أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - انتصار عبد المنعم - «تتمة وجع» محمد الفخرانى














المزيد.....

«تتمة وجع» محمد الفخرانى


انتصار عبد المنعم

الحوار المتمدن-العدد: 3065 - 2010 / 7 / 16 - 23:43
المحور: الادب والفن
    


محمد الفخراني ؛ فنان تشكيلي جاب الوطن العربي يحمل حلم القومية والوطن الأكبر بين جنبيه ليجسده في لوحات ومنحوتات متناثرة ما بين ينبع البحر، وقرة بوللي (ليبيا) ، فاس، تونس، ومصر . أقام المعرض تلو الآخر فإذا اكتمل الحلم ووصل إلى التتمة تحول عن مرسمه المكتظ بالألوان والتماثيل ليمسك بالقلم يرسم به مشكلا لوحات من أحرف لا تقل ابداعا وتجسيدا لتلك المشاعر والخلجات التي خبرها طيلة عقود مارس فيها النحت والتصوير قبل أن يتجه إلى سحر الكلمة التي أدرك أنها كانت البدء في رحلة الخلق والتكوين .
أصدر الفخراني رواية «نشيد الحرمان» ومجموعة قصصية «لمع السراب» ، و رواية «بساط من قلوب وجباه « التي حصد بها لقب أفضل رواية وتم نشرها في مكتبة الأسرة بعد ذلك .
مؤخرا أصدر مجموعة قصصية جديدة بعنوان «تتمة وجع» . وكما يبدو من اسم المجموعة الذي يشي بجوها العام فهي تتأرجح ما بين الحياة والموت والرحلة الممتدة بينهما المفعمة بالشجن الناتج عن الفقد الذي يتساوى فيه فقد الأشخاص مع فقد التواصل والتعايش مع الواقع الذي يتنسم الفنان هزائمه أكثر من غيره . ولعل احساس الفقد جاء بهذا القدر من الشجن الصادق لأن الفنان محمد الفخراني ينتمي إلى جيل عايش زمن الحروب العربية وصعود الرموز وتواريها ، وعاين عن قرب الانكسارات والهزائم و المد القومي الوحدوي وانحساره بعد ذلك . ولذلك جاء كل هذا كخلفية عامة تغلف قصص المجموعة التي تعكس وجوها متعددة لحالات الشجن والحزن والوحدة . تتحدث «تتمة وجع» عن الفرد المأزوم الحالمٍ الذي يجد صعوبة في التواصل مع واقعه فيلجأ إلى الإنفصال عنه كحيلة هروبية وقتية قد تريحه عناء تهافت الأسئلة المدوية في ذهنه .
ولرسم حالة الإنفصال عن الواقع لجأ الفخراني إلى «الرحيل « والحنين إلى الماضي» ليصبغ بهما سلوك شخوصه في تعاطيهم مع الحياة . فالرحيل يحمل المعنى الزمني مثلما يحمل الدلالة المكانية . والحنين ماهو إلا ارتحال عاطفي شعوري أو لا شعوري ، وانتقال من لحظة آنية إلى عوالم ولحظات بعينها نتيجة عدم القدرة على التواصل أو التكيف مع الحاضر الراهن . و الرحيل بمعناه المكاني البديهي يعبر عن مفارقة المكان واستبداله بآخر سواء جاء ذلك طوعا بحثا عن عمل أو قسرا : «أجوب الدنيا من أجل لقمة عصية، ومن أجل أن أتحرر من كبت طال، ووحشة عمر أقطعه من غير تبرم.....» وإلى غير ذلك من الصور والكلمات التي عبر بها الكاتب عن الحركة والانتقال والديناميكية ، بل إنه لجأ إلى أنسنة الجمادات لمواجهة فقدان آدمية البشر وخلع عليها الصفات التي تعكس حالة الحزن أو الفرح وما يعتلج في نفوس شخوصه العديدة . وقد يكون الرحيل أو الارتحال بمعناه الزماني الموصول بالحنين الذي يشي برغبة الانفصال عن الواقع الحاضر المستعصي فلا يكون هناك من حل إلا العودة إلى زمن معين ؛ غالبا ما يكون زمن الطفولة حيث البراءة ومنابت الأمل ، ويكون المكان الأثير والملاذ الأخير في صدر أمه «صابرة» التي تحولت إلى رمز دائم الحضور في أعماله يجسد بها الوطن وأرضه البكر التي لا تتبدل مثلما تبدلت الشعارات والزعامات ، ويظل صدرها ملاذا أبديا بعيدا عن ترسيم الحدود وتقنين المشاعر بمسميات المنع والحظر . ويتكرر ظهور واختفاء «صابرة» كأم وكأنها تحولت إلى رمز للتوحد مع المطلق أو للحقيقة التي يصل إليها المبدع وحده لأنه القادر على استنطاق المجهول :» المجهول واللامرئ هو مايراه المبدع بمفرده» كما قالت ناتالي ساروت . وهكذا تأتي «ارتحال إلى صابرة» متماوجة بين ضمير الغائب والمتكلم والمخاطب، مفعمة بالشجن تعطي دلالة الفقد وفي نفس الوقت تجسد العشق والتوحد الذي جعلها رمزا للحياة ذاتها .
ومن اللافت في قصص «تتمة وجع» تجاور الحياة الموت؛ بل إننا نلاحظ احتفاء الكاتب بالموت وكأنه يعتبره شكلا من اشكال الرحيل بصورة معادلة للسفر لبلد آخر مثلا أو كأنه الحقيقة التي لا تقبل الشك» ..لابد أنه أدرك منطق الموت الذي يسكننا ونسكنه ، ويلازمنا ملازمة الظل ونلازمه»
لجأ الفخراني إلى تقنية الاستباق والاسترجاع أو الفلاش باك في معظم القصص مما أضفى حيوية على لغة السرد التي جاءت مشحونة بالعاطفة ، ففي «ذاكرة النخيل» يبدأ السرد من نقطة سابقة للبداية ثم يعود ساردا ومعطيا تفاصيل ماقبل الوصول لتلك النقطة .
وفي «دموع على جدران القلب» يجعل البطل يستخدم الفلاش باك ليتجاوز لحظة موت الأم ولو للحظات بتذكر لحظات له معها ، وهكذا في «دوائر القهر» يرتحل البطل إلى الماضي مسترجعا حماية أبيه الراحل وحضن أمه الدافئ دوما ، وفي «تتمة وجع» يستبق الكاتب الروائي مشهد تكريمه مرتحلا عن لحظة شعوره بالعجز أمام آلام ابنه المريض وهو لا يملك التكاليف اللازمة لإجراء عملية جراحية تنقذ حياته .
و تمضي قصص «تتمة وجع» يتجلى فيها تقنية الفلاش باك لاسترجاع لحظات ماضية ترمم بها أحزان الحاضر ، أو لاستعادة حلم المجد القومي . أما في «البرهان» فقد جاءت تيمة الارتحال ، والانفصال بصورة لا منطقية حيث كان ارتحالا أو فقدانا للعقل . فالشيخ فرهود يمثل عبثية الواقع الذي قد يكون فقدان العقل فيه هو المهرب الوحيد فيفقد الصلة المنطقية بين الانسان ومجتمعه، ففي الوقت الذي يتمتع فيه فرهود بقوته الجسدية وفحولة رجل كامل وهو الفاقد للعقل ، يأتي شيخ الخفر عاجزا عما يستطيعه هذا المجنون الذي أوشك أن يغوي»رضوى» التي لا تجد سوى الأحلام والأخيلة لتجرب مشاعر أمومه بعيدة التحقق . حتى هذا الطفل الذي لم يولد بعد في « ميلاد» يسترجع أبا مفقودا ويستشرف أما على وشك أن يفقدها حينما يولد . وهكذا في «تتمة وجع» يثبت محمد الفخراني أن القلم ماهو إلا امتداد طبيعي لفرشاته وألوانه وأن ما يكتبه ماهو إلا لوحات تحمل كل مقومات الفن الجمالى.



#انتصار_عبد_المنعم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- يوميات شاب مهزوم
- أديب الحى لا يُقرأ
- إنهم يترجلون فى صمت الأقاليم
- الأدب واشكالية الآخر
- «رستم كيلانى» ورسالة الأديب النبى
- انتصار عبد المنعم : بدأت التدوين علي الرمال قبل اختراع النت ...
- الذكرى الأولى لصعود الأديب فتحي سعد
- «الجنوبى» الباحث عن الحقيقة
- قلب «جاذبية صدقى» الذهبى
- الكتابة للطفل وعنه
- الإسكندرية تتنفس شعرا
- أدباء العرب ونظرية المؤامرة
- نحن أولاد الغجر
- عن البهجة والكآبة
- «ماركيز».. دروس فن الحياة
- الثقافة المفهوم.. والأزمة
- ادكو..من الكانو إلى نوكيا!!
- سأحدثكم عن ندا
- علاء الأسواني ودوق داركور!!
- -الصرخة-مابين كرم النجار وأم الرجال!!


المزيد.....




- -الشتاء الأبدي- الروسي يعرض في القاهرة (فيديو)
- حفل إطلاق كتاب -رَحِم العالم.. أمومة عابرة للحدود- للناقدة ش ...
- انطلاق فعاليات معرض الكويت الدولي للكتاب 2024
- -سرقة قلادة أم كلثوم الذهبية في مصر-.. حفيدة كوكب الشرق تكشف ...
- -مأساة خلف الكواليس- .. الكشف عن سبب وفاة -طرزان-
- -موجز تاريخ الحرب- كما يسطره المؤرخ العسكري غوين داير
- شاهد ما حدث للمثل الكوميدي جاي لينو بعد سقوطه من أعلى تلة
- حرب الانتقام.. مسلسل قيامة عثمان الحلقة 171 مترجمة على موقع ...
- تركيا.. اكتشاف تميمة تشير إلى قصة محظورة عن النبي سليمان وهو ...
- 3isk : المؤسس عثمان الحلقة 171 مترجمة بجودة HD على قناة ATV ...


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - انتصار عبد المنعم - «تتمة وجع» محمد الفخرانى