من جديد مع الأشياء القديمة والغير معروفة. فالجيل المثقف الذي يتمرد على كل شىء ويتحدى كل الممنوعات ويجتاز كل الحواجز والعقبات الاجتماعية والطائفية ، وكل شيء غائبا أو مغيب من مواضع الدكتور "دهش" . لأني لم اسمع قطعا في أوساطي تتحدث أو تستعرض هذا الموضع، وعندما سألني،"الأستاذ علي مهدي مدير تحرير مجلة الحقائق". ما معرفتي بالدكتور داهش كان جوابي لا اعرفه شخصيا ، لكني اطلعت على كتابه الذي لايزال عالقا في ذاكرة الطفل ، والقابع في مكتبتي، متذكرا تلك الصورة التي طبعت في مخيلتي صورة "الدكتور داهش " لانها كانت مرسومة رسما، وبالالوان الزيتية، كأننا في متحف الارميتاج الروسي في مدينة الثلاثة أسماء "سنات بترسبورغ " [3] ،في جناح الرسم الكلاسكي الجميل. وبالرغم من محاولتي الدءوب لاسترجع ذاكرتي للعودة إلى مضمون الكتاب فلم استطيع بتلك السرعة لاني كنت بنوع من الدهشة. وكان كل شي استطيع ان اصفه هو فكرة المعرفة والسفر، التي تبلورت لدي وسببها الأساسي إلى ذلك الرجل الذي قراءة له كتاب، " كتاب الرحلات الداهشية حول الكرة الارضية "[4]. طفل يقرءا للدكتور داهش : قصتي مع هذا الكتاب تعود إلى العام 1980. عندما كنت طفلا صفيرا، لا يحب الدراسة ولا المدرسة ، ودوما اهدد أهلي باني لا أريد متابعة المدرسة، وأريد الاقلاع عنها، واستبدلها بأي عمل أو صنعة ما تنفع في الحياة . عندها علم اخي الكبير هشام "مرضي الصبياني"، الذي كان مولعا بشراء الكتب القيمة والنادرة،و لكونه شغوف بالقراءة التي ورثني هذه المهنة ، فيما بعد . لقد عاد ذات يوم من إحدى معارض الكتب وبصحبته مجموعة من الكتب الجيدة ، وهو المدرك تماما ، باني لا اريد متابعة الدراسة. وانا صاحب المقولة الدائمة ،كل عام ،هذا العام الاخير ، نادني، قائلا ... جئتك بكتاب جديد لتقراءه عله يفيدك. انت اليوم بالصف السابع، تستطيع الفهم والتميز. فالهدف عنده كان احدث تغير ثوري ونوعي وجدري في فهمي الصبياني. بالطبع استطع فعل ذلك ، فهذا التغير النوعي الذي أحدثه في داخلي من خلال كتاب الدكتور"داهش" الرحلات الداهشية حول الكرة الأرضية، لم يكن يعرف هو بان للكتاب سوف يكون له قدرة هائلة من التأثير عليّ. هو الذي أحب أن اطلع عليه،لأنه أراد لي ارق وأعلى المراكز العلمية التي وصلت إليها اليوم،أخذت الكتاب ، بشكل استهزائي، اطلعت على كتاب "الدكتور داهش " كتاب الرحلات الداهشية حول الكرة الأرضية " الذي زرع في داخلي فكرة السفر ،واصبحت الدراسة موضع هدف أساسي واهتمام خاص ، أنهيت دراستي العلمية، فكان التأثير على شخصي، وإنا الغير قادر على فهم قوة التأثير الايجابي التي تركها هذا الاطلاع وشخص الكاتب، ولم استطيع التحدث عن هذه الثورة التي عصفت في راسي، و مدى تأثيرها على مسيرة حياتي، لم يكن التغير سريعا بل تدرجيا ، لذلك لم يتاح لي التعبير الفعلي عن سبب هذه القوة والتأثير العجيب . ولم يتسنى لي مناقشة الفكرة مع احد ، حتى اخي الذي رحل مبكرا ، قبل النقاش معه في موضوع الكتاب وتأثير الدكتور" داهش" الايجابي . لان الجميع لم يعرفه أو يتعرف على أفكاره، أفكار "الدهاشية" ، وانأ لم اكن على ثقافة اوعلى اطلع جيد، و قدرة غير تامة على مناقشة أو المجاهرة العلنية في أفكار"داهش " أو البحث عن أفكاره بسبب قدرة عقلي البسيط على الاستيعاب آنذاك بالرغم من كوني أتبنى الأفكار العلمانية المنفتحة على كل الاتجاهات . أفكار الدكتور "داهش" الكثيرة والكبيرة التي يعجزج المراء العادي فهمها لانها افكار زهدية وربانية .هي التي كانت السبب بالسفر ،والصمود لفترة كبيرة في عالم الاغتراب ، هناك نمت في الغتراب لدي افكار التعرف على الحضارات ، والثقافات الجميلة المختلفة، والديانات السماوية المختلفة وعلى مذهبها الاجتهادية ، على القوميات وعلى اللغات المختلفة ،على الدول والشعوب المتنوعة في الإشكال والألوان والأعراق ،وعلى قراءة التاريخ القديم وحب المعرفة والاطلاع على الآثار والأعمال الانسانية الخالدة ، التي كلها سخرها الله لخدمة البشرية[5]. لقد كان شعار الذي تعلمته وترك اثأرا كبيرا في داخلي كثيرا : "ليس هناك من لغة او ديانة اوشعب اوثقافة غير جيدة ، ولكن هناك ثقافة للشخص هي الغير جيدة "[6]. هل هذا التأثير الايجابي على شخصي كان من أثار كتاب الدكتور" داهش"، و بدون وعي مباشر حملته وقراءته وبداء يتفاعل تدريجيا مع الوقت على مراحل .طبعا لا لان الدكتور ترك أثره الايجابي والباقي للفكر الانفتاحي الذي انضويت تحته. نعم بكل فخر اقول بان الدكتور"داهش" ترك انطباع مميز في نفسي هو حب السفر والترحال ، والتنقيب عن الحرية التي لاتزال تمخرا في اعماقي .كما يقول الشاعر الفارسي عبد الرحمان الجامي يكتب في بيت من الشعر : من ذهولي لم افهم ما يقوله لي ذلك الملاك .... وعندما اغادر مجلسه سوف ادرك من الاخرين مضمون ما قاله [7]. لقد كان اخي الموجه ولكن الدكتور صقل هذا الانطباع الحضاري في شخصي . لجهة المعرفة والتعرف على الاخرين. لقد نمت في داخلي وفي عقلي ثقافة الوسط والانفتاح على كل شيء. لم اكن على معرفة سابقة بوجود مذهب اسمه" الداهشية " او اتباع لهذا المذهب او التوجه نحوهم . لان ثقافتنا كانت ناقصة وغير كاملة لمعرفة الكثير عن فكر واراء شخص "الدكتورداهش"، لان أصحاب القوة والنفوذ وبقدرة إعلامهم ،استطاعوا أن يشوه صورة صاحب هذا الفكر بغض النظر إن كانوا مثقفون معه أو مختلفون معه ، لم تكن وقتها حرية كلمة أو فكر ولا صحافة حرة ولا تعبير،كما هو الحال اليوم . طبعا ان غياب وضعف منظمات المجتمع المدني حينها ، حالت دون القدرة على التعرف على فكره ومعجزاته التي سموها هرتقات وشعوذة "لقد صوبوا لي الزملاء الاعزاء الفكرة اثناء الجلسة التي لم اعرفها جيدا، وان هذه الصورة ليست صورة الدكتور " داهش" وانما هي صورة الحكومة واجهزتها الامنية والمخابراتية انذاك ، الخاطئة التي روجتها عن افكاره لانهم لم يعجبوا بافكاره وتعاليمه ومعجزاته )[8] . لانهم اخافوا الافكار الجامعة المنيرة ثقافة المعجزات والعيش المشترك.لقد كانت قدرة"الدكتورداهش" كبيرة وقوية ، في التأثير ألمعجزي وعلم الغيبيات ، حاربوه واضطهده وزورت الحقائق ضده وضد الذين كانوا معه او إلى جانبه ، لم يعرفونه أو قرءوا عنه يكتب د. محمد بيضون [9]" يندر اليوم بشر مسطتير، فيوشك ان يمزق البلاد وان يودي باهلها الى الهالكة من مواجهة تغلبت عليها الصفة المذهبية ، وانما هو امر جديد كل الجدة على البلد فقد جرت العادة من يوم نشاء لبنان المعاصر ان يخترق بخط فاصل " بين المسلمين والمسيحيين".كم كان الدكتور "داهش" مدهشا لكونه كان يطرح فكرة التلاقي والتآخي والجمع بين الأديان لا ، لصراع الأديان والمذاهب الذي وصلنا إليه اليوم،الالتقاء الروحي بين الأديان والمذاهب، هو عمل أنساني لان الانسان من صنع الله سبحانه وتعالى ... ان رفضه للتفرقة ومحاولته الدءوب لتأسيس أخلاقيات جديدة تبنى على الاسس الروحية المجتمعة ،عذا هو الخطر بحد ذاته على اصحاب المصالح والنفوس الحاقدة لان الأخلاق الجديدة والمليئة بالحديثة عن فكر "الداهشية" أساسها روحانية الإله الواحد، الأوحد،،،. كان الدكتور داهش ضحية التعصب الديني والطائفي الاعمى والحاقد على كل الاشياء ، لقد آمنا بالاديان والانبياء جميعا ، و أمنا بالتعدية والحوار ، دعا إلى نبذ التفرقة العمياء وتوحيد الجميع في ظل إخوة روحية لا انفصام لعراها . الى ان قتله ولم تفسرعملية قتله. لقد خافوه وخافوا فكره الانفتاحي التوحيدي ،لانهم متعصبين ظلاميين جهلاء وكما قال السيد المسيح "اغفر لهم يا آبتا لا يدركون ماذا يفعلون . لقد مات داهش" شهيدا مظلوما " في سبيل نضاله وإيمانه بفكره الأتي من الإيمان بروحية الله لوكان يعرف ماذا يحدث اليوم في وطنه وفي المنطقة لكان اكثر قوة وتصلبا بفكره التوحيدي الروحاني الذي يجمع بين الجميع ويخفف من الألم والعذاب، من القتل الجماعي والذبح على الهوية والتهجير ألمناطقي، يكتب د. حسن العلوي بهذه الوجهه القائلة " بان السائد في الدهن السياسي والوجداني الحاكم تفضيل مبدأ العمل بالهوية المزورة "[10] ... وما السبب الذي يدفع الى ذلك ... لقد علما الدكتور "داهش" بان الإنسان هو هدية من الله على الأرض يجب المحافظة عليه ... لان الانسان ولد من فيض المحبة الاهية . نعم سيطرت النزعة الإنسانية على السلطة والعنف أصبح سيد الموقف ، ونسيا الإنسان تعليم الكتب المساوية ، كم احوج مجتمعنا اليوم الى داهش جديد جامع بين المذاهب والاديان الاخرى ...او الى تطبيق تعاليم وأفكار الدكتور داهش التوحيدية . مقارنة بين طبيبين في الشرق العربي والغرب الروسي : هنا اتذكر الشيء الذي كنت احاول ان اتذكره من اجل المقارنة معه " الدكتور داهش، مع الدكتور بولغاكف " لأعطي مثلا، ولم استطيع اجاده بالرغم من شدة حبي واعجابي الكبير بالكاتب الروسي ، ميخائيل بولغاكوف لكن اليوم أحاول أن أقوم بمقارنة بسيطة بين طبيين مارسا الطب في حياتهما ولقيا حتفهما شهيدان ظلما من قبل السلطات المحلية في بلادهم ،السلطات المعنية بملاحقة السحراء والمشعوذين،لان الرجلان اتهما بممارسة "السحر والشعوذة في بلاديهم" ،الدكتور "داهش" اللبناني وميخائيل بولغا كوف الروسي ، الذي تعرفت ،على ادبه اثناء دراستي الجامعية في جامعات روسيا الاتحادية ، فالروائي والأديب السوفياتي "الأوكراني" الأصل، الدكتور ميخائيل بولغاكوف، اضطهدته الشيوعية يومها عندما كتب روايته الشهيرة "الملم ومرغريتا"[11]. و التي منعت هذه الرواية من النشر والتوزيع وبقيت سرية يتم تدولها من شخص الى جانب اعمال أخرى له"كقلب كلب ". بالرغم من شهرتها العجيبة التي لم تستطيع السلطات القمعية والمخابراتية الحد من نشرها ،والتي نالت شهرة عالمية واسعة ليس في روسيا وإنما في كافة بقاع العالم والتي نالت شعرة واسعة اضطرت الحكومة الروسية في عام 1990 بعد انهيار الاتحاد السوفياتي وغياب النظام الشيوعي من إعادة الاعتبار للرواية والكاتب والسماح بنشرها في الدولة الروسية وإدخالها المناهج التعليمية ،والسماح بإظهارها في أفلام ومسرحيات،فهذا اعتذار رسمي للكاتب من قبل السلطة الحكومية . فالرواية التي يدخل في كتبتها نوع من الحقيقة الخاصة ، والذي يصور الكاتب فيها الحياة من خلال، الصورة السريالية للمجتمع السوفياتي، ومن خلال عرض تاريخي لصلب السيد المسيح وعملية الاغتيال التي تمت بحقه ، فكانت الجريمة الإنسانية بحق الديانة السماوية والإنسانية معا، متنكرين لكل القدرات الإنسانية و المعجزات السماوية ،التي يتحكم بها الانسان من من خلال قدرات ربانية ينجزها الانسان في مجتمع يغتال فيه ويتغير ثقافته ودينه. "لقد جمع الكاتب في عمله ثلاثة صور أو" طبقات" فنية سمكية في كتلة متجانسة واحدة منها ، موسكو الثلاثينات بعمل تفصيل للوقائع والمعيشة في حياة العاصمة ، والثانية منها الحالة الفوضوية القديمة للرواية بما فيها شخصية السيد المسيح في الرواية يشوع الغانوصوري وتبشيره بالخير ونهايته الفاجعة . واخيرا قصة حياة المعلم ومرغريتا وحبهما ". هنا الحصار والحضر الرقابي الذي قامت به الدولة ضد المعجزات الغيبية، مسلطة إعلامها وأجهزتها وقواها عليه، لقد اتهمته السلطة الشيوعية بالشعوذة والسحر وترويج لفكرة التدين وتنمية الروح الدينية. لم يعرف القارئ الروسي او الغربي أهمية هذا الكاتب العظيم، وإبداعاته الفكرية والروحية لان السلطة شنت عليه و ضده وضد كل قارئ له أبشع التهم، فالعذاب الذي تلقه الكاتب، ليته يعلمه القارئ اليوم انه أفضل روائي وكاتب اروبي وعالمي، ذاع صيته بعد اطلاع القراء على أعماله الرائعة والمميزة من حيت المعنى والمضمون، لذا كانت لي رغبة شغف أثناء دراستي واطلاع على أعماله وكتبه ونقاده، من اجل المقارنة مع شخصية من بلادنا فلم تجول في راسي هذه الشخصية،عند تقديم امتحان في الأدب الروسي المعاصر كانت رويته وإعماله من نصيبي ، بعدها لم اعرف بمن اشبه واشبه قصته واضتهده ونعته وممارسة كل اسليب التنكيل والحرمان الثقافي والاجتماعي والادبي بحق انسان كانت له قدرات إلهية ،ولكن بعد عصر الذاكرة فهمت ان قصة الدكتور" مخائيل بولغاكوف" هي شابيه كثيرا بحكاية الدكتور" داهش" ومن الغرابة المطهدان كانهما عاشا في نفس الوقت والبلد الوحد، لكن الكاتب الروسي مات عندما ولد الدكتور داهش في لبنان. عود بالذاكرة الى الوراء لستة وعشرون سنة مضت "26 عام". لكي اقول كلمة شكر للدكتور "داهش" واعبر بها عن امتناني وعرفانا مني بالجميل له ، هوالذي له في ذمتي دين . كما يقول القول الروسي : حتى لو اتت الكلمة متأخرة ، افضل من ان لاتاتي ابدا . ان كلمتي هذه كلمة حق تقال ولا اريد الدخول في عملية بحث علمي اودراسة من اجل مناقشة افكار معينة ، او الدخول في سجال في افكار "الدكتور داهش"، الذي اجهل الكثير منها، كفكر وفلسفة بحد ذاتها ولكن بظل عددا هائل من الباحثين والخبراء بأفكار وبمنجزاته وتعاليمه ، ولهم القدرة على المعالجة العلمية والروحية بافضل مني بكثير .لكن احتفظ في هذا الكلمة التي ماهي الا كلمة وجدانية عقلانية نابعة من شعور مدفون طوال مدة طويلة في ذاكرتي، وبمناسبة المئوية لولادة "الدكتور داهش" التي دفعتني بان اكتب هذه الخواطر الوجدانية... --شكرا دكتور داهش ...في يوم مولدك : فان حب المعرفة والتعرف على كل شيء جديد في العالم هي فلسفة بحد ذاتها ، لقد نسيت الاسم مع مرور الزمان الذي ترك عندي، هذا الانطباع القوي في حياتي وذاكرتي ، ولكن كنت دائما أتذكر شيء ولا استطيع أن أتذكره، كأني فقدته، شيء لا عرف ما هو وعن ماذا أفتش، السبب بسيط لان التفاعل كان غائب مع افكار الدكتور ولم يكن صدى افكره تتفاعل في المحيط الذي عشت فيه ومعه ولكن الفكرة موجودة وعاشة في داخلي ، لقد سفرت الى الخارج لاكمال دراستي التي اصبحت الهدف المزروع في داخلي، بناءا على قرءاتي البسيطة لتلك الافكار . كانت روسيا مقر دراستي الجديدة وموطاء قدي الاول بعد مغادرتي من بيتي وبلدي ، ولم اعرف بان الدكتور داهش زارها وعاش بها لمدة وكتب عنها ، واصبحت محطة تاريخية في حياته، ولكن ما هي انطبعاته عن هذه الحالة الغوفائية بالطبع لا نعرفها. المراجع والمصادر: [1]. ماجد مهدي ، الشاعر الداهشي حليم دموس شاعر الوحدة الدينية والانسانية في ذكراه الثانية والخمسن الجزء 1 ، مجلة الحقائق الشهرية ،بيروت ،العدد158 ،2009 ،ص،36-40. [2] ماجد مهدي ، الشاعر الداهشي حليم دموس شاعر الوحدة الدينية والانسانية في ذكراه الثانية والخمسن، الجزء 2 ، مجلة الحقائق الشهرية ،بيروت ،العدد159 ،2009 ،ص،41- 42. [3]ناصر عراق،موسكو عاصمة القياصرة والثوار،مجلة دبي الثقافية شهرية العدد54، "نوفبر تشرين الثاني "،2009 .14-20 . [4]راجع ، كتاب، "دكتورداهش" كتاب الرحلات الداهشية حول الكرة الارضية ،600ص. [5] راجع كتاب تيدروبرت جار ، اقليات في خطر 230 ، اقلية في دراسته احصائية سياسية واجتماعية ، ترجمة عن الانكليزية ، رفعت سيد احمد ، القاهرة ، مكتبة مدبولي ، 1995،510ص. [6] د.قاسم عبده قاسم ،اعادة قراءة التاريخ ،كتاب مجلة العربي ، 78 ،اكتوبر، 2009، ص،125 . [7]د.محمد رضا شفيعي كركي،الادب الفارسي منذ عصر الجامي وحتى ايامنا ، ترجمة بسام ربابعة ، عالم المعرفة ، الكويت ، العدد، ،368، 2009،ص،39-44 . [8] ماجد مهدي ، الشاعرالداهشي حليم دموس شاعر الوحدة الدينية والانسانية في ذكراه الثانية والخمسن، الجزء 1 مجلة الحقائق الشهرية ،بيروت ،العدد158،2009 ،ص،41-42 [9] حازم صاغية ، نواصب وروافض منازعات السنة والشيعة في العالم الاسلامي اليوم ، دار الساقية ، يروت ، 2009 ، ص ، 11 [10] د. حسن العلوي ، شيعة السلطة وشيعة العراق صراع الاجناس، دار الزوراء ، لندن ، 2009، ص، 68 . [11] راجع رواية ،، مخائيل بولفكاف، المعلم ومرغريتا ، الطبعة العربية ،دار رادوغا ، موسكو ، 1990،476ص. د.خالدممدوح العزي باحث وكاتب اعلامي . [email protected]
#خالد_ممدوح_العزي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ااالارمن ومستقبلهم السياسي في لبنان بظل تحالفات حزب الطاشناق
...
-
صحافة الاغتراب بين الوسائل الحديثة وعالم الماضي.
-
سياسة روسيا الانفتاحية على العالمين الإسلامي و العربي
-
المجتمعات المدنية تعلن الحرب على الدعاية الإسرائيلية!!!!!!
-
الإعلام اللبناني المرئي والمرآة:
المزيد.....
-
الفلسطينية لينا خلف تفاحة تفوز بجائزة الكتاب الوطني للشعر
-
يفوز بيرسيفال إيفرت بجائزة الكتاب الوطني للرواية
-
معروف الدواليبي.. الشيخ الأحمر الذي لا يحب العسكر ولا يحبه ا
...
-
نائب أوكراني يكشف مسرحية زيلينسكي الفاشلة أمام البرلمان بعد
...
-
مايكروسوفت تطلق تطبيقا جديدا للترجمة الفورية
-
مصر.. اقتحام مكتب المخرج الشهير خالد يوسف ومطالبته بفيلم عن
...
-
محامي -الطلياني- يؤكد القبض عليه في مصر بسبب أفلام إباحية
-
فنان مصري ينفعل على منظمي مهرجان -القاهرة السينمائي- لمنعه م
...
-
ختام فعاليات مهرجان القاهرة السينمائي بتكريم الأفلام الفلسطي
...
-
القاهرة السينمائي يختتم دورته الـ45.. إليكم الأفلام المتوجة
...
المزيد.....
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ د. أحمد محمود أحمد سعيد
-
اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ
/ صبرينة نصري نجود نصري
المزيد.....
|