أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ياسر اسكيف - أنوثة المعصية














المزيد.....


أنوثة المعصية


ياسر اسكيف

الحوار المتمدن-العدد: 931 - 2004 / 8 / 20 - 11:26
المحور: الادب والفن
    


التعين بدلالة الآخر والأنوثة الضّاجة , لان ذكورة تسدّ المنافذ وتلوّح بالمفاتيح , هو مالا نجده في ( ظلّك الممتد في أقصى حنيني ) للشاعرة (رشا عمران ) الصادر عن دار الينابيع – دمشق 2004 . إنما نجد أنثى تختبر أنوثتها وتكتشفها في العلاقة لا في التصوّر . في التجربة لا في النمط . وبهذا لا يكون الاختلاف دافعا إلى ردّ الفعل على الطغيان والسيطرة , أي فاعلا في التعيّن

السلبي , بل خصيصة لاكتمال التجربة في فضائها اللامحدود .
الحزن والشك والموت , المفردات التي تشير إلى التحوّل والقلق , هي المفاتيح التي قد تكون الأصلح للولوج إلى نص ( رشا عمران ) . هذا النص الطفل الذي يتحسّس مفرداته في عماء قاموسيّ لافت , مؤكدا أن اللغة إحساس ونبض , ومنتصرا للكتابة بالجسد .

( الحقيقة / وميض يبتعد بسطوعه / عن الجسد الآخذ في الحضور . _ ص54 )
إن حضور الجسد هو النص بذاته , وهو الحقيقة التي لا يعود لها من معنى غير مغامرة الشك .

( لم يكن في البدء / إلا الوهم . _ ص13 )

والجسد بحضوره يلغي كل متحقق ونهائي , ذلك أن الحضور _ الجسد هو سفر بين التشكل والانمحاء حيث :

( الشعر / والموت / يعلوان / فوق سماء مظلمة . _ ص13 )
وحيث ( المعنى الأصيل / لا يمكنه أن يكون الخطيئة . _ ص14 )
ما من أنثى يمكن تعريفها أو تأطيرها في هذه النصوص , وما من ذكر . مادتان تعودان إلى الغمر, حيث العتمة وانتفاء الصفات , لتبدآن معا , في ألم الاتصال والانفصال , انتقالها من كون إلى كون , ومن معنى إلى معنى آخر
وكأنما الغاية هي اكتشاف الجديد للاستدلال به على الأكثر جدّة حتى التلاشي أو العدم :
(لم يعد لازما أن أسأل / ما أنت ..؟ / وكنت لا أفعل / سوى أن أرافقك / نحو ذلك الغامض ... _ ص16 )
أو ( نحو موت اعتدت عليه ._ ص32 )

ومن المثير للانتباه والتوقف أن ذاتا لا تحدّدها القطبية الجنسية هي التي تنكتب . فعلى صعيد اللغة , وحده التشكيل هو الذي يدلّ وليس صفة الفعل أو خصائص الفاعل , باستثناء مقاطع قليلة تتأكد فيها المرأة ك (امرأة ) ومنها :

( لست سوى امرأة واحدة / لكنّك / متماهيا مع الكون / رفعتك / إلى حقيقتي . ص25
وحتى في هذا المقطع , لا توحي لفظة امرأة بالمعنى العضوي الوظيفي بقدر ما تشير إلى الفرد المكتنز بهذا الكون والمغرق في عاديته بذات الوقت .

وفي العودة إلى عنوان المجموعة ( ظلك الممتد في أقصى حنيني ) ثم الحاقه بالعنوان الفرعي ( إذ تقاسمني حنيني ) مضافا اليهما المقطع الأول :
( محتشد بالدهشة / مثلي تماما / ذلك البيت شبه المضاء / في شارع / شائخ . ص7 )
ثمّ الثاني :
( الرجل الذي غادر منذ وقت قريب / الرجل المؤطّر على طاولة / ......... أو / ذلك الرجل / برحيله الصامت / ترك بعض الزيت / في مصباحي /
لأراك / . ص8 ) .
نجد أن الحنين الذي يشير إليه العنوان ليس حنينا شخصيا , أي ليس إحالة إلى ماض يمثل حصنا منيعا في مواجهة الحاضر , أو شكلا من أشكال التعبير
عنه , بقدر ماهو رغبة في العودة إلى البدء الحسي للمعرفة بعيدا عن طاغوت المقدّس والأبدي . كما أن أداة الشرط في العنوان الفرعي تقدّم إشارة واضحة إلى استحالة تحقيق الرغبة في تلك العودة دون حضور الآخر كراغب وفاعل في آن . وهنا يتجلى الابتكار والانزياح في الدلالة لكلمة طالما تعرّضت للابتذال
أما بالنسبة للمقطعين السابقين فأرى , من ناحيتي , أنّهما مفتاحان ضروريان للتماس مع التجربة وإعادة إنتاجها . ف ( البيت شبه المضاء / في شارع
شائخ . ) يشير إلى لحظة فاصلة تخص النزع الأخير للضوء وتؤكدها شيخوخة الشارع التي تدل على كهولة الضوء لا طفولته . انه تعبير يعرض ببراعة
حالة استنزاف الطاقة المتّجهة بالكائن إلى الفناء والعدم . والعدم هنا هو المحدّد والنمطي . هو الرجل المؤطّر ، أو المفهوم المطلق المقدّس .
إن شبه الضوء وبقية الزيت في المصباح كافية للرؤية والدهشة , كما أنها كافية لوضعنا أمام مفردات الاختلاف وأدوات التجربة التي لا تنتهي , ومنظار الرؤية لا يتشكل قبل أو بعد إنما في الآن وكأنما الرؤية هي التجربة ذاتها .
وفي التجربة تلتبس المعاني, وتتلعثم اللغة في عيش التحوّل وابتكار الرعشة .
هو شيء مما تفعله وتحرّضه هذه المجموعة الشعرية , شيء من رد ّجميلها مقابل حملها لوزر فضيحتنا جميعا .



#ياسر_اسكيف (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الحداثة والأزمنة الحديثة العربية(حكاية وهم وثمن باهظ
- الأب الضّال والفرد المؤسّس للجماعة الحرّه
- السلطة والتحديث


المزيد.....




- الأديب والكاتب دريد عوده يوقع -يسوع الأسيني: حياة المسيح الس ...
- تعرّف على ثقافة الصوم لدى بعض أديان الشرق الأوسط وحضاراته
- فرنسا: جدل حول متطلبات اختبار اللغة في قانون الهجرة الجديد
- جثث بالمتاحف.. دعوات لوقف عرض رفات أفارقة جُلب لبريطانيا خلا ...
- المدينة العتيقة بتونس.. معلم تاريخي يتوهج في رمضان
- عام على رحيل صانع الحلم العربي محمد الشارخ
- للشعبة الأدبي والعلمي “جدول امتحانات الثانوية العامة 2025 ال ...
- من هو ضحية رامز في 13 رمضان؟ .. لاعب كرة قدم أو فنان مشهور “ ...
- فنانون يبحثون عن الهوية بين أرشيف التاريخ وصدى الذاكرة
- أمير كوستوريتسا: الأداء الأفضل في فيلم -أنورا- كان للممثل ال ...


المزيد.....

- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان
- مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111 / مصطفى رمضاني
- جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- رضاب سام / سجاد حسن عواد
- اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110 / وردة عطابي - إشراق عماري
- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ياسر اسكيف - أنوثة المعصية