جهاد علاونه
الحوار المتمدن-العدد: 3064 - 2010 / 7 / 15 - 21:56
المحور:
كتابات ساخرة
شكرا ..شكراً...
شكرا يا شباب .. شكرا للذين بعثوا برسائلهم وإيميلاتهم ليطمئنوا على صحتي وليستفسروا عن حالي وأحوالي , وأشكر الذين وصلوا إلى منزلي ليلة الأمس ليطمئنوا على صحتي وأشكر الذين قطعوا مسافة 100 كيلو متر والذين قطعوا 100ميل والذين قطعوا بسياراتهم مسافات ليست بالبعيدة وتقاس سرعتهم بالعُقدة ..أشكرهم جدا لأنهم تمنوا لي الصحة الجيدة والعافية وأنا أشكرهم جميعاً من كل قلبي ومن أعماق أعماقي ومن وجدان وجداني وأتمنى لهم وطنا مجددا ولديه برامج تحديث في أطروحاته للقضايا المهمة وليس كبلادي الأردن والتي مازالت على عقليتها من أيام اتفاقية (سايكس بيكو) ,وإن كُنتَ أنتَ –عزيزي القارئ -ممن لم يتجاوزوا سن الأربعين سنة فإنك حتماً لن تدرك حقيقة ما أقوله , أما إن كنتَ مما تجاوزوا هذا السن فإنك حتماً ستدرك كل كلمة أقولها , وإن كنتَ أنت مما تجاوزوا سن الخمسين سنة فإنك حتماً ستضيف على ما أقوله أشياء كثيرة و تستذكر أوضاعانا(وضعنا) في الأردن وعدم التطوير والتحديث حيث مازال وطننا يعيش فيه المثقف على نفس الوتيرة القديمة وحيثُ ما زال شيخ العشيرة وشيخ الجامع يرسمون ويحكمون و أصحاب المناصب يرثون الكراسي بالحق العشائري . وإن كنت عزيزي القارئ مما تجاوزوا سن الستين فإنك حتماً تتألم للذي أتألم له وحتماً أنك ما زلت تستذكرُ قضايا قد عاصرتها وأنت في مقتبل الشباب وما زالت حتى اليوم على طاولة البحث والتطوير فلا تطوير ولا تحديث ولا ما يحزنون , ونحنُ في الأردن عبارة عن طاسة قد ضاع غطاءها , يعني من المفترض كل سنة يكون عندنا تحديث وتطوير أو على الأقل كل عشرة أعوام ..ومش كل سنة تجويع وقهر ودعم عصابات إرهابية جديدة , إن بلادي ما زال فيها المثقفون يبحثون في قضايا منذ سنة 1920م وحتى هذه اللحظة وهي على طاولة المباحثات , إن الإنسان المعاصر في بلادي لا يمكن أن يكون إنساناً معاصرا بمعنى الكلمة أو بكل ما تحمله الكلمة من معنى ومن مفردات إنه يثير في الإنسان المعاصر الشفقة والسخرية والازدراء إن الإنسان في بلادي لا يمكن أن يكون عصرياً, حتى كل الحكومات التي تعلمت فينا السياسة ما زالت غير عصرية , والمواطن الأردني وإن خلع ثوبه الشكلي القديم ولبس ثوبا مدنيا فما زال يعاني يا أصدقائي من نفس المشاكل التي عانت منها الأجيال السالفة , فأنا أستغرب جدا من هذا الوطن !! أو من البلدان العربية بأسرها فما زلنا نعالج ونطرح في قضايا من المفترض أن الدكتور( طه حسين) قد عالجها , أو (علي عبد الرازق) أو (شبلي شميل) أو (إسماعيل مظهر) أو (دريني خشبه) أو (سلامة موسى) .
أنا يا أصدقائي بصحة جيدة وعال العال وقد أصبتُ بإرهاق شديد جدا جدا جدا ,وهذا ليس مهما ف (كله مع الغسيل بسيل) بل هو وضع طبيعي أن أعيش في بلادي مُرهقاً ومُتعباً, وطبيعيٌ جدا جدا أن يصبح الزعران في الأردن أصحاب رؤوس أموال كبيرة وكثيرة في غضون عامين أو عام واحد , هذا شيء طبيعي جدا في الأردن أما ما أقلقني وأتعب ظني ولفت انتباهي خلال فترة نقاهتي وهي ليومين أو ثلاثة أيام فقط لا غير , هو أن ابنتي الصغرى لميس قد أحضرت لي من مكتبتي وهي تلعب أمامها مجلة ومعها صحيفة قديمة فأخذتها منها وأنا أقول: شو هذي صحيفة قديمة ومجلة أيضاً قديمة!!! وأردتُ أن أقرأ الأخبار القديمة والمشاكل القديمة بهدف ملئ وقت الفراغ فأمسكتُ بالصحيفة وأنا مستلقياً على ظهري , وكلما نظرتُ فيها كلما ازداد ضحكي وأنا أقولُ بيني وبين نفسي :إحنا وين والمعاصرة وين !! شو هذا وكأن هذه الصحيفة قد خرجت اليوم من المطبعة!! ... ومازلتُ أنظر في تاريخ صدورها وأنا أضحك أو وأنا ضاحكٌ جدا حتى أسماء الكُتاب ما زالوا محافظين على الكتابة اليومية فيها ومنذ سنة 1994م لم يظهر فيها ولا كاتب أردني جديد أو كاتبة أو تغييراً في أسلوب التحرير للمقالات وإذا ترك أحد الكُتاب الكتابة فيها فذلك من الممكن أن يكون بسبب حصوله على وظيفة مماثلة له في دُبي أو الشارقة أو الخليج العربي يعني بكون الله فتحها عليه .وحين يعود من غُربته يجد أن الله ما زال متعهداً بحفظ مكانه فموقعه ما زال موجودا وبصحة جيدة , وهذا معناه أن الكتابة في الصُحف الأردنية هي وظيفة يقتات منها بعض غالبية الكُتاب وكذلك التمثيل وكذلك مؤسسات المجتمع المدنية فهؤلاء لا يعملون في المؤسسات لكي يخدمونها أو يطورونها بل يعملون فيها لأنهم قد حصلوا على وظيفة كاتب مأجور .. ولستُ أدري من أين يأتينا الخير يا أصدقائي والعناوين ما زالت كما هي والكتاب ما زالوا كما هم !! وأين التحديث الإداري في الأردن والعناوين هي العناوين والكتاب يمارسون الفساد بل ويمارسون الرذيلة , صدقوني من عشرين سنة وكتاب الصحف هم أنفسهم لم يتغيروا أبداً , والمشكلة ليست هنا بل بالإشكاليات المطروحة فهي ما زالت كما هي , ومعظم المشاكل ما زالت قائمة حتى هذه اللحظة ومعظم الشكاوى التي يشكو منها المواطن الأردني ما زالت كما هي بل وتتراجع أحوالنا لما هو أسوأ بدل أن نتقدم للأفضل فكل شيء في الأردن سيء جدا .
وقرأتُ بالمجلة الأخرى بعض كتاباتي القديمة وخصوصاً مقال لي عن (حي بن يقظان) فتذكرتُ نفسي أين كنتُ جالساً حين كتبته وكيف ذهبتُ مسافة 30 كيلو متراًَ لكي أجد مكتبة تطبعه لي على الكمبيوتر وكيف ناقشني وعارضني الناس إبان صدوره وقلت في نفسي : ما زالوا يناقشونني بنفس العقلية بل وعلى العكس لم يتحضروا ولم يتقدم المسلمون لا حضارياً ولا فكرياً وما زالوا إرهابيين يمارسون الإرهاب الفكري والاستخباري على أصوله, وتذكرتُ يومها التهديدات التي كانت تلاحقني إلى موقع عملي في جامعة اليرموك , وطبعاً هذه الأيدي الطويلة لا يمكن أن تكون عصابة بسيطة أو حتى هاوية للقرصنة بل هي محترفة ومنظمة ولها عيون في كل مكان وأتباع قوادين أقصد قادة .. وتبين لي فعلاً أن تلك الصحيفة قديمة جدا فأنا لستُ مخطئاً , لأنني كنتُ أعمل فيها محررا سنة 1994م وقرأت في الصحيفة الأردنية القديمة عن مشاكل أردنية ما زالت تلك الصحيفة حتى اليوم تكتبُ عنها في أعدادها اليومية حتى هذه اللحظة, وبصراحة لم أصدق للوهلة الأولى بأن الصحيفة التي أمسكتُ فيها تعود لسنة 1994م فكل الأخبار والمشاكل المكتوبة فيها هي طازجة وتحصلُ معنا يومياً,واستغربت كيف ما زلنا نعاني من مشاكل سنة 1994م الإدارية والسياسية والتنموية والفكرية ومن أهم ما قرأته : مقاطعة المثقفين الأردنيين لمهرجان جرش واستياء رابطة الكتاب الأردنيين من إدارة المهرجان واستغربت من هذه المقاطعة والتي ما زالت مستمرة إلى اليوم كيف يحدث ذلك ! وهل الحكومة أو النظام الحاكم على علم بهذه المشاكل أم أن الأمر لا يعني أحداً؟ أم أن الكل عارف وشايف وبس عامل حاله مش عارف و(مطنش) أو زي ما بقولوا (حط بالخُرج) , والمصيبة الكبرى أن المقاطعين لمهرجان جرش ما زالوا يقاطعونه لنفس الأسباب التي كانت سنة 1994م وكذلك استياء المثقفين من بعضهم البعض ومن ما يُسمّى بالشللية وبالمتحزبات وبالعُنصريات , إنه من المفترض أن المشاكل والإشكاليات التي اختلفنا عليها قبل 16 عاماً (ستة عشر عاما) من المفترض أن تكون محلولة أو على الأقل ليست على طاولة البحث أو ليست في مختبرات الدراسة والتحليل .
#جهاد_علاونه (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟