|
النقد والإبداع والفن والأخلاق
حسين رشيد
الحوار المتمدن-العدد: 3048 - 2010 / 6 / 29 - 13:13
المحور:
الادب والفن
النقد والإبداع والفن والأخلاق حسين رشيد 1 ظلت إشكالية العلاقة بين الفن والأخلاق إشكالية معقدة وقديمة الى ابعد ما يمكن تصوره، حيث أدت هذه الاشكالية إلى الكثير من المشاكل والنقاشات والارء المتضاربة والتي ظلت بدورها مدار بحث وسجال الى الآن. فقد قابل بعض الفلاسفة ومنهم أفلاطون هذه الإشكالية بين الفن والأخلاق برفض الفن بشكل تام؛ معتبره لا أخلاقيا حيث عمل جاهدا على محوكل ما يمت الى صفة الفن الجمالي، اما البعض الأخر من الفلاسفة والمفكرين ومنهم على سبيل الذكر الشاعر والناقد والمفكر الاجتماعي الإنكليزي راسكن فقد اعتبر الأخلاق هي المعيار الأساس للفنون وهذا ما وظفه في اشعاره. وحين ظهر الشاعر اللاتيني هو رأس وكتب (فن الشعر) مرددا فيه الكثير من آراء أرسطو ومثيرا مشكلة ظلت وسوف تظل محورا رئيسا تدور حوله المعارك النقدية فقد قال في أحد السطور من كتابة فن الشعر : غاية الشعر اما الإفادة أو الإمتاع أو إثارة اللذة وشرح عِبّرْ الحياة في آن واحد، حيث استطاع هو رأس من خلال ذلك ارضاء جميع المتصارعين حول وظيفة الفن بإسناده إليه القيمة المنفعية والقيمة الجمالية والقيمة المنفعية الجمالية معا فأقام وظيفة الفن على نظرية مثلثة الأضلاع لو هدم ضلع لانهار المثلث كله دفعة واحدة. وكلمة الأخلاق هنا لا تشير الى الفضائل الخلقية بل تستخدم بمعناها العام والاشمل من نظريات أرسطو الأخلاقية وأغراض دانتي الدينية وتطلعات الصوفيين ونزعات الإصلاح الاجتماعي من خلال توجه الأدب لدى الواقعيين والواقعيين الاشتراكيين اذ يراد بها هنا كل اتجاه يستخدم الأدب والفن في سبيل الحياة، وكما معلوم ان الفن كان وما يزال مظهرا من مظاهر النشاط الفردي المرتبط بالمجتمع، حيث يكون نافذة مفتوحة على عالمنا الداخلي والخارجي اذ يتنفس منه الفنان والمبدع نسيما مليئا بالعناصر الحية المتجددة،ليتحول بالتالي الى انتاج فكري يعبر عن انفعالات ومشاعر وإحساس الفرد خلال استثارته في الحياة (المعنوية والمادية) فينتج عن ذلك صورا كلية لوجوده خلال فترة ما وفي مكان ما في قالب فني ترتبط فيها العناصر الفنية مع منظومة افكاره واخلاقه. 2 وإذا تتبعنا مسار الحركة النقدية والأدبية في العصر الحديث وجدنا النقاد والأدباء وفلاسفة الجمال يقتتلون حول طبيعة الأدب ووظيفته وكأننا ما زلنا نعيش في العصر اليوناني أواللاتيني ولكن مع اختلاف الأسماء وابتداع مصطلحات جديدة لتلك التيارات النقدية التي عرفت بالمذاهب الأدبية حيث يقف وراء كل مذهب منظرون يضعون الدساتير والشرائع الفنية والأخلاقية متأثرين بميولهم ونزعاتهم وعقائدهم السياسية أو الدينية أو اتجاهاتهم الفكرية الفلسفية أما في تاريخ الفكر النقدي العربي فإن مسألة الفن والأخلاق لم تأخذ أبعادها الفكرية والنقدية كما لاحظنا ذلك عند اليونان والرومان وفي الأدب الأوروبي الحديث ومذاهبه المعاصرة وقد حدث هذا التقصير على الرغم من حركة الترجمة الواسعة التي سادت في العصر الذهبي من الحضارة العربية الإسلامية وما لحقها من في عصرنا الحالي علوم التكنولوجيا والانترنيت والاتصالات وتوفر وسائل الترجمة والقراءة بكل يسر وسهولة. لكن النزعة (النرجسية الشعرية) ضيعت على العقل العربي والأدب العربي فرصة نادرة مبكرة لتلقيح ذلك العقل بثقافة إنسانية رفيعة الطراز، على أساس تفوق العرب شعريا على سائر الأمم في زعمهم وعقيدة التوحيد. كل ذلك جعل المترجمين يديرون ظهورهم لملاحم الإغريق ومسرحياتهم وأشعارهم فلم يستثمروا ما ترجموه من أرسطو في مجال الشعر ونقده استثمارا مفيدا لكن لكل عصر تفكيره وعقليته ونمط فنه المحكوم بشروط حضارية عامة وخاصة0 والملاحظ بشكل عام أن الحركة النقدية العربية حتى على أيدي النقاد الكبار ظلت محصورة في الغالب ضمن إطار من الشكلية وخاضعة لمقاييسها في تقويم العمل الفني0 مجمل القول عن مسألة الأخلاق في نقدنا القديم إن المواقف الدينية والأخلاقية العامة حجبت عن نقادنا الدوافع الكامنة وراء مجالات كثيرة في شؤون النقد وتياراته وظل في مجمله نقدا شكليا، يدور في محاور عدة ومذاهب ومدارس نقدية عفا عليها الزمن، اذ ان ما يحدث الآن من تطور تيارات واتجاهات نقدية في العالم وظهور عشرات المدارس النقدية الحديثة حولت مجالات الأدب والفن الى ساحات نقد فكرية وأخلاقية جديدة، نبعد عنها كثيرا؟.
#حسين_رشيد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
توقيع كتاب
-
لماذا الا صرار على المنفى ؟
-
صنعة الادب
-
المثقف والمواطن والسلطة
-
جمعة السينما
-
الجيل السردي
-
انتاج الثقافة
-
تعقيبات نقدية
-
غزل انتخابي
-
لعبة برلمانية
-
شناطات سور نينوى الامنية
-
اشكالية الكتاب العراقي
-
لا تسرقوا اصواتنا ثانية
-
تصريخات
-
نعم نستطيع ...
-
ناقد حسب الطلب
-
الشعوب هي التي تدفع الثمن
-
العراق ومحيطيه
-
الا تكفي هذه الاعترافات
-
الاربعاء الدامي من المسؤول
المزيد.....
-
تمشريط تقليد معزز للتكافل يحافظ عليه الشباب في القرى الجزائر
...
-
تعقيدات الملكية الفكرية.. وريثا -تانتان- يحتجان على إتاحتها
...
-
مخرج فرنسي إيراني يُحرم من تصوير فيلم في فرنسا بسبب رفض تأشي
...
-
السعودية.. الحزن يعم الوسط الفني على رحيل الفنان القدير محم
...
-
إلغاء حفلة فنية للفنانين الراحلين الشاب عقيل والشاب حسني بال
...
-
اللغة الأم لا تضر بالاندماج، وفقا لتحقيق حكومي
-
عبد الله تايه: ما حدث في غزة أكبر من وصفه بأية لغة
-
موسكو تحتضن المهرجان الدولي الثالث للأفلام الوثائقية -RT زمن
...
-
زيادة الإقبال على تعلم اللغة العربية في أفغانستان
-
أحمد أعمدة الدراما السعودية.. وفاة الفنان السعودي محمد الطوي
...
المزيد.....
-
مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل
/ كاظم حسن سعيد
-
نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111
/ مصطفى رمضاني
-
جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل
/ كاظم حسن سعيد
-
رضاب سام
/ سجاد حسن عواد
-
اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110
/ وردة عطابي - إشراق عماري
-
تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين
/ محمد دوير
-
مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب-
/ جلال نعيم
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
المزيد.....
|