أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - هاشم تايه - أحبّ كلّ أربعٍ وعشرِ














المزيد.....

أحبّ كلّ أربعٍ وعشرِ


هاشم تايه

الحوار المتمدن-العدد: 3063 - 2010 / 7 / 14 - 23:15
المحور: الادب والفن
    


لم يبق في ذاكرتي من قصيدة أطلقتها الشاعرة لميعة عبّاس عمارة تحيةً للرابع عشر من تموز العام 1958 إلاّ قولها:
أحبُّ كلّ أربعٍ وعشرِ لأنّها تختمُ رقمَ الشّرِّ !
وتجلبُ اليسارَ بعدَ العسرِ !ّ
قرأ علينا معلم العربيّة هذه القصيدة أيّام كنّا تلاميذ في المدرسة الابتدائية، بعد أن كتبها على السبورة بخطّ جميل، وأمرنا بنسخها في دفتر المحفوظات، وحفظها.
أحبّ أهلي عبد الكريم قاسم، ولم يعكّر صفو محبتهم له مصرع ملكهم الصغير المحبوب برصاص (ثورته)..
وما أن أرسلت بغداد صور الزعيم إلى البصرة، حتى انتشرت على جدران دكان أبي، وزيّنت ديوانيّة بيتنا، واقتنى أهلي أباريق، وأكواباً، وصحوناً طُبِعتْ عليها صور (ابن الشعب البار)، وازدانت بها أعزُّ الأمكنة لديهم.
أتذكر أنّ أوائل صوره التي احتفينا بها، كانت مطبوعة على ورق مقوّى خشن بلون أخضر باهت.. صور له وحده، وصور تجمعه بضباطه المنتشين بالنصر...
تلك الأيّام كنت أمارس الرّسم بشغف، وأكافح لتحسين مهاراتي فيه، ووجدت في صور الزعيم الذي أورثني أهلي ومعلمي محبته في تلك السنوات، مصدراً لتقوية أدائي في رسم البورتريت، فرسمت له عشرات البورتريتات على أنواع متعددة من الورق، حتى صار وجهه بملامحه العراقيّة، بالنسبة لي، محفوظة صُوريّة مرسومة في خيالي، إلى جوار وجوده في دفتر محفوظاتي المدرسيّ كمحفوظة من كلمات.
المرّة الوحيدة التي قُدِّر لي فيها أن أرى زعيمي عن قرب كانت خلال زيارة صحبني فيها أهلي إلى بغداد... ففي ضحى يوم كنتُ مع قريب لي في ساحة الميدان، وسمعت من يصيح (جاء الزعيم)! مشيراً إلى سيارة سوداء كانت تتقدم على مهل في الشارع.. فهرعتُ راكضاً واقتربتُ منه حتى أوشكت أن ألمس سطح السيارة التي لم يكن فيها إلاّ سائق منشغل بالطريق وراء مقوده، وخلفه كان يجلس عبد الكريم هادئاً .. وفي الحال اقترب رجلٌ فارع الطول بزيّ بغداديّ واندفع نحو نافذة السيارة التي جلس إلى جوارها الزعيم وأطلق كلمةً مدوّية صارخاً به:
( اِعْدِمْ ) !
لم يكن يسيراً أن أتبيّن ماذا صنعتْ تلك الصّرخة الرّهيبة بقلب الرجل الهادئ المتكئ على وداعته وحيداً في سيارته المستوحدة بلونها الأسود الحزين...
كيف أمضى نهاره مع صرخة (اعدمْ)؟ وبأيّ صورة تجسّدتْ له تلك الصرخة على فراش اللّيل؟ ذلك ما لم يكن يعرفه أحدٌ سواه...
أتذكّر متسوّلاً أخرس ظلّ شهوراً يجوب الأسواق في البصرة، يسأله النّاس بالإشارات عن زعيمهم الذي لم يصدقوا حقيقة مغادرته الحياة بعد مصرعه على أيدي انقلابيي 1963 فيجيبهم، هو الآخر، بالإشارات، وكانوا يتنافسون على ترجمة ما تطلقه يداه، وما يحتدم في فمه من أصوات، ويسرّهم أن يؤكد لهم الأخرس أن رجلهم مايزال حيّاً في مكان ما وأنه عائد إليهم..
مرّ عامٌ، وتبعه عامٌ آخر، واختفى الأخرس نهائيّاً..
وباختفائه تهيّأ النّاس لتقبّل حقيقة خسارتهم بطلهم نهائيّاً أيضاً..



#هاشم_تايه (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عالية
- عابر استثنائي... وعي العين وشقاء الرؤية
- الرّسّام سارداً تشكيليّاً
- قصائد
- جدل حول قصيدة النثر في بيئة مُسرْطَنة
- سليلة الملائكة
- عصفور آب
- معرض أطفال العراق في حفل زواج
- الشعراء العراقيّون يغزون أمريكا
- كيسُ القُبَل
- نُزهة قاتلة
- على مفرق الحجر
- سياحة عمياء
- بعيداً عن الوحل خذني
- حوار مع الفنان العراقي هاشم تايه
- ميثولوجيا عراقية
- مصالحة في الهواء الطلق
- ذُعْر لا يقوى على حمله الهاتف
- كلاسيك
- المربد ... الصوت والصدى


المزيد.....




- -فيلم ماينكرافت- يحقق إيرادات قياسية بلغت 301 مليون دولار
- فيلم -ماينكرافت- يتصدر شباك التذاكر ويحقق أقوى انطلاقة سينما ...
- بعد دفن 3000 رأس ماشية في المجر... تحلل جثث الحيوانات النافق ...
- انتقادات تطال مقترح رفع شرط اللغة لطلاب معاهد إعداد المعلمين ...
- -روحي راحت منّي-.. أخت الممثلة الراحلة إيناس النجار تعبّر عن ...
- -عرافة هافانا- مجموعة قصصية ترسم خرائط الوجع والأمل
- الفنانة ثراء ديوب تتحدث عن تجربتها في -زهرة عمري-
- إلتون جون يعترف بفشل مسرحيته الموسيقية -Tammy Faye- في برودو ...
- معجم الدوحة التاريخي ثروة لغوية وفكرية وريادة على مستوى العر ...
- بين موهبة الرسامين و-نهب الكتب-.. هل يهدد الذكاء الاصطناعي ج ...


المزيد.....

- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري
- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان
- مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111 / مصطفى رمضاني
- جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- رضاب سام / سجاد حسن عواد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - هاشم تايه - أحبّ كلّ أربعٍ وعشرِ