جهاد علاونه
الحوار المتمدن-العدد: 3045 - 2010 / 6 / 26 - 22:56
المحور:
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
يقول ول ديورانت في قصة الحضارة : إن الجيش هو أولُ من يأكلُ وآخرُ من يجوع , وكل المجتمع في الجزيرة العربية كانوا في حالة جوع وقد تحولوا إلى مقاتلين من أجل الحصول على الماء والغذاء والنساء وليس لحروب الردة التي أطلق شرارتها أبو بكرٍ الصديق وقادها خالد بن الوليد ما يبررها عقائدياً غير أنها سلوكاً عسكرياً سياسياً وتنظيمياً لبناء الدولة الإسلامية ففي القرآن نص واضح وهو "قل يا أيها الكافرون لا أعبدُ ما تعبدون ولا أنتم عابدون ما أعبدُ ولا أنا عابدٌ ما عبدتم لكم دينكم ولي ديني " وفي الاتفاقية التي وقعها الرسول مع أهل مكة قبل الفتح تنص على حرية الاختيار أو الخروج على العقيدة وليس لمحمد أن يقوم بالضغط على مسلمٍ ارتد عن دينه وليس لقريش الضغط على قُرشيٍ ارتد عن دينه إلى دين محمد, وهذه الشروط هي شروط وثنية وهذا يعني أن الوثنية كانت تؤسس للحرية والديمقراطية بزعامة أبي سفيان ولم تكن قريش اضطهد مسيحيا ذلك أن الوثنية كانت حرية وديمقراطية وتعددية دينية وفكرية وسياسية وكانت تهتم بالثقافة وبالفنون بدليل أن الأنصاب والأزلام التي كانت تُنصب حول مكة كانت تُغذي المار من هنالك بعظمة روح المبدع والفنان وكانت تُعلق القصائد على باب الكعبة لتنبأ عن عظمة الوثنية في تقديس عموم الأجناس الأدبية والفنية حتى جاء الإسلام فقضى على كل ما اسمه وفن وإبداع وإتقان وأجناس أدبية .
ولم يرد في كتب السلف ولا في كتب الخلف أن قتلَ محمدٌ مرتدا عن دينه حتى أنه حين جاء بحديث البراق والإسراء والمعراج ارتد كثيرون عن دين الإسلام ولم ينزل وحياً يحرض محمد على قتل أي مرتدٍ عن دينه.
والمعركة التي قادها خالد بن الوليد كانت لأجل عيون ليلى ولم تكن لأجل إعلاء كلمة الله , والله أصلاً ليس بحاجة إلى سيف وبندقية من أجل شهرة اسمه فالله لم ولن يكن في يومٍ من الأيام بحاجة ماسة إلى حربٍ ضروس من أجل تبليغ كلمته بل كان وما زال بحاجة إلى أن تسود روح المحبة والمساواة بين الناس وإلى الرحمة والمغفرة وليس إلى حاميات الوطيس.
ولقد كان المسلمون في حالة جوع وإرباك على حسب رواية الحديث الصحيح عن أبي هريرة الدوسي: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ:خَرَجْتُ يَوْماً مِنْ بَيْتِي إِلَى المَسْجِدِ، فَوَجَدْتُ نَفَراً، فَقَالُوا: مَا أَخْرَجَكَ؟ قُلْتُ: الجُوْعُ. فَقَالُوا: وَنَحْنُ وَاللهِ مَا أَخْرَجَنَا إِلاَّ الجُوْعُ. فَقُمْنَا، فَدَخَلْنَا عَلَى رَسُوْلِ اللهِ، فَقَالَ: (مَا جَاءَ بِكُمْ هَذِهِ السَّاعَةَ). فَأَخْبَرْنَاهُ، فَدَعَا بِطَبَقٍ فِيْهِ تَمْرٌ، فَأَعْطَى كُلَّ رَجُلٍ مِنَّا تَمْرَتَيْنِ، فَقَالَ: (كُلُوا هَاتَيْنِ التَّمْرَتَيْنِ، وَاشْرَبُوا عَلَيْهِمَا مِنَ المَاءِ، فَإِنَّهُمَا سَتَجْزِيَانِكُمْ يَوْمَكُمْ هَذَا). فَأَكَلْتُ تَمَرَّةً، وَخَبَّأْتُ الأُخْرَى، فَقَالَ: (يَا أَبَا هُرَيْرَةَ، لِمَ رَفَعْتَهَا؟). قُلْتُ: لأُمِّي.قَالَ: (كُلْهَا، فَسَنُعْطِيْكَ لَهَا تَمْرَتَيْنِ). وقَالَ: إِنَّ أُمِّي كَانَتْ مُشْرِكَةً، وَكُنْتُ أَدْعُوْهَا إِلَى الإِسْلاَمِ، وَكَانَتْ تَأْبَى عَلَيَّ، فَدَعَوْتُهَا يَوْماً، فَأَسْمَعَتْنِي فِي رَسُوْلِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا أَكْرَهُ، فَأَتَيْتُ رَسُوْلَ اللهِ وَأَنَا أَبْكِي، فَأَخْبَرْتُهُ، وَسَأَلْتُهُ أَنْ يَدْعُوَ لَهَا. فَقَالَ: (اللَّهُمَّ اهْدِ أُمَّ أَبِي هُرَيْرَةَ).
فَخَرَجْتُ أَعْدُو، أُبَشِّرُهَا، فَأَتَيْتُ، فَإِذَا البَابُ مُجَافٍ، وَسَمِعْتُ خَضْخَضَةَ المَاءِ، وَسَمِعَتْ حِسِّي، فَقَالَتْ: كَمَا أَنْتَ، ثُمَّ فَتَحَتْ، وَقَدْ لَبِسَتْ دِرْعَهَا، وَعَجِلَتْ عَنْ خِمَارِهَا، فَقَالَتْ: أَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ الله، وَأَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُوْلُهُ.
وَقَالَ: فَرَجَعْتُ إِلَى رَسُوْلِ اللهِ أَبْكِي مِنَ الفَرَحِ، كَمَا بَكَيْتُ مِنَ الحُزْنِ، فَأَخْبَرْتُهُ، وَقُلْتُ: ادْعُ اللهَ أَنْ يُحَبِّبَنِي وَأُمِّي إِلَى عِبَادِهِ المُؤْمِنِيْنَ. فَقَالَ: (اللَّهُمَّ حَبِّبْ عُبَيْدَكَ هَذَا وَأُمَّهُ إِلَى عِبَادِكَ المُؤْمِنِيْنَ، وَحَبِّبْهُمْ إِلَيْهِمَا).إِسْنَادُهُ حَسَنٌ.
ويستفادُ من رواية هذا الحديث أن المسلمين كانوا في حالة جوع وضنك من العيش ولم تتبدل أحوالهم إلا بعد أن فتحوا البلدان وجاءوا بخراجها وبزكواة أموالها , وثانياً حرية الدين والاعتقاد بمعنى أن أم أبا هريرة كانت مشركة على شركها زمناً طويلاً ولم يأمر الرسول بقتلها , ولا صحابته ولكن حين أصبحت الدولة الإسلامية قوية وفتية أعلنت الحرب على الضعفاء أولاً وضمتهم إلى جيوشها من أجل مقاتلة الأقوياء من بعد ذلك , والله لم ينزل على المسلمين موائد من السماء ولا نساء وإنما حصلوا على كل ذلك نتيجة للاستعمار الذي استعمروه للبلدان الأخرى وفي بداية القرن الأول الهجري تقدمت الجيوش العربية إلى ما وراء النهر ناشرة" ما يعتقدُ أنه نور الإسلام محطمة الأعمدة الوثنية في بخارى وما جاورها من مدنٍ فارسية وتركية، غير أن لهذه الفتوح من آثارها الإيجابية أثاراً أخرى غير إيجابية انعكست بشكل مباشر على صحة الفاتحين , فالذين فتحوا البلدان فتحوا معها فيما بعد النساء , وتركوا العربيات بلا جنس , وبنفس الوقت شددوا قبضتهم على بناتهم , لأنهم يعلمون أنهن في هذه اللحظة مكبوتات عاطفيا وجنسيا , وكذلك زوجاتهم , لأنهم اتخذوا غيرهن من الزوجات والمحصيات , لذلك نلاحظ ملاحظة هامة وهي : أن أي ملة من الملل أو أي شعب من الشعوب يكبت الحريات العامة ويصادرها نلاحظ أنه يكون هو ممارس لغير ما يدعو له , فالمسلمون تفننوا في النساء والجواري , وإن تاريخ الخلفاء المسلمين كله تاريخ جواري ونساء ,ذلك أن العرب المسلمين حين فتحوا (سمرقند) و (بخارى) فرضوا على السكان الأصليين شروطاً قاسية بسبب تعنتهم وردتهم في أغلب الأحيان، إنه م يكن أحد يطيق التعاليم الإسلامية عمليا ً لأن المسلمين الفاتحين كانوا يدعون نظرياً إلى شيء ويمارسون أخلاقياً أشياء أخرى , أي أنهم كالذي يدعو لحقوق الإنسان وبنفس الوقت يصادر الحريات والرأي والرأي الآخر .
وكانوا على الغالب يحاول المسلمون ترغيب الآخرين في تقبل الثقافة الجديدة، ولو قيل لرجل من القرن الأول الهجري أوصف لنا حالة العرب وأهل بخارى وسمرقند أيام (الجُمع) الرسمية لقال:
كان ينادي في يوم الجمعة منادي للصلاة في المسجد لقاء (درهمين) من المال يكفين من حضر ذلك اليوم مئونته ومئونة أهل بيته، وذلك بالتحديد (742م) وكانت تقدم جوائز مالية للذين يبدون تمسكاً بالدين الإسلامي من الأتراك).
وعلى الرغم من هذه الأساليب فقد كان أهل بخارى وسمرقند ينفرون من الإسلام، لذلك عمدَّ العرب المسلمون على توسيع صلاحياتهم بتشديد قبضتهم على الأتراك وعلى ما وراء النهر وذلك عبر تعزيز مفهوم (الدولة البوليسية) أو (الدولة العسكرية) وكان أكبر فضل للعرب على الأتراك أنهم أجبروهم على تقبل موضوع خطير جداً وهو منعهم من (زواج المحارم) !!!!وكان الذين يشكلون خطراً على أمن الدولة يُسبوّن ويساقون هم ونساؤهم إلى مدينة الحجاج بن يوسف الثقفي، المتوفي (95) بحيث أسكنهم الحجاج مدينة (واسط) ليكونوا تحت عينة وقبضة سيفه، لذلك أسست مدينة واسط في العراق لتكون معتقلاً سياسيا للأتراك ومقصداً لطلاب الجنس واللهو وبقوا كذلك حتى سقوط الدولة الأموية (132ه¯- 750م) وقد وضع قتيبة بن مسلم شروطاً مذلة وقاسية بحق الأتراك من أهل سمرقند وبخارى وبلخ وباذغيس وخوارزم، ونصت معاهدة سمرقند:
تدفع بخارى (200 ألف درهم سنوياً) .
وسمرقند (ألف ألف نقداً معجلاً و 200 ألف درهم سنوياً و 3 آلاف رأس من الرقيق ليس فيهم صبي ولا عجوز) .
وكذلك قدم حاكم بيكند حتى قيل أن وزن الذهب الذي صادره المسلمون يساوي (150 ألف مثقال).
وعقدت (تاخشادا) ملكة بخارى اتفاقية سلام مذلة كانت قد كلفتها (مليار درهم نقداً) و (4000) أسير ومن بين الأسرى (80) من الأسر الحاكمة، وكبار المسئولين.
ومع كل هذه الشروط فقد قاد أعيان بخارى عصياناً مدنياً أدى بالنهاية إلى استسلامهم وهدم بيوتهم وتسويتها بالأرض، واستعملت حجارتها لبناء المساجد فيما بعد.
إن التاريخ قاسٍ جداً حين يطلق أحكامه على المغلوبين ولقد تصور العرب أنهم منتصرون جداً في هذه الحرب التي أخضعت بلاد ما وراء النهر إلى سيطرتهم العسكرية والمدنية. ولكنهم هزموا في نهاية الأمر، حين لهثوا خلف نساء الأسرى وفنونهم، وإن التاريخ الإسلامي يعيد إلى الأذهان التاريخ العبري الذي حارب الكنعانيين ليخرجهم من عبادة الفرج والأوثان والجنس، ولكنه ما لبث أن تمثل هذه الثقافات, حتى قال اليهود: إن نساء سليمان هن سبب فتنتنا، وهذا ما حصل مرة أخرى مع المسلمين لأن القلة النادرة من المسلمين هي وحدها التي بقيت محافظة على تعاليم الثقافة الإسلامية الجديدة نظرياً وعملياً، أما الجنود الذين تقاسموا مملكات مغلوبة ونساء جميلات فإنهم لم يكونوا على مستوى الأخلاق المطلوبة، لذلك انتشر البذخ والفساد على أيد المغلوبين ذلك أن الشهوة تقطّع جسد المشتهي مثل السم القاتل
#جهاد_علاونه (هاشتاغ)