|
عبد الكريم قاسم ، ذاكرة لا تنساه / 2
حامد كعيد الجبوري
الحوار المتمدن-العدد: 3065 - 2010 / 7 / 16 - 02:31
المحور:
الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية
عام 1959 م أنهى الصديق حميد جابر المطيري تولد عام 1940 م الدورة الأساسية للجنود المكلفين بمركز تدريب الحلة صنف المخابرة ، شاءت الصدف أن ينسب لبدالة وزارة الدفاع العراقية الكائنة في باب المعظم – للطرفة – مقابل لبن أربيل ، لم يكن (ابو وليد) مهتما بالسياسة ولا علاقة له بها من قريب أو بعيد ، يعمل قبل دخوله للجيش بصفة مكلف مصلح للساعات وهي عمل بالكاد يسد حاجته الشخصية قبل زواجه ، ناهيك عن العدد القليل ممن يقتني الساعات آنذاك ، بعد التحاقه لعمله عام 1959 م كجندي عامل بدالة ، كان كأقرانه من الجنود يناط لهم مهمات أخرى كالحراسة على المشاجب للسلاح أو حراسة غرفة المساجين وهكذا ، طيلة هذه المدة لم يحظ بلقاء مع الزعيم الشهيد عبد الكريم قاسم سيما وأن أقرانه الجنود يلتقون الزعيم بين مدة وأخرى ، في أحد أيام واجبه للحراسة كلف بالصعود مع بندقيته النصف آلية (السيمينوف) لسطح وزارة الدفاع بالقرب من السلم المؤدي للسطح ، سمع صاحبنا أبو وليد جركة على السلم وماهي إلا لحظات وإذا به وجها لوجه أمام الزعيم الراحل عبد الكريم قاسم ، تنكب بندقيته ووضعها على كتفه وأدى للزعيم تحية الأمراء – وهي عبارة عن وضع البندقية الملئى بالعتاد الحي أمام جسمه قابضا على أخمسها باليد اليمنى واليد اليسرى الى أعلاها بقليل مع وضع قدمه الأيمن خلف القدم الأيسر بشكل قطري عليه - ، وقف الزعيم الراحل قبالته وكأن مصورا فديويا يراقب ما يفعل – هكذا كان الر جل عسكريا محترفا – وسأله ما أسمك ؟، أجاب صاحبنا ( نعم اني الرقم .... الجندي المكلف حميد جابر) ، أصدر الزعيم أمره لجنديه كما هي التقاليد العسكرية ( تنكب سلاح ، جنبك سلاح ، إسترح) ، نفذ حميد أوامر القائد وبدأ يتابع حركات سيده الضابط ، يقول الصديق حميد جابر كانت عينا الزعيم لا تستقران على منظر أو صورة يشاهدها ، ينظر بعيني صقر صوب نهر دجلة الطافح بالخير ، ومرة يرفع بصره صوب الكرخ ، ومرة صوب المحكمة العسكرية ، ومرة أخرى صوب الجندي الذي تجمد في مكانه رهبة لمشاهدة زعيمه لأول مرة ، ويحمل الزعيم بيده عصا تسمى لدى العسكريين عصا التبختر وهي من أشجار الخيزران وتباع للضباط في حانوتهم ، أي أن الزعيم ينفذ مارسمه لنفسه ولضباطه على حد سواء ، يقول حميد أدركت أن الرجل كان عصبي جدا حيث أنه يضرب بعصاه الخيزران ساقه الأيمن بشدة بحيث أسمع وقع العصى على ساق الزعيم وأنا – حميد – أقفز بمكاني مع كل ضربة يضرب بها نفسه ، تحرك الزعيم صوب جنديه ووقف أمامه وسأله من أي محافظة أنت ؟ ، أنا من بابل سيدي ، منذ متى رأيت عائلتك ؟ ، قبل يومان عدت من إجازتي سيدي ، قال الزعيم لجنديه سلم بندقيتك وخذ إجازة سبعة أيام وخذ عشرة دنانير من مرافقي لأدائك مراسيم التحية بشكل عسكري مميز ، أجاب حميد لزعيمه شكرا لك سيدي ، لم يغادر الزعيم مكانه وبقي على سطح الوزارة وبقيت – حميد- أنتظر نزوله لأنفذ ما أمرني ، أو ما منحني إياه ، والزعيم يأخذ السطح ذهابا وإيابا ، بعد هنيهة سمعت صوته موجها لي وكأنه صاعقة نزلت فوق رأسي ، لماذا أنت هنا لحد الآن ، ألم أمرك بالذهاب بإجازة ، إذهب ؟ ، يقول حميد ويقسم أن صوت الزعيم كان ك (الشفل) أقتلعه من جذوره ورمى به منتصف السلم ، نهاية السلم وجد حميد مرافق الزعيم وأبتسم الرجل بوجهه قائلا ما يربكك ، أخبرته بأمر الزعيم وسمعته يحدث نفسه قائلا ( والله لقد وزع كل راتبه على جنوده ، أنا لله وإنا له راجعون ، هاك عمي هاي أول عشرة دنانير أقرضها للزعيم وأستلمها نهاية الشهر ) . اللقاء الثاني الذي يرويه الجندي المكلف حميد جابر المطيري يقول ، أخبرنا أحد ضباط الركن أن هاتف دائرته المجاورة لمكتب سيادة الزعيم عبد الكريم قاسم قد تعطل ، وأسند للجندي حميد عامل البدالة مسألة إصلاحه ، نهاية الدوام الرسمي أخذ حميد عدته لتصليح الخط العاطل ، ولأن الدوام منتهيا فهو لم يرتدي طاقيته ولا حذائه الرسمي (البصطال) بل كان ينتعل (نعالا) ، وحميد بمهمته سمع صوتا من غرفة الزعيم مناديا يا ولد ، لم يكترث حميد لصوت الزعيم لأنه غير معني بذلك ، كرر الزعيم مناديا يا ولد بصوت أعلى ، ولا مجيب ، فتحت باب دائرة الزعيم وأطل بوجهه صوب الممر ولم يشاهد إلا حميد – مصلح الخطوط – في الرواق ، سأل الزعيم بعصبية واضحة من أنت ؟ وماذا تفعل هنا ؟ ، أجابه حميد بأنه عامل البدالة وتلفون هذه الغرفة معطل وأنا هنا لإصلاحه ، قال الزعيم بصوت عال لماذا لم ترتدي كامل قيافتك ؟ ، أجابه حميد أن الدوام قد أنتهى سيدي ، لماذا لم ترد على ندائي ؟ ، قال له حميد أني أعتقد يا سيدي أنك تنادي على ( مراسلك) ، قال له الزعيم وأين هو هذا المراسل أذهب وأبعثه لي ، - لكم أن تتصوروا رئيس وزراء العراق ووزير الدفاع ليس له إلا مراسل واحد يقف على خدمته - ، يقول حميد لم أعثر على مراسل الزعيم ولبست كامل قيافتي وطرقت باب دائرته دخلت عليه وقلت له سيدي لم أجد مراسلك ، قال الزعيم لحميد إذهب لمطعم الضباط وأتني بصحن ، نزلت مسرعا لمطعم الضباط وجلبت له ما يريد- الصحن عسكري يوجد حرف ج يعني جيش منتصف الصحن 0- ، صرخ بوجهي ألم أقل لك أجلب صحنين ، قال حميد للزعيم والله سيدي قلت صحن واحد ، أبتسم الزعيم بوجهه وقال له آتني بذلك ( السفرطاس) ، قدمت له ما أراد ونظرت ل ( السفرطاس) والذي هو عبارة عن قدور أو صحون صغيرة توضع فوق بعض ، أحداهن للمرق والآخر للرز ، وآخر يوضع بداخله شئ من البصل والخضروات ، وعلى جانبي (السفرطاس) رغيفان من الخبز الحلال ، أخذ الزعيم من يد حميد الصحن وفتح (السفرطاس) وأخذ بيده الملعقة وبدأ يأخذ قليلا من الرز ليضعه داخل الصحن حتى ملئ نصف الصحن رزا ، ثم بدأ يأخذ شيئا قليلا من المرق ( باميه) ويضعها فوق الرز ، ثم بدأ يحدث نفسه ، (اليوم غدرونه باللحم لحمه وحده بس ) ، ولم يرفع تلك اللحمة وبقيت في صحن ( السفرطاس) وقال لجنديه حميد ، خذ هذا وتغدى به ، قال له حميد شكرا سيدي أني أتغديت ، قال له الزعيم (بابه والله اليوم ما أشتهي وأحببت أن أشارك مراسلي بغدائي ولكنه غير موجود فها هي حصتك الله قاسمها إلك) ، يقول حميد مددت يدي لأخذ الصحن الخالي من اللحم قال لي الزعيم لا خذ كل شئ وأترك لي الصحن ، قلت له سيدي لأضع لك هذه اللحمة ، ضحك بوجهي وقال لي أنها حصتك (وليدي ) ، خرج حميد من غرفة الزعيم محملا بأشرف لقمة أكلها طيلة حياته كما يقول ، ويقسم أن لذة إكلها لا تزال تحت لسانه من عام 1959 م وليومنا هذا . حميد جابر المطيري من سكنة محافظة بابل لم يكن يعرف السياسة إلا بعد أن أصبح جنديا مع الزعيم عبد الكريم قاسم ، يقول عن الزعيم الشهيد عبد الكريم قاسم أنه جسد شخصية الإمام علي أبن أبي طالب بكل تفاصيل حياته ، حتى أن مدة حكم الشهيد عبد الكريم قاسم تتشابه مع مدة حكم الإمام علي (ع) . ( أضعنا وأي فتى أضعنا ) مع إعتذاري للتحوير .
#حامد_كعيد_الجبوري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
عبد الكريم قاسم ، ذاكرة لا تنساه / 1
-
المُخلِّص الأمريكي
-
ابيت اللعن
-
( أثياب حيه )
-
( إشكال بقو )
-
مفيد الجزائري والثقافة العراقية
-
نسمات حليه
-
ضحى يحيى برتو وأحادية التوثيق
-
الومضة الشعرية والبراعة في سباكتها
-
الرحيل المبرمج
-
الخرسان وقوة البيان
-
أركب عالصعاب
-
الاتفاقية الأمنية وأهدافها غير المخفية
-
وعلى هذه وقس ما سواها
-
وطن وهموم
-
( يمه بشري )
-
موالات
-
( تيتي تيتي ، مثل ما رحتي إجيتي )
-
(تجيك الحمه من الرجلين)
-
الغناء فسق وفجور !!!
المزيد.....
-
النسخة الإليكترونية من جريدة النهج الديمقراطي العدد 590
-
علماء: النحل يستطيع العد من اليسار إلى اليمين مثل البشر
-
محتجون في بنغلاديش يحرقون منزل والد رئيسة الوزراء السابقة
-
الشيوعي العراقي يدين مخطط التهجير والتطهير العرقي في قطاع غز
...
-
افتتاحية: ولأن الاعتداء كبير على الحقوق الأساسية … يكون الرد
...
-
س?رکوتوو ب?ت خ?باتي مام?ستايان و س?رج?م موچ?خ?راني ه?ر?مي کو
...
-
الرفيقة شرفات أفيلال عضوة المكتب السياسي لحزب التقدم والاشتر
...
-
من أجل إنصاف متضرري زلزال الحوز ومساءلة المتورطين في انتهاك
...
-
المحرر السياسي لطريق الشعب: فوضى التشريع وليدة المنهج الفاش
...
-
الاتحاد العام التونسي للشغل يساند ويتضامن مع النقابات المغرب
...
المزيد.....
-
سلام عادل- سيرة مناضل - الجزء الاول
/ ثمينة ناجي يوسف & نزار خالد
-
سلام عادل -سیرة مناضل-
/ ثمینة یوسف
-
سلام عادل- سيرة مناضل
/ ثمينة ناجي يوسف
-
قناديل مندائية
/ فائز الحيدر
-
قناديل شيوعية عراقية / الجزءالثاني
/ خالد حسين سلطان
-
الحرب الأهلية الإسبانية والمصير الغامض للمتطوعين الفلسطينيين
...
/ نعيم ناصر
-
حياة شرارة الثائرة الصامتة
/ خالد حسين سلطان
-
ملف صور الشهداء الجزء الاول 250 صورة لشهداء الحركة اليساري
...
/ خالد حسين سلطان
-
قناديل شيوعية عراقية / الجزء الاول
/ خالد حسين سلطان
-
نظرات حول مفهوم مابعد الامبريالية - هارى ماكدوف
/ سعيد العليمى
المزيد.....
|