أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - جهاد علاونه - الجريمة الكبرى















المزيد.....

الجريمة الكبرى


جهاد علاونه

الحوار المتمدن-العدد: 3055 - 2010 / 7 / 6 - 23:02
المحور: كتابات ساخرة
    


هذه قصةٌ من قصص التراث بالتصرف.

اجتمع صاحب قطيع الجِمال والخرفان بهن بعد 40 أربعين سنة من مشواره بهن وقال:

-استمعوا لما سأقول.

الجِمال: طول عمرنا ونحنُ مستمعون ...وكلنا آذانٌ صاغية.

الراعي: حسناً هذا ما يجب أن يكون وهذه هي خبرتي بكن أيتها الجمال .


الجِمال: نحن مطيعون لك ولحمارك, ولا ننسى كلابك التي كانت تحرسنا وتلقي بالقبض على أي جمل يشرد في الصحراء أو يخرج عن خطه.


الراعي: أعرف..أعرف ذلك ولكلابي أيضاً مكافأة على جهودها..كلابي كانت تحرسكم ولكنكم كنتم تسيئون الظن بتا أحيانا وهذا ليس مهماً..وكنتُ أعاقب أي كلب يسيء لكن بتهجيره إلى غابة مجاورة.

الجمال: كان الكلب المسيء يذهب سياحة وسفر مكافأة لها على عضه لنا..أكمل فهذا ليس مهماً.


الراعي: حسناً.

الخراف: إجري في حديثك.

الجِمال: قبل أن تُجري في حديثك نحنُ أيضاً لم نقصر في أي يومٍ عن خدمة كلابك حتى أنك كنتَ تقتلنا لتصنع من جلودنا معاطف لها لكي تتدفأ بها شتاء وكنت أيضاً تقتلنا لكي تصنع من جلودنا مصاطب أو سجادا أرضياً تفرشه تحت نعال الذئاب وتحت سريرك الذي تنامُ عليه أنت ونساءك وكل ما ببيتك هو من الضرائب التي فرضتها علينا وكل ما بت أنت من نعمةِ فهو من جلودنا ومن لحم أكتافنا.

الراعي: أعرف..أعرف شكرا لكم ....وأنا مدينٌ لكن أيتها الجمال وأريد الآن أن أطلب منكن السماح والصفح إذا كنتُ يوماً مقصراً بحق أي جملٍ منكن.

الجِمال: لا داعي للاعتذار فنحنُ معشر الجِمال اعتدنا على ذلك وهذه هي طبائعنا وسلوكنا الطبيعي فنحن نعيش من أجل غيرنا..أليس هذا صحيحا يا شعوب الجِمال.

الحمار:هيق ..هيق..ألم أقل لك بأن الجمل حيواناً حقوداً وحسوداً.


الجمال: شو صاير فصيح وتتفلسف...!!.


الراعي: أعرف...أعرف..ولكنكم تحملتم الكثير من العطش.


الجِمال: سامحناك على هذا فهذه ليست جريرتك لأننا أصلاً قد خلقنا الرب لكي نتحمل العطش والجوع وهذه أيضاً صفاتنا وهي التي جعلت منّا سفناً تمشي في الصحراء إضافة إلى كوننا نتقدم بأطرافنا اليمنى واليسرى سوية بحيث أنك تشعرُ وأنت تركبنا من أن مشيتنا مثل جريان السفن في البحار.

الحمار: الله يعطيكوا الصحة والعافية..هيق..هيق.

الجِمال: الحديث موجه بشكل رسمي إلى الراعي وأنت نرجوا منك أن تبقى صامتاً وأن لا تنهق...أو تتفلسف.

الراعي: أسكت يا حماري واسمعن يا جِمالي : أنا أطلبُ منكن المسامحة إذا كنتُ مقصرا بحقكن وأن تطلبن من الله بأن يغفر لي إذا أخطأتُ بحقكن في أي يوم من الأيام عن غير قصد.

الجمال: نسألُ الله أن يطيل بعمرك يا طويل العمر (زي ما قلنالك) الصبر والتحمل شيمتنا وكل شعوب العالم تكافح من أجل الرفعة والازدهار بل وتُضحي ولكن ليس من أجل الكلاب.

الكلب: أنا عايش بعرق عوائي.

الراعي: يعني أنتوا سامحتوني على أيام العطش اللي عطشتوها معي ؟.

الجِمال: سامحناك روح الله يسامحك.

الراعي: وعلى الجوع أيضاً؟

الجِمال: وعلى الجوع سامحناك يا محترم.

الراعي: يعني أُطمئن نفسي إذا لاقيت وجه ربي يوم القيامة؟.

الجمال: تطمئن ولكن ..

الراعي: ولكن شو؟ماذا؟

الجِمال: العطش شيمتنا وسامحناك عليه كما سامحناك على الجوع , وتحمل ارتفاع الأسعار سامحناك عليه لأنه أزمة تمر على كل الجِمال الشعوب , والأحمال والأثقال التي حملناها على ظهورنا وأكتافنا وأكتاف العمال والشغيلة وما زلنا نعاني منها قد سامحناك عليها لأنها أيضاً واجبنا الوطني بأن نتحملها, والسفر لمسافات بعيدة أيضاً سامحناك عليه لأن السفر رسالتنا فنحنُ خلقنا للسفر البعيد لا الكلب يستطيع السفر مثلنا ولا حتى الحمير التي قادتنا أربعون عاماً , ولكن لن نسامحك على كلابك التي كانت وما زالت تنهش بلحومنا كلّما سنحت لها الفرصة بذلك وتذكر أنت كم قتلت من بني جنسنا لتشبع كلابك اللعينة لحماً , وكم سلخت بسيوفك جلودنا لكي تدفئ كلابك الحقيرة فهذه جريرة لن نسامحك عليها , والجريمة الكبرى أيضاً أشد إيلاماً من كل جرائمك فلن نسامحك عليها ..

الراعي: وما هي الجريرة الكبرى.

الجِمال: ألم تفهم بعد بأننا كنا نمشي طوال العمر وكانت الحمير تقودنا , وما زال حمارك في المقدمة يقود كل الطلائع الجديدة من الفتيان المتنورين والخراف والماعز تمشي في المؤخرة ومعها الحملان الوديعة وبعض الطيور الأليفة , والراعي المسئول عن رعيته يمشي على الطرف المقابل لميمنة القطيع , والكلب اللعين يمشي أمام الخراف وينهشُ بلحمها ويكتبُ بها يوميا للحمار عن سلوكياتها ونشاطاتها وما تقوله وما تفكر بقوله , وإذا إشتهى لحم أي أحدٍ منّا كذب عليه بتقاريره لكي يصادر رطلاً أو رطلين من لحمه وأحياناً كان يلتف الكلب خلف القطيع وأحيانا على ميسرة القطيع ظناً منّا أنه سيحمينا بينما هو كان يغدرُ بنا كل وقت وحين, أما الحمير فإنها تتقدم القطيع وتتقدم على الخراف وعلى الطيور اللاحمة وعلى بعض الحيوانات الأليفة التي ترغبُ بالتعايش مع الآخر والتي تآلفت مع مرور الزمن في التعايش السلمي مع قطعان الخراف(الخرفان) ومع ذلك كان الحمار يترأس كل هذه المجموعة وهو القائد لها وهو الذي يقرر مصيرها أليس هذا جريرة (والله انفضحنا بين الخَلق والناس) الحمار يقود القطيع أينما ذهب حتى الجِمال والنوق الأكبر منه حجما تلتزم بخط سيره ولا تخرج عن سياسة الخط أبداً وما زال الحمار قائدا وما زالت القطعان الأليفة مقودة تتهادى هنا وهناك مطيعة للقائد الحمار الذي إن وقف هو وقفت القطيع كلها وإن نهق نهق القطيع كله وكل نوعٍ على طريقته الخاصة فالديك يصرخ خلف الحمار ويصيح إذا نهق الحمار والعصافير تزقزقُ من الألم إذا نهق الحمار والجمال والبقر تصدر خواء إذا نهق الحمار , فإذا نهق الحمار لوحده نهقت معه كل أعضاء القطيع والحمار في تعامله مع النوق والجمال والخرفان المرعية لم يأبه بشقائهن فهو يدرك أن الصبر والتحمل هي صفة الجمال كما قلنا لك يا (راعينا المحترم) .

الخرفان : ولنا كلمة ...لذلك ما زال الحمار يقودهن في الصحراء العربية مسافات بعيدة ولقد اعتادت عيوننا على رؤية هذه المظاهر من المظاهر القيادية المخزية فإننا إلى اليوم حين نرى قطيعاً وقائده حمارٌ نشعرُ بأن الموضوع طبيعيٌ جدا وليس ملفقاً ولكن حين نرى على شاشة التلفاز في مواقع أخرى من الكرة الأرضية حميراً في المؤخرة فإننا نستغرب الوضع ونقول كيف ترضى تلك الحمير بأن تكون في المؤخرة بينما حميرنا تكون في المقدمة؟!! , يبدو أن في الغابات الأخرى من العالم سوء فهم للطبيعة فالطبيعة التي خلقها الله لنا تختلفُ كل الاختلاف عن طبيعة الآخرين فنحن قادتنا حمير ..عفوا أقصد قادة القطعان حمير وليس بشراً فالبشر عندنا لا يقودون القطعان لأن القطعان أصلاً التي عندنا لا تستطيع التعايش مع البشر فهي لا تندمج إلا مع الحمير , فإذا كان الحمار قائدا للقطيع فهذا معناه أننا نسير في الخط السليم وإذا كان البشر قادة للحمير فهذا معناه أن البشر عملاء ومتأثرون بسياسة الغابات المجاورة , وأعتقد كما يقول الناس بأن الغابات المجاورة تنقلُ لغاباتنا سمومها الفكرية والسياسية لأنها تريد من البشر أن يتحولوا إلى قادة مجموعات في الصفوف الأمامية.

ولقوائم الحمير خاصية جذب شديدة على الأرض, وهنالك حمير بآذان كبيرة وهنالك حمير ذات وبر كثيف وهنالك حمير ذات مصارين غليظة وهنالك حمير تعبث بالكون وتخلق الفوضى السياسية وهنالك حمير تحافظ على النظام من الانفلات وهي تكره التطوير والتحديث والتجديد لأن أي تطور ضمن زمرتها الحيوانية سيجعلها تمشي في الصف الثاني أو الثالث أو في الخط الأخير وستفقد مراكزها الدفاعية وخطوطها ومعسكراتها القديمة , ومن المحتمل إذا حدث تغيير بسيط في نهجها أن يأت الحَمَلُ الوديع أو الخاروف الضال ليصبح قائدا رمزيا بدل الحمير وأن يوجه أشرعة السفن حسب رياح التغيير القادمة من الغابات المجاورة لنا...هذا شيء طبيعي في حياتنا.



#جهاد_علاونه (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عيد ميلاد ابنتي برديس
- الهدية بلية
- الشجرة المريضة
- إعلاناً هاما
- بيعوا حميركوا
- عائلة مستورة بحاجة إلى سفينة حرية
- مؤلم جدا
- فتوحات الجائعين
- المرأة التي قتلت زوجها
- المخيلة الشعبية
- لماذا تقتل المرأة زوجها؟
- نظرة عن كثب
- رجل يوصي أولاده قبل وفاته
- معاك قرش إبتسوى قرش
- طباخ الحاره
- رسالة من الأردن
- تعال
- الناس السكرانه
- السعادة السائلة
- خيانة سحرية


المزيد.....




- حفل إطلاق كتاب -رَحِم العالم.. أمومة عابرة للحدود- للناقدة ش ...
- انطلاق فعاليات معرض الكويت الدولي للكتاب 2024
- -سرقة قلادة أم كلثوم الذهبية في مصر-.. حفيدة كوكب الشرق تكشف ...
- -مأساة خلف الكواليس- .. الكشف عن سبب وفاة -طرزان-
- -موجز تاريخ الحرب- كما يسطره المؤرخ العسكري غوين داير
- شاهد ما حدث للمثل الكوميدي جاي لينو بعد سقوطه من أعلى تلة
- حرب الانتقام.. مسلسل قيامة عثمان الحلقة 171 مترجمة على موقع ...
- تركيا.. اكتشاف تميمة تشير إلى قصة محظورة عن النبي سليمان وهو ...
- 3isk : المؤسس عثمان الحلقة 171 مترجمة بجودة HD على قناة ATV ...
- -مين يصدق-.. أشرف عبدالباقي أمام عدسة ابنته زينة السينمائية ...


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - جهاد علاونه - الجريمة الكبرى