|
لا إكراه في الدين ما بين النص والواقع ...؟
مصطفى حقي
الحوار المتمدن-العدد: 3064 - 2010 / 7 / 15 - 17:23
المحور:
اخر الاخبار, المقالات والبيانات
جملة لا إكراه في الدين واضحة ولا تحتاج إلى أدنى تفسير وان أي معتقد لايمكن فرضه على الآخر وبالرغم عن إرادته ، وإذا اقترن بالإكراه فإن المُكرَهْ إذا لم يستطع الرفض لأسباب شتى ، فإنه سيتظاهر بالقبول خلاف حقيقته ، ويكون ممثلاً صورياً لذلك المعتقد الذي ألزم به قسراً ، وعليه مع وضوح النص ، فهو لن يحتاج إلى تفسير ، وبالأخص إذا اقترن بنص آخر داعم .. ومن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر ... في سورة النحل (ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ)125 -لكم دينكم ولي دين .. - وهل أنت تكره الناس حتي يكونوا مؤمنين .. وما أرسلناك الا هاديا ومبشرا ونذيرا .. وهذا هو منطق العقل الراقي الحضاري الإنساني ، فالعقائد والأفكار لاتفرض على الآخر ليقبلها أم يرفضها ، فله حرية الاختيار أو الرفض ، وبالتالي لا لوم عليه ، أو عقاب ، وعبر مقال لسعاد الحكيم موقع التنويرالتي تقول بالموضوع ذاته : اما ابن كثير فيقول في تفسيره (ج1، ص311): «(لا إكراه في الدين) أي لا تكرهوا احداً على الدخول في دين الاسلام». ويضيف عبارة «جديرة» بالاهتمام واعادة الاستثمار في ضوء الحاضر، عبارة تدل على لا جدوى الاكراه وانه يفقد الفعل قيمته الحقيقية، يقول «فانه – أي المكره – لا يفيده الدخول في الدين مكرهاً مقسوراً». ان الحرية هي التي تعطي الفعل الديني قيمته، فما قيمة الصلاة لمصلٍ يأتيها كرهاً، وهل إنْ أتاها كرهاً هو مصل حقاً؟ وإن استطعنا بسلطة عليا إجبار شخص على تأدية الصلاة، فهل نستطيع إجباره على الالتزام بأحكامها وعدم إبطالها – خفية عنا – بفعل او نية؟! وما قيمة حجاب لامرأة تلتزم به قسراً وكرهاً، وهل ان التزمت به كرهاً لا تتفلّت منه في اي فرصة سانحة لها، بل قد يجيء تفلّتها منه عشوائياً وتمرداً نابعاً من رد فعلها تجاه القهر والعنف والتهميش لا تجاه الحجاب نفسه؟!ان العمل الديني الحقيقي أو العبادة الحقة هي العبادة المؤسسة على اختيار الإنسان وعلى حرية مشيئته، فمن يقول الصدق مكرهاً ليس بصادق، والمرأة التي تضع الحجاب مكرهة ليست محجّبة... والسؤال الذي يجب ان يطرح هو: هل يقبل الحق (عز وجل) عبادة أداها الإنسان كرهاً لا طوعاً؟ (انتهى) إذاً القاعدة الأساس هي حرية الإنسان أمام قبول أو رفض الإيديولوجيات مدنية كانت أم إلهية ، وحول نسخ آية لاإكراه في الدين بأية السيف هناك انقسام بين مؤيد ومعارض ومنهم الإمام ابن حزم الذي أقر بنسخ الآية لا إكراه ... ومشكلة النسخ ومن يقولون بها يتعرضون للذات الإلهية بقصر فهمه أو كونه سياسياً ويتقنع بالتقية وان الإله يخطيء بأية ثم يأتي بأية أخرى ليصحح خطأه وينسخ ما قاله .. وباعتقادي هذا الصانع العظيم للمجرات والكون وبحساب أدق من الدقيق لايمكنه أن يخطيء بتشريعاته الأرضية فنظرية الناسخ والمنسوخ هي تخريج لعاجز عن التفسير وفق المنطق والعقل وهو الذي حارب العقل والتفكير في الإسلام ، وسعاد الحكيم تستشهد بحادثة شيخ ينكر العقل والتفكير : .. الشيخ الامام يثور ويغضب، ونعرف ان احدهم قدم له سؤالاً مكتوباً، ونسمعه يتوعد السائل المجهول ويتحداه ان يظهر نفسه ويعلن عن وجوده بين الملأ، وحيث ان هذا لم يحدث فاذا به يتوجه بوعيده الى كل من في الجامع من الحضور، فيوجه خطابه للجميع بعبارة مستغربة في الاسلام، يقول: «لا مكان للعقل هنا، ومن يريد ان يستخدم عقله فليخرج من هنا»... وأعترف انه عند سماعي هذه العبارة قمت الى حذائي فانتعلته وغادرت... غادرت وأنا أتفكر في قرآننا العظيم، وكيف ان الله العلي القدير توجه بخطابه الى عقل الإنسان، توجه إلى قوم يعقلون ويتفكرون وطالبهم بالتفكر والتدبر والإعقال، وعجب من استقالة فريق منهم من التفكر اتكالاً على عقول الآباء والأجداد... غادرت وأنا أتفكر في شخص رسول الله (صلى الله عليه وسلم) الذي يأتيه الوحي في كل امر وعلى رغم ذلك لم يعطل عقول صحابته ولم يحبسهم في قفص التنفيذ السلبي للشريعة بل كان يحرضهم على التفكر وإعمال العقل، فيطرح عليهم الأسئلة، ويستشيرهم في الشأن العام، ويأخذ بنصيحة الخبير في السلم والحرب ( انتهى) . وبوضوح النص القرآني نصطدم بالواقع المتناقض وبالأخص بين الآيات المكية المتضمنة نصوصاً غاية في السماحة واليسر وحرية المعتقد والاعتقاد إلى نصوص مدينية تدعو إلى القتال والقتل لغير المسلم ..! ومن طبيعة الكون الاختلاف في الطبيعة ، صيف قائظ وشتاء قارس ، ربيع مزهر وخريف مترهل ،وكذلك في ألوان البشر الأبيض والأسود والأصفر والأسمر والأحمر وفي القصر والطول وفي الدمامة والجمال ، في الغباء والذكاء ،وفي كثافة الشعر إلى الصلع والعيون السوداء والزرقاء والعسلية والمبصرة والعمياء ، وعليه لايمكن أن يكون لهذا العالم دين واحد ، والواقع المرير يرينا ما نعيشه في تفرقة الدين الواحد إلى مذاهب متناحرة حتى العظم ، تصوروا طالباني يفجر نفسه قرب تجمع العجزة في افغانستان ليقتل العشرات منهم لينفجر السؤال ، أين هي سماحة الإسلام وأين هو اللإكراه في الدين ، وبعضهم يتحجج من ان الآية قد نسخت لأن الله قد أخطأ في إصدارها ، وهل يخطيء الإله ، وانه موصوف بالكمال ، ان الناسخ والمنسوخ حجج الضعفاء للهروب من الواقع المناقض للحقيقة ، فالذي خلق هذا الكون الهائل بأدق تفاصيله لايمكنه أن يخطئ في كتيب صغير لايرى بالعين المجردة بالنسبة لهذا الكون العظيم والكرة الأرضية بعظمتها تشكل حبة سمسم في قاع محيط بالنسبة إليها ، اخرجوا من قمقم الجهل اعملوا عقولكم في البحث العلمي المادي كفاكم روحانية خيالية حتى العظم والتي وضعتنا في مؤخرة الشعوب المتقدمة علينا في كل شئ ، إلا في كوننا أفضل أمة .. نعم ، ولكن في بحر الظلمات ، في لجة الجهل ، والتخلف ، واننا وأننا .. لاشئ في عالم العلم والتقدم وحجتنا بإمامة زغلول النجار وعصبته أن القرآن قد بشّر بكل تلك العلوم والمخترعات ، ولكن ومع الأسف لم نخترع شيئاً وتركناه للكفار ، هم يفكرون ويبتكرون ويتعبون ونحن ( على البارد والمستريح) نتنعم بسيل مخترعاتهم ، وأخيراً وعلى جهلنا وبلادتنا نحن في جنة الحوريات والغلمان وأنهار الخمر ، وهم في جهنم وبئس المصير ( وسلامات ياام حسن ,,!)..؟
#مصطفى_حقي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مقرات للرفاهية خمس نجوم وتسمى سجون، صدق أو لا تصدق ..؟
-
التخلف العصري مستورداً....؟
-
ألعلمانية مساواة في المواطنة واحترام الأديان والقوميات خارج
...
-
هل البرقع أوالنقاب زي اختياري أم إلزامي ...؟
-
هل النقد الجارح ينفع في إزالة لصقة التوارث الديني المزمنة ..
...
-
مهاجرون خارج سرب الحضارة ..؟
-
الإنسان أولاً ...؟
-
القرضاوي وتحكيم الشريعة والتكفير ...!؟
-
من يسرق رغيفاً تقطع يده ومن يسرق حرية إنسان يكرّم سيداً...؟
-
حرية العمال في عيدهم العالمي ...؟
-
الحرامي والحمار ...؟
-
واهجروهن واضربوهن ويكرم الإسلام المرأة ،وشكراً دكتوره فوزية
...
-
الإصلاح في الإسلام مابين الشعار والواقع ... ؟
-
الصلوات تزيد من مياه الأنهار والملاهي تُشحها.. ولله في خلقه
...
-
الحجاب فرض طقسي بيئي سابق للأديان ..؟
-
ونسأل من أين تأتينا البلاوي ومبدأ المساواة يرفضها القرضاوي .
...
-
الاعتدال في الإسلام حقيقة أم وهم ..؟
-
أين هي الديمقراطية في الوطن العربي ...؟
-
الوطن أولاً وأخيراً...؟
-
العلمانية الوطنية وديمقراطية الحداثة
المزيد.....
-
-عيد الدني-.. فيروز تبلغ عامها الـ90
-
خبيرة في لغة الجسد تكشف حقيقة علاقة ترامب وماسك
-
الكوفية الفلسطينية: حكاية رمز، وتاريخ شعب
-
71 قتيلا -موالين لإيران- بقصف على تدمر السورية نُسب لإسرائيل
...
-
20 ألف كيلومتر بالدراجة يقطعها الألماني إفريتس من أجل المناخ
...
-
الدفاع الروسية تعلن تحرير بلدة جديدة في دونيتسك والقضاء على
...
-
الكرملين يعلق على تصريح البنتاغون حول تبادل الضربات النووية
...
-
روسيا.. اكتشاف جينات في فول الصويا يتم تنشيطها لتقليل خسائر
...
-
هيئة بريطانية: حادث على بعد 74 ميلا جنوب غربي عدن
-
عشرات القتلى والجرحى بينهم أطفال في قصف إسرائيلي على قطاع غز
...
المزيد.....
-
فيما السلطة مستمرة بإصدار مراسيم عفو وهمية للتخلص من قضية ال
...
/ المجلس الوطني للحقيقة والعدالة والمصالحة في سورية
-
الخيار الوطني الديمقراطي .... طبيعته التاريخية وحدوده النظري
...
/ صالح ياسر
-
نشرة اخبارية العدد 27
/ الحزب الشيوعي العراقي
-
مبروك عاشور نصر الورفلي : آملين من السلطات الليبية أن تكون ح
...
/ أحمد سليمان
-
السلطات الليبيه تمارس ارهاب الدوله على مواطنيها / بصدد قضية
...
/ أحمد سليمان
-
صرحت مسؤولة القسم الأوربي في ائتلاف السلم والحرية فيوليتا زل
...
/ أحمد سليمان
-
الدولة العربية لا تتغير..ضحايا العنف ..مناشدة اقليم كوردستان
...
/ مركز الآن للثقافة والإعلام
-
المصير المشترك .. لبنان... معارضاً.. عودة التحالف الفرنسي ال
...
/ مركز الآن للثقافة والإعلام
-
نحو الوضوح....انسحاب الجيش السوري.. زائر غير منتظر ..دعاة ال
...
/ مركز الآن للثقافة والإعلام
-
جمعية تارودانت الإجتماعية و الثقافية: محنة تماسينت الصامدة م
...
/ امال الحسين
المزيد.....
|