أثنولوجيا قطع الرؤوس عند العرب .. الطقس والجذور

عماد البابلي

الحوار المتمدن-العدد: 3039 - 2010 / 6 / 20 - 20:15
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    

الأثنولوجيا أحد فروع علم الأنثروبولوجي الحديثة التي تهتم بالدراسة العلمية والمنهجية للمجتمعات بكل تجلياتها اللغوية ( عادات ، تقاليد ، مأثورات ) والسياسية ، الدينية والاقتصادية، وكذلك في تاريخها الخاص .
هذه المقالة هي جزء من مزيج من خلاصة فكرية من عشرات وعشرات الكتب الأنثروبولوجية والنفسية التي قرأتها فيما سبق .. الخلاصة قد تكون غير مرتبة قليلا أو مشوشة (( بصراحة )) لو قارناها مع خلاصات متجمعة في عقول أكاديميين متخصصين !! لكن ظروف الحياة في هذا البلد ( آه يا بلد ) من الجري وراء رغيف الخبز لعائلتي كان هو السبب الوحيد في جعلي كطائرة ورقية تحلق في جو غائم !!!
ما أبحثه هنا هو قطع الرقبة أو ضرب الرقاب حسب التعبير القرأني له ، طقس عربي أصيل يمتد في جذوره إلى ما قبل طفولة عنتر بن شداد حامي مضارب بني عبس وقاطع رؤوس أعدائها !! لم يكن العرب وحدهم من اختصوا فيه طبعا ، لكن العرب تميزوا فيه ولازمهم طوال ولادة نجمهم الأحمر وحتى أفوله .. بحثي هنا يتناول لماذا أصبح قطع الرقبة تشريعا قانونيا واجتماعيا لأي مخالف للنظام أو الســلطة أو حتى لأي كائن بشري يعكر المزاج : ( أمير المؤمنين ، الوالي ، الوزير ، الباشا ، الأغا ، السلطان ، الأمير .... الخ والحمد لله ) ؟؟؟؟
المجتمع الصحراوي بشمسه القاسية المعطلة للنمو في أول جذوره هو مجتمع رعوي وليس زراعي أو مدني ، المجتمع الرعوي يحمل قطعتي ديكور فقط : الخيمة والماشية .. الخيمة هي أيقونة لحياة التنقل التي كانت قاسية جدا على العرب البدو ، وهنا بدأت الهجرات الكثيرة طوال حقب التاريخ العربي نحو الشمال فكانت القبائل القوية القادمة من اليمن والحجاز الهاربة من نار الصحراء تلهم في طريقها أي قبيلة صغيرة ، وهكذا بدأت تلك القبائل تستوطن أطراف ســــوريا وحوض الفرات ، رحلت الخيمة للأبد كقافلة تسافر نحو النهد الذي يقبع في قصر منسي لحضارة قد ولت نحو الهاوية ، وجاءت مكانها بيوت الطين ونماذج بدائية جدا للقرى الزراعية .. الماشية بقت مع العربي المتنقل لأنها سر وجوده ومصدر رزقه الأول وعلاقته بها علاقة عشق عذري !!!! تذبح الماشية وفق طقس موروث قديما جدا يعود لتقاليد عبرية على حد ما أعتقد ، عن طريق فصل رأسها عن جســدها لضمان خروج الروح بشكل كامل قبل عملية السلخ والتقطيع ، وهي شكل متحضر من الافتراس في السلسة الغذائية التي يقبع على رأسها البشر مبتسما !! الجثة تدفن في غالب الحين وأحيانا يمثل بها ( تقطع لأجزاء ) ويبقى الرأس مسافرا بين هلاهل النساء وتصفيق الأطفال عند باب خليفة رسول الله في ديار المسلمين ، لا حظ معي عزيزي القارئ النهاية البشعة للكثير من المفكرين والفلاسفة عبر تاريخ هذه الأمة الملعونة المحتقنة بسلالات البكتريا العسكرية الرمادية التي خرجت من ذاكرة الخالق والمخلوق ، كل شيء بقى على حاله فقط إلى غريزة الجنس الملتهبة والتي ساوت درجة حرارتها حرارة الصحراء الساخنة في نشرة الأنواء التي يذيعها الملاك روفائيل على باقي أجزاء الكون !!!!! المهم هنا نستطيع الاشتقاق في عمق اللاشعور الجمعي العربي معادلة بسيطة :
ذبح الماشية = فصل الروح الجسد = ذبح الإنسان
هكذا فهم العقل البدوي العربي بكرشه الكبير المملوء بنور الله وتقواه معادلة العقوبة الكونية لأعداء الله وأعداء الدين ؟؟ العقل الرعاة أو نمط التفكير الرعوي ( البربر أو البدو ) هو كما يصفه لورنس في كتابه الشـهير ( أعمدة الحكمة السبعة ) بالمقطع الأتي صفحة 28 - 29 :
( فهؤلاء الناس يرون الشيء إما أبيض أو أسود ، ليس في أرائهم ورؤياهم فحسب ، وإنما في معارضتهم . وأفكارهم متحررة من القلق والأوهام إلى أقصى الحدود ، واعتادوا على المغالاة باختيارهم ، وبدت عدم الترابطات أحيانا لتكسبهم تأرجح مشترك على الفور ، لا يرضون بحلول وسط مطلقا ، فهم يسعون وراء أراء متضاربة منطقية عدة ليصلوا إلى أهداف بسيطة ودون إدراك أو فهم هذا التضارب أو التعارض .... أنهم أناس ضيقوا ومحدودو التفكير ، حيث أن ذكائهم الجامد يرتاح باستسلام غير مبال . وأن خيالاتهم نشطة ، لكنها غير خلاقة ... أنهم شعوب الفورانات والأفكار وسلالة العبقرية الفردية .. )
لقد لمس السيد لورنس يده على حقيقة العقل البدوي ، البساطة وعدم التناقض وعدم التركيب ويسـمى هذا النمط بالنسـق الكهفي حيث الغريزة هي التي تشكل وعيهم وشعورهم مع الاستناد إلى لا شعور غير مأهول !!!
ولهذا كانت قيمة الإنسان تساوي في غالب الحين رأس ماشية وأن لم تكن رأس الماشية أثمن قليلا !! وهنا نستنتج بسهولة من كل ما سبق كيف أن العقل الخلاق العربي من أي مصدر أشتق قصاص المعارضين والمجرمين وكل من يرفع يده أو حتى يحلم بقول كلمة ( لا ) ، أشتقه من الكتب المخبئة في صوف الغنم ووبر الإبل .. عدم تشكل الذات البشرية في المجتمعات الرعوية هو السبب الثاني في توثيق وترسيخ عقوبة قطع الرقبة وكل أدبياتها طوال التاريخ لهذه الشعوب التي ســكنت جنوب الشرق الأوسط ، وحسب يونغ تم توكيد تلك الأيقونة ( السياف ) في خارطة العقل الراعي البدوي لأنها وجدت البيئة المناسبة والخصبة لنموها لشجرة كبيرة فيما بعد ، شجرة مباركة أصلها ثابت وفرعها في الســـــــــــــــماء ..

اااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااا

#عماد_البابلي (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات