أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عماد عبد اللطيف سالم - ميكانزم الحب الأخير















المزيد.....


ميكانزم الحب الأخير


عماد عبد اللطيف سالم
كاتب وباحث

(Imad A.salim)


الحوار المتمدن-العدد: 3065 - 2010 / 7 / 16 - 23:02
المحور: الادب والفن
    





( 1 )



قبل ان أشيخ تماما ً

سأنتبذ لروحي مكانا ً قصياً

هناك في اّخر الارض

سأبحث في الستين من العمر

عن " وطن ٍ ثالث ٍ " لايشبه العراق ... حتى قليلا .

هناك .. هناك ..

هناك في اّخر العمر

سأمحو من ذاكرتي تفاصيل المدن التي حاربت فيها طويلاً

ولم أنتصر فيها الا على نفسي

كفانوس ٍ شاحب ٍ

في نهار ٍ شاحب ٍ

وليل ٍ مضيء .





( 2 )


هناك في ظلمات الكرخ

أو حين ينعطف النهر

قبل أن أبصر وجها ً واحدا ً كالحا ً بعد

في الدروب المتربة بالعشب اليابس .

هناك في اول العمر

حيث " المقهى البرازيلية "

و " الجامعة المستنصرية "

وبارات الكأس الاولى على نهر المسرات

والطالبات الملائكة

والطلاب النبيلون

هناك .. حيث " نواب العرفاء "

والبيريات

والبساطيل

والذباب

وغائط الجنود في ممرات " كورك "

وهنا في اّخر العمر

سأرفض أن أستعيد وجه أمي

ورائحتها

وسأصرخ في الراحلين من أخوتي

مرحى

مرحى

كيف عرفتم ان هذا سيحدث

وذهبتم باكرا الى كهفكم / قبل ان يدلهّم العراق /

ولم تشتروا من السوق شيئا ً

وكان كلبكم اقرب الناس الى القلب

قبل ان يصبح الناس كلاباً ... بزمان ٍ بعيد .



هناك .. هناك .. في اّخر العمر

سأستعيد وجه أبي ( مرةواحدة لاغير )

وأسكب في أذنيه رصاص أسئلتي البكر ( كالمومسات )

لماذا ياأبي ...

" لماذا تركت ألحصان وحيداً " ...

وهربت ْ ؟






( 3 )


هناك .. في اّخر الارض

لن أتصفح وجهاً واحداً صادفني خلسة ً في ممر القراءة .

هناك .. حيث يجف الحبر وترفع المصاحف

سأهجر الكلمات التي ضاجعتني طويلاً

وأغسل تلافيف مخّي بحامض الكبريتيك / غير المخفف /

وأصرخ في وجه أمرأة تلتصق بي منذ ألف عام / على ماأعتقد/

لماذا لانرتب لنا موعداً أولاً في خبايا مدينة ٍ لاتشبه بغداد أبداً ؟


( 4 )



هناك ....

( لاأدري الى الاّن أين )

سيكون صعبا ً علي

أن اتهجى كل اسمائهم

وان أنحني باحترام

لمن كانوا طويلا ً اّلهة القراطيس

والكتب المنهجية .


سيكون صعبا علي

ادراك هذي السهولة في أمتطاء الأحصنة

ورفع البيارق

بيرقا ً تلو اّخر .

لقد عشت عمري هنا .. لاهناك

دون بيرق ٍ أو عشيرة ٍ أو مضيف

دون شيخ ٍ وحصان ٍ وقائد

دونما شيءٍ .. أي شيء

غير اسمي الخالي من الوجاهة .



( 5 )


كيف يمكن لي

وانا على مشارف الستين من العمر

ان اكون سيداً .. او اماماً .. او شيخ جامع ؟

كيف يمكن لي ان أقول لأجمل امرأة تصادفني كل يوم ٍ :

أحبك مذ كنت في العاشرة من العمر / لكنني لم التقيك من قبل / فأغفري لي

غفوتي/ وصحوتي / وشيبي / وعيوبي الكثيرات جداً عليك / وانت في العشرينيات

من العمر/ وانا في خمسينيات " القهر الوطني " الموروث منذ عصر المشيمة .؟


كيف أدخل الصّف واعلّم طلابي الضحك على مصائرهم المستحيلة

وأدعوهم الى حب أرض تنبذهم , وتزدريهم , ولاتصلح ان تكون قبرا ً لصبواتهم ,

وفتوتهم , وغمز زميلاتهم بعيون نصف مغمضة ٍ ونصف مفتوحة ٍ ولكنها متسعة

ٌ كأي حب ّ اول ٍ في الصف الأول من بكالوريوس العبث . ؟


( 6 )



كيف يتسنى لرضيع ٍ ارتكاب احلام ٍ مخلة ٍ بالشرف ؟


كيف يسرق البعض " عربات الوقت " و "يهربون بالنسيان "


كيف يسمى العراق عراقا ً

دون ماء ٍ ورماد ٍ وغبار ٍ وأغان ٍ وخمر ٍ وحزن ٍ وسواد ٍ عميم ؟


( 7 )



كيف لاأفر من المتاهة .. وكلهم فرّوا

وأوكلوا لي سقاية اشجار أنسابهم التي يأكلها العث , وتعشعش فيها الفضيحة .

كيف لاأفر بعد ستين عاما ًمن القيظ الدائم والعطش المستدام ؟

لماذا لايتنكر نوح لسفينته المكتظة بالاوغاد ؟

لماذا اتربع وحدي وسط الغائط

ملتصقا ًبالزرائب المعلقة لنبوخذنصّر .. وأخلافه المبجّلون ؟



( 8 )



" الناس نيام , فاذا ماتوا انتبهوا "

لماذا لاأنتبه قبل ان أموت ؟

لماذا لم أنم أبدا ً .. ولم أنتبه أبدا ً

والعراق ميتٌ منذ خمسة اّلاف عام ؟


( 9 )



سأذهب الى " هناك "

ف " هنا "

لاأستطيع ممارسة الحرف السائدة .

و " نظام الطوائف الحرفية "

أقفل باب الانتساب ,

منذ العصر الماركنتيلي .




( 10 )



من هنا ... الى ... هناك

وفي الستين من العمر

سأستجدي الأستجارة من أقوام ٍ أخرى .. في أرض ٍ أخرى

لعل وعسى

ان لاأموت كالكلاب الشاردة

في الدروب المغبّرة

للعراق العظيم .



#عماد_عبد_اللطيف_سالم (هاشتاغ)       Imad_A.salim#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العراق وأشكاليات الفصل السابع :الابعاد الاقتصادية والسياسية ...
- الفساد في العراق : البنية والظاهرة ( محاولة للخروج من الحلقة ...
- جمهورية النفط في أرض ألصومال
- عراق مابعد الصناعة
- الريع النفطي في العراق : تحولات الدولة والسلطة وانماط الانتا ...
- اول اوكسيد الكراهية
- الابعاد الاقتصادية لاتفاقية سحب القوات الاجنبية من العراق
- وطن لايتسع لصباحات أمي
- قطار بغداد...
- يومياتِ يُتم ٍ غيرُ مُعْلَنْ
- اعداد ومناقشة واقرار الموازنة العامة الاتحادية في العراق
- ملاحظات عن الشأن الاقتصادي في مذكرات بول بريمرعن مهمته في ال ...


المزيد.....




- وزير الثقافة الصربي يكشف تفاصيل تعرضه اعتداء
- تفاصيل جديدة تكشف سبب وفاة الممثل جين هاكمان وزوجته.. مرض نا ...
- الناقد المغربي سعيد الفلاق: الحضارة الأندلسية فردوس لا تنتهي ...
- مسلسل كويتي يثير الجدل بعد مشهد ساخر من النجم السوري جورج وس ...
- -ظل بجانب جثة زوجته لأسبوع دون أن يدرك-.. كشف سبب وفاة النجم ...
- لماذا تشعر إسرائيل بالتهديد من الفيلم الفائز بالأوسكار؟
- “عامر تورط في كشتة عائـلية” روتانا خليجية شباب البومب 13 الح ...
- لأول مرة.. حسين فهمي يتحدث عن طلاقه من ميرفت أمين وتعدد زيجا ...
- بنك الأهداف.. فيلم للجزيرة يوثق إستراتيجيات حرب الاحتلال بغز ...
- مسلسل -معاوية- يواجه أزمة في دولتين وانتقادات حادة في مصر.. ...


المزيد.....

- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان
- مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111 / مصطفى رمضاني
- جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- رضاب سام / سجاد حسن عواد
- اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110 / وردة عطابي - إشراق عماري
- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عماد عبد اللطيف سالم - ميكانزم الحب الأخير