عبد علي عوض
الحوار المتمدن-العدد: 3041 - 2010 / 6 / 22 - 18:31
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
تُذكِّرنا أحداث القرن العشرين السياسية حالة الغليان الشعبي الغاضب ضد الانظمة الحاكمة والتي غالباً ما كانت تؤدي الى إنتفاضات جماهيرية عارمة ، معبرة عن مظلوميتها ، وقد دفع الشعب العراقي عامة واهل الوسط والجنوب خاصة اثمان باهضة من أجل حريته وانعتاقه والعدالة الاجتماعية ، والدليل على ذلك هي مقاومة الاستعمار البريطاني ، عندما نزلت جيوشه في البصرة عام 1914 ، و إنتفاضة مدينة النجف وحصارها عام 1918 ، ثم تلتها ثورة العشرين ، والتي بفضلها تأسست المملكة العراقية ( ذات السيادة الصورية ) عام 1921 ، وقاطعت الشيعة الاشتراك في ادارة الدولة العراقية بناءً على فتوى المرجعية الدينية العليا في النجف ، تحرِّم فيها الاشتراك في السلطة السياسية ، وبهذا قُدِّمت السلطة الى الطرف الآخر( أهل السنة ) دون عناء ، ولو أنني ارفض تقاسم السلطة على اسس طائفية و عرقية . ثم جاءت انتفاضة عام 1991 ، والتي قدّم فيها ابناء الجنوب الآلاف من الضحايا ، وثمار تلك الانتفاضة قطفتها قوى الاسلام الطائفي ، التي جعلت من أُسر الضحايا جسراً للوصول الى السلطة بعد 2003 . لقد مارست وكررت ملايين الجياع نفس الخطأ لعدة مرات بانتخابها أحزاب الدين السياسي ، انتخابات الجمعية الوطنية عام 2005 ، ومجالس المحافظات في نفس السنة ، مجلس النواب ، والانتخابات الثانية لمجالس المحافظات عام 2009 وأخيراً انتخابات البرلمان في 2010 . وهنا سؤال يطرح نفسه ، هل انّ اهل الوسط والجنوب في لحظة الانتخاب، هم في حالة اللاوعي ، أم أنهم واقعون تحت تأثير جرعات من الخُطب المورفينية في المساجد والحسينيات ! حتى وإن حدث هذا ، بيد أن المعطيات على ارض الواقع من المفترض تجعلهم يختزلون ويلفظون أحزاب الدين التجاري ، التي لم تتوانى بسرقة أكثر من 100 مقعد برلماني ، عن طريق تزوير بعض الاصوات وحرق البعض الآخر منها وتوَّجتها بمصادرة المقاعد التعويضية ، والتي بمجملها وحقيقتها تعود الى القوى الوطنية الديمقراطية . عندما تجتمع قيادات الأحزاب الثيوقراطية الحاكمة مع بعضها خلف الكواليس ، تعترف صراحةً ، أن افرادها ليسوا برجالات دولة وعاجزين عن إدارة البلد والنهوض بواقعه المرير ! نعم أن قدرتهم لا تتعدى إدارة المسجد والحسينية ، ومديات أذهانهم تنحصر بين كروشهم وغريزتهم الجنسية ونهب المال العام . إنَّ الأحداث الأخيرة في البصرة ليست مؤشراً على سوء الخدمات بما فيها الكهرباء فقط ، وإنما هي بداية النهاية لتلك المافيات الدينية ، فلا عجب أن الشارع العراقي ينعتهم بقوى ( الاسلام البعثي ) ! لأنهم كرروا كل ممارسات البعث الفاشي بغطاء ديني ، والعجيب أن الذي يصفهم بتلك التسمية ، هو مَنْ أعطى صوته لهم وإنتخبهم عدة مرات بغباء وبصيرة عمياء !
#عبد_علي_عوض (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟